الحدود الشمالية.. بين الحماية والتدخل في العمق السوري
توالت الأنباء مؤخرا عن تحركات عسكرية في شمال المملكة بمحاذاة الحدود السورية، بالتزامن مع تبادل التصريحات بين دمشق وعمان حول إمكانية التدخل الأردني العسكري في العمق السوري.
ويرى الكاتب عريب الرنتاوي، أن التقدم النسبي في تطبيق اتفاق مناطق “تخفيف التصعيد” الأربع في سورية، يتزامن مع تصعيد غير مسبوق في حدة الخطاب السوري حيال الأردن، والتي كان آخرها حديث وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي وضع الأردن بين خيارين لا ثالث لهما: إما التنسيق مع دمشق في أي عمل عسكري داخل الأراضي السورية، وإما المجازفة باعتبار أي قوات أردنية على الأرض السورية، قوات معادية.
ويضيف الرنتاوي "وفقاً لما توافر لديّ من معطيات، وهي ليست كاملة بالطبع، فإن مناخات من القلق والتخوف، تسود في العاصمة السورية، وامتداداً حتى طهران والضاحية الجنوبية، حيال ما يقال ويشاع، وربما ما يجري الاستعداد له، عن عملية عسكرية أردنية – أمريكية – بريطانية واسعة النطاق، في جنوب سوريا، وامتداداً إلى خط الحدود السورية – العراقية ... وهي العملية التي تتخذ من الحرب على “داعش” مبرراً وشعاراً لها، في حين أنها تسعى في مسابقة الزمن، لملء فراغ “داعش” المرجح حدوثه في الأشهر القليلة القادمة على امتداد هذه المنطقة".
ويلفت الكاتب إلى عدم وجود ما يمنع من تفعيل قنوات التواصل مع دمشق، سيما إن ظلت أهداف أي مشاركة أردنية عسكرية على المسرح الجنوبي لسورية، محدودة بالأهداف التي طالما جرى البوح بها: حماية الحدود وتوفير ملاذات آمنة لمنع المزيد من اللجوء وعودة بعض اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
أما الكاتب صالح القلاب، فينتقد تصريحات الوزير السوري الذي هدد بأنه إذا دخلت القوات الأردنية الأراضي السورية فإنه سيتم التعامل معها كقوات معادية، "وكل هذا وهو ربما يعرف أنَّ النظام الذي ينتمي إليه لا يملك من أمره شيئاً وأنه قبل أن يطلق هذا التهديد «الإعلامي» عليه أن يتذكر أن سورية، وللأسف، غدت كلها محتلة".
ويوضح القلاب بأنه "كان على «المعلم» أن يتذكر بحكم عمله الدبلوماسي في الخارج أنه عندما تفقد أي دولة السيطرة على أراضيها وتصبح مصدراً لتهديد دولة مجاورة فإنه يحق لهذه الدولة المجاورة أن تتدخل في عمق أراضيها لدرء الأخطار عن نفسها ولتوفر لشعبها الأمن والأمان وهذا هو واقع الحال الآن بالنسبة لهذا الجوار، الذي أصبح متعباً ومزعجاً ومصْدراً للإرهاب".
الكاتب عمر العياصرة، يؤكد أن الأردن لا يستطيع أن يقف مكتوف اليدين حيال ما يجري في جنوب سورية ولا سيما إذا ما دخلت منطقة «تخفيف التوتر» في درعا والقنيطرة حيز التنفيذ.
وحول الحديث عن حشود أردنية كبيرة على الحدود، يقول العياصرة إن "هذا ليس بالجديد، وليس من معانيه أننا سندخل حربا في العمق السوري، لكننا في النهاية مضطرين للدفاع عن أمننا بكل الوسائل المتاحة، ونأمل أن لا نذهب بعيدا في الزج بجيشنا إلى الداخل السوري".
ويشير الكاتب إلى أهمية "المرونة الدبلوماسية" في هذا التوقيت كما ونوعا، وبمنسوب مختلف، فلا بد من فتح الخطوط مع الروس، وفهم تصورهم للمنطقة الآمنة في درعا والقنيطرة، ولا بد من إقناعهم بخطر تواجد الميليشيات القريبة من إيران في إدارة هذه المناطق.
فـ"الجنوب السوري حين يصبح منطقة دولية آمنة، وفيها مراقبون وربما قوات فصل، لابد أن نكون جزءا أصيلا من ذلك، فحماية مصالحنا الآمنية أمر مطلوب، لكن بالمقابل علينا أن نمارس كل أنواع الحذر عند كل خطوة"، بحسب العياصرة.
ويقول الكاتب باسم سكجها، إنه ومنذ بدأت الأزمة السورية، وعلى مدار السنوات الستّ الماضية، ظللنا نسمع أخباراً عن حشودات عسكرية أردنية على الحدود الشمالية استعداداً للدخول إلى سورية، والمشاركة في الحروب الدائرة هناك.
ويضيف سكجها "من الطبيعي أن يحشد الأردن جيشه على الحدود مع سورية، فعلى بعد أمتار تجري المعارك، ولا تخفي تنظيمات ارهابية أنّ الأردن هدف لها، ولو لم يهيئ الأردن نفسه لمواجهة أيّ خطر مقبل لكان هناك شيء خطأ أصلا".
ويختتم الكاتب مقاله بالتذكير بتصريحات رئيس هيئة الأركان قبل أشهر والتي تؤكد على هذه الحقيقة، "فلا نيّة للجيش العربي الأردني في الخروج من حدوده، ولكنه على أتم الجاهزية للدفاع عن الحدود، ولا نظن أن شيئا تغير على هذه الاستراتيجية الدائمة".