عملية الكرك.. الدلالات والتبعات

عملية الكرك.. الدلالات والتبعات
الرابط المختصر

قد تكون العملية الأمنية انتهت في أحد فصولها، إلا أن الحدث، بحجمه، لا يزال محط قراءة كتاب الرأي والمقالات، من حيث الدلالات والتبعات.

 

الكاتب ماهر أبو طير، يرجح أن يكون الأردن المجاور لسورية والعراق، هدفا لتنظيم "داعش"، وذلك نتيجة الخسائر التي يتعرض لها في كلا البلدين.

 

ويشير أبو طير إلى ما صرح به مصدر عراقي حول اجتماع أمني مع المسؤولين الأردنيين بهد ف مراقبة الحدود بين البلدين، وتفعيلا للعمل الاستخباراتي والتعاون الأمني ومراقبة الشريط الحدودي بين الجانبين لمنع تسلل عناصر للتنظيم داعش من العراق الى الأردن.

 

إلا أن الأخطر هنا، بحسب الكاتب، ليس محاولات التسلل، أو عودة المقاتلين الأردنيين من هاتين الدولتين، إذ ان الأخطر يتعلق بالسلفيين الجهاديين في الأردن، الذين يصل عددهم إلى بضعة آلاف، وينقسمون في التبعية للنصرة ولداعش، وأغلب هؤلاء، بلا نشاطات فعليا، لكنهم قد يقدمون على نشاطات من باب التخفيف عن جماعتهم.

 

فـ"ظاهرة الذئاب المنفردة، اي قيام شخص عادي، لم يكن داعشيا، بارتكاب جريمة، بعد انتسابه الفكري إلى التنظيم، ليست حكرا على الأشخاص العاديين، إذ أن داخل السلفية الجهادية، من يمكن اعتباره ذئبا منفردا، عبر خروجه على طوق المرجعيات الفكرية، واتخاذ قراره منفردا"، يقول أبو طير.

 

أما الكاتب فهد الخيطان، فيرجح أن تكون "الحلقة الضيقة من الإرهابيين الذين قتلوا في عملية قلعة الكرك أو قبض عليهم في إطار التحقيقات"، إما من الذين قاتلوا في صفوف "داعش" وعادوا إلى الأردن، أو من الذين حاولوا الالتحاق بالتنظيم، وانتهى أمرهم في السجن.

 

ولا شك، بحسب الخيطان، أن قدرة أنصار "داعش" في الأردن وغيره من الدول على تجنيد وإرسال مقاتلين إلى سورية والعراق في تراجع، بعد تشديد الإجراءات الأمنية على المعابر الحدودية التركية، والحصار المفروض على معاقل التنظيم في الرقة والموصل.

 

و"لكن هناك المئات من الأردنيين يقاتلون في صفوف "داعش" حاليا. وليس مستبعدا أن يفكر هؤلاء في العودة إلى البلاد، خاصة إذا ما تم تحرير الموصل والرقة من قبضة التنظيم".

 

ويلفت الكاتب إلى ما برز في أحداث الكرك، من تطور خطير مشابه لما حصل في سورية، يتمثل بتعاون تجار السلاح مع الإرهابيين، لا بل انخراط بعض هؤلاء التجار في صفوف الجماعات الإرهابية بغرض تسهيل إبرام صفقات بيع الأسلحة المهربة.

 

ويذهب الخيطان إلى أن "ظاهرة الأفغان العرب التي واجهت عدة دول في المنطقة، من بينها الأردن، في ثمانينيات القرن الماضي، لا تعادل في حجمها وخطورتها الظاهرة الإرهابية الجديدة لاعتبارات كثيرة".

 

 

ويقول الكاتب باسم الطويسي، إن العملية الأمنية استطاعت، وفق المنظور الاستراتيجي، تحقيق أهدافها بالقضاء على الخلية الإرهابية... لكن هذا الإنجاز كان غاليا.

 

فيما يتمثل الجانب شبه المعطل والأخطر، بالبعد المجتمعي-المدني؛ كيف بات ينمو في أحشائنا هؤلاء الإرهابيون الصغار في القرى والمدن والمخيمات على حد سواء.

 

ويضيف الطويسي "يدور في هذا الوقت تبادل الاجتهادات للإجابة عن سؤال: هل لدينا حواضن للمتطرفين والإرهابيين؟ وتضيع الرؤية وسط فوضى من الآراء النافية بالمطلق، وأخرى تؤكد بالمطلق. وفي الواقع، نحن لا ندري إلى أي مدى تسللت الأيديولوجيا الظلامية المتطرفة إلى البيوت، وأصبحت جزءا من الأسر والحارات والمساجد؛ كما باتت تشكل جماعات محلية من العلاقات القرابية ومن الأقران والأصدقاء".

 

و"إلى هذا اليوم، لا توجد لدينا رؤية واضحة لمواجهة التطرف، كما هي الحال في ندرة الأدوات والموارد. وكل ما يقال عن خطط أعلنت وأخرى لم تعلن، لا يتعدى كونه إنشاء ثقافيا سياسيا لا طائل منه".

 

ويؤكد الكاتب موفق ملكاوي، على ضرورة عدم مرور العام 2016 وما شهده بلدنا من عمليات أليمة، دون مراجعات شاملة للمنظومات الفكرية والتثقيفية والأخلاقية التي تحكم مجتمعاتنا.

 

ويتساءل ملكاوي "إذا كان هناك إجماع بين الأردنيين على أن تصرفات الإرهابيين لا تمت إلى الإسلام بصلة، فمن أين يأتي هؤلاء بـ"التعاليم الدينية" التي يحاولون فرضها بالقوة داخل المجتمع؟"، مؤكدا أن أن مصدر ذلك، في معظمه، يتأتى من التعليم الديني غير المنضبط، ومن التعليم بشكل عام أيضا، والذي ساد خلال العقدين الماضيين.

 

من جانبه، يدعو الكاتب عمر كلاب، إلى تبني يوم وطني للشهداء، مقترحا أن يكون في التاسع عشر من شهر كانون الأول من كل عام، كجهد مجتمعي لتكريس مقاومة التشدد والتطرف والإرهاب، وأن يكون أجر عمل هذا اليوم لأسرهم وذويهم.

 

ويضيف كلاب "أسبوع الكرك الأبيض، حمى الأردن من كارثة بكل المعاني والتقديرات، واستفحال التطرف والغلوّ لا يثير القلق فقط بل يضع العقل في الكف ويحتاج إلى مراجعات جذرية في كل مناحي حياتنا".

 

ويشير إلى سهولة أن ننجو من الذنب ونقذفه على الإرهاب الأعمى، ولكن الإرهاب يقتلنا بأبنائنا أولا قبل مفخخاته وأحزمته الناسفة.

 

أما الكاتبة ديمة طهبوب، فتلفت إلى أن المعالجة الآنية وسياسة الحقنة في الوريد هي الديدن الغالب على معالجات الحكومة للملفات الشائكة حيث تتكاثر المجالس والخطط الاستراتيجية لتقعد آمنة مطمئنة في الأدراج.

 

ورغم تقدم المجتمع الأردني وتحضره، إلا أنه ما زال، بحسب طهبوب، يتعامل بعقلية الفزعة وهي من أساليب النجدة البدائية التي لا تلبي التحديات الكبيرة التي يتعرض لها بلدنا في ظل إقليم ما عاد محكوما بحدود جغرافية، وإنما بخرائط يتم رسم حدودها بالدم.

 

وتضيف بأن الأحداث المؤسفة التي تعرض لها الوطن ليست عفو الخاطر، ولا بنت لحظتها ولا سابقة في تاريخ الوطن إنها أحداث منظمة ومدروسة بدقة وعناية، بينما الرد عليها لا يرقى الى حجم التحدي.

 

و"إننا نتحمل جزءا من التقصير عندما فتحنا المجال لاستهداف شبابنا فمناهجنا جردت من مضمونها الديني والوطني والتاريخي حتى أصبحت لقما لا تسمن ولا تغني جوعة الشباب إلى الفهم الصحيح".

 

وتخلص الكاتبة إلى القول إن "المطلع على تطورات الأوضاع يعرف أن المستقبل يحتاج إلى إجراءات علاجية سريعة وإجراءات بعيدة المدى للتغيير الاستراتيجي وإجراءات طوارئ بجاهزية عالية.. وبغير ذلك سنبقى نرقع الفتق بضمادات حكومية على جروح لن ترتق.

 

أضف تعليقك