"خيمة ذيبان" وسيناريو التكرار

"خيمة ذيبان" وسيناريو التكرار
الرابط المختصر

قد تكون "أزمة ذيبان" قد انتهت، بعد عقد اتفاق بين الشبان المحتجين المتعطلين عن العمل، والحكومة التي وعدت بتأمين فرص عمل لهم، مقابل انسحاب قوات الدرك من اللواء والإفراج عمّن تم اعتقالهم من المشاركين بخيمة الاعتصام، إلا أن ذلك لم يخف التكهنات بتكرار هذه "الأزمة" في مناطق أخرى من المملكة.

 

 

الكاتب محمد أبو رمان، يرى أن وجهة النظر التي هيمنت على مقاربة "مطبخ القرار" الحكومي تجاه "أزمة ذيبان"، كانت تنظر في البداية، إلى خيمة المتعطلين مقدمة لعودة الحراك الشعبي.

 

 

و"في مرحلة لاحقة، ومع اشتداد المواجهات وفشل الوساطات، تدخّل "المطبخ السياسي" في الحكومة، وعمل على احتواء الأزمة بفتح باب الحوار. ويُسجّل له أنّه نجح في ذلك، وتجاوز وجهة النظر السابقة التي تشيطن أي حراك وتتخوف منه. لكن يسجّل للحكومة أكثر من ذلك أنّها لم تلتزم بخطوط الدور الذي رسمه رئيس الوزراء السابق لأي حكومة مقبلة؛ بوصفها حكومة تنفيذ الأعمال اليومية، بعيداً عن أي مسؤولية سياسية".

 

 

ويؤكد أبو رمان أن أزمة ذيبان تمثل نموذجا على حجم التعقيدات في علاقة الدولة سياسياً واقتصادياً بالمجتمع؛ فالدولة تريد تكريس علاقة سياسية ذات طابع رعوي، مع اقتصاد ليبرالي تتخلّى فيه عن مسؤوليتها الاجتماعية، مشيرا إلى عدم إمكانية "تركيب" السياسي على الاقتصادي بهذه الطريقة.

 

 

"في الخلاصة، المطلوب التعامل مع كل حالة بحالتها، وبعينين سياسية وأمنية، وبعقل قانوني وقلب إنساني، لتتجاوز الدولة حقول الألغام القادمة في الطريق"، يقول أبو رمان.

 

 

أما الكاتب ماهر أبو طير، فيلفت إلى أن "العاصفة التي هبت على ذيبان، وهدأت لاحقا، تثير التساؤلات، حول الملف الاهم، الذي يتشاغل عنه الجميع، ملف البطالة، وهو الملف الاخطر الذي يتفرج عليه الجميع دون حل".

 

 

ويوضح أبو طير بأن أكثر من مليون عربي وآسيوي، يعملون في الأردن، في مهن يقبلها الأردنيون، ومهن أخرى قد لايقبلونها، وهذا العدد الكبير جدا، أدى إلى خفض أجور الوظائف، لافتا إلى أن الأصل كان تحويل كل أموال تصاريح العمل إلى صندوق خاص، من أجل توفير مبالغ يتم منحها لأردنيين لاقامة مشاريع صغيرة، بشروط ميسرة، دون تعقيدات.

 

 

ويذهب الكاتب إلى أن "عاصفة العاطلين عن العمل، مؤهلة لأن تهب في مواقع أخرى، ذيبان أرسلت رسالة فقط، حتى لو كان فيها قسوة أو تجاوزات أو دخول أطراف عليها، إلا أنها رسالة تؤشر على العصب العام.

 

 

 

ويؤكد الكاتب حسين الرواشدة، على أهمية التدقيق بدروس "أزمة ذيبان"، ليس فقط لأنها كشفت أسوأ ما يمكن أن نفرزه من الناس حين ندفعهم إلى الغضب, ولا لأنها يمكن أن تتكرر في مناطق أخرى يشكوا فيها الشباب من البطالة والإحباط , وإنما لأن ما حدث كان بمثابة “بروفة “ عكست أداء المسؤولين أولا , وحاجتنا الى الوسائط الاجتماعية الموثوق فيها ثانيا.

 

 

ويضيف الرواشدة بأن ما فعله شباب ذيبان المتعطلين عن العمل , مثل الآلاف من شباب بلدنا, كان مفهوما في سياقين, الأول الأزمة المعيشية التي عصفت بمجتمعنا وأرهقت كاهل معظم الأسر، والثاني هو الفشل  الذي انتهت إليه الخطط التنموية على مدى السنوات الماضية.

 

 

فـ"حين نصب شباب ذيبان خيمتهم للاحتجاج على عدم وجود فرص عمل لهم , كان يمكن ان نتعامل مع مطالبهم بمنطق الحوار والتفاهم وأن نستثمر هذه الخيمة لإدراة نقاش وطني عام حول مشكلة الشباب ومشكلة البطالة ومشكلة التعليم, وربما أيضا مشكلة العزوف عن المشاركة في العمل العام".

 

 

وينتهي الكاتب في مقاله إلى أن "أهم درسين يمكن أن نستفيد منهما, الأول هو كيف يمكن أن نفرز من شبابنا أفضل ما فيهم, والثاني هو أن الرسائل التي وصلتنا من خيمة ذيبان تؤكد أن وراء كل أزمة  يواجهها مجتمعنا “انسداد“ سياسي.