ملفات اقتصادية وحلول بعيدة الأجل
تبقى للشأن الاقتصادي وأوضاعه دائما مساحته بين قراءات كتاب الرأي، حتى ولو لم نشهد حدثا آنيا يُرتكز عليه، خلافا لما هو الحال في الشؤون السياسية التي لا تكاد الآراء أن لاحق مستجداتها المتسارعة.
الكاتب فهد الفانك، يتناول في مقاله ما قابل به الخبراء تشكيل مجلس للسياسات الاقتصادية، من إشادات و"تلبيسه" مسؤوليات وواجبات وتوقعات لها أول وليس لها آخر، كالتصدي للهم الاقتصادي، وحل معيقات الاستثمار، وتحقيق معدلات نمو أعلى، ورفع مستوى معيشة المواطنين...الخ.
ورغم أن كل هذه المهمات مطلوبة ومرغوب فيها، إلا أن الفانك يشير إلى أن من الظلم وضعها على عاتق مجلس للحوار الاقتصادي مع أن كل مهمته طرح أفكار أمام الحكومة التي لا تنقصها الأفكار والبرامج بل الإمكانيات والوسائل.
ويضيف الكاتب "مجلس السياسات الاقتصادية ليس بحاجة لهذا المديح السابق لأوانه وغير المستحق ، الذي يقع بعضه في باب النفاق ، بل بحاجة أكبر للحوار معه وطرح الأسئلة عليه وتقييم مخرجاته".
أما الكاتب أحمد شاكر، فيؤكد على ضرورة وضع الخطط والبرامج الفاعلة على كافة الصعد، لتحقيق المساعي إلى الاستمرار في تحقيق معدلات مرتفعة في النمو الاقتصادي يلمس آثاره المواطن من خلال توزيع مكتسبات التنمية على كافة شرائح المجتمع والقطاعات الاقتصادية المختلفة.
ويلفت شاكر إلى أن من أهم ما ركزت عليه خطابات التكليف للحكومات المتعاقبة والبرامج الحكومية، موضوع تشجيع الاستثمار كأحد أهم الاستراتيجيات التي تعمل على تعزيز مسيرة التنمية المستدامة ومراعاة التوزيع العادل لعوائد التنمية الاقتصادية.
"وحتى نستطيع أن نرتقي إلى مستوى تتمكن فيه سياساتنا الاستثمارية من المساهمة بفعالية في رفع سوية أداء الاقتصاد الوطني.. لا بد من إعادة النظر في التشريعات الناظمة للعملية الاستثمارية وتوحيدها في ظل تعدد الجهات المعنية بالاستثمار وتعدد القوانين التي تحكم العملية الاستثمارية".
كما يجب، بحسب شاكر، دعم مؤسسة تشجيع الاستثمار بالتمويل اللازم لتمكينها من تنفيذ الخطط والبرامج والآليات التي تضمن تحقيق أهدافها، وأن لا تكون محدودية الموارد عائقاً يحول دون ذلك في ظل برامج طموحة وأهداف نبيلة.
فيما ترى الكاتبة جمانة غنيمات، أن كل النوافذ المؤهلة لأن تكون سبيلاً لتخفيف المأزق الاقتصادي الذي يعانيه الأردن، يحتاج ظهور أثرها سنوات، مشيرة إلى أنها نوافذ متعددة المستويات؛ على رأسها مخرجات مؤتمر لندن للمانحين، وجلب الاستثمار القائم على شراكات حقيقية، إضافة إلى نافذة الاستقرار الإقليمي، ما يبقي الاقتصاد في حالة تهديد دائم حتى ذلك الحين.
وللإجابة عن تساؤل "ما العمل"، تطرح غنيمات مجموعة من المطالب، أبرزها الشروع بالحل الاستراتيجي الذي تأخر كثيرا، وهو تنظيم البيئة الاستثمارية، ومعاملة جميع الاستثمارات بعدالة، ومنح امتيازات لأصحاب رؤوس الأموال من جنسيات عربية؛ بتسهيل إجراءات الإقامة وغيرها من معيقات.
و"بدلا من إرهاق القطاع الخاص بمزيد من الضرائب والرسوم، لا بد من التخفيف عليه، وربما نحتاج إلى التفكير في تخفيض فوائد القروض للمشاريع"، والمضي في تنفيذ مشاريع الطاقة المختلفة بوتيرة أسرع، وتطبيق أي فكرة تساعد على تبديد حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد، من خلال تحسين مؤشرات الأردن في التقارير الدولية، بعد أن تراجعت كثيرا.
ومن بين المطالب التي تطرحها الكاتبة: إعادة الاعتبار لأدوات ضبط السوق، وتنظيم سوق العمل بشكل يساعد على إحلال العمالة الأردنية محل الوافدة، وربط الامتيازات والإعفاءات الممنوحة للقطاع الخاص بتشغيل الأردنيين.
ولضمان عدم اتساع رقعة الفقر، يلزم تجنب أي قرارات تضر بالشرائح الدنيا خصوصا، إضافة إلى ضبط النفقات الحكومية، و عدم تجاوز سقف الموازنة العامة مهما كانت الأسباب، والتخلي عن فكرة الجباية، لأنها لن تحلّ المشكلة مهما بالغت فيها الحكومات.