قراءة في مآلات "جنيف"

قراءة في مآلات "جنيف"
الرابط المختصر

بعد وصول محادثات السلام السورية في جنيف إلى ما وصلت إليه، من تعليق ما تسمى بـ"مجموعة الرياض" المعارضة لمشاركتها فيها، في ظل تبادل أطراف الصراع للاتهامات بخرق لهدنة الميدانية بينهم، كان لكتاب الرأي والمقالات اليومية آراء متباينة في قراءة هذا المشهد.

 

 

الكاتب فهد الخيطان، يرى في تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول عدم توجه بلاده للتدخل البري في سورية، التقاء مع الموقف الروسي، حيث  لا بديل عن مفاوضات الحل السياسي في جنيف.

 

"رغم ذلك، تقر الأطراف جميعها بالمأزق، فانسحاب وفد المعارضة، مع تنامي الخروقات العسكرية في الميدان، يعنيان أن الهدنة في طريقها إلى الانهيار"، يقول الخيطان، مؤكدا أن الهدنة هي المكسب الوحيد في سورية، وأن استمرارها بات هدف الجميع في الداخل والخارج.

 

ويعتقد الخيطان أن واشنطن ليس في واردها ضخ المزيد من الأسلحة لسورية، كما أن تركيا تراجعت عمليا عن خططها السابقة بعد أن تبدلت أولوياتها في سورية، فـ"خيار الحسم العسكري بالنسبة للطرفين؛ النظام والمعارضة، أصبح معدوما، وغير وارد لحلفاء الخصمين".

 

أما الكاتب عيسى الشعيبي، فيقول إن أحدا لا يساوره شعور بالصدمة أو فاجأه فشل الحلقة الأخيرة من مسلسل مؤتمر حنيف.

 

ومن المرجح، بحسب الشعيبي، أن مآلات مؤتمر جنيف السوري ستنطبق بحذافيرها على مؤتمر الكويت اليمني، ليس فقط لجهة الفشل في التوصل لمخرج من الأزمة المستحكمة بحاضر البلد السعيد ومستقبله، وإنما أيضا لجهة جدول الأعمال، ووقف إطلاق النار، الذي يبدو هدفا بعيد المنال.

 

ويستذكر الكاتب محطات من التفاوض التاريخية في المنطقة ومدى فشلها، بما في ذلك تلك المؤتمرات التي لا حصر لها الخاصة بالقضية الفلسطينية، والوساطات المتعلقة باستعصاءات الحالة العراقية، أو حتى الجهود المهدورة تباعا لعلاج الانقسامات الليبية.

 

ويشير الشعيبي إلى مجموعتين من العوامل التي تساهم في إدامة الأزمات الحالية، أولها يتعلق بالتعادل النسبي بين القوى المتجابهة بالحديد والنار، كما في الحالتين السورية واليمنية، وأما الثانية فناجمة في عن تأصل ظواهر الاستبداد الشرقي، والميل الحضاري المتوارث للتشبث بعصا الحكم، والافتقار إلى آليات تداول السلطة بالوسائل السلمية.

 

فيما يذهب الكاتب عريب الرنتاوي، إلى أنه "ما لم يُلحق طرف من طرفي الصراع، هزيمة واضحة ومعترف بها، بالطرف الآخر، فسيكون من الصعب عليه إملاء شروطه كاملة على مائدة المفاوضات".

 

ويعقد الرنتاوي مقاربة ما بين محادثات جنيف، ومفاوضات الأزمة اليمنية المنعقدة في الكويت، فالمعارضة السورية تريد أن تبدأ المفاوضات والعملية الانتقالية بتنحي الأسد أو تنحيته، مع أن جحافل قواتها الضاربة، ما زالت بعيدة جداً عن “قصر الشعب/ الجمهوري” القابع على قمة فوق دمشق.

 

وتبدو الصورة في اليمن، بحسب الرنتاوي في اليمن، شبيهة إلى حد كبير، ولكن من مواقع معكوسة.

 

ويخلص الكاتب إلى أن "ما جرى في جنيف حين قررت المعارضة السورية تعليق مشاركتها، يمكن أن يندرج في هذا السياق، وما نشهده من تقدم وتراجع في مسار المفاوضات اليمنية، يندرج في السياق ذاته تقريباً. لكن الأمر الهام الذي يتعين على الأطراف التفاوضية مراعاته وهي تفاوض وتحارب، هو مدى فهم وتفهم الأطراف الفاعلة الأخرى، لقراراتها وتكتيكاتها، وإلا انعكست وبالاً عليها.