مواجهة الشعب لقرارات الحكومة في الشارع
يواصل كتاب المقالات قراءاتهم بتداعيات عودة الحراك الشعبي إلى الشارع، احتجاجا على السياسات الحكومية الاقتصادية، والتي بدأت في عدد من المدن والمحافظات، فيما أطلقت دعوات لفعاليات في العاصمة عمان يوم الجمعة المقبل.
الكاتب محمد أبو رمان، يرى أن هنالك انجرافا كبيرا في شعبية الحكومة، ومزاجا اجتماعيا سلبيا ومُحبطا بسبب الظروف الاقتصادية القاسية، بخاصة بعد موجة الرفع الأخيرة للضرائب والرسوم على العديد من السلع، وأخيراً تظاهرات الكرك يوم أول من أمس، ودعوات مماثلة للخروج إلى الشارع في محافظات أخرى!
ويوضح أبو رمان بأن المشكلة الجوهرية في وضع الحكومة، وتتمثّل في "ضعف" أدائها السياسي وإحجامها عن الاشتباك مع الرأي العام والشارع، مشيرا إلى ضرورة تغيير الصورة التي التصقت بالرئيس وحكومته بوصفها حكومة جباية؛ وأن يظهر الرئيس احتراماً أكبر وتفهّماً لمعاناة أبناء الشريحة الاجتماعية الواسعة.
فـ"على الرئيس أن يعيد تقديم نفسه للشارع، وإن كان الوقت متأخراً. ومن الضروري أن يتم بناء رؤية سياسية للحكومة تقوم على اجتراح أفق سياسي واقتصادي، والاشتباك مع الشارع على هذا الأساس".
أما الكاتب حسين الرواشدة، فيؤكد أن إبطاء مجلس النواب بأخذ دوره والإمساك بزمام المبادرة لمناقشة الحكومة – محاسبتها ان شئت – حول مقرراتها الاقتصادية، يرتد على الشارع , فيأخذ الدور ويملأ الفراغ , ويتحرك بالنيابة عن ممثيله.
ويشير الرواشدة في هذا المجال إلى الوقوع في ثلاث مرات: أولها حين فاجأنا الناس بقرارات اقتصادية صعبة لا قدرة لهم على تحملها، دون ان نتوقع ردود افعالهم، والثانية حين تعمدنا “ إغلاق “ قنوات التعبير والتنفيس امامهم , والثالثة حين تعاملنا مع الموضوع كله بمنطق الاستهانة واحيانا بمنطق الاستفزاز.
و"الآن، جاءت رسالة الكرك لتدق أمامنا الجرس من جديد، ليس فقط لكي يصحوا أخواننا النواب من “ بياتهم “ الشتوي الطويل، ولا الحكومة من الاستمرار في مقررات فرض الضرائب وزيادة الأسعار، وإنما ليستيقظ المجتمع وتنهض الدولة لمواجهة المرحلة الصعبة".
ويذهب الكاتب فهد الخيطان، إلى أن الدولة تستطيع بالكاد احتواء ردة الفعل الشعبية الغاضبة على حزمة الإجراءات الاقتصادية التي تبنتها هذه السنة استنادا إلى نص الاتفاق الموقع مع صندوق النقد الدولي، ومن الصعوبة بمكان تمرير حزمة مماثلة في السنة المقبلة والتي تليها، في ظل ظروف سياسية وإقليمية معقدة، تجعل من المستحيل تحقيق معدلات نمو تكفي للتعويض عن النتائج السلبية للحزمة الضريبية.
"وعلى الرغم من ذلك، يظل الاتفاق عصيا على التنفيذ، وقاسيا في تداعياته إلى الحد الذي يهدد تطبيقه استقرار البلاد والسلم الاجتماعي، لأنه وببساطة لم يراع المصاعب الاقتصادية الكبيرة الناجمة عن أوضاع المنطقة، وتراجع قيمة المساعدات العربية للأردن إلى الصفر تقريبا، والزيادة غير الطبيعية في عدد السكان"، بحسب الخيطان.
ويضيف الكاتب بأنه "ربما يكون بمقدور الحكومة أن تحتوي التداعيات الشعبية لقراراتها الاقتصادية هذا العام، لكنها لن تتمكن من ذلك في العام المقبل".
وينتهي الخيطان بالقول "بصراحة، لا نريد أن يكون الالتزام بخطة "الصندوق" على حساب استقرار البلاد وأمنها الاجتماعي، لأن الهدف من الإصلاحات أساسا هو وضع الأردن على السكة الصحيحة، وتجاوز مأزق المديونية بتخفيضها تدريجيا والسيطرة على عجز الموازنة".
ويجيب الكاتب إبراهيم القيسي، عن تساؤل "من يخشى الشارع" باختصار وبكلمة واحدة تتمثل بالفاسد، والذي يفسره بالقول إنه "ليس فقط اللص والعميل والتاجر الذي مات ضميره والمسؤول الذي خان أمانته واستغل وظيفته..الخ، بل إن المسؤول الذي وصل إلى الموقع دون أن يستحقه سيؤدي دورا كدور الفاسد".
إلا أنه يشير في الوقت ذاته، إلى "أننا لا نوجه الدعوة للناس أن يخرجوا إلى الشارع، وليس هذا تجاهلا لحقوقهم في التعبير بالأسلوب القانوني والديمقراطي المكفول بالدستور، بل لأننا كنا وما زلنا نعيش الظرف الحرج، الذي تفهمه الأردنيون أكثر من غيرهم".