قراءة في "مخاوف الأردنيين المشروعة"
كان لمقال رئيس الوزراء ومجلس الأعيان الأسبق طاهر المصري، الذي نشر في صحيفة الغد الاثنين بعنوان "مخاوف الأردنيين مشروعة"، مساحة لإعادة قراءته من عدد من كتاب الرأي في الصحف اليومية.
الكاتب محمد أبو رمان، يرى في مقال المصري، أحد مقالين يستحقان القراءة المعمقة، والذي يشير في إلى التحولات الإقليمية العميقة المحيطة بالأردن، من تشكّل محاور وتحالفات جديدة.
ويلفت أبو رمان إلى المخاوف التي يشي بها المصري، دون أن يفصح عنها تماماً، حول تنفيذ إسرائيل لمخططها في الضفة الغربية ومدينة القدس والمسجد الأقصى دون حسيب أو رقيب، بما يتعارض مع الأمن الوطني الأردني.
ويضيف المصري، بحسب أبو رمان، متغيرات جديدة مرتبطة بالتحولات الديمغرافية وموجات الهجرة الجديدة، والقلق من تراجع أسعار النفط وانعكاسه على حوالات الأردنيين العاملين في الخليج، ما يدفع إلى التفكير في المستقبل بما يسميه "خارج الصندوق".
ويتفق الكاتب حسين الرواشدة، مع ما خلص إليه المصري، من أن الأردن يواجه أسوأ الخيارات، وبات لوحده، لمواجهة مصيره وتحديد خيارته بما يتناسب مع قدراته ومصالحه.
إلا أنه يشير إلى مسألتين على صعيد التعامل مع القضايا الداخلية، "الأولى هي أننا نحصد اليوم ما زرعناه بأيدينا في الأمس.. والأخرى أن خروجنا من “ انفجار التاريخ” الذي لم يصلنا بعد سيظل مشروطا بقدرتنا على "إصلاح” أحوالنا، وبأنفسنا دون انتظار مساعدة من أحد.
ويوضح الرواشدة بأن ما يحدث في الأردن، من فوضى ومن ارتباك ليس بعيدا أبدا عن تراكمات الأخطاء التي تجاهلناها طيلة السنوات الماضية، وليس بعيدا عن حالة الإنكار التي تعمدناها في علاقاتنا مع بعضنا وفي مواجهتنا لمشكلاتنا بعيدا عن المقولات المغشوشة التي روج لها بعضنا بقصد أو بدون قصد.
و"حين ندقق أكثر في المشهد، سنكتشف بأننا لم نغادر دائرة الحيرة والارتباك، فالعنف ما زال يتنقل بحرية بين مؤسساتنا وشوارعنا، وعملية خلط الأوراق أصبحت مكشوفة تماما، وأذرع الدولة التي كانت قادرة على احتضان “مواطنيها” تراخت ومعها تراجعت تقاليد وقيم وقوانين كانت تمثل سياجا يقنع الناس ويحميهم ويجعل أقدامهم أكثر ثباتا على الأرض".
ويخلص الكاتب إلى الاعتقاد بضرورة تشكيل “لجنة” من “الحكماء” لوضع النقاط على الحروف، والنقاط هنا تتعلق بثلاثة عناوين: الأول هو تصحيح العلاقة بين المجتمع والدولة، والثاني هو
تصحيح مسارات السياسة والاقتصاد، والثالث ترتيب علاقاتنا مع محيطنا الإقليمي والخارجي وما فرضته علينا التطورات والتحولات من استحقاقات.
ويؤكد الكاتب باسم سكجها، على أهم ما ورد في مقال المصري، مشيرا إلى أن المعادلات القديمة لم تعد هي التي تتحكّم بمصير المنطقة، وأنّ الأمن المجتمعي الأردني قائم على قدمين: الأجهزة الأمنية التي تقوم بدورها على أفضل وجه وباقتدار، والأجهزة الإدارية والسياسية التي لا تعمل بنفس الكفاءة، وهذا ما قد يُعرّض الأمن بمفهومه الشامل لهزّات قوية وسريعة.
ويبدو أن المصري، بحسب سكجها، يطالب بقيادة حكومية قوية ذات رؤية وجرأة، كما في المقالة، وهذا صحيح، ولكنّه يدعو إلى أكثر من ذلك، حيث الدعوة “إلى توافق وطني يجمع فئات المجتمع السياسية والاجتماعية ويشعرها بأنّها شريكة في القرار وفي المساءلة.
ويختتم الكاتب مقاله بالقول "يبقى أنّه صحيح أنّنا نظل طرفاً صغيراً في اللعبة الدولية، ولكنّنا طرف أكبر في اللعبة الإقليمية، أمّا في الداخل الأردني فنحن أصحاب اللعبة والقادرون على وضع قواعدها، وجعلها متاحة للجميع، وهذا أضعف الأيمان".