رجال القصر يقفزون إلى الحكومة على وقع الاحتجاجات

رجال القصر يقفزون إلى الحكومة على وقع الاحتجاجات
الرابط المختصر

لم يختلف شكل حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي "المُعدلة" كثيرا عن الحكومات الأردنية التي سبقتها؛ من حيث اختيار الوزراء من شخصيات شغلت مناصب سابقة أو تم اعادة تدويرها من منصب لآخر.

تعديل سادس على الفريق الحكومي وصفه محللون وسياسيون بأنه "إعادة تدوير للوجوه" و"تبديل أسماء مع إبقاء النهج السياسي والاقتصادي ذاته".
إلا أن الملفت في التعديل الذي أجري الأحد، هو دخول جعفر حسان مدير مكتب  الملك عبد الله الثاني إلى الطاقم الحكومي؛ ليشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الاقتصادية، في وقت يحمل فيه مدير مكتب الملك السابق، عماد الفاخوري حقيبة وزير التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة ذاتها، مما أثار  شهية محللين للتساؤل حول دور الديوان الملكي في رسم السياسة الاقتصادية للحكومة.

 "تغيير بنكهة تعديل"

التعديل الجديد، استحدث نائبين للرئيس الملقي الذي يعاني من المرض، الذي قد يضطره للغياب أيام عن العمل، في وقت تواجه فيه الحكومة احتجاجات على سياستها الاقتصادية في مدن كالكرك والسلط التي رفعت سقف هتافاتها من المطالبة بإسقاط الحكومة ومجلس النواب، إلى شعارات وهتافات مست رأس النظام.

تصف الكاتبة والمحللة السياسية، عطاف الروضان، التعديل الخامس بأنه "تغيير بنكهة تعديل"، خصوصا مع تعيين جعفر حسان نائبا للرئيس، الأمر الذي اعتبرت "تكليفه بإدارة فعلية للفريق الوزاري في ظل أهم تحديين يواجهان الملقي، وهي الحالة الصحية التي تتطلب غيابه في المستقبل قد تمتد إلى فترات، إضافة إلى الرفض الشعبي لشخصه كقائد للفريق الحكومي".

وأضافت الروضان " أن "باقي ملامح التعديل هي عبارة عن حركة تنقلات بين المواقع لا أكثر، ولا أعتقد أن المزاج العام يثق بهذا التعديل وحتى التغيير الحكومي لو تم، فالسياسات غير الشعبية المتواصلة أضعفت الثقة بجدية أداء الحكومات".

وحول اختيار شخصيات من الديوان الملكي لشغل مناصب وزارية، ترى الروضان أنه "يبقى نظر الأردنيين متعلقا بالديوان الملكي كمرساة نجاة، بسبب عدم الثقة بالحكومة، وربما كان ذلك سبب اختيار أكثر من شخصية بخلفية اقتصادية ومقربة من الديوان".

 

محاولة احتواء الاحتجاجات

وتبع التعديل الحكومي مباشرة قبول استقالة مدير الأمن العام اللواء الركن أحمد سرحان الفقيه، وتعيين ابن مدينة السلط اللواء الركن فاضل الحمود العربيات مديرا للأمن العام خلفا له، في خطوة يرى محللون أنها تأتي في محاولة لامتصاص حراك مدينة السلط بعد خمس وعشرين يوما على انطلاقه.

بينما جاء منصب النائب الثاني لرئيس الوزراء من نصيب الوزير جمال الصرايرة الذي ينحدر من مدينة الكرك، التي شهدت مؤخرا حملة اعتقالات في صفوف ناشطين، طالبوا بإسقاط الحكومة ومجلس النواب.

 

تعديلات لا يرى فيها المحلل السياسي والاقتصادي فهمي الكتوت، أنها قد تفلح باحتواء الحراكات في الشارع؛ كون "الحكومة هي من عمق الأزمة في الشارع الأردني بقراراتها الاقتصادية المنبثقة عن صندوق النقد الدولي". على حد قوله.

ويضيف  أنه "لا أثر للتغير الوزاري على السياسات العامة للدولة، خصوصا أن الموازنة العامة لعام 2018 قد أقرت، والحكومة ملزمة بتنفيذ برنامج وسياسات بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي الواردة في الموازنة، وأقرها مجلس النواب وتتضمن فرض حزمة من الإجراءات الضريبية".

لذلك، "حكومة بهذه التشكيلة، لن تستطيع احتواء الحراكات في الشارع، فليس لديها برنامج محدد لمواجهة الأزمة التي يعيشها الشارع، بل إن برنامجها يؤزم الشارع، من خلال زيادة الضرائب، كما ستقدم على الخطوة الثانية من الإجراءات الاقتصادية من خلال تعديل قانون ضريبة الدخل وتوسيع مظلة المشمولين، وهذا سيمس فئات وشرائح واسعة جدا، ويعرضها للمزيد من النزيف المادي، أتوقع أن تسهم السياسات القادمة لمثل هذه الوجوه في تعميق الأزمة في الشارع، مما يعني أن الحراكات الاحتجاجية ستتسع".

تتبع الحكومة برنامجا تطلق عليه اسم "برنامج تصحيح اقتصادي" تبنته عام 1989 يخضع لشروط من صندوق النقد الدولي، الذي يطلب من المملكة إزالة الدعم كافة عن السلع بغية الحصول على المزيد من القروض؛ لسد فائدة الدين العام، البالغ 26 مليار دينار، تمثل 94 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

نهج اقتصادي شكل بوصلة جميع الحكومات المتعاقبة التي وضعت أمام عينيها كيفية تحصيل أكبر قدر من الرسوم والضرائب لسد عجز الميزانية من جيوب الأردنيين، مما وسع حجم الفئات الفاقدة الثقة بالحكومة ومجلس النواب الذي يقر قرارات الحكومة دون ممانعة.

 رجال القصر في الحكومة



يرى أمين عام الحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، أن الأهم من تعديل الأسماء هو تعديل على الخطة التنفيذية وسياسات الحكومة، قائلا : "نعيش أزمة ووضعا اقتصاديا صعبا في ظل غياب خطاب سياسي للحكومة نحو الجبهة الداخلية، ولم نر في هذا التعديل أن هناك نية لإحداث تغيير بخطاب الحكومة نحو المجتمع، في ظل تغييرات تاريخية وطروحات طرحت في المنطقة، تمس الكيان الأردني والقضية الفلسطينية".

يتخوف الشناق من دخول رجال القصر المسؤولين عن الملف الاقتصادي في الحكومة، متسائلا "رجالات القصر المعنيون في الملف الاقتصادي ذهبوا إلى الحكومة، ماذا لو لم يتم الحل الاقتصادي مع المواطن؟ نحن نستنزف من رصيد الدولة، وضعنا في هذا التعديل كل الأوراق في سلة واحدة، وإذا فشل رجال القصر في الملف الاقتصادي، هل هذا يعني أن القصر استنفذ خياراته؟".

عربي 21