حزب "الحكماء" و"تعويم" العمل الإخواني

حزب "الحكماء" و"تعويم" العمل الإخواني
الرابط المختصر

مع انشغال الشارع الأردني العديد من الملفات، من حل مجلس النواب وتشكيل الحكومة الجديدة، والاحتفالات الوطنية المتزامنة، إلا أن الأنظار التفتت مجددا إلى المشهد الذي تمر به جماعة الإخوان المسلمين، مع تصريحات قيادات منها حول تأسيس الحزب الجديد، وتأكيدها على البقاء ضمن أطر الجماعة.

 

الكاتب المتخصص بالجماعات الإسلامية محمد أبو رمان، يرى أن المشهد الجديد أصبح قيد التشكل الكامل، واصفا إياه بـ"تعويم الإخوان سياسياً"، وعمليا الدخول في حقبة جديدة يتلاشى فيها أي دور سياسي، وربما غير سياسي، للجماعة.

 

ويؤكد أبو رمان أن الحديث، هنا، ليس عن انشقاق عن الجماعة، بل عن تأسيس حزب جديد آخر منافس لحزب جبهة العمل الإسلامي، مع البقاء في الجماعة، وهو ما يعني، عملياً، إعادة هيكلة مفهوم الجماعة ودورها ومهمتها، بل ونظرتها لنفسها؛ من جماعة شمولية تقوم بالأنشطة كافّة، إلى مجرد جماعة دعوية، وربما أبعد من ذلك مدرسة روحية تمثّل مرجعية أدبية، غير ملزمة.

 

ويلفت الكاتب إلى أن ضم المشروع لأسماء قيادات تاريخية "حكيمة" مثل حمزة منصور، وعبداللطيف عربيات، وعبدالحميد القضاة، وسالم الفلاحات، وجميل أبو بكر، ونخبة من الشباب "المتميز والعقلاني"، مثل: عاطف الجولاني، وخالد حسنين... يعطي شرعية "داخلية" (في التنظيم).

 

كما "أن التجربة الجديدة تعطي مشروع الجماعة نفسه مخرجاً تاريخياً مهماً، بل وتنقذه من المأزق التاريخي الذي وقع فيه على أكثر من مستوى"، فالتجربة الجديدة "تنقل "الإخوان" النقلة المطلوبة نحو العمل الدعوي والروحي، وتخلق كياناً سياسياً براغماتياً جديدا، غير مشتبه بتوظيف الدولة له.

 

أما الكاتب صالح القلاب، فيصف خطوة "عقلاء" الجماعة بـ"الشجاعة" وغير المفاجئة، وأنها جاءت في اللحظة التاريخية المناسبة تماما، مشيرا إلى ما يمكن أن يتعرض له قادتها من اتهامات ممن "يصرون على التمترس في خنادقهم القديمة".

 

ويضيف القلاب بأن مبادرة هذه القيادات "المشهود لها بالوطنية وبالعقلانية وبالكفاءة السياسية وبُعد النظر وبالحكمة والتروي"، تعني أن "حركة التاريخ بالنسبة لهذا التيار الذي هو أحد تيارات القرن العشرين الرئيسية قد وضعت أقدامها على بداية الطريق الصحيح والطريق الصحيح هو أنَّ ما غدا مطلوباً مع بداية القرن الحادي والعشرين والألفية الثالثة هو الأحزاب البرامجية وليس أحزاب النظريات الجامدة".

 

ويخلص الكاتب إلى أن التنظيم العالمي للجماعة، أصبح عبئاً على نفسه وعبأ على فروعه، فإن الأخطر أنَّ الفشل قد حول بعض فروعه كـ"جماعة مصر" إلى التطرف والعنف والإرهاب، ويقيناً أنّ هذا سيكون مصير كل تشكيلات هذا التنطيم إنْ لم يسارع عقلاء الجماعة إلى الإقدام على الخطوة التي أقدم عليها الشيخ راشد الغنوشي في تونس، والخطوة التي أقدم عليها إخوانهم.. وإخواننا في "إخوان الأردن".

 

كما يرى الكاتب ماجد توبة، أن التوجه لخيار تأسيس الحزب الجديد لن يكون إلا منافسا أو ساعيا ليكون بديلا، للذراع السياسية للإخوان، حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي ما يزال، حتى اللحظة، الحزب السياسي الأكبر والأكثر انتشارا أردنيا!

 

ويشير توبة إلى أن الواضح بعد هذه الخطوة "غير العادية" لقيادات تاريخية ووازنة في الجماعة والجبهة، أن الأزمة المركبة للحركة الإسلامية، وتحديدا "الإخوان"، قد وصلت منعطفا حساسا ودقيقا، إن لم نقل أكثر، يهدد بتغيير عميق في خريطة القوى والتيارات داخل الحركة.

 

فـ"أزمة الحركة والإخوان باتت مركبة بعد دخول الحكومة والجانب الرسمي على الخط، وإشهار الحكومة ورقة القانون والشرعية القانونية بوجه الجماعة، وبدء مرحلة تقليم وقصقصة أجنحتها على الأرض، عبر إغلاق المقار والمؤسسات".

 

كما أن أزمة الحركة الإسلامية، بحسب توبة، باتت مركبة لترافقها، ببعدها المحلي، بدخول الإسلام السياسي وجماعاته في أزمة حقيقية في غير ساحة عربية.

 

وينتهي توبة إلى القول إن بروز حزب سياسي "إسلاموي" جديد، تقوده مجموعة "الحكماء"، يعني عمليا وعلى الأرض أن "العمل الإسلامي"، لن يكون العنوان الرئيسي والوحيد للتيار الحزبي والسياسي الإسلامي الأردني، فأمامه أو بموازاته سيكون هناك حزبان آخران مهمان، انبثقا من ذات المعين الإخواني، هما حزب "الحكماء" وحزب "زمزم".