مناقشة النواب للبيان الوزاري.. والاسترخاء الحكومي
يواصل أعضاء مجلس النواب المنتخبون مؤخرا، مناقشة البيان الوزاري الذي تقدمت به حكومة هاني الملقي لنيل ثقة المجلس على أساسه، وهي المناقشة التي أخذت مساحة في قراءة المراقبين والمحللين في الصحف اليومية.
الكاتب حسين الرواشدة، يرى أن الخطاب النيابي خلال مناقشة الثقة، وباستثناء بعض الكلمات النارية، اتسم بشكل عام بالهدوء، فيما اكتفى معظم النواب بطرح قضايا ومطالب خدماته لم تخل أحيانا من إشادة بالبيان الوزاري .
ويضيف الرواشدة بأن أداء النواب يعكس واقع النخب السياسية في بلدنا من جهتين: الأولى تتعلق بتعطل حركته السياسية وانسداد قنواتها, والثانية نهاية عصر المعارضة المنظمة الشرسة, وبالتالي فإن استشعار الحكومة بالاسترخاء يبدو مفهوما.
ويتساءل الكاتب إن كنا أمام حالة انحسار للمعارضة أو ربما اقترب انقراضها, أم أن ثمة تحولات في مفهوم هذه المعارضة وخطابها ومواقفها وفي مصادرها واتجاهاتها، وهما الاحتمالان اللذان لا يستبعدهما.
أما الكاتب محمد سويدان، فيشير إلى، من خلال متابعته لكلمات النواب، أن هناك مطالب خدمية عديدة متعلقة بالدوائر والمناطق التي أفرزت هؤلاء النواب، "والغريب، أن الكثير من هذه المطالب تم طرحها من قبل نواب سابقين وحاليين.. وأن الكثير منها لم يتحقق في المطالبات السابقة والتي رهن نواب منحهم الثقة بوعود حكومية لتنفيذها.
"فالحكومات السابقة، وعدت وحصلت على الثقة ولم تحقق ما التزمت به تجاه النواب، لاسيما أن الحكومات تربط عادة تنفيذ المطالب المتعلقة بالدوائر والمناطق بتوفر الإمكانيات المالية. ويبدو، أن الجميع يعرف، أن الكثير من المطالب الخدماتية لن تحقق، لاسباب كثيرة"، يقول سويدان.
ويخلص الكاتب إلى القول بأن المجلس النيابي يستطيع معرفة توجهات الحكومة الحقيقية من برامجها المختلفة وخصوصا على الصعيد الاقتصادي ومعيشة المواطن، كما أنه يستطيع معرفة ما ستنفذه الحكومة من تركيبتها، ومن توجهات رئيسها، ولذلك، من الأفضل للنواب ربط الثقة بالحكومة ببرامجها، وتوجهاتها، بدلا من الوعود التي تطلقها لهم.
من جهته، يلفت الكاتب عمر العياصرة، إلى المعتاد في الإرث النقاشي الأردني لبيانات الحكومة، من انتقاد النواب بشدة وغلظة، ثم إعطائهم الحكومة ثقتهم دون تردد.
ويوضح العياصرة بأن النائب حين يناقش بيان الحكومة على شاشات التلفزيون، يوجه خطابه لقواعده الانتخابية أكثر من الحكومة، وعند التصويت يغازل الحكومة ويعطيها صوته.
وبحسب الكاتب، يبدو من خلال مناقشة اليومين الماضيين، غياب تلك السمة التي واكبت النقاشات البرلمانية لبيان الحكومة، فـ"هناك استسلام للسلطة التنفيذية، فالنقد على استحياء، والتركيز الأكبر يذهب نحو المطالب الخدماتية للمناطق".
ويشير العياصرة إلى ما عبر عنه الإعلاميون المختصون بالشأن البرلماني من قلق حول حصول حكومة الملقي على ثقة مبالغ فيها، موضحا بأن هذا الوصف لما يحصل في البرلمان يؤكد حجم التشوهات البنيوية التي تراكمت على مر السنوات في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وينتهي الكاتب إلى القول إن "الذي يتحمل المسؤولية عن كل ذلك في المقام الأول هي الحكومة، فقد تغولت على النواب، وجعلتهم أسرى لخدماتها وعطاياها، وتناست أنها بذلك تهدم أركانا في نظامنا الدستوري".
على هامش مناقشة الثقة:
يتناول الكاتب فهد الخيطان ما شهدته جلسة الاثنين من منع لمصورين صحفيين من الاقتراب من شرفات المجلس، بعد يوم واحد من نشر وسائل إعلامية لصور رسائل متبادلة بين عدد من النواب والوزراء.
ويرى الخيطان أن مبررات سلطات الأمن وأمانة مجلس النواب لاتخاذ إجراءات مشددة للتضييق على المصورين، ومنعهم من التحرك بحرية على الشرفات، بأن تلك المراسلات تنطوي على قدر من الخصوصية، غير مقنعة.
"فالمصورون لم يلاحقوا الوزراء والنواب في مكاتبهم، ولم يفتشوا في أوراقهم. الصور التقطت خلال جلسات رسمية تحت قبة البرلمان، وليس من شيء يمكن تصنيفه تحت بند الخصوصية في جلسات علنية ورسمية، تنقلها المحطات التلفزيونية بثا حيا على الهواء مباشرة. ولا المكان الذي تتطاير فيه الرسائل تنطبق عليه شروط الخصوصية".
واللافت في الأمر، بحسب الخيطان، أن صور المراسلات التي تناقلتها حسابات التواصل الاجتماعي بكثافة، طغت على مناقشات النواب لبيان الثقة في الحكومة، وسرقت الأضواء من خطابات النواب؛ الساخنة منها والباردة.
أما الكاتب عبد الهادي راجي المجالي، فيعقد مقارنة بين عدد من البرلمانات العالمية والبرلمان الأردني، ففي الأخير تظهر ما يقارب 130 (مكتة) ملصقة بطاولات، فيما تكتشف في البرلمان الأوروبي, أو حتى الإيراني أن الورد موجود، وأن الزوايا كلها شجر.
و"حين تنظر للبرلمان الألماني , وعند دخولك إليه , ستجد تاريخ ألمانيا والكتابات التي دونها الجنود الروس حين احتلوا برلين, وقد وضعت في زجاج مفرغ من الهواء , وفي داخله صور من التاريخ الألماني ....بالمقابل برلماننا لا توجد فيه صورة واحدة عن الأردن، بالمقابل فيه ما يقارب (14) يافطة تدل على مخارج الهروب في الحالات الطارئة ...وما يقارب ال (160) مايكريفونا
"لا صورة للبتراء رسمت على الجدار , ولا نصب ولو بسيط يدلل على متانة الحياة التشريعية في الأردن , ولا حتى شعار على الحائط للسوسنة السوداء التي شكلت رمزا للدولة ...ولكن ثمة ما يوحي أن النجار الذي صمم المكان بارع جدا فقد استهلك كميات هائلة من الخشب, ناهيك عن الموكيت الفاخر"، يقول المجالي.
ويختتم "ما أقوله ليش عبثيا, ولكنه ضرورة من ضرورات الهوية، فالمكان حتى المكان يحمل هوية أيضا".