دلالات انخراط أردنيين في صفوف "داعش"

دلالات انخراط أردنيين في صفوف "داعش"
الرابط المختصر

ما إن نشر التقرير الصادر عن دائرة الأبحاث في الكونغرس الأمريكي، والذي أورد تقديرات عن أعداد الأردنيين المنخرطين في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في العراق وسورية، حتى كان لكتاب المقالات آراؤهم حول تلك التقديرات ودلالاتها.

 

ويتساءل الكاتب حسين الرواشدة، "إذا كان نحو 4 آلاف أردني التحقوا بتنظيم داعش في سوريا والعراق، فما هو عدد الذين التحقوا بالتنظيمات الأخرى، ثم – وهذا الأهم- كم بقي من المتطرفين المتعاطفين مع هذه التنظيمات في بلدنا؟".

 

ورغم عدم إمكانية التوثق من الإحصائيات التي ذكرها التقرير أو تحديد أعداد هؤلاء بدقة، لكن المؤكد، بحسب الرواشدة، أن مجتمعنا يعاني من ظاهرة التطرف، وأن بيننا مشاريع  متطرفين جاهزين  للانضمام لقوائم الإرهاب.

 

ولا بد في سياق التشخيص أن نعترف بأن لدينا “بيئات” منتجة للتطرف، ومصدرة له أيضاً، وهذه البيئات مهما توزعت خرائطها وأماكنها وأعداد الأشخاص الذين خرجوا منها، فإنها تصب في نقطة واحدة وهي “التطرف” الذي يمكن في لحظة مفاجئة أن يتحول إلى “إرهاب”.

 

ويضيف الكاتب "حين ندقق في “المقاربات” التي اعتمدناها في السنوات الماضية سنجد أنها اقتصرت على المجالين الأمني العسكري، فيما ظلت المجالات الفكرية والدينية والاجتماعية والاقتصادية ناهيك عن المجال السياسي والتشريعي بعيدة عن النقاش الجاد".

 

ويشير الرواشدة  إلى خطئين وقعنا فيهما: أحدهما أننا لم ننشئ مراصد للفكر المتطرف لنعرف خرائطه واتجاهاته واساليبه في الجذب والتجنيد والكمون والتمدد، والثاني هو أننا لم ننجز روايات وردود مقنعة لدحض أفكاره اولاً، ومواجهة افعاله اللاحقة.

 

فيما يؤى الكاتب عريب الرنتاوي، أن التقرير جاء ليذكرنا بما نعرف عن أربعة آلاف أردني انخرطوا في صفوف داعش في سوريا والعراق منذ العام 2011 (مصادر شبه رسمية قدرت الرقم بأقل من النصف، ومصادر جهادية رفعته إلى ما يقرب من خمسة آلاف وخمسمائة).

 

ويضيف الرنتاوي بأن التقرير يسهب في الحديث عن الأردن كشريك نشط وموثوق في الحرب على الإرهاب، ويقدم جردة حساب عن المساعدات الأمريكية العسكرية والاقتصادية للأردن، فيما لا يخفي واضعوه، تعاطفهم مع الاستمرار في تقديم هذه المساعدات وزيادتها، لكنه مع ذلك لا يخفي قلقه على أمن الأردن واستقراره.

 

و"ليس من الحكمة أن نستمر في “حالة إنكار” لهذه التحديات وأسبابها، ومن السذاجة الاعتقاد بأن ما قمنا لمحاربة التطرف، يمكن أن يعد “استراتيجية شاملة” لتحقيق هذه الغاية، ولا يعني الحديث علناً عن هذه المشكلات، أننا نختلقها أو نضخمها، أو نعرض أمن البلاد والعباد للخطر والاستهداف... نصف الطريق لاجتثاث الإرهاب ومحاربة التطرف، هو الاعتراف بالمشكلة، وتشخيص أسبابها العميقة.

 

أما الكاتب محمد أبو رمان، فيلفت إلى الظل الثقيل جداً، للعامل الجغرافي- السياسي (الجيوبوليتيك) على السياسات الأردنية، سواء كانت داخلية أم خارجية، وعلى خيارات الأردن الاستراتيجية، وعلى اقتصاده الوطني، وعلى أوضاعه الداخلية.

 

ورغم الأهمية الكبرى لجيوبوليتيك الأردن، بما يؤثّر عميقاً وجوهرياً في تشكيل شخصية الدولة، وشخصية المجتمع، وحتى الفرد الأردني، فإنّنا لا نجد دراسات معمّقة في السياسة والاقتصاد والاجتماع عن هذا العامل المحوري، يضيف أبو رمان.

 

وينتهي الكاتب إلى القول "ربما لو وجدت هذه الدراسات لساعدتنا على فهم أنفسنا، والممكن والمطلوب، ولربما ساعدتنا تلك الدراسات على فهم بعض الأسباب التي دفعت بآلاف الشباب الأردني إلى أحضان داعش والنصرة، وقبل ذلك إلى العراق وسورية، وساحات القتال".