الورقة النقاشية السابعة وأولوية تطوير التعليم
سارع العديد من كتاب الرأي والمقالات في الصحف اليومية، لإعادة قراءة ، والتي نشرها الملك عبد الله الثاني مؤخرا، وتمحورت حول العملية التعليمية وآليات تطويرها.
الكاتب محمد أبو رمان، يرى أن الورقة الحالية قدّمت منظوراً توافقياً، يخرج بنا من الاستقطابات الأيديولوجية، فدخلت إلى الجدل الحالي عن المناهج وتطويرها والسجالات التي تابعناها إعلامياً، ليضع الملك الإطار الوطني الذي نفهم من خلاله الأهداف الحقيقية لقضية تطوير التعليم وأهمية ذلك، وعلاقته باللغة والدين والحداثة والمعرفة.
إلا أن السؤال الجوهري اليوم من قبل النخب والسياسيين والمثقفين، بل حتى الرأي العام؛ ما هو موقع الأوراق النقاشية الملكية في بناء السياسات العامة؟ وماذا بعد هذه الأوراق؟؟ وهل هي أوراق ذات إلزام معنوي ورمزي.
ويعتقد أبو رمان أن الأوراق النقاشية هي ذات قيمة معنوية رمزية بحتة، تهدف إلى بناء فلسفة وطنية مشتركة، ورؤية توافقية نحو المستقبل، تجمع الأردنيين حولها، "ولكن في المقابل وطالما أنّها تحظى بهذا التوافق بين التيارات والقوى السياسية، فمن الضروري أن نفكّر بترجمتها عبر أدوات أكثر وضوحاً إلى تصوّر متكامل تلتزم الحكومات ومجالس النواب بتطبيقه".
ويلفت الكاتب إلى أن "أكبر مشكلاتنا الأردنية أصبحت تتمثل بفقر الرؤية الوطنية التوافقية، وعدم قدرتنا على استبصار المستقبل، فهوية الدولة والمجتمع على السواء لم تعد واضحة، والسياسات تارةً تذهب يميناً وتارةً يساراً، فأصبحنا بالفعل بحاجة إلى بناء "الجماعة الوطنية"".
أما بما يتعلق بملف التعليم، فيؤكد أبو رمان على ضرورة إعادة ترتيب أولوياتنا، وردّ التعليم بالفعل إلى الموقع الذي يستحقه، وإحداث ثورة حقيقية، وتخصيص موارد مالية وبرامج تدريبية متكاملة.
ويعتبر الكاتب زياد الرباعي، الورقة النقاشية الأخيرة "الأساس" بعد أهمية الأوراق السابقة، لأنها اللبنة الأولى في التطور لأي دولة ، فهي تبحث في التعليم وهو الأساس لبناء الإنسان الذي سيبني ويقود الدولة مستقبلا.
ويضيف الرباعي بأن "رقة الملك نقاشية فلنبقيها في هذا الجانب، والنقاش المثالي يكون من أصحاب الكفاءة والاختصاص وليس العامة، وعلى أصحاب القرار التنفيذ بعيدا عن الأهواء، والهواجس الذاتية والسياسية".
وينتهي الكاتب إلى القول إن "إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية هي التي ستقود لبناء قدرات إدارية واقتصادية وسياسية وعسكرية وصروح ومؤسسات تقود لنهضة الأردن والأمة فيما بعد".
كما يذهب الكاتب باسم الطويسي، إلى أن الورقة الملكية تأتي كمساهمة في الحوار الوطني حول إصلاح التعليم ومستقبله.. هذا الحوار الذي يدور على مستويات متعددة منذ أكثر من عامين آن الوقت أن يتقدم خطوة إلى الأمام وأن يغادر مربع صراع الإرادات.
وهذه الورقة تقدم للمرة الأولى، بحسب الطويسي، وضوحا سياسيا حول مفهوم تطوير وإصلاح التعليم في الأردن ومن أعلى سلم القرار السياسي الوطني، وتوضح أن تطوير التعليم أولوية أساسية لا تتقدمه أولوية أخرى ضمن الأولويات الوطنية.
ويوضح الكاتب بأن "إصلاح التعليم مسألة مجتمعية وليست قرارات يتخذها تكنوقراط تعليمي أو نخبة سياسية، ولهذا فإن تلك النقاشات العامة مهمة وينبغي عدم تجاوزها بأي حال، لكن لا يمكن أن نستمر إلى ما لا نهاية في هذه الحوارات".
ويذكر الطويسي بأن واحدا من أهم أسباب تعثر جهود إصلاح التعليم العام والعالي في الأردن هو الصراع على أجندة الإصلاح في هذا الملف بين قوى سياسية وقوى اقتصادية وداخل مدارس التكنوقراط الرسمي نفسه.
الكاتب فهد الخيطان، يرى أن الحكومة تمكنت وفي فترة قياسية من ترجمة التوصيات التي جاءت في الأوراق الملكية السابقة والمتعلقة بسيادة القانون وتطوير القضاء، إلى تعديلات على عديد القوانين والتشريعات.
ويضيف الخيطان بأن الورقة النقاشية السابعة لا تسعى لإطلاق نقاش عام فقط حول إصلاح التعليم، بل وبدرجة أكبر دعم مسار انطلق بشكل فعلي، مشيرا إلى صدور توصيات اللجنة الملكية لتنمية الموارد البشرية العام الماضي، ودخولها حيز التطبيق قبل أشهر من خلال تأسيس المركز الوطني لتطوير المناهج.
و"تمضي مؤسسات الدولة في هذه العملية وسط جدل ساخن بين أطياف المجتمع المختلفة. ولا شك أن مثل هذ النقاش مفيد وضروري لإثراء برنامج إصلاح التعليم، شرط أن يوظف من قبل بعض الأطراف للنكوص عن البرنامج من أساسه"، يقول الخيطان.
ويرى الكاتب عزت جرادات، أن الرؤية الملكية للتعليم تنبثق من الفكر النهضوي للأمة التي عبرت عنه (النهضة العربية الكبرى): الاستقلال والوحدة والحياة الفضلى.
ويتوقف جرادات أمام المحاور الأساسية في الورقة الملكية السابعة، وهي: الفكر التربوي الذي يريده الأردن، والمؤسسة التربوية ذات المسؤولية، والشخصية الأردنية المستقبلية.
"فالفكر التربوي الذي يحقق نهضة أردنية عربية يرتكز على رؤى التفاعل مع منظومة : الوعي والإبداع والذكاء من أجل الصالح العام".
ويختتم الكاتب مقاله بالقول "إن الفكر التربوي المستنير لإرشاد المسيرة التربوية، والمؤسسة التربوية الفاعلة، والشخصية الأردنية المستقبلية هي من الأساسيات ليكون الأردن، كما أراده جلالة الملك، نموذج نجاح عربياً وعالميا".