ما بعد إقرار التعديلات الدستورية وتنبؤات الانتخابات
بعد إقرار مجلس النواب للتعديلات الدستورية التي أحالتها الحكومة إليه مؤخرا، ينتظر الشارع الأردني استكمالها لخطواتها الدستورية، بالمرور إلى الغرفة الأخرى من البرلمان "الأعيان"، وصولا إلى توشيحها بالإرادة الملكية.
الكاتب فهد الخيطان، يسلط الضوء على أبرز ما جاء في التعديلات، وهو ما يتعلق بصلاحيات الملك، الذي لن ينتظر بعد الآن تنسيب رئيس الوزراء بتشكيلة مجلس الأعيان المقترحة، ولا هيئة المحكمة الدستورية، أو المرشح لرئاسة المجلس القضائي.
ويشير الخيطان إلى أن الوضع من الناحية العملية، قد لا يتغير كثيرا، وسيظل لرئيس الوزراء "حصة" في تعيينات الأعيان، أما من الزاوية الدستورية، فقد انتقل القرار بشكل نهائي إلى مؤسسة الديوان الملكي.
ويضيف "من الصعب التنبؤ بالآلية المتوقعة لعمل مؤسسة الديوان بعد التعديلات الدستورية، والطريقة التي ستتعامل بها مع المهمات الجديدة، لكن في كل الأحوال، ينبغي أن تترجم الأهداف التي من أجلها تم تعديل مواد الدستور".
ويؤكد الكاتب على ضرورة التفكير بمنهجية جديدة تلبي متطلبات التعديلات الدستورية، حتى لا نواجه إشكالية تركز السلطات في يد عدد قليل جدا من المسؤولين في الديوان الملكي مستقبلا؛ ونطور في الوقت نفسه إطار عمل مؤسسي يدير العملية في كل مراحلها، ويضمن توفير آليات لمراقبة الأداء وتصويب الاختلالات.
"كما أن الحاجة ما تزال ملحة لبيان علاقة السلطات والأجهزة التنفيذية للدولة بعد التعديلات الدستورية، وحدود المسؤولية للمواقع التي تعين مباشرة من الملك، ومدى خضوعها لمساءلة مجلس النواب والحكومة".
أما النائب هايل الدعجة، فيسجل أبرز ملاحظاته على التعديلات الدستورية التي جرت 2014 ، 2016، والتي تشير إلى توفر الإرادة السياسية بضرورة تشكيل الحكومات البرلمانية التي تمثل الغاية الأهم في مشروع الإصلاح الأردني.
ويشير الدعجة إلى أن تعزيز المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، الذي استهدفته التعديلات، اقتضى ترسيخ الحياد السياسي وتحصين مواقع أمنية مهمة وحساسة (وسيادية) ، ممثلة في رئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير المخابرات العامة ومدير الدرك، وبالتالي تحصين الجبهة الداخلية من خلال تفريغ هذه المواقع لمهامها وأعمالها العسكرية والأمنية ، بعيدا عن التجاذبات والتضاربات السياسية.
وينفي النائب ما يتم تداوله من أن هذا التعديل ينطوي على انتقاص للولاية العامة ويجرد الحكومة من المسؤولية ويضع الملك في الواجهة مع أنه رأس الدولة ومصون من كل تبعة ومسؤولية، مؤكدا على أهمية التمايز ما بين التعيين وممارسة السلطة.
الطريق إلى صناديق الاقتراع
أما الكاتب محمد أبو رمان، فيلفت إلى الشعور السائد في الأوساط النيابية، بأنّ إلحاق التعديلات الدستورية بالدورة البرلمانية العادية الحالية، هو مؤشر رئيس على أنّها ستكون الدورة الأخيرة للمجلس الحالي، مع استبعاد عقد دورة استثنائية، وانتقال الأنظار إلى الانتخابات النيابية المقبلة، والتي في ظل هذه التوقعات، ستكون على مرمى الأشهر المقبلة، مع قانون انتخاب جديد.
ويوضح أبو رمان بأن الجديد في "حديث الانتخابات" المقبلة في الأوساط السياسية، هو ما أُطلق عليه اسم قائمة رئيس الوزراء الحالي عبد الله النسور، الذي وإن كان على الأغلب لن يشارك في الانتخابات المقبلة، إلاّ أنّ هناك قناعة لدى هذه الأوساط بأنّ أسماء من النواب الحاليين والسابقين والسياسيين، سيدخلون في تكتلات وقوائم انتخابية في أكثر من مكان، في مقدمتها محافظة البلقاء، من أجل تشكيل "لوبي نيابي" في البرلمان المقبل، يدافع عن حكومة النسور.
ويرجح الكاتب أن تشهد الانتخابات المقبلة متغيرات في الساحة السياسية، أبرزها الانقسام الواسع في الصف الإسلامي، بعد تفتت جماعة الإخوان الأم إلى جماعتين، مشيرا إلى أن أحد السيناريوهات المتوقعة أن يحدث تحالف بين زمزم وحزب الوسط الإسلامي، من أجل تقوية المنافس الانتخابي في مواجهة جماعة الإخوان.
فـ"المؤشّرات الأولية، أيضاً، في الانتخابات النيابية، أنّه لا توجد مقدمات أو إرهاصات لكتل سياسية قريبة من الدولة، مثلما حدث سابقاً مع حزب التيار الوطني، في المشهد إلى الآن. فهذه الأحزاب، التي ظهرت على المسرح السياسي، في الأعوام الماضية، شعرت بتخلّي الدولة عنها".
كما يشير الكاتب فايز الربيع، إلى أن التعديلات جاءت في بعض مناحيها لتنأى بالجهاز الأمني والعسكري بكل مكوناته على أن يكون تحت سيطرة الحكومة المدنية في بداية تكوينها السياسي، وبخاصة إذا كانت التشكيلات البرلمانية والحزبية جزءاً من تشكيل هذه الحكومة.
ويضيف الربيع "لقد تعب البرلمان من الكتل السياسية الهلامية ذات الرمال المتحركة التي لم تقدم للعمل السياسي أية إضافة نوعية أو رافعة قوية في اتجاه المستقبل, بل أصابت كل من يفكر بالعمل السياسي من خلال الكتل بالإحباط لأنها كانت كتل انتخابية موسمية تنتهي بانتهاء المطلوب منها, ولم ينتج عنها أي عمل سياسي أو حزبي".