"معركة" تعديل المناهج
لا يزال الجدل دائرا حول قضية تعديل المناهج الدراسية، مع تراشق للاتهامات من مختلف المعنيين، والذي انتهى إلى دعوة شريحة من المعلمين إلى الإضراب عن العمل، الأمر الذي وجد صداه بين أعمدة الرأي والمقالات في الصحف اليومية.
الكاتب فهد الخيطان، يشير إلى ما وصفه بـ"المشهد المؤسف" المتمثل بتظاهر معلمين وطلاب وقيامهم بحرق الكتب الدراسية، وهو ما يمثل نموذجا على "سياسة الجزر المعزولة التي تحكم عمل المؤسسات في الأردن، وغياب التنسيق بينها".
"فبينما كانت لجنة ملكية تعكف على وضع استراتيجية متكاملة لإصلاح قطاع التعليم العام في الأردن، ضمن خطة شاملة تمتد لعقد من الزمن، وتشمل مراحل التعليم الأساسي وصولا إلى الجامعي، قامت لجان خاصة في وزارة التربية والتعليم بمراجعة بعض مناهج الصفوف الأساسية، وأدخلت عليها تغييرات عشوائية وشكلية، لم تحقق سوى غاية واحدة، وهي استفزاز فئات اجتماعية وجدت في التعديلات تعديا على الثوابت والقيم الدينية والوطنية للمجتمع"، يقول الخيطان.
ويؤكد الكاتب أنه كان ينبغي على الحكومة والمعنيين في وزارة التربية والتعليم، الامتناع تماما عن إجراء أي تعديل على المناهج لحين إقرار الاستراتيجية واعتمادها من قبل الحكومة، والتي أدت إلى ضجة واسعة في البلاد، انتقلت تدريجيا إلى الشارع كحركة احتجاجية، رافقتها حملة اتهامات وافتراءات على الدولة والحكومة، بوصفهما عدوا يحارب الدين.
أما الكاتبة جمانة غنيمات، فترى أن من أكثر ما يحزّ بالقلب، مشهد طلبة يمزقون كتباً مدرسية ويحرقونها، في إطار "المعركة" على تعديل المناهج والكتب المدرسية، وكأن العقل والمنطق قد غابا تماماً، فصارت كل الأسلحة، بما فيها المحرّمة، مباحا استخدامها.
وتضيف الكاتبة "نسينا كل الخراب الذي تعاني منه العملية التعليمية، وبالتالي مخرجاتها الكارثية، حتى أصبح عادياً، ولعله مقبولاً، الحديث عن طلبة أُميين! كما صار مطلوباً إنكار كل المشاكل، لأنه يخدم الأطراف المتصارعة على القصة".
"ففي خضم المعركة التي اتخذت مساراً منحرفاً عن الواقع، وجه المنتقدون عملية التغيير والتعديل لجعلها تبدو وكأنها هجمة على الدين الإسلامي. وذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة، تماماً كما ادعاء تجميل صورة المحتل الإسرائيلي في كتب أولادنا".
والغريب، بحسب غنيمات، أننا لم نختلف أبدا على التشوهات في كتب أبنائنا، وكنا متفقين على أن أدوات التعليم المتاحة لأجيال الأردن المستقبلية لا تقيها شرّ الزمان؛ فلماذا نختلف الآن على ضرورة تعديل المناهج؟!
وتخلص الكاتبة إلى القول إن "تعديل المناهج حاجة وطنية ملحّة. وعلى الأهالي أن يكونوا من أنصار التعديل والتطوير، لا الوقوف في وجهه. وعلى الفريق المضاد للفكرة التحلي بالموضوعية، تماماً كما على الجهة المدافعة عن المبدأ وضع تصورها لتطوير الكتب المدرسية".
فيما تلفت الكاتبة ديمة طهبوب، إلى التجربة الفنلندية بالتعليم، والتي قررت وزارة تربيتها أن تعليم الدين إلزامي في المراحل الأولى التي تمتد من سن ٧-١٦ وفي المراحل العليا من سن ١٦-١٨ على أن توفر المدارس المنهاج الديني للديانات المختلفة في البلاد.
وتوضح طهبوب بأن هذه الأمثلة من أفضل النظم التعليمية على مستوى العالم، تضع من عدلوا المناهج في بلدنا بمسخ كل ما يتعلق بالدين واللغة في مقارنة سيئة ليست لصالحهم بل تثبت بطلان كل ما ادعوه من «تطوير» و»تنوير».
وتستذكر الكاتبة تجربة حضارة الأندلس بما بلغته من مبلغ علمي ما زالت البشرية تتحدث به حتى الآن لأن مدارسها أدركت تلك المعادلة المتكاملة للنجاح.
وتتساءل طهبوب "أي رؤية وأي أهداف تتبناها وزارة التربية وهل يقود العملية مختصون في الأبعاد التكوينية والنفسية والتربوية لعقلية ونفسية الطلاب وما يلزمهم لتربية مواطن على خلق وعلم وانتماء واهل للمسؤولية"؟