"حلّ" و"استقالة" و"تكليف"

"حلّ" و"استقالة" و"تكليف"
الرابط المختصر

تلقى الشارع الأردني مع مطلع الأسبوع، أنباء حل مجلس النواب السابع عشر، واستقالة حكومة عبد الله النسور، وتكليف هاني الملقي بتشكيل الحكومة الجديدة، ليقف مترقبا للمرحلة المقبلة، بما تركته الأولى للأخرى من ملفات سياسية واقتصادية مثقلة.

 

الكاتب فهد الخيطان، يرى أن المنتظر الآن بعد هذه القرارات، هو أن تصدر الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات، لتقوم الهيئة المستقلة للانتخاب بدورها في تحديد الموعد، والذي لن يكون أبعد من منتصف شهر أيلول المقبل، إلا أن المملكة تدخل، عمليا، ورشة الانتخابات رسميا منذ اليوم.

 

دستوريا، يذهب الخيطان إلى أن الملك قطع الطريق على القوى "المحافظة"، عندما ألغى المادة التي تتيح تأجيل الانتخابات النيابية أكثر من أربعة أشهر، فالملك، وفق الدستور الحالي، ملزم بإجراء الانتخابات خلال أربعة أشهر بعد قرار الحل، وإلا يعود المجلس المنحل.

 

أما سياسيا، فـ"كان لا بد من إلقاء حجر كبير لتحريك المياه المحتقنة في البلاد؛ فقد بلغ التأزم درجة غير مسبوقة، وانقطع الاتصال نهائيا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية"، بحسب الكاتب.

 

ويؤكد الخيطان أن مجرد الالتزام بالسير في العملية الإصلاحية، والوفاء بوعد الانتخابات النيابية وفق قانون انتخاب جديد، نجح لحد الآن في اقناع غالبية القوى السياسية بالمشاركة، لهو دليل كاف على الرغبة في التقدم إلى الأمام.

 

ولا يرى الكاتب ماجد توبة، مفاجأة في قرارات "الحل" و"الاستقالة" والتكليف"، سوى من جهة التوقيت، في ظل وجود سيناريو تحليلي كان يعطي مجلس النواب عمرا أطول قليلا.

 

ويشير توبة إلى أننا أننا أمام مرحلة سياسية جديدة، قد لا يكون مجديا كثيرا التوقف طويلا أمام المرحلة السابقة، اللهم إلا لأخذ العبر والدروس، وتجنب الأخطاء والخطايا التي قد تكون وقعت فيها الحكومة السابقة ومجلس النواب.

 

وأبرز معطيات المرحلة المقبلة، بحسب توبة، هو أن حكومة الملقي الجديدة، ستكون حكومة انتقالية بالمعنى السياسي، بمعنى أنها الحكومة التي ستجري الانتخابات النيابية المقبلة في ظل ولايتها الدستورية، ويتصدر إجراء الانتخابات بشفافية ونزاهة وبالحرص على مشاركة شعبية واسعة، سلم أولوياتها وبرنامجها.

 

ويخلص الكاتب إلى القول "إذن، من المتوقع أن يدخل الأردن والأردنيون منذ اليوم في ورشة كبيرة وحراك حقيقي وواسع، لانتخاب مجلس النواب الثامن عشر، وهي استحقاق سياسي ووطني ودستوري مهم، مطلوب من الجميع إنجاحه، والحرص على المشاركة فيه".

 

حمْل اقتصادي

أما الكاتب محمد أبو رمان، فيرى أن المهمة السياسية لم تعد من اختصاص الحكومات، "فقانون الانتخاب موجود، ونظام توزيع الدوائر أُقرّ، وهناك هيئة مستقلة تدير الانتخابات، وحسابات لم تعد معنية بها الحكومات. وثمة إعادة توزيع وهيكلة للأدوار داخل "السيستم"، بخاصة بعد التعديلات الدستورية الأخيرة، جعلت من مهمة رؤساء الوزراء أقرب إلى إدارة الحياة الاقتصادية اليومية".

 

ويستنتج أبو رمان من ذلك، أن المهمة الرئيسة لحكومة الملقي، هي في الحقيقة اقتصادية، في ظل شعور بالقلق الشديد في الأوساط الرسمية والاقتصادية من الأوضاع الراهنة، وارتفاع سقف التوقعات فيما يخص المجلس الاستثماري الذي أُسس ليتخصص بالاستثمارات السعودية المرتقبة، وفي الوقت نفسه مراجعة ما تمّ إنجازه وتحقيقه فيما يخصّ مخرجات مؤتمر لندن.

 

ويرجح الكاتب أن تكون الفترة الأولى من حكومة الملقي، بلا ضغوط نيابية أو سياسية كبيرة، حيث ستعمل الحكومة بأريحية أكثر لتنفيذ أجندة اقتصادية، وسيطلب منه التفرغ لهذا الجانب، فيما ستكون هذه الفترة نفسها  "اختباراً" للرجل، ومدى قدرته وكفاءته على الاستمرار.

 

ويضيف أبو رمان بأن من المفترض أن يبقي الملقي على عدد من الوزراء "التكنوقراط" من حكومة النسور، ممن أثبتوا وجودهم، وأمسكوا بملفات حيوية ومهمة، وفي مقدمتهم وزير المياه ووزير الطاقة ووزير الزراعة ووزير البلديات ووزيرة الاتصالات ووزير الصحة، وعلى الأغلب، سيبقى وزيرا الخارجية والمالية، بينما من المتوقع أن يتغيّر وزراء الثقافة والعمل والصناعة والتجارة.

 

فـ"من المتوقّع أن يتم دمج حقيبة الثقافة بالشباب، بعد أن نما إدراك في أوساط مراكز القرار العليا بأنّ هناك ضعفاً في الاتصال بين الدولة وجيل الشباب الذي يواجه أخطار التطرف والمخدرات وضعف الهوية الوطنية الجامعة".

 

كما يرى الكاتب ماهر أبو طير، أن أمام  الحكومة الجديدة مهمات صعبة، أبرزها تلك المهمة التي تتعلق بالوضع الاقتصادي الذي بات صعبا جدا، فقد أورثت الحكومة السابقة، ملفين اقتصاديين في غاية الثقل، أولهما المديونية، وثانيهما مايعانيه القطاع الخاص من مشاكل وتراجعات وانجماد، بما ينعكس على الفقر والبطالة، إضافة إلى القرارات التي قد تواجهها وقد تؤدي إلى رفع الأسعار مثل الكهرباء والماء والخبز وغير ذلك.

 

ويوضح أبو طير أن "هذا يعني أن العنوان الاقتصادي سيكون غالبا على ماهو مفترض، في ظل عدم تجديد المنحة الخليجية، وفي ظل الكلام عن احتمال إقامة مشاريع سعودية في الأردن، لكن دون حديث عن دفعات مالية نقدية للخزينة، ويتقاطع هذا الكلام مع الظرف الاقليمي، وما يواجهه الأردن في أوضاع الجيران في سورية والعراق والضفة الغربية".

 

وينتهي الكاتب إلى القول إن نقد الحكومة السابقة كان في أعلى درجاته، لكن السؤال يتعلق  فعليا بقدرة الحكومة الجديدة على التخلص من ذات برامج الحكومة السابقة خصوصا على الصعيد الاقتصادي، والارجح ان هذه قدرة منخفضة للغاية، خصوصا، أن الحكومة الجديدة تتولى مهمتها، في ظل وصول الوضع الاقتصادي إلى عنق الزجاجة.

أضف تعليقك