زيارة البابا للأردن... آراء وقراءات

زيارة البابا للأردن... آراء وقراءات
الرابط المختصر

شغلت زيارة رأس الكنيسة الكاثوليكية للأردن الشارع الأردني رسميا وشعبيا، كما شغلت مساحة بين أعمدة الرأي في الصحف المحلية في عددها الذي يصادف وصول البابا فرنسيس لعمان يوم السبت.

الكاتب والشاعر جريس سماوي، يقرأ في مقال له، العلاقة بين الأردن والفاتيكان، ما بين زيارة البابا بولس السادس الى المملكة عام 1964 وزيارة البابا فرنسيس هذا العام، حيث "بقيت العلاقة في أعلى صورها وأبهاها وذلك لتماثل في الرؤى والنظرة المشتركة إلى القضايا العالمية والأقليمية والتي تقوم على تحقيق العدالة والسلام لقاطيني هذه الأرض".

ويشير سماوي إلى ثابت واحد خلال تلك العلاقة، وهو أن "أنموذج الدولة الأردنية كدولة عربية أسلامية قائمة على الوسطية والتوازن والاعتدال بقي نفس الأنموذج وبقي له الدور نفسه، في حين عصفت بالمنطقة عواصف شتى أدت الى سقوط مريع لأنموذج الدولة التوتاليتارية الدكتاتورية ذات النظرة الأحادية، وتغيير انظمة الحكم في بعض الدول، ودخول دول أخرى دوامة العنف والاقتتال".

و"بهذا المعنى، فإن قيام البابا بزيارة خارجية ليست بحد ذاتها القصة؛ الحدث الفريد حقا هو وجود البابا في بلد يقع وسط إقليم لايجرؤ زعيم أقل مكانة من البابا على التفكير في زيارة أحد بلدانه"، بحسب الكاتب فهد الخيطان.

ويضيف الخيطان بإن قيام البابا بزيارة الأردن في مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة، وما تحمله من مخاطر أمنية كبيرة، يعني أننا، وبنظر العالم، دولة خارج دائرة الخطر الذي يضرب دول المنطقة من حولنا.

ويرى الكاتب طارق مصاروة أن زيارة البابا للأردن لها أكثر من معنى، إلا أن "قصده الأساسي هو إشهار رضاه ودعمه لنوعية الحياة الدينية في الأردن، في منطقة تشهد نمطاً متمادياً من تهجير المسيحيين".

"فقد أثبت الأردن أنه البلد الأكثر التزاماً بالروح القومية العربية، والتزاماً بالحرص على التنوع الديني والمذهبي والعنصري، والتزاماً بحقوق الإنسان، وشريعة المجتمع المدني"، على حد تعبيره.

ويستعرض الكاتب حسين الرواشدة 3 اعتبارات لأهمية زيارة البابا "بعيدا عن منطق التهوين أو التهويل":

الأول: ما يمثله بابا الفاتيكان من "وزن" ديني وأخلاقي في العالم ، فهو "رمز" لأكثر من 2,7 مليار من المسيحيين يشكلون ثلث سكان البشرية ، منهم نحو 1,2 مليار مسيحي كاثوليكي.

الثاني: يتعلق بإمكانية استثمار هذه الزيار في مجال تقديم صورة الأردن السياسية و السياحية معا، بما تمثله من نموذج للتعددية و الاعتدال و السماحة ، وبما تتضمنه من "جغرافيا" دينية مقدسة ، وبما يمكن أن نقوم به من دور في حقل "الدبلوماسية" الدينية التي حققت على مدى العقود الماضية انجازات حقيقية.

الثالث: يتعلق بالتوقيت، فمع اشتعال المحيط و الإقليم بالحروب الدينية و السياسية ، ومع تنامي مشاعر الخوف من التطرف - السياسي و الديني ايضا- تشكل الزيارة في توقيتها مناسبة للطرفين لإبراز "الصورة" الحقيقية ، سواء للدِّين المعتدل ، او السياسة المعتدلة ، في مواجهة "الصورة" النمطية و المتخيلة عن الاديان واتباعها.

ويخلص الرواشدة إلى "أن تقديم نموذجنا في اطار “التعددية” الدينية للآخرين مهم، لكن الأهم منه هو أن ننجح ايضاً بتقديم صورتنا لأنفسنا بحيث تكون منسجمة مع تطلعاتنا ومحققة لرضا الناس وقناعاتهم"، معربا عن اعتقاده بأن هذه الزيارة التي تضعنا في دائرة “الضوء” الإعلامي ستدفعنا إلى مراجعة اخطائنا وتصحيح مساراتنا، سواءً على صعيد علاقة الدولة مع المجتمع، أو على صعيد  مهمتنا في “بناء” الإنسان المواطن القادر والمؤهل لبناء الدولة العادلة".