الضربة الأمريكية على سورية.. محدودية الفعل واتساع الدلالات
قد يكون وقوع الضربة الجوية الأمريكية التي استهدفت موقعا عسكريا في الأراضي السورية يوم الجمعة، قد أخر تناول هذه الضربة بين أعمدة الرأي والمقالات في الصحف اليومية إلى ما بعد مطلع الأسبوع الحالي.
الكاتب محمد أبو رمان، ينطلق مما أثاره الموقف الرسمي الأردني من الضربة العسكرية الأميركية، من نقاش عاصف في أوساط النخب السياسية والدبلوماسيين، فيما إذا كان هنالك تغيير في المقاربة تجاه سورية؟ وإلى أي مدى.
ورغم محدودية الضربة الأميركية، يرى أبو رمان أنها تحمل دلالات مهمة ورسالة مقصودة، فإذا تجاوزنا الأبعاد الأميركية الداخلية لها، فإنّ دونالد ترامب يريد أن يقول للروس والإيرانيين ونظام الأسد، بأنّ قواعد اللعبة تغيّرت في سورية.
فـ"ما يزال موقف الإدارة الأميركية غامضاً من مصير الأسد، فبعد تصريحات متعددة من أركان الإدارة الأميركية دفعت إلى القناعة بأنّ "شرط تغييره" تم التخلي عنه، عادت الأوراق لتختلط بعد مجرزة خان شيخون المروعة".
ولا يمكن، بحسب أبو رمان، فصل الموقف الأردني وعزله عن المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، التي تمثل حليفاً استراتيجياً كبيراً للأردن، على الطرف الآخر، فإنّ الأردن حريص على استمرار التفاهمات مع الروس، بخاصة ما يرتبط بوقف إطلاق النار في المنطقة الجنوبية.
ويقول الكاتب باسم الطويسي إنه و"على الرغم من كثافة ما تحمله الضربة الصاروخية الأميركية الأخيرة لسورية من معان رمزية، إلا أننا سنكون خلال أيام أو أسابيع مع برنامج سياسي واستراتيجي جديد تشتبك فيه الأهداف الأميركية الجديدة حيال الأزمة في سورية بشكل عام نحو تصعيد الحرب على الإرهاب".
ويشير الطويسي إلى أن التوقعات تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة تقوم على بناء تحالفات جديدة وإعادة تقوية تحالفات قائمة، وخلق نقاط ارتكاز وتوازن في التحالف الأميركي بين الخصمين التركي والكردي.
وينتهي الكاتب إلى القول بأن "كل المؤشرات اليوم تقول إن الولايات المتحدة في الطريق إلى إنهاء لعبة إدارة الصراع حول "داعش" إلى حسم هذا الصراع، فالإدارة الأميركية بأمس الحاجة إلى إنجاز من هذا النوع. ولكن السؤال الأهم، ما طبيعة هذه المعركة وحجمها؟".
أما الكاتب منار الرشواني، فيستعرض جانبا معلوماتيا حول إحصائيات ومجموع الغارات الأمريكية وتحديدا على سورية، والتي بلغت وفقا لموقع "حروب جوية" منذ 1 كانون الأول 2014، وحتى 2 نيسان الحالي، 7524 غارة، إضافة إلى 372 غارة من الدول الأخرى في التحالف الدولي
كما يلفت الرشواني إلى امتلاك واشنطن لقواعد عسكرية في سورية، "بُنيت على مرأى بقايا نظام الأسد وروسيا وإيران، من دون أن ينبسوا ببنت شفة"!
"مع ذلك، يبدو مفهوماً أن ينفُض الآن فقط أنصار بشار الأسد، من عروبيي طهران وموسكو، الغبار عن كلمة "السيادة"، لأن القصف الأميركي استهدف يوم الجمعة الماضي مطار الشعيرات، والذي يستخدمه الأسد فقط لقتل الشعب السوري"، يقول الرشواني.
ويوجه الكاتب سؤالا إلى من أسماهم بـ"القومجيين" واليساريين العرب المؤيدين لجرائم الأسد وروسيا وإيران بحق السوريين وسورية ككل، باسم "المقاومة والممانعة": كيف يمكن تبرير –دع عنك تفسير- اختفاء "السيادة" ذاتها والغضب لها، عندما يتم انتهاكها من قبل إسرائيل، وبشكل متواصل، بالتنسيق مع سيدة المقاومة الجديدة، مالكة "سيادة الأسد"، روسيا؟
من جانبه، يفهم الكاتب فهد الفانك أن يحاول حاكم ما قتل المعارضة المسلحة التي تحاول قلب نظام الحكم بالقوة ، أو قتل الإرهابيين القتلة ، اما قتل المواطنين الأبرياء فهو اختصاص منظمات الإرهاب... فـ"الادعاء بأن الرئيس السوري قتل 400 ألف من شعبه يعني أن 80 منظمة إرهابية تعمل في سوريا لم تقتل أحدا".
ويضيف الفانك بأن "التحليلات السياسية والشعارات المستندة إليها لا تدل على الحقيقة ولا تصف الواقع ، بل تكشف الجهة التي ينحاز إليها المحلل وتصف أجندته وأهدافه.
فيما يتساءل الكاتب طايل الضامن، إن كانت الإدارة الأميركية قد استفاقت لمعاناة الشعب السوري في ليلة واحدة ؟، وغيرت مواقفها التي أعلنتها قبل يوم على جريمة خان شيخون؟.. وهل من الممكن أن يكون الأسد الذي حظي بمواقف داعمة من إدارة ترامب، أن يرتكب مثل هذه الحماقة، ويشوه صورته أمام الادارة الجديدة المتحمسة للقضاء على داعش بالتعاون معه؟!
ولا يعتقد الضامن أن الضربة الأميركية تبعث رسائل إلى العالم خاصة كوريا الشمالية وروسيا والصين، بأن أميركا قادرة على التدخل العسكري وتستطيع أن تقود المشهد بأي مكان في العالم.
أما الكاتب رحيل غرايبة، فيعرض آخر التطورات التي تدخل المنطقة مرحلة أشد خطورة وتوتراً والتهاباً في الأيام الأخيرة، حيث شكل الهجوم الكيماوي في خان شيخون بوابة للشرور، والتي أعقبتها الضربة الصاروخية الأميركية، ثم حدثت تفجيرات متعاقبة في مخيم الركبان على الحدود الأردنية السورية، ثم جاءت تفجيرات الكنائس في مصر.
ويضيف غرايبة "تحولت أقطارنا إلى ملعب دولي، وكل اللاعبين الكبار يتسابقون في تحقيق أهدافهم وتسديد حساباتهم على أرضنا، وشعوبنا العربية هي التي تدفع الكلفة والثمن كله، فالضربة الأميركية جاءت بين يدي لقاء ترامب مع الرئيس الصيني حيث كان ملف كوريا الشمالية أكثر حضوراً على جدول أعمال اللقاء، بينما اعتبرت روسيا أن الضربة الأمريكية تعد تجاوزاً للخطوط الحمراء".
و"الأردن بوصفه رئيساً للقمة العربية، وبما يتمتع به من قدر نسبي من الاستقرار والأمن الداخلي يؤهله إلى لعب دور إيجابي فاعل على صعيد العرب والإقليم، وربما تكون البداية بضرورة إنجاز مصالحات كبرى على صعيد البلدان العربية التي تتعرض إلى فتنة واقتتال داخلي"، يقول غرايبة.