الاستحقاق الدستوري و"الضرب بالمندل"

الاستحقاق الدستوري و"الضرب بالمندل"
الرابط المختصر

عيش الأروقة السياسية المحلية موجة من التوقعات والتكهنات، حول الاستحقاق الدستوري المتعلق بموعد الانتخابات النيابية، وما يستتبعه من حل مجلس النواب واستقالة الحكومة، مع ما يرافق ذلك من "بورصة" الأسماء المتوقع في كل خانة سياسية.

 

الكاتب محمد أبو رمان، يؤكد أن حالة الترقب هذه، ليست فقط ضارّة من زاوية انتشار الأقاويل والإشاعات وتكاثر النميمة السياسية، بل أيضاً من زاوية أكثر أهمية، ترتبط بعمل الحكومة والوزارات والمؤسسات المتعددة، "فالوزراء والمسؤولون الكبار في مثل هذه الحالة يفضّلون التريّث تجنّباً لقرارات يحاسبون عليها غداً، سواء أخطأوا أم أصابوا".

 

كما تتجنب الحكومة، في ظل هذه الحالة، مغادرة "الدوار الرابع"، غداة اتخاذ قرارات صعبة، فتلجأ إلى التسويف والمماطلة، كي تحمل الحكومة المقبلة وزر القرارات غير الشعبية أو الصعبة، وهو أمر متوقع، في ظل مشروع الاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولي، الذي يحمل في باطنه قرارات متوقعة فيما يخص السلع والخدمات الأساسية.

 

ويشدد أبو رمان على ضرورة تحديد مواعيد الأجندة الزمنية المطلوبة للاستحقاقات الدستورية والسياسية، بتقرير موعد الانتخابات، ووضع خريطة دقيقة بما هو مطلوب من الحكومة ومجلس النواب إلى حين انتهاء مدة المجلس الحالي، وذلك للخروج مما يصفها بحالة "الكوما" السياسية والاقتصادية.

 

ويستبعد الكاتب ما تروجه أوساط نيابية وسياسية لسيناريو ترحيل أو تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة، والتمديد للمجلس الحالي، بانتظار المشهد الإقليمي وما يمكن أن يسفر عنه، مشيرا إلى أن الخطر الأكبر الذي يهدد استقرار الدول في عالم اليوم يبدأ من الداخل لا من الخارج، ما يتطلب وجود مؤسسات سياسية قوية فاعلة.

 

ويخلص الكاتب إلى أن "إجراء الانتخابات النيابية سيساعد كثيراً في تحريك المياه الراكدة الداخلية. ووجود مجلس نواب، وفق قانون جديد، يعطي زخماً للوضع السياسي، بعدما وصل المزاج الشعبي إلى طلاق شبه كامل مع الحكومة والمجلس الحاليين.

 

أما الكاتب ماهر أبو طير، فيعيد إلى الذهن مفهوم "الاستدعاء" أو ما كان يعرف في الموروث التركي بـ"عرض حال"، والذي ما زال مسيطرا علينا ولو بنوع جديد، فكلما اقترب موعد تشكيل حكومة جديدة في الاردن، نشهد صحوة مفاجأة لكثيرين من غيابهم أو سباتهم أو تواريهم طوعا في الظلال، فتنهمر علينا استدعاءات هؤلاء العلنية، للتذكير بوجودهم، لعل أحدهم يصبح رئيسا للحكومة أو وزيرا.

 

ويضيف أبو طير بأن أشكال "الاستدعاء" السياسي، متنوعة، مقال، مقابلة، ندوة، رعاية مؤتمر، وصفات سياسية، حلول اقتصادية، مقابلة تلفزيونية، بوست ساخن على الفيس بوك، تغريدة دون تغريد عبر التويتر، مشاركة في زفاف، عزاء، زيارة بيت فقراء، مع تلونها للمرحلة، لكننا نشهد قبيل كل حكومة جديدة، هذه الظاهرة، اي ظاهرة الإبراق لولي الأمر، عبر التذكير بالشخص.

 

"لكنك تسأل في عام ألفين وستة عشر سؤالا واحدا، ماذا لدى أصحاب الاستدعاءات غير العموميات؟، وهل رأينا واحدا فقط يبرق في الاستدعاء المكتوب او المسموع او المتلفز، خطة تفصيلية لرؤيته تجعله يستحق ان يكون مطروحا بين اسماء عدة لتولي رئاسة الحكومة او اي وزارة؟!، يتساءل أبو طير.

 

وينتهي الكاتب إلى القول "مخجلة ظاهرة الاستدعاءات السياسية، وهي ببساطة مجرد طلب لوظيفة عليا، في زمن تعب فيه شعبنا من كل هذه الاستعراضات، ومن كل هذه الطموحات، ولا يريد سوى ان يعيش....يعيش فقط".

 

فيما يلفت الكاتب جمال الشواهين، إلى ما تظهره استطلاعات الرأي العام من عدم الثقة بالحكومة، مع تفاوت نسبها بما يعكس عدم الرضا، ويكون التذمر من الإجراءات الحكومية وسياساتها على ظاهر الناس ويعبرون عنه كل بطريقته.

 

"ولا يختلف الوضع كثيرا لجهة مجلس النواب، حيث ندر الحديث دائما عن مجالس قوية أو ما يمثل الشعب فعلا، وكان ربط أعمال السلطتين التنفيذية والتشريعة يفضي دائما إلى مخرجات تخلوا من الالتفاف حولها وبجملها لا تكون شعبية"، يقول الشواهين.

 

ويوضح الكاتب أن التركيب العام للدولة هو نفسه عمليا منذ التأسيسن والذي يقوم على سياسة التعيين وتقريب نخب بعينها، إضافة لمحاصصات في مجمل القطاعات، والتحكم والسيطرة على مجمل المؤسسات، وهو في الجانب الاقتصادي تنقل مرارا ويستقر الآن على نمط مشوه في السوق وتلقي المساعدات والقروض، فيما تتميز الجوانب الأمنية والعسكرية التي يمكن القول عنها إنها القطاعات الوحيدة التي تشهد تطورا واهتمامات حقيقية.

 

فبعد ربع قرن من عودة الحياة النيابية للبلاد، فلا يزال بناء الدولة دون أي تغيير جدي، "فالحكومات ما زالت تعين، ومجالس النواب دون أغلبية وأقلية، وواقع الأحزاب مثير للشفقة، وليس هناك معارضة من أي مستوى يمكن لها أن تكون مؤثرة لأنها تمنع كلما أطلت برأسها، فعن اي انتخابات نيابية يتحدثون طالما سيكون الحال نفسه بعدها أن لم يكن اسوأ قليلا"، يختتم الشواهين.

أضف تعليقك