الانسحاب الروسي من منظور أردني
انهالت تحليلات كتاب مقالات الصحف اليومية في قراءة القرار الروسي بسحب القوات العسكرية الرئيسية من سورية، فيما وجد آخرون مساحة بعد ذلك لتناول القرار من زاوية أردنية، ومدى تأثيره على الجار الجنوبي لسورية.
الكاتبة جمانة غنيمات، ترى أن الوضع على الجبهة الجنوبية لسورية كان أبرز أسباب قلق الأردن خلال الفترة الماضية، خاصة مع ما وصفته بـ"تنصل" موسكو من الاتفاق مع المملكة حول تهدئة هذه المنطقة.
وتوضح غنيمات أن الحال في جنوب سورية، بتوسع العمليات العسكرية الروسية نحو هذه المنطقة، "الأمر الذي أثار مخاوف أردنية محقّة من وجود مقاتلين لحزب الله، كما أنصار لـ"الحشد الشعبي" وسواه من مليشيات عراقية، على الحدود الأردنية الشمالية"، مع "تقهقر قوى المعارضة السورية المعتدلة التي يرتبط الأردن معها بعلاقات طيبة في تلك البقعة"، إضافة إلى مخاوف كبيرة من موجات نزوح ضخمة للسوريين.
وتشير الكاتبة إلى أن الانسحاب الروسي المفاجئ للجميع، سيلقي بظلاله على المنطقة الجنوبية، مرجحة أنه لن يكون هناك مزيد من التمدد للنظام وحلفائه في المنطقة.
إلا أن الانسحاب الروسي، بحسب غنيمات، سيكون له منافع للأردن، تتمثل إحداها في التوقع المنطقي بتكثيف الحرب على تنظيم "داعش"، ومختلف التنظيمات الإرهابية، فـ"سحب الجزء الأكبر من القوات الروسية في سورية، مع استمرار دور المتبقي منها، في قاعدتي حميميم وطرطوس تحديداً، في محاربة "داعش"، ربما يدعم جهود الأردن على هذا الصعيد".
"يضاف إلى ذلك طبعاً المنفعة الأخرى "المأمولة"؛ وهي أن تساهم مغادرة الروس عسكرياً في الدفع نحو بلورة حل سياسي للأزمة السورية التي دخلت عامها السادس"، تقول غنيمات.
وتنتهي الكاتبة إلى القول إن "الأردن يبقى في وضع مريح نسبيا في علاقته باللاعبين في سورية، لافتة إلى أن الهدنة "المفتوحة المدة" ستعطيه أيضا الفرصة لأن يقدم رؤيته في ظل أجواء أكثر هدوءا، واتزان أكبر لمختلف الأطراف الفاعلة في الأزمة".
وبعد استعراض لانعكاسات القرار الروسي على مختلف الأصعدة الإقليمية والدولية، يؤكد الكاتب محمد أبو رمان، أن ذلك سيعني أردنيا، التخفيف من المخاوف بشأن تكرار سيناريو حلب في درعا، ما كان سيعني مئات الآلاف من اللاجئين، وانتقال الفوضى والمواجهات إلى مقربة الحدود، وضغوط دولية إنسانية، واحتمالية وصول "داعش" إلى درعا مع تفكك "الجبهة الجنوبية".
ويضيف أبو رمان أن الأردن أعاد التموضع بصورة كبيرة مع التدخل العسكري الروسي، باتجاه أكبر نحو الحياد، إلاّ أن المخاطر زادت ولم تتوقف، ما دفع بالمطبخ السياسي إلى تحذير الروس من الاقتراب إلى حدود الأردن من قبل المحور الإيراني-الروسي، أي بمثابة "خط أحمر" أردني، بعد أن أخلّ الروس بالتزاماتهم تجاه الأردن في "وقف إطلاق النار".
فـ"المطلوب اليوم، إعادة تقييم الموقف أردنياً بعد الانسحاب الروسي؛ فيما إذا كان ذلك سيدفع إلى العودة لنظرية "الوسائد" ودعم "الجبهة الجنوبية" ووضع درعا تحت الرعاية الأردنية، مرّة أخرى، بعدما وجدنا أنّ البديل سيكون كارثياً على الأمن الوطني الأردني"، بحسب أبو رمان.
ويتناول الكاتب حسين الرواشدة، تبعات الانسحاب الروسي، ليخلص إلى التساؤل: كيف سيؤثر ذلك على بلدنا، ليقول: حتى الآن لا توجد أية إجابة رسمية، فقد اكتفت المصادر التي سمعنا تصريحاتها “بالتمنيات” الممزوجة بالحيرة.
ويوضح الرواشدة أن الأردن سيجد نفسه أمام تحولات جديدة ومتسارعة، لا سيما على جبهة سوريا الجنوبية التي تشكل تهديدا مباشرا لأمننا الداخلي، وسيتوقف مدى قدرتنا على مواجهة هذا الخطر على عاملين، الأول إعادة الانفتاح على التنظيمات المسلحة المعتدلة، والثاني إعادة الفاعلية للتحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تعرض في الشهور الماضية للتراجع.
وكات الكاتب رحيل غرايبة، قد ذهب في مقال لتحليل القرار الروسي، إلى أن الأردن سيكون عنصرا مهما في المشهد المقبل، وذلك من خلال قدرته على النجاة من مقصلة الفوضى، ومن خلال موقعه البالغ الأهمية، "ولكن الأردنيين بحاجة إلى الاستعداد الجيد على صعيد توحيد الرؤية الاستراتيجية، والتقدم إلى الأمام على صعيد تطوير مؤسسات الدولة.