الخلايا النائمة في الأردن..كيف تتحول الى قنابل موقوتة؟
يقع وزير الداخلية سلامة حماد تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة، بعد “عملية الكرك” التي أفضت عن مقتل 14 شخصا وجرح 30 اخرين جلهم من الأجهزة الأمنية.
10 ضحايا منهم سقطوا بعد إشتباكٍ مع 4 مسلحين متطرفين يوم الأحد الماضي تحصنوا في قلعة الكرك الأثرية، ليعقب اليوم الثاني للعملية كمين نفذه مطلوب هرب من قبضة الأمن اثناء تفتيش منزله، مخلفا اربعة قتلى من رجال الأمن، الأمر الذي اثار انتقادات حول أداء قادة الأجهزة الأمنية.
هل تطيح بقادة الأجهزة الأمنية ؟
و أدرج رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة على جدول أعمال جلسة النواب -المقررة يوم الثلاثاء المقبل في 27 كانون أول\ديسمبر- مذكرة نيابية وقع عليها 40 نائبا لثلاثاء الماضي مطالبين بحجب الثقة عن وزير الداخلية سلامة حماد، واقالة مدير الأمن العام، على خلفية “عملية الكرك”.
وحمل النواب الموقعون على المذكرة وزير الداخلية ومدير الأمن العام، المسؤولية عن ما أسموه “سوء ادارة العملية في الكرك”، مطالين الحكومة “بتشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على الخلل ومحاسبة المقصرين في الاحداث الأخيرة”.
عضو كتلة الإصلاح النيابية صالح العرموطي، يرى في حديث لعمان نت أن “التقصير في إدارة عملية الكرك طال كافة المستويات السياسية والعسكرية والإعلام الرسمي”.
“قنابل موقوتة”
وزير الداخلية سلامة حماد الذي وصف خلال مؤتمر صحفي يوم الأثنين الماضي التعامل الأمني مع عملية الكرك، “بالنجاح الكامل” كان قد أطلق تصريح سابق في شباط\فبراير يؤكد فيه أن “لا خلايا نائمة في الأردن، وأن المملكة مستقرة و امنة”.
الا أن الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها الممكلة في عام 2016 (خلية اربد،خلية الكرك،الهجوم على مكتب المخابرات،اغتيال الكاتب حتر) كلها تمت على يد مواطنين أردنيين، أغلبهم تطرف حديثا كما هو الحال مع خليتي الكرك واربد.
فحسب ما حصلت عليه عمان نت معلومات حول هوية منفذي “عملية الكرك” الأربعة، فأن 3 منهم لم يكن لهم أي ميول متطرفة،بإستثناء العقل المدبر للعملية الذي قتل فيها وهو “محمد صالح الخطيب” الذي جند المنفذين الاخرين (عاصم ابو رمان،حازم أبو رمان، محمد القراونة) وجميعهم من الشباب.
الخطيب الذي يبلغ من العمر 30 عاما، له باع في التيارات الجهادية، فحسب قيادي في التيار السلفي الجهادي، فأن الخطيب عضوا في التيار، وحاول في عام 2013 الذهاب الى سوريا “للجهاد” برفقة نسيبه عضو الخلية محمد القراونة، الا أن الأمن الأردني القي القبض عليهما وحكما بالسجن مدة سنتين ونصف.
وللخطيب شقيق أخر يدعى معتصم يقضي عقوبة 5 سنوات في السجون الأردنية، بعد أن التحلق في عام 2014 بصفوف جبهة النصرة ثم صفوف التنظيم قبل أن يعود الى المملكة.
اما الشقيقين أبو رمان عاصم (29 عاما) وحازم (31 عاما)، لم يكن لهم باع في التيارات الجهادية، فقد عملا في محل للألبسة الداخلية في احدى محلات العاصمة، وحسب مقربون منهم “كان للمنفذ الخطيب، تأثيرا كبيرا على شخصيتهم بعد أن عملا سوريا في احدى المطاعم بمدينة الكرك”.
بينما تربط الشقيقين ابو رمان علاقة قرابة مع النقيب أحمد عطالله المجالي،الذي هرب من الجيش الأردني والتحق في صفوف جبهة النصرة عام 2013 ليبايع فيما بعد تنظيم الدولة ويقتل في صفوفها عام 2014.
وفي العودة “لعلمية اربد” التي وقعت في 3 مارس/اذار، لم يكن أيضا هنالك تاريخ طويل لبعض لمنفذين في العمل مع التنظيمات المتطرفة، فالثلاثيني ربيع احد قتلى العملية بدأ حياته كمصفف شعر بدخل محدود جدا، ولم يكن ذا ميول دينية -كما يقول مقربون منه- إلا أن بوادر “النعمة” بدأت تظهر عليه بعد أن سافر إلى أوروبا وعاد ليتاجر في الأثاث وقد بدأت عليه علامات “التدين”.
العضو الثاني في الخلية، وهو بائع حلويات معروف لدى أهل المنطقة التي وقعت فيها العملية، “لم يتوقع شهود العيان الذين عايشوا الحدث أن يكون بائع حلويات الهرائس ذا ميول متطرفة”.
أما الشخص الثالث جميل كتكت، يرجح أن يكون قائد الخلية؛ كونه صاحب باع في التيار السلفي الجهادي الأردني واعتقل مرارا.
فكيف يتحول شباب أردنيون مغمورن الى قنابل موقوتة؟؟ يقدر خبراء في الجماعات الإسلامية عدد الأردنيين الملتحقين في صفوف التيارات المتشددة منذ اندلاع الأحداث في سوريا 5 آلاف شخص من مختلف مناطق المملكة ومختلف البيئات الاجتماعية،بينما يقدر الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية عدد الأردنيين المتعاطفين مع تنظيم الدولة بـ 8 الآف شخص من جلهم من اعضاء التيار السلفي الجهادي.
رئيس جمعية الكتاب والسُنة زايد حماد، يرى أن ما يدفع بعض الشباب الأردنيين الى التطرف هو “الجهل”. و يعتقد أن ” التنظيمات المتطرفة باتت تستخدم كافة الوسائل وخاصة التكنولوجيا لتجنيد الشباب”.
يقول “هذا اسلوب ناجح ومؤثر، اذ تستهدف هذه التنظيمات الأعمار من 15 الى 22 سنة، حيث يكون الشباب بهذا العمر غير ناضجين وقادرين على الحكم؛وبالتالي يسهل على التنظيمات تسويق أفكارها، خصوصا في ظل غياب حملة وطنية للتوعية من مخاطر تنظيم الدولة تخاطب الشباب”.
يرى حماد أن ” غياب المرجعيات الدينية لدى الشباب، سهل وصول التنظيمات لهم، الى جانب استغلال التنظيمات للأوضاع المادية الصعبة لبعض الشباب، واغراءهم بإمور مادية ودنيوية واقناعهم بأنهم سيذهبون الى الجنة وسينالون الحور العين والشهادة، بالتالي اختراقهم اصبح سهلا”.
مطالبا السلطات الأردنية ومؤسسات المجتمع المدنية “بحلول واضح للتعامل مع الشباب، تتضمن حملة توعية في المدارس والجامعات والإعلام والوصول لأماكن اصحاب الفكر، حملة يشارك فيها جميع أبناء الوطن، ومخاطبة كل شخص حسب فكره من خلال شيوخ لديهم مقدرة على المناقشة واستخدام كل الأدوات المتاحة وخصوصا التكنولوجيا”.
اما بخصوص الخلايا النائمة، يقول حماد إن ” ممكن خلال اسبايع يتم التواصل مع اي شخص من قبل هذه التنظيمات وتجنيده، بينما تتخذ الجهات الرسمية خطوات الى الوراء، الخلايا النائمة هم اشخاص لديهم فكر يتم تعزيزه و مخاطبتهم بطرق غير تقليدية”.
وكانت السلطات الأردنية وضعت في حزيران\يونيو خطة وطنية لمحاربة الفكر المتطرف، شملت عدة محاور منها تعديل المناهج، كما تتضمن الخطة محاور تتعلق بوزارة الأوقاف، من أبرزها “إعادة هيكلة منظومة الوعظ والإرشاد، وتكليف مديرية الوعظ والإرشاد باختيار خطب مناسبة تتلاءم مع المستجدات والحوادث وحاجة المجتمع، وخفض أعداد المساجد التي تقام فيها خطبة الجمعة من خلال التحول نحو المسجد الجامع”.
وقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة الداخلية، بإطلاق برنامج “مناصحة” في عام 2014 يتضمن حوار ومناقشة أصحاب هذا الفكر المتطرف في السجون من خلال عقد محاضرات من قبل علماء ووعاظ تابعين لوزارة الأوقاف، وحسب الوزارة استطاع البرنامج “ثني العديد من أصحاب هذا الفكر ممن “غرر بهم” وإعادتهم “إلى الطريق الصحيح واستنقاذهم”.