قراءة في "عملية اربد"
لا تزال عملية المداهمة الأمنية التي جرت في اربد، وأسفرت عن استشهاد النقيب راشد الزيود، ومقتل 7 من أعضاء الخلية التي قالت الحكومة إنها خلية إرهابية مرتبطة بتنظيم "داعش"، مثارا لقراءة كتاب الرأي والمقالات في الصحف اليومية.
الكاتب فهد الخيطان، يلفت إلى تساؤل إن كان أحد من أفراد خلية إربد قد قاتل من قبل في صفوف الجماعات "الإرهابية" في سورية، موضحا أن المعلومات المتداولة تشير إلى أن واحدا على الأقل من بين القتلى السبعة، عاد من سورية قبل فترة وجيزة، وكان موقوفا لدى السلطات الأمنية، وهو التساؤل الذي ينسحب على الموقوفين الـ13.
ويطرح الخيطان تساؤلا آخر، إن كان الموقوفون مرتبطين بعلاقة تنظيمية مباشرة مع السبعة الذين قتلوا في المداهمة الأمنية، مرجحا وجود رابط بينهم، الأمر الذي يعني أننا أمام تشكيل إرهابي كبير نسبيا، وليس مجرد خلية.
ولم تحمل التفاصيل الشحيحة التي تضمنتها البيانات الصادرة عن الأجهزة الأمنية، الكثير عن نوعية الأهداف التي كان يستعد "الإرهابيون" لاستهدافها؛ إن كانت محصورة في مدينة إربد كما قيل، أم تشمل عمان ومواقع أخرى"، بحسب الخيطان.
ويضيف الكاتب أن السلطات لم تخف هوية الجماعة حال الانتهاء من العملية الأمنية؛ حيث أكدت دائرة المخابرات العامة أنها مجموعة ترتبط بتنظيم "داعش"، وهو ما يثير تساؤلا آخر، إن كان يعني ذلك وجود فرع للتنظيم في الأردن، أم أنه ارتباط "تعاطفي".
ويخلص الخيطان إلى ضرورة "إجراء إعادة تقدير موقف سياسي للتطورات الأخيرة، استنادا لتقدير الموقف الأمني بعد عملية إربد، لتحديد حالة الأردن في المواجهة مع الجماعات الإرهابية بدقة ووضوح، ودرجة المخاطر القائمة حاليا وفي المستقبل".
أما الكاتب باسم الطويسي، فيؤكد أن لا جديد يقال حول العملية "النوعية"، لافتا إلى تمكن الأردن، خلال آخر عقدين، من تطوير حسّه الأمني وقدراته في الضربات الاستباقية، بما يفوق مرات التقديرات الاستراتيجية التقليدية.
ويشير الطويسي إلى أن المهم يبدو في تداعيات هذه العملية على الداخل الأردني؛ "فالمجتمع الأردني يستعيد عافيته الوطنية بطريقة مفارقة تماما لما يحدث في الإقليم".
ويستعرض الكاتب ثلاث لحظات "صادمة"، اختبر فيها التوافق الوطني خلال السنوات العشر الماضية، والتي تمثلت بتفجيرات عمان العام 2005، وحادثة الشهيد الطيار معاذ الكساسبة العام 2014، وعملية إربد الأخيرة.
"ولعل اللحظة الأخيرة هي الاختبار الأقوى والأكثر حرجا من منظور بنية المجتمع وما يثار حول هشاشتها؛ فقد كان الفاعلون أردنيين بكل وضوح وبساطة"، يقول الطويسي.
ويذهب الكاتب إلى أن "الوطنية الأردنية" تزدهر، وتخلق الالتفاف حول الجيش والأمن، في محيط تدمِر فيه الجيوش الأوطان، "فيما ما تزال الوطنية الأردنية تعاني من فقر مخجل في الأدوار البنائية لمؤسسات التنشئة، وفي مقدمتها المؤسسة الثقافية الرسمية والمؤسسة التعليمية والمؤسسة الإعلامية".
ويختم الطويسي مقاله بالقول إن على الأردنيين اليوم واجب تجديد تمسكهم بالمستقبل وبأمنهم، من خلال المزيد من الذكاء العاطفي الجماعي الذي يعيد ترميم العلاقة بين المواطنة والوطنية، بل إعادة إنتاجهما من جديد وتجاوز أخطاء الماضي القريب.
الكاتب منار الرشواني، يعتبر جملة "لم يبق هناك ما يُقال"، أجمل عبارة يمكن أن ترد، إنصافاً، بحق الأردن والأردنيين؛ قيادة وشعباً ومؤسسة عسكرية وأجهزة أمنية، عقب كل محاولة إرهابية، فاشلة بالضرورة، على حد تعبيره.
"لكن إذا كان "لم يبق هناك ما يُقال" أردنياً، فإن هذه الحقيقة الجميلة ذاتها هي ما تستدعي الكثير مما يجب قوله عربياً"، يكتب الرشواني.
ويؤكد الكاتب أن الغالبية العظمى في العالم العربي، يراقبون "الوطنية" الأردنية على كل مستوى، باعتبارها نموذجاً عربياً ناجزاً، لا يزداد إلا رسوخاً وثباتاً، وبما يعني إمكانية، بل وجوب استلهامه وتطبيقه في دولهم.