"شموع الرزاز" هل تضيء مستقبل الأردنيين؟

"شموع الرزاز" هل تضيء مستقبل الأردنيين؟
الرابط المختصر

"عبارات حالمة ورومانسية"، هكذا وصف ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي دعوات رئيس حكومتهم عمر الرزاز في مؤتمر صحفي الثلاثاء، وإيقاد الشموع، وإضاءة المستقبل.

وغصت شبكات التواصل الاجتماعي بعشرات الشموع المضاءة من قبل ساخرين، بعد تصريحات الرزاز التي قال فيها: (أما نلعن الظلام معا، أو نتشارك بإضاءة شمعة للمستقبل).

 

وطالب ناشطون وسياسيون الحكومة العمل بعيدا عن الشعارات، وتطبيق تعهداتها في ردها على كتاب التكليف الملكي، ووعودها تحسين مستوى الخدمات المقدّمة للمواطنين، في مجالات التعليم، والصحّة والنقل، والمياه، إلى جانب إصلاحات سياسية، قال الرزاز عنها في تصريحات سابقة إنها "يجب أن تسبق الإصلاحات الاقتصادية".

 

 

الحكومة التي جاءت بعد غضب شعبي، في حزيران/ يونيو 2018، لتخلف حكومة هاني الملقي، يصف سياسيون رئيسها بـ"الحالم"، لطرحه مشاريع إصلاحية على المستوى السياسي والاقتصادي تحت اسم "النهضة ودولة الإنتاج"، دون أن يلمس المواطن أثر تلك المشاريع.

ففي أيلول/ سبتمبر الماضي، أطلق رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز وعودا غير مسبوقة بإصلاحات سياسية تقود الأردن إلى حكومات برلمانية في غضون سنتين، متعهدا بتعديل قانون الانتخاب، تمهيدا لوصول قوى حزبية للبرلمان.

وعود دغدغت آمال ناشطين في الحراك الأردني، إلى جانب أحزاب وقوى سياسية طالبت لسنوات بضرورة إجراء إصلاحات هيكلية، سياسية/ لأزمة لتفعيل النص الدستوري القائل إن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي وصولا لحكومات برلمانية.

إلا أن الآمال ما لبثت أن تراجعت بعد إعلان وزارة التنمية السياسية، في الخامس من نيسان/ أبريل الحالي، أن "لا بحث في قانون جديد للانتخاب على طاولة الحوار حاليا"، ما طرح تساؤلات حول جدية تعهدات الحكومة بالإصلاح.

أمين عام حزب الوطني الدستوري، احمد الشناق، يدعو  إلى محاسبة الحكومة، بمدى تطبيقها لمضامين كتاب التكليف بكافة بنوده، الذي ينص أحد بنوده على مراجعة شاملة للقوانين الناظمة للحياة السياسية، وتمكين الأحزاب من الوصول إلى البرلمان.

ويرى الشناق أن الحكومة تماطل في تعديل قانون الانتخاب، ويقول: "كان يجب على الحكومة المباشرة فورا في ترجمة كتاب التكليف السامي، وتشكيل فريق وزاري معني بالإصلاح السياسي، ولا أعرف ما هي القيمة للحكومة الحالية بعد سنة من تشكيلها إذا لم تتقدم بخطة لتنفيذ مضمون كتاب التكليف".

القوى السياسية الأردنية تقدمت لحكومة الرزاز بمقترحات لتعديل قانون الانتخاب، من أبرزها الحركة الإسلامية التي طرحت رؤيتها للقانون في كانون أول/ ديسمبر 2018، تضمن تخفيض عدد أعضاء مجلس النواب إلى 80 عضوا، واعتماد النظام الانتخابي المختلط، الذي يجمع بين نظام القائمة الوطنية العامة على مستوى المملكة ونظام الدوائر على مستوى المحافظات".

ليوجه الرزاز بدوره مذكرة إلى الكتلة، يعلن فيها تبني مقترحات مشروع القانون، جاء فيها: "أثمن هذه الجهود الكبيرة، ليطيب لي تبني المقترحات المقدمة من قبلكم بهذا الشأن".

إلا أن عضو كتلة الإصلاح سعود أبو محفوظ يبدي تشاؤمه من جدية الحكومة بتعديل قانون الانتخاب، وصولا لحكومات برلمانية، يقول لـ"عربي21": "مع احترامي لشخص الرئيس، لم ألمس جدية حقيقة في تعديل قانون الانتخاب، كما أن الحكومة لم تأت بجديد لا على الصعيد السياسي أو الاقتصادي".

وعاد الإسلاميون مجددا، ليطلقوا رؤيتهم ومبادرتهم للإصلاح السياسي في البلاد الشهر الحالي، ضمن رؤية تتضمن "إقرار مبدأ الحكومات البرلمانية، ووضع خطة واضحة وآليات وبرامج زمنية محددة للانتقال إليها، ما يكرّس الولاية العامة للحكومات، ويحمّلها المسؤولية، ويجعلها معبّرة عن الإرادة الشعبية".

الرزاز، رد على استفسارات الصحفيين في المؤتمر الذي عقده الثلاثاء بدار رئاسة الوزراء حول عدم نية الحكومة تعديل قانون الانتخاب، قائلا: "الحكومة تولي ملف الإصلاح السياسي أهمية كبرى من خلال العمل على إيلاء التشريعات الناظمة للامركزية والأحزاب، وصولا لقانون الانتخاب، الأهمية الكبرى؛ لضمان مشاركة واسعة، وتمكين الشباب"، لافتا إلى أن "الأمر يحتاج وقتا لإعادة بناء جسور الثقة وممارسة المواطن لحقه بشكل كامل".

وأكد أن "العملية بدأت، ونحتاج لإشراك الناس في هذه العملية، وانخراط المواطنين بالمواطنة الفاعلة التي وجه بها الملك، ليس هناك وصفة سحرية تنقلنا من موقع لآخر".

العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، طرح فكرة الحكومات البرلمانية في عام 2013 من خلال ورقة نقاشية، قال فيها إن "مسار تعميق ديمقراطيتنا يكمن في الانتقال إلى الحكومات البرلمانية الفاعلة، بحيث نصل إلى مرحلة يشكل فيها ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب الحكومة، وفور انتهاء الانتخابات النيابية القادمة، سنباشر بإطلاق نهج الحكومات البرلمانية".

إلا أن النظام في الأردن استبق أي خطوة مستقبلية لتشكيل حكومات برلمانية، بحصر تعيين المناصب الأمنية والحساسة في يد الملك، بعد أن أجرت المملكة تعديلات دستورية عام 2016، منحت الملك الحق حصريا بتعيين كل من: ولي العهد، ونائب الملك، ورئيس وأعضاء مجلس الأعيان، ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، ورئيس المجلس القضائي، وقائد الجيش، ومدير المخابرات، ومدير الدرك، دون تنسيب من رئيس الوزراء والوزير المختص.

ويتخوف النظام في الأردن من وصول قوى الإسلام السياسي، وأبرزها جماعة الإخوان المسلمين، إلى سدة الحكومة كما حصل في دول عربية في حال تطبيق الحكومات البرلمانية.