قراءات في "الهجرة" إلى "داعش" وسبل احتوائها
رغم حملات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، ومؤخرا الحملات الروسية، الجوية ضد معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراق وسورية، إلا أن التنظيم لا يزال محط "جذب" لقطاعات من الشباب العربي والأردني، ولو على الصعيد الفكري فقط.
ويتساءل الكاتب جمال العلوي، عن سبب إقبال والتحاق طبيب ناجح أو شاب مؤهل أو مهندس مبدع، وانحيازهم لخيارات "داعش" الإرهابية، مؤكدا أنها أسئلة مشروعة تحتاج لإجابات واضِحة تناقش على مُستوى مجموعات عملٍ أو ورش وطنية.
ويوضح العلوي أن التنظيم، ومع أنه لم يعد جاذبا مثلما كان سابقا، إلا أنه نجح باستقطاب الآلاف مِن الشباب العربي الباحث عنِ الهوية، وفرصة العملِ، والطموح بِالتّغييرِ وبِناء المستقبلِ.
ويخلص الكاتب إلى الحاجة لمصارحة عميقة تقوم على فتحٍ الـبواب نحو المشاركة والتّغيير، وإشراك أجيال الشباب، ومنحهم الفرصِ للعملِ والعطاء وبِناء المستقبلِ وملء الفراغ، وفتح أبواب التّطوع الاجتماعي، والقروض المُيَسّرة للعملِ ولِلزواجِ..
أما الكاتب مهند مبيضين، فيحيل فكرة "الهجرة" إلى الدراسات النفسية المفسرة لعوامل الخروج من أجل الجهاد، والتي تقول إن الأشخاص أثناء وجودهم في جماعات ما يميلون إلى اتخاذ قرارات ذات مخاطر عالية، باعتبارها مخاطرة مشتركة، وبالتالي فهي ليست مخيفة بالقدر الذي سيشعر به الفرد إذا ما قام بالمخاطرة بمفرده.
"وبالتالي، فكلما أصبحت الجماعة متطرفة أكثر، أصبح الفرد متطرفا أكثر، وفي نفس الوقت غالبا ما يمارس على الفرد ضغط اجتماعي كبير من زملائه وقيادته مباشر أو غير مباشر يجبره على التماهي مع إجماع الجماعة".
فيما تحتاج بعض الحالات، بحسب مبيضين، لإعادة البحث لعدم القدرة على تفسيرها، خاصة عند استقطاب تنظيم كـ"داعش" شبابا من بيئات منفتحة ومن أسر مستقرة بعيدة عن التطرف ومناخاته.
ويرجع الكاتب بحث الشباب عن جماعة مغايرة لمحيطهم، إلى ما توفره مثل هذه الجماعات من أجواء الصداقة الحميمية، وإحساس للفرد بالأهمية، مقابل اتساع الهوة بين الشباب وذويهم.
"وفي مقابل خطاب الترغيب المصدر من الجماعات الإرهابية ، يصدر خطاب مضاد غالباً ما يكون ازدرائيا يقلل من أهمية ومن فحوى خطاب تلك الجماعات"، بحسب مبيضين، الذي يؤكد على أهمية إجراء مراجعة عميقة لهذه الحالة "كي ننقذ ما يمكن إنقاذه من شبابنا".
ويستخلص الكاتب فهد الخيطان من نتائج التحقيقات بهجمات باريس، نتيجة تفيد بأن تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية ارتبط بثلاثة عناصر رئيسة: الأول، حدود جغرافية مع سورية بما يسهل التسلل منها إلى المناطق التي تسيطر عليها هذه الجماعات، وسيطرة "داعش" على مدينة الرقة، التي تحولت مع مرور الزمن إلى نقطة جذب للمقاتلين من كل أنحاء العالم، والاعتماد شبه المطلق من طرف التنظيم على وسائل التواصل الإلكتروني في تجنيد أعضاء جدد.
وفي تحليله للعنصر الأول، يشير الخيطان إلى قرار تركيا بضبط حدودها، وتعاونها مع الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال سيطرتها على بعض المناطق الوعرة المحاذية للحدود السورية، مشددا على ضرورة وضع نهاية حاسمة لسيطرة "داعش" على مدينة الرقة "العنصر الثاني من المعادلة"، "حتى تتوقف عمليات تفريخ المزيد من الإرهابيين".
أما التحدي الأكبر فهو السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإلكترونية، وهي عملية بالغة الصعوبة، لكنها ليست مستحيلة، يقول الخيطان.