البطالة و"التشغيل".. بين الواقع والتضخيم

البطالة و"التشغيل".. بين الواقع والتضخيم
الرابط المختصر

يتزامن نشر صحيفة الغد لتحقيق حول حملات وزارة العمل للتشغيل، بما أظهره عن واقع البطالة في المملكة، مع إصدار البنك المركزي لتقريره السنوي لملخص الوضع الاقتصادي للعام الماضي، وما حمله من أرقام مخالفة لما تؤكده وزارة العمل عن هذا الواقع للبطالة.

 

الكاتبة جمانة غنيمات، تشير إلى ما ورد في التحقيق أجرته الزميلة رانيا الصرايرة، من أن وزارة العمل تعيد حساب فرص العمل المكررة، وأن ثمة مبالغات في أرقام "الحملة الوطنية للتشغيل"، وهما النتيجتان اللتان تكتسبان دقة ومصداقية تامتين عند النظر إلى تقرير "المركزي"، الذي يؤكد أن نسب البطالة المسجلة في العام الماضي  تُعد الأعلى منذ العام 2008.

 

فـ"وزارة العمل تؤكد أنها "نجحت بتشغيل أكثر من 26 ألف عاطل عن العمل"، فيما تقرير "المركزي" يكشف ارتفاع عدد المتعطلين الأردنيين خلال العام الماضي، بنحو 36 ألف متعطل، وليصل إجمالي عدد الأردنيين المتعطلين عن العمل إلى 209.6 ألف متعطل"، تقول غنيمات.

 

وتؤكد الكاتبة أن الأخطر من ارتفاع معدل البطالة، هو "التسويف والكذب بالأرقام، ورفع سقوف توقعات الناس. وادعاء أرقام غير موجودة، وواقع تشغيلي فيه كثير من الوهم، يؤزم الثقة بين المجتمع، وتحديدا فئة الشباب ضمنه، وبين الدولة ممثلة بالحكومة".

 

وتطالب غنيمات الحكومة وهي تقترب من الرحيل، بمصارحة الناس بالحقائق الصعبة بشأن أرقام البطالة، وأن تُراجع استراتيجية التشغيل، وتسعى إلى تطبيقها بمنهج مختلف، فـ"البطالة أخطر أمراضنا الاقتصادية وهي، بداية وبداهة، تحتاج تشخيصا دقيقاً صادقاً، لا أمنيات وتجميلا كاذبا".

 

كما يرى الكاتب فهد الخيطان، أن النتائج التي خلص إليها تقرير "المركزي" حول البطالة، تعد من وجهة نظر الحكومة مفاجئة، لا بل إن الأرقام غير دقيقة أبدا، حيث تؤكد وزارة العمل أن البطالة في الأردن إلى انخفاض.

 

أما تقرير البنك المركزي، فقد أكد، بحسب الخيطان،  الربط بين الأوضاع السائدة في الإقليم ومؤشرات السوق في الأردن، ومن بينها معدلات البطالة، فـ"آلاف الأردنيين، من سائقي شاحنات وسيارات نقل عمومي وعمال

 

مصانع وشركات، فقدوا وظائفهم بعد أن أغلقت أسواق الجوار في وجه حركة الصادرات والنقل.. إضافة إلى مزاحمة العمالة السورية الأردنيين على الوظائف القائمة وفرص العمل المتاحة.

 

فـ"مشكلة الحكومة أنها أصرت على إنكار الحقائق، لتلميع صورتها، والإيحاء للرأي العام بأنها نجحت أخيرا في تحجيم غول البطالة؛ فأوهمت نفسها بإنجاز لم يتحقق بكل أسف، مع أنه كان بمقدورها أن تبقي على التوقعات بحجم القدرات المتوفرة، من دون مبالغة أو تهويل".

 

فيما يستحضر الكاتب حسين الرواشدة، محاولة الشبان الخمسة الانتحار للمطالبة بتأمين فرص عمل لهم، مشيرا إلى تغريدة لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي على "تويتر" حول ضرورة قرع ناقوس الخطر بعنوان خطورة البطالة بعد هذه الحادثة.

 

ومع تأييده لما ورد من كلام الرفاعي، إلا أن الكاتب يرى فيه اختزالا لما يداهم مجتمعنا من خطر بالبطالة على خطرها، وتحتاج إلى دق أكثر من ناقوس, وفي مقدمتها قضية الإصلاح والعدالة واحترام القانون, ناهيك عن إعادة العافية للدولة بشكل عام.

 

ويسجل الرواشدة عددا من الضرورات الآنية، منها: أن أجراس التحذير التي دقت في مجتمعنا، لم تجد من يسمعها أو يؤخذها على محمل الجد، وأن بلدنا يشهد حالة “إحباط” ،ليس بسبب صعوبة الظروف الداخلية، وإنما جراء ما يحدث حولنا من “كوارث” أيضا، إضافة إلى أن افتقاد مجتمعنا لحيويته وقدرته على الحركة والاعتراض سيفتح المجال أمام “تمرير” قضايا خطيرة، مثل الهوية الأردنية، والدور الأردني وغيرهما.