الاتفاق النووي الإيراني.. ترحيب أردني.. وقلق عربي
أكدت مندوب الأردن الدائم لدى الامم المتحدة دينا قعوار، أن الأردن يرحب "بالاتفاق" الذي تم التوصل إليه حول الملف النووي الإيراني، وبالجهود السياسية والدبلوماسية عبر أشهر من التفاوض المكثف والتي بذلتها كل من الصين وفرنسا وألمانيا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي للتوصل إلى ذلك "الاتفاق".
وأضافت قعوار في كلمة لها في مجلس الأمن الدولي الاثنين، بأن موقف الأردن كان دائماً يطالب بإيجاد تسوية دبلوماسية وحل سلمي للملف النووي الإيراني.
وأشارت إلى أن الأردن مع أية خطوات يمكن أن تساهم في ترسيخ الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي وخاصة في ظل الظروف والتغيرات التي تعيشها منطقتنا في الوقت الراهن، معربة عن أملها بأن يقوم هذا "الاتفاق" بتعزيز الثقة بقدر كبير ما بين دول المنطقة، وأن يكون فاتحة لحوار أوسع وأشمل لكل القضايا الخلافية، إضافة إلى انعكاسه إيجابا على كافة دول المنطقة وعلى أمن شعوبها واستقرارهم>
وكان مجلس الأمن قد وافق بالإجماع، على الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، في خطوة تمهد لبدء رفع العقوبات الدولية عن طهران، حيث وصوت الأعضاء الخمسة عشر بالموافقة على القرار الذي يقضي بإلزام كافة الأطراف الموقعة على اتفاق فيينا بالعمل على تنفيذه كاملا.
فيما كان لكتاب الرأي في الصحف الأردنية آراء متباينة حول آثار الاتفاق النووي، حيث يرى الكاتب منار رشواني، أن المستفيد الأكبر الحقيقي منه، على المدى القصير على الأقل، هو إسرائيل والتيار اليميني فيها، مع أنها البلد الوحيد الذي عارض الاتفاق.
ويضيف رشواني بأن الحقيقة الأولى لاتفاق فيينا هي تحييد إيران تماماً على صعيد استغلال الصراع العربي-الإسرائيلي، مستبعدا أي "مغامرة" إيرانية غير مباشرة ضد إسرائيل، التي ستحصل، بالمقابل، على الكثير من المساعدات العسكرية، لطمأنتها إلى أن الاتفاق لا يهدد أمنها.
قلق عربي من الاتفاق:
يصف رشواني حالة الذعر العربية من الاتفاق النووي الإيراني، بـ"غير المبررة"، إلا بالقدر الذي تريده الدول العربية، موضحا بأن طهران لم تكف يدها عن العالم العربي، تدميراً وتقتيلاً، إبان العقوبات الاقتصادية. فيما يمكن افتراض العكس تماماً، بشروط، بعد الاتفاق مع الدول الكبرى.
ويتوقع الكاتب تصعيدا إيرانيا مدمرا في العالم العربي، إرضاء للمحافظين الذين يرون أن الاتفاق النووي قد تجاوز كل الخطوط الحمر، على حد تعبيره.
أما الكاتب عيسى الشعيبي، فيشير إلى ما شهدته وسائل التواصل الاجتماعي، وصفحات الرأي في الصحف العربية، مما يشبه مأتما لندب الحظوظ وقد الجيوب، على ما سيؤول إليه حال العرب، جراء ما سينجم من اختلالات إضافية على معادلة القوة المختلة أساساً في هذه المنطقة، بعد توقيع الاتفاق.
ويذهب الشعيبي إلى أن من الواقعي الاستنتاج بأننا سنكون، بعد هذا الاتفاق، أمام إيران أخرى، "إن لم نقل إننا سنشاهد بلداً منقوص السيادة، يطوف المفتشون الدوليون رحاب قلاعه".
ومع عدم تقليله من أهمية هذا الاتفاق، إلا أن الشعيبي يدعو إلى التوقف عن "خلق أجواء هزيمة نفسية ذاتية.. رغم كل ما يبدو لنا من انكفاء ظاهر في المشروع التوسعي الإمبراطوري، الذي بات يمشي على عكازتين خشبيتين في العراق، وعلى عكازة واحدة في سورية، وليس في وسعه المشي في اليمن أو في غزة خطوة واحدة".
ويقول الكاتب ماهر أبو طير، إن أحدا لا يصدق أن الاتفاق مجرد اتفاق معلن، مرجحا عقد مفاوضات سرية بين طهران ودول العالم النافذة، بشأن تقاسم النفوذ في المنطقة، على صعيد الشعوب والثروات والتمركز السياسي والعسكري.
ويضيف أبو طير بأن الاتفاق النووي قد يخفي خلفه ما هو أخطر، يتمثل بشكل الإقليم الجديد، متسائلا عما ستفعله بقية الدول العربية حين تتحالف واشنطن مع طهران، إضافة إلى سلسلة التحالفات الأخرى.
الكاتب ياسر زعاترة، يرى المشهد الإيراني من منظورين: خارجي وداخلي، حيث تعيش طهران منذ أربعة أعوام صراعا دمويا مع الشارع العربي والإسلامي، "وهو صراع كان يتجلى في العراق، ثم امتد لسوريا، ووصل إلى اليمن، مع وجود تجليات واضحة له أيضا في لبنان.
أما داخليا، فإن الجمهور الذي ذهب لانتخاب روحاني على أمل تحسين وضعه الاقتصادي، يأمل في أن يجني حصاد اتفاق النووي تحسنا على هذا الصعيد، مشيرا إلى أن "ما لا يقل أهمية هنا هو أن صراعا حقيقيا يدور في إيران بين الإصلاحيين والمحافظين، وإن لم يظهر كثيرا فيما يتعلق بالملف الخارجي".