الخطة "ب" على حدود الأردن الشمالية
تركت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والتي ألمح فيها إلى وجود خطة بديلة في حال فشل اتفاق وقف إطلاق النار في سورية، الباب مواربا لمختلف السيناريوهات، مع تشكك الكثيرين بصمود ذلك الاتفاق.
ويشير الكاتب محمد أبو رمان، إلى ترجيح المصادر الأميركية بأن تكون الخطة المقصودة هي العودة إلى دعم المعارضة المسلّحة بدرجة أكبر، إضافة إلى توقعات قائد قوات حلف شمال الأطلسي السابق، الأدميرال ستاف ريديس، بأن تكون خطة (ب) التي تحدّث عنها كيري، تتضمن إقامة مناطق آمنة، وتدخلا للجيوش البرية، من ضمنها الجيش الأردني.
وينقل أبو رمان عن مصادر أردنية، تقليلها من أهمية ذلك، وتشكيكها في دقة التصريحات، "فإقامة منطقة آمنة اليوم في شمال سورية أصبح أكثر تعقيداً وأقل احتمالاً، ودخول قوات برية أردنية إلى درعا أمر غير مطروح أردنيا".
ويؤكد الكاتب أن انتقال سيناريو حلب إلى الجنوب السوري، ستترتب عليه نتائج تتعلق بالأمن الوطني الأردني؛ "أولاً مئات الآلاف من اللاجئين أو على الأقل النزوح بالقرب من المناطق الحدودية، وتفكك "الجبهة الجنوبية" المقربة من الأردن، والتي تضم أكثر من 40 ألف مقاتل، وتحول جزء كبير منهم إلى تنظيم "داعش" الذي يمكن أن يوفر الدعم المالي البديل والسلاح والذخيرة، وليجد له قدماً راسخة في الجنوب، بعدما نجح الأردن سابقاً في محاصرته والحدّ من خطورته على الحدود الشمالية".
فـ"هل سيبقى الأردن مراهناً على وفاء الروس بالتزاماتهم واتفاقاتهم التي "لحسوها" من دون أن يرف لهم جفن؟! بالتأكيد: لا. هل سيلجأ الأردن إلى عملية خلق منطقة عسكرية بالقوة في الجنوب عبر اجتياح عسكري؟! بالتأكيد: لا. ماذا أعدّت، إذن، الدولة لهذا السيناريو الوارد جدّاً في حال لم ينجح وقف إطلاق النار، الذي يعوّل عليه الأردن كثيراً، وعلى ما يمكن أن ينتج عنه من تسويات سياسية؟!"، يقول أبو رمان.
أما الكاتب ماهر أبو طير، فيرى أن خروقات وقف إطلاق النار، التي قد تتزايد بسبب وجود فصائل خارج اتفاق الهدنة، يمكن أن تؤسس لسيناريوهات خطيرة جدا.
ومن بين هذه السيناريوهات، في حال فشل وقف إطلاق النار، بحسب أبو طير، ما طرحه وزير الخارجية الأمريكي حرفيا حول الخطة "ب"، "وهي خطة مقبلة على الطريق، ولا شك فيها أبدا"، والتي تعني التقسيم بذريعة الفصل بين المتنازعين، وهو ما يعني ضمنيا حربا برية.
ويذهب الكاتب إلى أن "التقسيم سيجري على الأغلب عسكريا، عبر دخول قوات أجنبية إلى الأرض السورية، وفرضها للتقسيم عنوة، وبما يتطابق مع ترسيمات محددة، وهو دخول محفوف بالخطر، خصوصا، إذا لم يتأسس على توافق سري مع الروس ودول أخرى على تقسيم مناطق النفوذ في سورية، وتعميد الدويلات الجديدة، أو إعادة ضم مناطق ضمن التقسيم، لدول مجاورة".
"إلا أن كلام كيري عن الخطة (ب) واحتمال تقسيم سورية، أغفل عن عمد أداة تنفيذ هذا السيناريو، والاداة الوحيدة المتوفرة والفعلية هي الحرب البرية، والترسيم الميداني".
فيما يرى الكاتب ماجد توبة أن "قوة الدفع"، التي أطلقها التوافق الروسي الأميركي، وإقرار هدنة وقف الأعمال العدائية، مبشرة باتجاه فتح طاقة أمل لانطلاق عملية سياسية تصل إلى حلول للأزمة المشتعلة منذ أكثر من خمس سنوات.
ويلفت توبة إلى أن الالتزام شبه الكامل بالهدنة ووقف الأعمال العدائية بين طرفي الصراع خلال اليومين الأولين، يعكس جدية الطرفين الأميركي والروسي، الضامنيين الرئيسيين مع مجلس الأمن الدولي، لهذه الهدنة، التي يؤمل أن تمهد لإعادة إطلاق المفاوضات السياسية.
"وبعيدا عن الجدل المشتعل حول موقفي الولايات المتحدة وروسيا من الصراع في سورية، فإن الثابت اليوم أن مركز الثقل في القرار المتعلق بالملف السوري بات بصورة أساسية بيد الدولتين العظميين، وبدعم أوروبي ودولي واضح، فيما تأتي الممانعة ومحاولات خلط الأوراق وإدامة الصراع من قبل أطراف إقليمية، قامرت واستثمرت طويلا في الأزمة"، بحسب توبة.