هل سيدفع الأردن فاتورة المساعدات الخليجية مواقفا سياسية؟

هل سيدفع الأردن فاتورة المساعدات الخليجية مواقفا سياسية؟
الرابط المختصر

لا يخفي مسؤولان أردنيان سابقان كبيران، إحباطها من شكل المساعدات الخليجية التي تعهدت (السعودية، الكويت، الإمارات) تقديمها للمملكة في قمة مكة التي عقدت في السعودية الإثنين الماضي لمساعدة الأردن للخروج من أزمتها الاقتصادية.

 

 

 

حزمة مساعدات، بقيمة 2.5 مليار دولار على خمس سنوات، جاءت على شكل وديعة في البنك المركزي الأردني، الى جانب ضمانات للبنك الدولي تمكن الاردن من الاقتراض، الى جانب تمويل مشاريع تنموية.

 

 

 

يرى المسؤول السابق أن "الأردن كان يأمل من دول الخليج الحصول على منح وليس قروض على شكل ودائع يترتب عليها شروط تتعلق بمدة زمنية لهذه الوديعة، الى جانب فوائد مالية مترتبة على ذلك".

 

 

 

ويأتي التعهد الخليجي على وقع الاحتجاجات الشعبية التي شهدها الأردن خلال الأيام الماضية، ضد سياسات الحكومة الاقتصادية، و رفضا لمشروع قانون ضريبة الدخل الذي ينص على زيادة الاقتطاعات الضريبية من مداخيل المواطنين.

 

 

 

احتجاجات اعادت، انظار السعودية الى الاردن، بعد أن أوقفت في عام 2017 الدعم المادي السنوي الذي كانت تقدمه للموازنة، لأسباب المح لها الملك الأردني عبد الله الثاني خلال لقاء مجموعة من الطلبة في يناير الماضي، بأن دولا في المنطقة تعاقب الأردن اقتصاديا بسبب موقفها من القدس ونقل السفارة الأمريكية اليها.

 

 

 

 

ويخشى المحلل وأستاذ العلوم السياسية د.حسن البراري، أن تكون هذه المساعدات "دفعة تحت الحساب لقبول المملكة في بصفقة القرن"، يقول "يأتي الدعم الخليجي لشعور دول الخليج أن انهيار الأمن في الأردن سيؤثر عليهم وهي حزمة دون المأمول لا تحل مشاكل الأردن الاقتصادية لكن تبقيه حيا، تمهيدا للضغط عليه لاحقا لتقديم تنازلات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية من خلال سحب الوديعة التي قدمتها دول الخليج".

 

 

 

 

وسحب البراري، "مارست السعودية ضغطا اقتصاديا على الأردن، كي تقبل المملكة بصفقة القرن حسب رؤية مستشار الرئيس الأمريكي جارد كوشنر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكن ثبات الأردن على موقفها الرافض لهذه الصفقة عطل هذه الضغوط أو رفع الكلفة على ابن سلمان، اذ ذهب الملك عبد الله الثاني متسلحا برأي عام شعبي رافض لصفقة القرن، ورأي أردني عام ينتقد سياسة السعودية ويرى  أنها كانت سببا في الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد".

 

 

 

 

رئيس الوزراء الأردني المٌكلف عمر الرزاز، قال هو الأخر يوم الأثنين خلال لقائه الأحزاب الأردنية، إن "الأردن يتعرض لضغوط هائلة لتغيير مواقفه الثابتة"، دون الاشارة لشكل هذه الضغوط ومن يمارسها.

 

 

 

يقول ممدوح العبادي وهو نائب رئيس الوزراء في حكومة هاني الملقي المستقيلة، إن "حزمة المساعدات لن تحل مشكلة الاقتصاد، اذ سيدخل ربعها فقط في الموازنة ستوزع على مدار خمسة سنوات على النحو التالي: 25% كوديعة في البنك المركزي، و25% منها ضمانات للبنك الدولي، و25% دعم للموازنة و25% للمشاريع التنموية.

 

مؤكدا أن الأردن لن يرضخ الى صفقة القرن، وأي حلول للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، داعيا الأردن لفتح خطوط تواصل مع إيران وفتح السياحة الدينية للمزارات الدينية للشيعة في الجنوب.

 

 

 

 

وتتمسك المملكة الأردنية، بخيار حل الدولتين للقضية الفلسطينية، ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، مع إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين تستضيف الأردن النسبة الاكبر منهم، الى جانب تمتع المملكة بالوصاية على المقدسات الدينية في القدس، وتعود الأصول التاريخية لسيادة الأردن على المقدسات في القدس لعام 1924، عندما بويع الشريف حسين، مطلق الثورة العربية الكبرى، وصيا على القدس، مرورا بسيادة الاردن على القدس الشرقية عام 1948 و1967.. وحتى بعد فك الارتباط بين الضفتين عام 1988 تضمن معاهدة السلام الأردنية- الاسرائيلية بندا تحترم بموجبه اسرائيل وصاية الأردن على المقدسات.

 

 

 

الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة القدس العربي، بسام بدارين، يقول لـMEE إن " المساعدات الخليجية التي تعهدت بها قمة مكة، تأتي تخوفا من  أن تنتقل عدوى فيروس النموذج الديمقراطي الذي شهدته الاحتجاجات في الأردن إلى النادي السعودي".

 

 

حسب بدارين، "استطاعت الاحتجاجات الشعبية الحضارية الخروج برسالة جماعية موحدة أثبتت صعوبة اختراق الدولة الاردنية، سواء من التحالف السعودي او الامريكي او الإسرائيلي".

 

 

 

يقول "غياب السعودية خلال السنوات الخمسة الماضية ساهم في تراجع الاقتصاد الوطني، وتعميق الازمة الاقتصادي التي يعاني منها الاردن منذ فترة زمنية".

 

 

 

وسبق لدول خليجية تقديم دعم مالي للمملكة في عام 2012 إبان الربيع العربي، تضمنت هذه المساعدات، تخصيص دول مجلس التعاون الخليجي خمسة مليارات دولار لتمويل المشاريع التنموية في الاردن لمدة خمس سنوات لتعزيز اداء الاقتصاد الاردني، انتهت في 2017 ولم تقدم دول الخليج بعدها أي مساعدات لخزينة المملكة حسب ما أظهرت إحصائيات وزارة التخطيط الأردنية.

 

 

 

ويطالب الأمين عام الحزب الوطني الدستوري، احمد الشناق، بأن تكون "الحكومة الجديدة سياسية تصارح الشعب بالتحديات الإقليمية التي تواجه البلاد خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وانقلاب بعض الحلفاء على الأردن".

 

 

 

"الأردن دفع ثمن مواقفه من القضية الفلسطينية، الاحتجاجات الاخيرة اقلقت بعض الدول الخليجية كون أي اهتزاز في الأردن بسبب موقعها الجيوستراتيجي (سوريا، العراق، فلسطين، الجزيرة العربية) سيفتح الأبواب على بعضها ويقلب الطاولة على رؤوس الجميع، لنا حد من الصبر مع الحلفاء، إذا حدث شيء لا سمح الله بوابة سوريا والعراق ستفتح على الجزيرة العربية".

 

 

 

 

 

 

لكن هل ستنقذ مساعدات قمة مكة الاقتصاد الأردني؟ يجيب المحلل الاقتصادي ورئيس تحرير صحيفة المقر، سلامة الدرعاوي، أن "لن ينقذ الاقتصاد الأردني مبلغ 2.5 مليار دولار، لكن هذه المساعدات تخفف من الضغط المالي الداخلي على الحكومة، أما الوديعة المقرر وضعها في البنك المركزي لن تتجاوز قيمتها 500 مليون دولار، وهذا يعطي انطباعا للشعب بأن الأردن ليس وحيدا وهنالك من يقف معه".

 

 

 

يقول الدرعاوي إن الأهم هو الضمانات التي ستقدمها دول الخليج للبنك الدولي تمكن المملكة الحصول على قروض بفوائد مالية منخفضة تتراوح بين 0.5-1.5 بالمائة ، بدلا من قروض ذات فائدة مرتفعة تصل في بعضها الى 6-7 بالمائة ، مما يساهم في وقف نمو المديونية".

 

 

ويعاني الاقتصاد الأردني من أزمة بعد أن وصلت مديونية البلاد لأرقام قياسية بنسبة 97% من الناتج المحلي، بمجموع 38 مليار دولار، وتباطؤ النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز 2.30%، الى جانب ارتفاع معدلات البطالة لنسبة 18%. مترجم عن MEE.