قانون الاستثمار ومجلس التنسيق السعودي.. والهمّ الاقتصادي
كان لمسارعة الحكومة بإحالة مشروع قانون الاستثمار إلى مجلس النواب، عدة قراءات تفاوتت ما بين السياسية والاقتصادية بين أعمدة كتاب الصحف اليومية، خاصة قبيل عقد مجلس التنسيق الأردني السعودي في نهاية الشهر الحالي.
الكاتب محمد أبو رمان، يرى أن من الواضح من عجلة الحكومة بإقرار مشروع القانون، وتحديد موعد اجتماع مجلس التنسيق المشترك، أن هناك توجهات جدية وحقيقية من قبل الدولتين للمضي خطوات نوعية للأمام على صعيد العلاقات الثنائية، بما يخلق إطاراً مؤسسياً غير مسبوق تاريخياً بينهما.
فـ"مجلس التنسيق يتجاوز البعد الاقتصادي تماماً، ليأخذ جوانب سياسية وأمنية وإدارية، وهو مماثل بدرجة كبيرة لسلسلة الخطوات التي أقامتها السعودية مع كل من تركيا ومصر ودول أخرى، بهدف تمتين تحالفاتها الإقليمية".
وينقل الكاتب عن مصادر مطلعة "بعمق"، تأكيدها على أن وجود مجلس التنسيق، يهدف إلى مأسسة العلاقات الأردنية-السعودية، وتوسيع دائرة الشراكة، كي لا تكون مقتصرة على "قمّة الدولتين"، وتنزل إلى البناء البيروقراطي والوزاري.
أما مشروع صندوق الاستثمار فيمثل، بحسب أبو رمان، نقطة تحوّل حتى في التفكير الاستراتيجي الأردني تجاه دول الخليج؛ إذ كان التركيز سابقاً على جذب الاستثمارات الخليجية والعربية والغربية، لكن تبين مع مرور الوقت أنّ البحث عن الاستثمار في ظل الظروف الإقليمية ومحدودية السوق الأردنية والمنافع الاقتصادية المترتبة عليه، هو استراتيجية لن تجدي، فجرى التحول إلى ربط الدور الإقليمي الأردني بالجانب الاقتصادي، عبر التوجه إلى الصناديق السيادية الخليجية.
وينتهي أبو رمان إلى القول "على الورق، الأمور باتجاه صحيح. والورق نفسه قال الشيء نفسه عن مخرجات مؤتمر لندن الأخير. لكن ما يأمله المواطن هو أن تنقل الحكومة الحالية أو المقبلة، هذه الطموحات والتوقعات الكبيرة إلى الواقع".
ويذهب الكاتب فهد الفانك، إلى أن مرور وقت طويل على تحريك مشروع صندوق الاستثمار، كان مفيداً من حيث أنه لم يصادر على مشروع صندوق الاستثمار السعودي الأردني المشترك ، الذي برز بعد ذلك ولم يكن وارداً قبل سنة ، ويمكن أن يسد الغرض ويوفر مساعي الصندوق الأردني لاجتذاب الاستثمارات الخليجية.
ويضيف الفانك أن الحكومة "فاجأتنا بإعداد مشروع قانون صندوق الاستثمار الاردني ، ربما كي لا يقال أنها رحلت دون أن تنفذ رغبة ملكية في تقديم مشروع القانون إلى مجلس النواب".
ويشير الكاتب إلى "الخلافية" التي تتسم بها بعض نصوص مشروع قانون صندوق الاستثمار، فالصندوق سيكون مؤسسة حكومية ، تدار بواسطة مجلس إدارة مكون من رئيس الحكومة وخمسة وزراء، كما أن المشروع يجمد ويستبعد عدداً من القوانين النافذة ذات العلاقة ، بل أنه أعطى الصندوق الحق بعدم الأخذ بأي قرارات حكومية مستقبلية أو تشريعات أو تعديلات للقانون.
ويعطي المشروع الصندوق امتيازا باحتكار عدد من المشاريع الكبرى بحيث ينحصر الاستثمار فيها بالصندوق مثل السكك الحديدية والربط الكهربائي مع السعودية ، وأنابيب نقل النفط ، وبعض مشاريع تطوير البنية التحتية، بحسب الفانك.
ولم يذكر المشروع، يقول الفانك، شيئاً عن رأسمال الصندوق أو مصادر تمويله ، سواء كانت حكومية أو خاصة، وسواء كانت متاحة للأردنيين أم للجميع ، وما إذا كانت الحكومة تكفل التزامات الصندوق.
شجون اقتصادية
لفت الكاتب باسم الطويسي، إلى ما هو مطلوب من الأردن بإحداث تحولات اقتصادية سريعة، تقلل من نسب العجز في الموازنة العامة ومن الدين العام.
فبحسب وزير المالية، فإن صندوق النقد الدولي اشترط على الأردن تخفيض نسبة الدين العام من 93 % إلى 80 % من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية العام الحالي؛ وزيادة الإيرادات الحكومية، وذلك ضمن حزمة شروط للبدء ببرنامج جديد مع "الصندوق"، في الوقت الذي تبدو فيه التوقعات الحكومية للنمو الاقتصادي أكثر تشاؤما من توقعات المؤسسة الدولية.
ويضيف الطويسي "لا يمكن الاستمرار بهذه الصيغة، فالخيارات أمام الحكومة التي تعد أيامها الأخيرة، محدودة. فيما أي حكومة مقبلة سيكون أمامها الملف الاقتصادي الأثقل في العقود الثلاثة الأخيرة من عمر المملكة.
إلا أن الأصعب من الأبعاد الاقتصادية والآثار النقدية، بحسب الكاتب، ما يرتبط بالبعد الاجتماعي لأي قرارات اقتصادية، وفي المقدمة سياسات إلغاء الدعم الحكومي عن بعض السلع والخدمات، والسياسات الضريبية.
ويؤكد الطويسي على ضرورة المراجعة العلمية والنقدية للسياسات الاقتصادية والاجتماعية خلال العقدين الماضيين، لملاحظة أن العديد من برامج الإصلاح الاقتصادي قد قدمت باسم الفقراء، فخطط إعادة الهيكلة، وبرامج التحول الاقتصادي الاجتماعي، وشبكات الأمان الاجتماعي، وغيرها، قُدمت وسُوغت أمام الرأي العام باسم الفقراء، وأحيانا الطبقة الوسطى.
أما الكاتب يوسف ضمرة، فيرى أن الأردن توسع في الإجراءات العلاجية، بجعل بعض السلع، ومنها المحروقات، مصدرا للإيرادات المحلية، في إطار التخفيف من النمط الاستهلاكي.
ويشير ضمرة إلى أن الدولة سعت، في ظل معطيات سلبية، تقوم على الإيرادات الضريبية كرافد رئيس للموازنة، إلى تحقيق معدلات عجز مقبولة ضمن المعايير العالمية، وهي 3 %؛ ونفذت برنامج الاستعداد الائتماني مع صندوق النقد الدولي (2012-2015) لهذه الغاية، إلا أن نقص الإيرادات والمنح، والتوسع في الإنفاق، حرما المملكة من تحقيق النتائج المطلوبة كما رسم لها.