الأردن...تخوّفات من إمارة متشدّدة على الحدود الشماليّة

الأردن...تخوّفات من إمارة متشدّدة على الحدود الشماليّة
الرابط المختصر

قال موقع المونتيور إن حراكا متسارعا تشهده الحدود الأردنيّة الشماليّة، عقب سيطرة جيش خالد بن الوليد (مبايع للتنظيم الدولة الإسلاميّة) على قرى واسعة في الجنوب السوريّ، بعد أنّ فكّ حصاراً فرضته عليه فصائل سوريّة معارضة لمدّة سنوات في حوض اليرموك بريف درعا، والذي يبعد كيلومترات قليلة عن قرى أردنيّة حدوديّة. واستطاع التنظيم المتشدّد، التمدّد في نهاية شباط/فبراير بسرعة كبيرة، مستغلاًّ انشغال فصائل سوريّة في المعارك الدائرة بين النظام السوريّ وبين هيئة تحرير الشام في الجنوب، والتي حملت اسم "الموت ولا المذلّة". وبحسب الناطق باسم جيش الثورة في الجبهة الجنوبيّة (جيش حرّ) أبو بكر الحسن، تمكّن جيش خالد بن الوليد من إحكام قبضته على 10 قرى سوريّة، هي: الشجرة، جملة، عابدين، القصير، نافعة، عين ذكر، تسيل، عدوان، جلين، وسحم، وقال لـ"المونيتور": "استطاع التنظيم المتشدّد السيطرة على مدافع ذات عيار 130 ملم، والتي يبلغ مداها الأقصى 27 كلم مع كميّة محدودة من الذخيرة، إضافة إلى عدد من دبّابات T 55 ومدافع الميدان ذات العيار 1222 ملم والأسلحة المتوسّطة والخفيفة، ممّا يهدّد مدناً كبيرة في شمال الأردن، مثل الرمثا واربد (ثاني أكبر مدينة أردنيّة)، اللتين يقطنهما ما يقارب المليون نسمة".

 

وشرح الناطق باسم الجبهة الجنوبيّة (جيش حرّ) الرائد عصام الريّس لـ"المونيتور" سبب هذا التمدّد "استخدام جيش خالد بن الوليد خلايا نائمة في القرى التي سيطر عليها، واستغلال انشغال الجيش الحرّ بالمعارك مع قوّات النظام"، مؤكّداً أنّ "المعارك جارية لاستعادة هذه القرى".

 

استطاعت السلطات الأردنيّة على مدار الأعوام الماضية المحافظة على قاعدة درعا خالية من "داعش"، بالتّعاون مع فصائل مدعومة من "غرفة الموك"، إلاّ أنّ هذه القاعدة اختلّت بعد توسّع تنظيم "داعش" في الحدود الشرقيّة المتاخمة للبادية السوريّة، ومبايعة تنظيمات متطرّفة في مناطق درعا وحوض اليرموك، وأبرزها: تحالف حركة المثنى، لواء شهداء اليرموك، وجماعة المجاهدين، التي اندمجت في عام 2016 تحت مسمّى جيش خالد بن الوليد.

 

ويثير تمدّد هذه الفصائل مخاوف محلّلين وخبراء أردنيّين من تشكّل إمارة متشدّدة على الحدود الشماليّة تستقطب التنظيمات المتشدّدة، التي خسرت جغرافيّاً في سوريا والعراق، ودعا المحلّل السياسيّ الدكتور عامر السبايلة إلى "اجتثاث التنظيمات المتطرّفة في الجنوب السوريّ، قبل أن تتجذّر وتتحوّل إلى إمارة"، وقال لـ"المونيتور": "إنّ التنظيمات المتطرّفة القريبة من الحدود الأردنيّة تشكّل خطراً كبيراً، وقد تشنّ هجمات غير تقليديّة كعمليّات استهداف بإطلاق صواريخ على المدن الأردنيّة وعمليّات نوعيّة على الحدود كعمليّة الركبان".

 

وتقرّ السلطات الأردنيّة بالخطر، الذي تشكّله التنظيمات المتطرّفة في الجنوب السوريّ على الأمن القوميّ الأردنيّ، وكشف رئيس هيئة الأركان الأردنيّة الفريق محمود فريحات في مقابلة مع "بي بي سي" بكانون الأوّل/ديسمبر أنّ "جيش خالد بن الوليد المبايع لــداعش على بعد 1 كلم من الحدود الأردنيّة، ولديه القدرة على استهداف مواقع الجيش الأماميّة".

 

في وقت وجّه فيه مصدر حكوميّ أردنيّ، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"المونيتور" رسالة وعيد وتهديد إلى الفصائل المتشدّدة، قائلاً: "من يقترب من الحدود سيجد حتفه، فلدينا أعظم أنظمة حماية حدود في العالم".

 

ورأى عامر السبايلة أنّ "الأردن أمام خيار عمليّ واقعيّ لحماية حدوده، وهو التنسيق مع شريك حقيقيّ على الأرض السوريّة، والواقع يقول إنّ هذا الشريك هو الروس والنظام السوريّ، خصوصاً في ظلّ عدم وجود رؤية لدى التحالف الدوليّ لما بعد مرحلة القصف الجويّ".

 

وشهد الموقف الأردنيّ انعطافة تجاه روسيا في الملف السوريّ، تمثل في زيارة العاهل الأردنيّ الملك عبد الله الثاني لموسكو في كانون الثاني/يناير للتنسيق في ما يتعلّق بالأزمة السوريّة ومحاربة الإرهاب.

أمّا الخبير في شؤون الجماعات الإسلاميّة حسن أبو هنيّة فقال في حديث لـ"المونيتور": "إنّ المشكلة في الحقيقة تنبع من تراجع الاستراتيجيّة الدوليّة، وخصوصاً الأميركيّة، في التعامل مع الملف السوريّ وتوقّف الدعم الغربيّ لفصائل معتدلة في الجنوب السوريّ كانت تعتمد على التسليح الغربيّ والإشراف الأردنيّ من خلال غرفة الموك التي باتت ضعيفة".

 

هذا التراجع في الدعم، "دفع الفصائل المعتدلة إلى الإنخراط إمّا بالقاعدة ممثّلة بهيئة تحرير الشام وإمّا في جيش خالد بن الوليد"، كما قال أبو هنيّة، الذي توقّع أن "تضعف الفصائل المعارضة المعتدلة في الجنوب السوريّ على المدى المتوسّط".

 

وعسكريّاً، قال الخبير العسكريّ اللواء المتقاعد فايز الدويري لـ"المونيتور": "إنّ توسّع جيش خالد بن الوليد في سوريا لم يكن على امتداد الحدود الأردنيّة، بقدر ما هو توسّع في العمق السوريّ. وبمعنى آخر، فإنّ خطّ التّماس بينه وبين الأردن، لم يزدد عرضاً، إنّما هو تمدّد من منطقة حوض اليرموك في اتّجاه البلدات الشماليّة".

 

"لكنّ هذا التوسّع يشكّل خطراً على الأردن"، كما رأى فايز الدويري بسبب "تعزيز نفوذ هذا التنظيم وازدياد وقدرة النيران لديه، التي تستطيع الوصول إلى المملكة بسبب ما يمتلكه من رشاشات متوسّطة وقذائف هاون ومدفعيّة"، وقال: "أيّ عمليّة تماس بين الأردن وجيش خالد بن الوليد، ستكون ردّة فعل المملكة باستخدام النيران وسلاح الجوّ".

 

واستبعد "استخدام القوّات البريّة ودخول قوّات أردنيّة إلى العمق السوري".

 

 

وأكّدت مصادر في الجيش الحرّ السوريّ بالجنوب لـ"المونيتور" أنّ قوام جيش خالد بن الوليد يبلغ ما يقارب الـ1500 مقاتل، 300 منهم تحت مسمّى قاضٍ شرعيّ، ويترأسه شخص أردنيّ يدعى أبو محمّد المقدسيّ، ويمتلك الجيش قدرة على تجنيد أبناء القرى التي يسيطر عليها بسبب تقديم إغراءات ماديّة، إلى جانب إخضاعهم لدورات دينيّة في الجهاد.

 

بينما يبلغ عدد فصائل الجيش الحرّ في المنطقة الجنوبيّة 120 فصيلة، منها 20 فصيلة تتلقّى الدعم من غرفة "الموك" المموّلة أميركيّاً، أبرزها: جبهة ثوّار سوريا، فرقة أحرار نوى، لواء الجنوب، فرقة الفجر، الفرقة 46، ألوية الفرقان، المجلس العسكريّ في القنيطرة، وجيش أحرار العشائر.