ما بعد القمة
بعد تلاوة البيان الختامي للقمة العربية مساء الأربعاء في البحر الميت، بدأ كتاب الرأي يحللون مضامين هذا البيان، وما انتهت إليه القمة من نتائج وتوصيات وقرارات.
الكاتب فهد الخيطان، يرى أن عيوب التقاليد والأنظمة التي تحكم عمل مؤسسة الجامعة العربية، ظهرت للمرة الثامنة والعشرين، فعوضا عن استغلال اليوم الوحيد في السنة الذي يجتمع فيه القادة العرب لإجراء مناقشات منتجة وعملية ومغلقة، تصر الجامعة على جعل اجتماع القمة مهرجانا خطابيا.
ويلفت الخيطان إلى أن أجواء القمة كانت أقل توترا من سابقاتها، برغم بعض الخطابات التي حملت رسائل مشفرة ومتبادلة بين القادة الحاضرين، على الأخص كلمات أمير قطر والرئيس المصري ورئيس المجلس الانتقالي في ليبيا.
ويؤكد الكاتب أن الدبلوماسية الأردنية الهادئة نجحت مبكرا في احتواء الحساسيات المتوقعة بين الدول، وعملت حتى ساعة متأخرة في الليلة التي سبقت القمة، على تذليل الخلافات حول الصياغات المقترحة لبعض القرارات.
أما الكاتب عريب الرنتاوي، فيشير إلى أن من حق الأردنيين الفخر بقدرة بلدهم على توفير أنجح تنظيم للقمة العربية، وبالشروط العربية الممكنة، فمن حيث الشكل والتنظيم، جرت ترتيبات القمة على أرفع المستويات، ومن حيث التغطية الإعلامية، كان الإنجاز مميزا، ومن حيث التجسير بين الأفرقاء، تحولت أروقة القمة وقاعاتها، إلى مكان مناسب للقاء القادة المتباعدين سياسيين.
ومن حيث مضمون القرارات والنتائج الختامية، فتلكم ليست مسؤولية الدولة المضيفة، مع أن الدول المضيفة تستطيع أن تلعب دوراً تجسيرياً أو تفتيتياً، وبمقدورها أن تقدم هذه القضية أو تلك على جدول أعمال القادة العرب، بهذا المعنى، يسجل لقمة عمان، أنها نجحت في إعادة بعض الألق للقضية الفلسطينية.
فيما يستعرض الكاتب حسين الرواشدة، عددا من الملاحظات على الجلسة الافتتاحية للقمة، والتي لا يمكن تجاوزها، الأولى أن الأردن حشد كل ما يملك من طاقات دبلوماسية لضمان حضور أكبر عدد من الزعماء العرب، والثانية أن الإعداد اللوجستي للقمة وتنظيم انعقادها تم بصورة دقيقة ومتقنة، والثالثة أن الحضور الإعلامي في القمة كان ملفتا.
أما الملاحظة الرابعة فهي أن جلسة الافتتاح اتسمت بالهدوء، وباستثناء بعض “التلميحات” التي وردت في بعض الكلمات، فقد التزم الرؤساء بخطاب متوازن ولم يخرج أي خلاف أو اختلاف بينهم على العلن.
كل ذلك يدل، بحسب الرواشدة، على أن خطاب القمة يشير بشكل واضح إلى أن العواصم العربية تشعر بأن العالم العربي كله في “مأزق”، إضافة إلى أن هذا الخطاب، كان باتجاه “الحل العربي” كبديل ضروري لصراع الأجندات في المنطقة وعليها.
فـ"مهمة القمة ستظل في دائرة “الأمل” لإحداث أي اختراق في جدران القطيعة بين الأشقاء، أو انقاذ ما يمكن إنقاذه، واعتقد أن قمة عمان نجحت في تحقيق جزء من هذه الأهداف"، يضيف الرواشدة.
الكاتب محمد أبو رمان، يذهب إلى أن ما حققته قمة عمان، ضمن سقف توقعات واقعي، أكثر من أمر مهم، فالأول أنها بردت من الخلافات الحامية بين أكثر من دولة عربية، وخففت من حدة التوترات بينها.
وممّا حققته القمة، ولعب الأردن دوراً كبيراً في ذلك، أنها أعادت الاهتمام للقضية الفلسطينية، ورممت الموقف العربي خلف الفلسطينيين.
كما تلفت جمانة غنيمات، إلى أن المنجز من القمة لم يقتصر على عدد الحضور، بل على تطورات إيجابية تتعلق بملفات عديدة جرى التخفيف من حدّتها على ضفاف البحر الميت.
وتضيف غنيمات بأن الأردن، بما يتمتع به من حضور واحترام وقبول، سعى إلى رأب الصدع بين دول عربية شهدت علاقاتها جفاء خلال الفترة السابقة، ليكون للقمة منجز مختلف.
ويتمثل المنجز الآخر في القمة تمثل في توحيد الموقف حيال قضية العرب المركزية، إذ أجمع القادة على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يقوم على أساس مبادرة السلام العربية، وإقامة دولتين.
وتخلص الكاتبة إلى القول "بالمحصلة، انتهت قمة عمان بنتائج مرضية، فقد خفّت حدة التوترات في بعض الملفات الدائمة، ووضع أساس يحتاج للبناء عليه خلال عام من تسلم الأردن للقمة".
كما يرى الكاتب موسى شتيوي، أن الإنجاز الأكبر هو الحضور المميز لقادة وزعماء الدول العربية، فهو دليل على المكانة التي يحتلها الأردن وقيادته لدى الأشقاء العرب، ودوره المركزي في جميع الملفات المطروحة على جدول أعمال القمة.
ورغم التباين في الآراء حيال القضايا الاستراتيجية التي تهدد المنظومة العربية، إلا أن هناك توافقاً على أهميتها وضرورة الولوج للعمل الجماعي لمعالجتها، والتأكيد على الثوابت العربية حيال القضايا المصيرية، بحسب شتيوي.
إلا أن الكاتب يؤكد على أن الإنجاز الذي تحقق بقمة التوافق يجب أن ينظر إليه بوصفه بداية للمهمة الملقاة على عاتق القادة العرب وليس نهايتها.
ويعرض شتيوي عددا من الخطوات لتثبيت هذا النجاح، أبرزها: الشروع بإصلاح مؤسسة الجامعة العربية، وإجراء حوارات معمقة حول القضايا الخلافية، والالتزام بمبدأ احترام سيادة الدول الأعضاء، إضافة إلى الحاجة لبلورة مقاربات سياسية للحل السلمي للنزاعات والأزمات التي تعصف في المنطقة.