"الجماعة" والدولة

"الجماعة" والدولة
الرابط المختصر

مع تواصل الحكومة بإغلاق مقرات جماعة الإخوان المسلمين في مختلف المحافظات، وترجيح إغلاق ما تبقى منها، كان لكتاب الرأي والمقالات قراءات مختلفة حول دلالات هذه الإجراءات، ومصير العلاقة التاريخية بين الجماعة والدولة.

 

الكاتب عريب الرنتاوي، يرى في توقيت إغلاق مقرات الجماعة ما يبعث برسائل خاطئة في أكثر من اتجاه، فالأردن في قلب حرب وصفها بـ “الكونية” ضد الإرهاب، والتمييز بين من هو إرهابي ومن هو غير إرهابي، مشيرا إلى أن أحدا في الأردن  بمن في ذلك، أكثر المتشددين حماسة لاستئصال الإخوان، لم يكن يجرؤ على القول، بأنها جماعة إرهابية.

 

ويضيف الرنتاوي "قد يُقال، أن الجماعة لم تفعل الكثير للتصدي لظاهرة الإرهاب، وأنها تتحمل نسبياً المسؤولية عن تفشي ظاهرة التطرف في بلدنا، وقد يوصف موقفها من الإرهاب بـ “الرمادي” الذي يتعين على الجماعة “تظهيره” من دون مراوغة أو تلعثم، وهذا أمر فيه قول، بيد أنه لا يصل إلى حد “شيطنة” الجماعة، أو الدعوة لتكفينها بـ “الشمع الأحمر”.

 

ويلفت إلى "تجربة الجماعة برهنت، أن بمقدورها موضوعياً، أن تلعب دوراً في كبح جماح الظاهرة الإرهابية، والحد من انزلاق فئات شبابية في أتونها الدموي والتدميري.

 

كما أن قرارات الإغلاق و”التشميع”، بحسب الرنتاوي، لا تبعث برسائل إيجابية، والأردن يقف على عتبة استحقاق انتخابي، في ظل قانون جديد للانتخاب، له ما له وعليه ما عليه، إضافة إلى أن هذه القرارات، تأتي فيما نشطاء وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني، يشكون حالة التضييق على الحريات والتراجع عن مكتسبات السنوات الفائتة، ومراوحة مسار الإصلاح السياسي وفق أكثر التوصيفات دبلوماسية وتفاؤلا.

 

ويعرب الكاتب عن أمله للحوار حول أزمة الجماعة، وأزمة علاقاتها بالحكم والحكومات، بأن يأخذ طابعاً جدياً موضوعياً، محكوماً بهدف دفع مسار الإصلاح والعملية السياسية في بلادنا، لا أن يتحول إلى مناكفات ومماحكات، ولحظةً يسعى البعض إلى اقتناصها لتقديم “أوراق اعتماد” لهذه الجهة أو تلك.

 

ولا يخفي الكاتب جمال العلوي، أسفه مما وصلت له الحال مع الجماعة من خطوات تصعيدية، معربا عن اعتقاده بأن هذا الجو يوتر الملف المحلي بلا مبرر.

 

ورغم تسجيله لاختلافه مع "الإخوان" في عدد من الملفات ومنها الملف السوري، إلا أنه يؤكد عدم انحيازه للخطوات التصعيدية بحقهم في ظل الظروف التي يعيشها بلدنا خصوصا والمنطقة بشكل عام.

 

ويضيف الكاتب "لا يصب في مصلحة الوطن أي قرار تصعيدي سياسي وأنا لا أتحدث عن قرار تنفيذي أو قضائي فالقضاء محل احترام وتقدير ولا نملك حق التعليق عليه إذا كان القرار قضائياً، والحديث عن الشرعيات هو حديث فيه الضرر لكل الأطراف، ولا يعقل بعد كل هذه السنوات التي امتدت أن نقول الجماعة بحاجة الى ترخيص".

 

ويخلص العلوي إلى القول "نريد أن تبقى جماعة الإخوان المسلمين في بلدنا جماعة راشدة وتعمل بالعلن وفي ظل تفاهمات وطنية تراعي المصالح والظروف والتحديات، ولا نريدها أن تتحول إلى إطار سري تعبوي بكل ما تحمله هذه الخطوة من مخاطر محلية ووطنية"، مطالبا العقلاء في الدولة بإعادة النظر بكل الخطوات التصعيدية وسحب البساط من دعاة التصعيد وخلق مناخات التوتر على أسس كيدية وتصفية حسابات.

 

أما الكاتب عصام قضماني، فيرى أن من المتوقع أن تتخذ الجماعة من إغلاق مقراتها، منصة لاستدراك شعبية كادت أن تختفي , لكن المنصة الأهم كانت في تحويل أنظار الشارع عن الوجه القانوني للقصة ولعب دور الضحية باعتبار أنها تدفع اليوم ثمن مواقفها البطولية في الدفاع عن لقمة عيش المواطن ورفع الظلم.

 

ويطالب قضماني في ختام مقاله، بحصر أسباب الإغلاق بقانون، ولو كنت في محل "صمام الأمان" إياه لعدت إلى قواعد القانون وخضت المعركة في المحاكم وليس في بيانات لم يعد هذا زمانها ولا مكانها"، مؤكدا أنها   مناسبة لحصر أموال وممتلكات جماعية غير مرخصة والبحث عن مصادرها وعن أوجه إنفاقها.

 

ويلفت الكاتب صالح القلاب، إلى أن تلويح الجماعة بقيادة همام سعيد بتحولها إلى "داعش" يدل على نوايا هؤلاء "القوم" وعلى ما في قلوبهم وعقولهم ليس منذ مرحلة ما بعد بروز بديل لهم مَنْ "إخوانهم"، بل قبل ذلك بفترة سابقة بعيدة.

 

"فهم حتى في الفترة التي كانوا فيها الطفل المدلل للنظام في مرحلة خمسينات وستينات القرن الماضي وبعد ذلك كان لبعضهم إنْ ليس لهم كلهم ارتباطات جانبية – خارجية وكان لهم تنظيمهم السري الموازي وكان بعض قادتهم أعضاءً في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي من المفترض أنها حركة وطنية فلسطينية"، يقول القلاب.

 

ويؤكد الكاتب أن "على هؤلاء الذين يلوحون بـ"شبانهم" أن ينظروا في واقعهم جيدا وأن يُدْركوا تحدي الشعب الأردني وتحدي الدولة الأُردنية وأن الاصرار على عدم تسوية أوضاعهم ومثلهم مثل غيرهم يعني العصيان المدني ومخالفة القوانين السارية وهذا لا يمكن أنْ تقبل به دولة ذات سيادة".

 

ويشير القلاب إلى أن من بين "الجماعة" "الكثير من العُقلاء الذين لا يُمكن أنْ يزايد عليهم أحد لا بالوطنية ولا بالإنتماء إلى هذا البلد, والغريب أنْ يسكت هؤلاء على قيادتهم ما يحصل باسمهم وأخطره التلويح بالانضمام إلى "داعش" والتنظيمات الإرهابية.

 

وبحسب الكاتب مهند مبيضين، فإن جماعة الإخوان استفادت ردحاً من الزمن من سماح الدولة لها بالبقاء في حالة غير منظورة قانويا.

 

فـ"بتجاوز زمن التأسيس والاستقلال الوطني، حقق وجود الإخوان للدولة كتلة مضادة للحركة الوطنية التي كانت تطلب حكم نيابي دستوري وترفض وعد بلفور، وهكذا وجدت كتلة مؤيدة لكل ما تريده الدولة".

 

وبعد استعراض لأهم المفاصل التاريخية للعلاقة بين الجماعة والدولة، يقول مبيضين "جاءت الدولة بحجة القانون، ولم يعد الزمن الماضي والادعاء بالوقوف مع الدولة منطقيا او حجة مبررة للتفرد، بل أضحت تلك الحجة بالية، فالدولة اليوم تريد حكم القانون ولا تريد تذرير الحركة وتفكيكها، بل فككها رموز التشدد من الذين لم يروا التحولات ولا عواقب التشدد والمحاكم التي شكلت داخلها لشباب ووجوه محترمة".

 

"وفي حين كانت الجماعة تمارس قطيعة وكذلك الدولة ويعود الطرفان للحوار واللقاء أحياناً، وقد حدث ذلك مرارا، إلا أنهم يواجهون واقعاً مغايراً، فاليوم الدولة قطعت مع الماضي والبكاء عليه وتريد القانون"، يقول مبيضين.