غياب "غذاء الروح" للنمو الذهني عن المقاعد الدراسية

غياب "غذاء الروح" للنمو الذهني عن المقاعد الدراسية
الرابط المختصر

التربية: مناهج مقرة منذ 1990 دون تفعيل

رغم حضور مادة التربية الموسيقية على جداول الحصص المدرسية، وتوفر مناهج لها، إلا أنها تغيب عن أرض الواقع في الغرف الصفية، مع تأكيد الخبراء على أهميتها في العملية التربوية والتعليمية.

وتعود اسباب غياب تعلم الموسيقى في المدارس الحكومية الى نقص معلمي الموسيقى، وذلك باعطاء وزارة التربية والتعليم الاولية لسد نقص المعلمين بالمناهج الأساسية ضمن العدد المسموح لها من ديوان الخدمة المدنية.

الموسيقي كمال خليل يؤكد أن الموسيقى تعد من أهم الفنون التي يجب أن يتم تدريسها للطبة منذ الصغر، وذلك لسهولة تعلمها في حال توفرت كافة المتطلبات من معلمين وآلات موسيقية في المدارس.

ويوضح خليل بأن الموسيقى تساهم  بتقويم السلوك السلبي لدى الصغار، مستشهدا بما تظهره الدراسات الغربية من أن الأشخاص الأكثر عنفا هم البعيدون عن الجوانب الروحية بداخلهم، ويحصرون اهتمامهم بالتعليم الأكاديمي فقط.

"كما أن تعليم الطفل العزف على أية آلة موسيقية، من شأنه تعزيز الجوانب الإنسانية لديه، ويحد من توجه البعض للأفكار المتطرفة  أو العنف لاحقا، وهو ما نشهد تناميه خلال الفترة الأخيرة" على حد قول خليل.

وتشير دراسات عالمية متخصصة حول آثار الموسيقى، إلى أن من شأنها إثارة العديد من الانفعالات كالفرح والحزن والشجاعة والقوة والتعاطف وغيرها، وهو ما يساهم فى إغناء عالم الأطفال بالمشاعر التي تزيد من إحساسه بإنسانيته.

 

وخلصت دراسة متخصصة للمجلس العربي للطفولة، إلى أهمية دور التربية الموسيقية في تنمية الإدراك الحسي والقدرة على الملاحظة وعلى التنظيم المنطقي وتنمية الذاكرة السمعية والقدرة على الابتكار، إضافة إلى مساهمتها في تسهيل تعلم وتلقي المواد الدراسية.

 

أما من الناحية الانفعالية، فللموسيقى تأثير إيجابي على شخصية الطفل، وعلى مدى قدرته على التحرر من التوتر والقلق، ليصبح أكثر توازنا، وفقا للدراسات.

ويلفت خليل إلى عدم ضرورة وجود موهبة لدى الطفل لتعلم الموسيقى، فيكفي أن يصبح أكثر تذوقا ويمتلك حسا فنيا مرهفا وسليما، إضافة إلى كونها وسيلة اجتماعية وتربوية ذات مستوى رفيع.

غياب الموسيقى عن جدول الحصص المدرسية

يطالب الخبراء بضرورة تعليم الموسيقى  وإدراجها ضمن المناهج الدراسية، باعتبارها مادة هامة للربط بين كافة المجالات الدراسية الأخرى، كاستخدام الأناشيد المغناة والملحنة بتعليم نصوص مناهج اللغة العربية، بما يساهم بسرعة فهمها وحفظها.

الخبير التربوي يزن عبده يرى أن تفعيل حصص الموسيقى في المدارس يساهم في صقل شخصية الطلبة وتعديل سلوكهم إيجابا، وتزيد من ثقتهم بأنفسهم لإبراز قدراتهم بالعزف وتشجيع الآخرين لهم.

ويوضح  عبده أن الموسيقى تساعد الطلبة على تفريغ انفعالاتهم وضغوطاتهم وطاقاتهم السلبية والإيجابية، كما يمكن للأهالي معرفة الحالة التي يمر بها أبناؤهم من خلال نوع الموسيقى التي يفضلون عزفها أو الاستماع لها.

"كما تعتبر الموسيقى الحل الأمثل لابتعاد الطلبة عن الفراغ الذي يعيشونه، بدلا من إضاعة الكثير من الوقت أمام الأجهزة الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي"، بحسب عبده.

فيما يذهب الموسيقي خليل أن التوجه لتعلم الموسيقى أصبح أكثر انتشارا، سواء في المعاهد أو الجامعات والمدراس الخاصة،  نظرا لتعدد البرامج عبر الفضائيات التي تشجع تعزيز المهارات الفنية والغناء وبروز المواهب.

من جانبها تؤكد مديرة إدارة المناهج والكتب المدرسية في وزارة التربية والتعليم خولة أبو الهيجاء، أن لدى الوزارة توجه لتفعيل الأنشطة اللامنهجية في المدارس كالفن والرياضة والموسيقى، لأهميتها في تطوير مهارات الطلبة وتفاعلهم في المدرسة.

وتوضح أبو الهيحاء  بأن برنامج الحصص المدرسية المقر حاليا يتضمن حصة موسيقية أسبوعيا، لطلبة المرحلتين الأساسية والإعدادية، إلا أن نقص معلمي الموسيقى يحول دون تفعيلها في بعض المدارس.

وتشير إلى أن الوزارة تحرص على سد نقص المعلمين بالمناهج الأساسية، ضمن العدد المسموح لها من ديوان الخدمة المدنية،  مشيرة ألى أن  عدد معلمي الموسيقى لا يتجاوز الـ300 معلم، وهو عدد غير كاف لتغطية احتياجات كافة المدراس.

وتلفت إلى وجود مناهج لتعليم الموسيقى لكافة المراحل الدراسية مقرة منذ عام 1990 بالتعاون مع المعهد الوطني للموسيقى.

نغمة طفولية في "صالون وطن":

ولتشجيع تعلم الموسيقى وتذوقها  كوسيلة للتعبير عن الجوانب الإنسانية والمحبة، انطلقت مبادرة صالون التي تسعى إلى ترسيخ الوعي بأهمية تثقيف أجيال المستقبل بالموسيقى.

مؤسسة مبادرة "صالون وطن" ضحى عبد الخالق، تؤكد أن الفكرة جاءت في ظل افتقار المدارس الحكومية لهذا النوع من الأنشطة اللامنهجية الذي يعد هاما وأساسيا لتنمية مدارك الطلبة .

وتوضح عبد الخالق بأن إنشاء غرف متخصصة للتعلم الموسيقى، يساهم بإبعاد الطلبة عن الأجواء الجادة للدراسة، بحيث يكسب مهارات جديدة كتعلم آلة موسيقية .

وتعتبر أن المرحلة الحالية تتطلب إعداد مناهج دراسية متخصصة للتعليم الموسيقى، لما لها من آثار إيجابية تساهم بتقليل الضغوطات التي قد يتعرض لها الطلبة.

ومن خلال جولات القائمين على المبادة وزياراتهم الميدانية للتواصل مع الطلبة في القرى النائية والمحافظات، تبين أن هناك العديد ممن لديهم الشغف بتعلم الموسيقى ومنهم من يملكون آلات موسيقية إلا أنهم لا يجدون من يعلمهم العزف عليها.

وتطمح المبادرة  بالحصول على موافقة وزارة التربية لإنشاء وتأسيس  100 غرفة صفية لتعليم الموسيقى في مختلف محافظات المملكة، وتوفير وزارة التربية لمعلمين فيها.

وتظهر دراسة  المجلس العربي للطفولة أن التربية الموسيقية تساهم في تنمية الجوانب الاجتماعية لدى الطفل، وتزيد من ثقته بنفسه من خلال التعبير عن أحاسيسه دون خجل، وبما يوطد علاقاته بأقرانه، إضافة إلى الجانب الترفيهي الممتع له.