مخرجات قمة كيري - لافروف.. وسيناريو جنيف
تتزامن الأنباء المتواترة حول تقدم الجيش السوري في مدينة تدمر التاريخية، مقابل تراجع مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، مع المسار السياسي الذي انتهى باجتماع وزيري الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو.
الكاتب فهد الخيطان، يرى أن الوزيرين خرجا بعد الاجتماع الذي امتد لأربع ساعات، ليعلنا عن تفاهم شبه كامل حول سورية، بما يرقة لتلك التفاهمات التي شهدها تاريخ المنطقة في القرن المنصرم بين القوى العظمى، وأسست لمرحلة تاريخية طويلة.
فقد اتفقت واشنطن وموسكو على جدول زمني لتأسيس إطار عمل للانتقال السياسي، والأهم صياغة دستور جديد للبلاد مع نهاية شهر آب المقبل، مع حرص الوزيرين على تذكير الطرفين السوريين المتفاوضين بأنهما سيضغطان عليهما للسير في عملية الحل السياسي عبر آلية جنيف القائمة.
ميدانيا، يقول الخيطان، إن الأطراف المتصارعة تظهر جدية أكبر في المحافظة على الهدنة "المؤقتة"، والتي ستتحول مع مرور الوقت إلى دائمة، بالنظر إلى درجة الالتزام بها وتشدد الراعيين الروسي والأميركي حيال أي خروقات من أي طرف.
وينتهي الخيطان إلى القول بأن الاعتقاد السائد لدى الدبلوماسيين المتابعين لمفاوضات جنيف ولقاءات كيري ولافروف، "بأن واشنطن وموسكو توصلتا إلى مسودة الحل السياسي في سورية، وأن ما سيدور من جولات تفاوض في جنيف، ليس إلا ترجمة حرفية لما خطه الراعيان الروسي والأميركي".
ويذهب الكاتب عريب الرنتاوي، إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بات يتطلع إلى سورية بوصفها الأزمة الثالثة التي يجب "إغلاقها بعد إيران وكوبا، قبل مغادرته البيت الأبيض.
ويضيف الرنتاوي بأن ما جرى في موسكو من اجتماعات ماراثونية بين كيري ولافروف، يوحي بأن إرادة الحل عند الطرفين، قد تبلورت على نحو غير مسبوق، والإشادات المتبادلة بالأدوار الإيجابية التي يلعبها قادة البلدين، تعطي الانطباع بطغيان مساحة التوافق على هوامش الاختلاف بين الإدارتين.
فـ"وفقاً لتقارير أولية، فإن التفاهمات الأمريكية – الروسية، قد تخطت “العموميات” إلى التفاصيل، وأن الجانبين توافقا على خريطة طرق ورزنامة زمنية تتصل بتشكيل “الحكومة الموسعة، ذات الصدقية، الشاملة وغير الطائفية”، فضلاً عن إعداد دستور جديد للبلاد، سيتم قبل أن يدخل موسم الانتخابات الأمريكية فصله الحاسم في الخريف القادم".
"ووفقاً للتقارير ذاتها، فإن اجتماع الساعات الأربع بين لافروف وكيري، قد ذهب بعيداً في تفاصيل التهدئة ووقف النار وإجراءات بناء الثقة، من الإفراج عن المعتقلين والأسرى، إلى “حلحلة” الملفات الإنسانية العالقة، فضلاً عن الاتفاق على تحويل المفاوضات بين النظام والمعارضات من “غير مباشرة” إلى “مباشرة”.
ويرجح الرنتاوي أن يكون تكتيك إطالة أمد الجولة الأخيرة من مفاوضات جنيف، الذي اعتمده الموفد الأممي، بهدف التعرف على مخرجات موسكو المعمقة والموسعة، التي أجراها كيري مع نظريه الروسي ومع الرئيس بوتين.
"ويمكن من دون تردد الجزم، بان “وثيقة النقاط الـ 12” التي سلّمها ديمستورا إلى الأطراف السورية، عكست الوجهة العامة للتفاهم الروسي الأمريكي، بل وربما تكون قد صيغت على إيقاع الحوار الأهم في موسكو"، يقول الرنتاوي.
ويلفت الكاتب إلى أن ثمة من المعلومات المُسربة عن التفاهمات الروسية – الأمريكية، ما يؤكد تبدل أولويات الحرب على “داعش”، إذ يبدو أن معركة الرقة ستسبق معركة الموصل، أو تتزامن معها، انطلاقاً من قاعدة تزامن مساري الحل السياسي بين السوريين والحسم العسكري مع داعش والإرهاب، حيث تتولى روسيا قيادة هذين المسارين معاً، بالتنسيق مع واشنطن.
وخلاصة القول، بحسب الرنتاوي، إن كيري ولافروف، تمكنا من كتابة “القصة والسيناريو والحوار” في موسكو مؤخراً، ولم يبق على دميستورا، سوى أن يشرع في تجهيز مواقع التصوير في جنيف في أواسط الشهر المقبل، قبل أن يبدأ في إخراج الحل النهائي للأزمة السورية، إلى دائرة الضوء ودور العرض
الكاتب الأمين أبو هزيم، يؤكد أن الانسحاب الروسي من سورية، الذي جاء بعد التدخل "لإعطاء جرعة لإطالة عمر النظام السوري الذي بات يترنح"، لم يكن بعيدا عن تفاهمات بين موسكو وواشنطن.
وبعد استعراض الكاتب لخطوات التدخل الروسي العسكري في روسيا، يشير أبو هزيم إلى تحقيق الروس لأهداف تلك العملية، حيث نجحت موسكو في إنقاذ النظام السوري من الانهيار، بل وساعدته على تدعيم موقفه على الأرض، كما أن دورها في مفاوضات الحل السلمي بين المعارضة والنظام أصبح دورا رئيسيا بعد الاتفاق مع واشنطن حول ملف الأزمة.
ومن نتائج الانسحاب الروسي من سورية، بحسب أبو هزيم، استخدام هذا القرار كورقة ضغط على النظام السوري في مراحل المفاوضات الصعبة عندما يتطلب الأمر تقديم تنازلات صعبة من فرقاء الأزمة بينما تقوم الولايات المتحدة والأطراف الإقليمية بالضغط على الآخرين.
ومن أهداف هذا الانسحاب كذلك، التلويح بأنه لا داعي أن تفكر قوى أخرى بالولوج إلى مسرح العمليات السوري، فنحن (أي الروس) أدينا مهمة وانصرفنا، وتخفيف عبء امتعاض الرأي العام عن حكومات أوروبا والولايات المتحدة، وتهدئة الرأي العام في روسيا، حيث يعاني الشعب الروسي من أوضاع اقتصادية صعبة، وإظهار الحكومة بأنها لا تتورط في مغامرات خارجية، يقول أبو هزيم.