البطالة.. رأس الهموم الاقتصادية في الشارع الأردني
مع إعلان حكومة هاني الملقي لخطتها ذات البنود الثمانية لمواجهة الفقر والبطالة، تتجدد تساؤلات كتاب الرأي والمقالات حول جدوى مثل هذه الخطط للحد من ظاهرة مثلت منذ عقود الهمّ الاقتصادي الأبرز في الشارع الأردني.
الكاتبة جمانة غنيمات، ورغم إشارتها إلى ما أظهره عيد الفطر من حالات فرح الأردنيين، إلا أن أول الهموم التي تبقى حاضرة ولا تغيب، تتمثل بالحالة الاقتصادية بكل تشعباتها وأمراضها، وأخطر مظاهرها البطالة، لاسيما بين الشباب، والذي يبقى وجع غالبية الأسر من دون مبالغة، في ظل الإحساس بالعجز أمام هذه المعضلة التي تنهش شبابنا، وتوجع الأسر التي تعاني أصلاً، في معظمها، محدودية المداخيل.
وتضيف غنيمات أن إحساس العاملين بعجزهم عن مواجهة ظروفهم الصعبة، وشعورهم بعدم الرضا عن كل ما يحيط بهم، مسألة باتت ظاهرة تعكسها الشكوى من الحال، وتزداد خطورة هذا الأمر مع تسيد يقين لدى شريحة واسعة بغياب العدالة والأفق نحو تحقيق ذلك، وبالتالي الإحساس بالضغينة تجاه الآخر.
أما الكاتب فهد الفانك، فيؤكد أن هنالك ضغوطا قوية توجه عادة إلى القطاع الخاص لكي (يتعاون) مع الحكومة في حل مشكلة البطالة.
هذا التعاون الذي يعني، بحسب الفانك، أحد أمرين: أولهما أن يتطوع القطاع الخاص في التوظيف غير اللازم، مما يعني بطالة مقنعة وترهلا إداريا وزيادة النفقات وتقليل الأرباح، وثانيهما: إعطاء الأولوية في التوظيف للعمالة الوطنية، ويبدو واضحاً أن هذا لم يحصل لأن أرباب العمل يفضلون العامل الوافد لأنه لا يطالب بزيادة الأجور، أو تخفيض ساعات العمل، أو التأمين الصحي..الخ.
فـ"كل حكومة تأتي تتعهد بمكافحة الفقر والبطالة، ولكن دون جدوى، وهناك حكومة وضعت برنامجاً محدداً وجدولاً زمنياً ثم ذهبت وذهب برنامجها معها، يقول الفانك.
ويخلص الكاتب إلى أنه لا بد والحالة هذه من الاعتراف بأن هناك مشكلة بنيوية تخص الأردن بالذات هي عدم التوازن بين الموارد والسكان، فالاقتصاد الأردني صغير جداً، وعدد السكان كبير جدا، وكان يزداد بنسبة 8% سنوياً خلال السنوات الأربع الأخيرة بسبب اللجوء السوري الكثيف في الوقت الذي كان معدل النمو الاقتصادي في تراجع.
من جانبه، يلفت الكاتب خيري منصور، إلى أشكال البطالة المتعددة، فإضافة إلى ما يعرف بـ"البطالة المقنعة"، والبطالة مدفوعة الأجر التي تحول الرواتب إلى إعطيات ومنح لأفراد قد لا يضطرون لمغادرة منازلهم سوى مرة واحدة في الشهر لتتقاضي الأجر عن بطالتهم، فهنالك بطالة ثالثة وهي البطالة المؤجّلة، أي التي تنتظر عشرات وربما مئات الآلاف من طلبة الجامعات والمعاهد.
والسبب التقليدي لهذا النمط من البطالة، بحسب منصور، هو سوء التخطيط وأحيانا غيابه التام، بحيث لا يتم توزيع الطلاب في كليات ومعاهد تبعا لحاجة المجتمع، والأولويات التي تهمه سواء كانت صناعية أو زراعية أو في أي مجال آخر.
فيما يرى الكاتب عصام قضماني، أن رئيس الوزراء الملقي رفع منذ اليوم الأول، شعارا يجيب على منتقديه بالاستعجال , بأنه سيعمل بسرعة لكن دون تسرع, وسيستفيد من عامل الوقت ومن ضيقه والنتائج يعكسها الإنجاز, فقرر أخيرا أن يذهب الى قرارات عملية , بدأت بخطة إجرائية من ثمانية بنود للحد من البطالة, وتخفيض 169 مليون دينار من نفقات الحكومة.
ويضيف قضماني أن "الرسالة الأولى والأهم لمنح أجندة الحكومة صفة شعبية كانت في برنامج محاربة البطالة وأظنها لم تكن وليدة لحظتها فهي من بنات أفكار كانت على ما يبدو في جعبته إستعدادا لتبوأ سدة صنع القرار مثل توسيع مهام وقدرات صندوق التنمية والتشغيل برفده 25 مليون دينار ساعد على إقرارها وتبنيها وزير العمل علي الغزاوي الذي أدار الصندوق سابقا ويعرف تأثيره.
كما "تخلى صندوق الضمان الإجتماعي عن تابوهات كانت تحول دون دخوله ميدان تمويل المشاريع الصغيرة والتمسك فقط بضخ المال في إستثمارات ضخمة فقرر منح قروض وسلف لمتقاعديه لغايات تمويل المشاريع الصغيرة، يضيف قضماني.