أبناء قطاع غزة والمواطنة "غير الفاعلة"

أبناء قطاع غزة والمواطنة "غير الفاعلة"
الرابط المختصر

أخذ إعلان الحكومة عن تطبيق قرار "المهن المغلقة" على أبناء قطاع غزة في المملكة، مساحة واسعة بين أعمدة الرأي والمقالات في الصحف اليومية خلال اليومين الماضيين.

 

 

الكاتبة جمانة غنيمات، ترى أن إجراء الحكومة يأتي في سياق كل الخطوات الرسمية غير المدروسة وغير محسوبة الأثر والنتائج، وضمن القرارات "الاعتباطية التي تعبّر عن انفصال كبير عن الواقع، وعجز عن قراءة حقائقه ومعطياته.

 

 

وتضيف غنيمات أن حرمان الغزيين من العمل في مدارس القطاع الخاص، ليس هو الظلم الوحيد الواقع على الغزيين بيننا؛ فهم محرومون قبل ذلك من التملك، وطبعاً من العمل في القطاع العام، ولا يتمتعون بكثير من الحقوق الدنيا التي تكفل لهم عيشا كريما.

 

 

وتتمثل المشكلة، بحسب غنيمات، بالقرار ذاته، وبعدم التراجع عنه رغم كل الاحتجاج عليه وشرح مخاطره، وذلك عبر تقديم مبررات واهية غير مقنعة بأن الخطوة تنظيمية لا تحمل أبعادا سياسية، مشيرة إلى أن القصة الأهم تبدو في الجانب الإنساني.

 

 

 

أما الكاتب عريب الرنتاوي، فيشير إلى ما أظهرته أرقام التعداد السكاني الأخير، من أن ما يقرب من 700 ألف فلسطيني، يقيمون في الأردن، معظمهم إقامة دائمة أو شبه دائمة، جزء كبير من هؤلاء من أبناء وبنات قطاع غزة، والبقية ممن شملتهم تعليمات فك الارتباط من أبناء القدس والضفة الغربية.

 

 

ويؤكد الرنتاوي، في مجال العمل، أن أبوابه تكاد تكون مغلقة في وجوه هذه الفئة، مع إغلاق العشرات من المهن أمام من لا يحملون الرقم الوطني، لافتا إلى أن أبناء القطاع وحملة الجوازات بلا أرقام” من الفلسطينيين، يلقون ذات المعاملة التي تتلقاها آخر موجة من اللاجئين إلى الأردن.

 

 

وحول القرار الحكومي الأخير حول التعليم الخاص، يقول الكاتب "مئات وربما ألوف منهم، سيلقى بهم إلى الشارع، مع أن غالبيتهم، مستخدمون بعقود ورواتب جائرة، تقل عن الحد الأدنى بكثير، بل وتقل عن المعدل الوسطي لرواتب أكثر من خمسين ألف عاملة منزل آسيوية يعملن في البلاد"، وفقا لما تلقاه من عشرات الاتصالات منذ صدور القرار.

 

 

و"لا يقف القلق عند هذا الحد، هو مسلسل متعدد الحلقات، قبل أقل من عام، مررنا بمسلسل “تصريح العمل”، الذي شمل أبناء غزة، أسوة بالعمالة الوافدة، يومها اجتاحت أبناء هذا القطاع، موجة من القلق، لم تتوقف تداعياتها وارتداداتها حتى اليوم، ولم يقلل من شأنها حديث الحكومة عن إعفاء من الرسوم، المسلسل سيستمر على ما يبدو، وهذا ما يتخوف منه الكثيرون".

 

 

وينتهي الرنتاوي إلى القول إن العاملين من أبناء القطاع وبناته، لا يحولون قرشاً واحداً خارج “السوق الأردنية”، بل أنهم يتلقون العون والمساعدة من أقارب لهم من الغزيين العاملين في الخارج، ومن مصلحة “الدورة الاقتصادية” أن يبقى هؤلاء على “قيد العمل”.

 

 

وفي مقال سابق، كتب الكاتب فهد الخيطان مقالا حول القرار الأخير أكد خلاله أن الجهات الحكومية صادرت مكاسب تاريخية لأبناء قطاع غزة في الأردن؛ كحق تملك الأراضي لغايات السكن، والتنافس الحر على القبول الجامعي، والأسوأ أنها، في الآونة الأخيرة، ساوت في المعاملة بين أبناء غزة الذين لجأوا إلى الأردن قبل نحو خمسين عاما بعد أن شردهم الاحتلال من أرضهم، وبين عمال وافدين قدموا بمحض إرادتهم قبل أعوام لغايات العمل لبضع سنوات ومن ثم العودة إلى ديارهم.

 

 

 

ويلفت الخيطان إلى أن هذه القرارات التي وصفها بـ"الفرمانات الحكومية"، حوّلت حياة الغزيين إلى جحيم، وحكمت على عشرات الآلاف منهم بالوقوع قسرا في دائرة الفقر والعوز، وطلب معونة لا يجدونها أصلا.

 

 

و"آخر الفرمانات حرمان ما يزيد على 800 شخص من فرص العمل في قطاع التعليم الخاص (الخاص وليس الحكومي)، وتجريدهم من وظائفهم ومصدر رزقهم، بدعوى أنهم فئة تنطبق عليها تعليمات العمال الوافدين".

 

 

ويشدد الكاتب على أن ليس ثمة سبب يمنع معاملة أبناء قطاع غزة معاملة اللاجئين الفلسطينيين ممن لا يتمتعون بحقوق سياسية؛ المنافسة على فرص العمل في السوق، والمقاعد الجامعية، وحق تملك العقارات والأراضي.

 

 

وبحسب الكاتب ماهر أبو طير، فثمة مفارقة بأن كل القرارات الحكومية، التي تمنع غير الأردنيين من العمل في القطاع العام والخاص، لايتم تنفيذها، إلا على أهالي غزة.

 

 

ويضيف أبو طير "ملف أبناء غزة، تتم إثارته دوما بشكل خاطئ، ويتعمد البعض تسميمه، فأبناء غزة، في أغلبهم لايطالبون بأرقام وطنية، ولاجنسية، ولامحاصصة سياسية، وكل مايريدونه هو العيش بكرامة".

 

 

ويؤكد الكاتب على أن "المقارنة بين منع الغزيين، ومنع العرب، مقارنة جائرة، فالعربي، يأتي للعمل أساسا، ويغادر، لكن الغزي مقيم، ولايعرف إلا الله، سنوات إقامته الممتدة منذ عقود، وإلى متى سيبقى هنا".

 

 

ورغم تأكيد أبو طير على أن الأولوية بطبيعة الحال للأردنيين، إلا أنه يطرح الموضوع من زاوية محددة، تقول إنه لايجوز اعتبارهم مثل العرب، وتطبيق ذات التعليمات عليهم، لأن لهم وضع مختلف يرتبط بالاحتلال، واستحالة العودة، ولأنهم باتوا جزءا من المجتمع على مستويات كثيرة.

أضف تعليقك