أبعاد وزوايا لـ"عملية اربد"
لم تقتصر العملية الأخيرة في اربد على بعدها الأمني فحسب، إذ كان لكتاب الرأي والمقال زوايا أخرى في إعادة قراءتها، وتقدير حجمها.
فالكاتب حسين الرواشدة، يرى أن العملية استدعت سؤالا مهمّا، إن كان يوجد لدينا "داعش" في الأردن، في ظل المعلومات التي تفيد بأن من وصفتهم الحكومة بـ"الخارجين على القانون"، ينتسبون للتنظيم ويحملون الجنسية الأردنية.
ويؤكد الرواشدة أننا أمام تطور خطير يتجاوز تشكيل “خلية “ نائمة، قد يصل إلى إنشاء تنظيم، لا نعرف حتى الآن فيما إذا كان مستقلا عن التنظيم الأم في “الرقة” ام انه تابع له، إلا أنه في كل الأحوال يشير إلى أن “داعش” تسربت فعلا.
فـ"بحسب تقديرات وزارة الداخلية - يوجد في الأردن - نحو (7) آلاف سلفي “جهادي”، منهم 2000 سلفي متعاطف مع داعش، و 1300 شاب انضم إلى القتال مع جبهة النصرة و"داعش"، فيما تشير تقديرات أخرى إلى أضعاف هذا العدد".
ويشير الكاتب إلى قناعته، قبل عملية اربد"، بأن "داعش الفكرة"، موجودة في مجتمعنا ولكنها محاصرة وغير فاعلة، ولم تتحول الى تنظيم، لأن البيئة التي خرجت منها في سورية أو العراق، لها ظروفها الخاصة، غير المتوفرة في الأردن، وارتباط تصاعد التنظيم بعنف النظام وسقوط الدولة هناك، إضافة إلى الموقع الجيو سياسي للمملكة.
إلا أن الصورة، بحسب الرواشدة، تغيرت بعد عملية اربد، مؤكدا على أهمية ألاّ نطمئن إلى سلامة أوضاعنا، وخاصة فيما يتعلق بالداخل الذي يشهد تصاعدا واضحا لنبرة التطرف وأعداد المتطرفين والمعجبين بـ"داعش".
أما الكاتب فايز الفايز، فيلفت إلى أن الدرس الذي يجب أن يستخلص مما جرى في اربد، هو أن المناطق الحدودية والمدن المحاذية لجبهة القتال في سورية يجب أن تخضع للرقابة والتواجد الأمني والمظاهر العسكرية، لأن المجتمع أصبح خليطا غير متجانس هناك ، وتجاوز القانون أصبح مقلقا من الناحية الأهلية.
ويضيف الفايز أن "عملية اربد ليست عملية تجميل أو استعراض واسترجال على مواطنين عزل كما يشيع البعض، بل هي عملية استئصال لخلية سرطانية كادت أن تنفجر في أي مكان من هذا الوطن"، على حد تعبيره.
أما الحديث عن "الفقر والبطالة وتزاحم العيش وغياب العدالة،وعدم التواصل الرسمي مع المواطنين وزيادة الأعباء المالية لحساب الضرائب، وترك الباب مفتوحا لكل من هبّ ودبّ ليدخل الى بلدنا بلا قيد أو شرط، فقد أدى، بحسب الكاتب، أدى إلى تغيّر مخيف في البناء الاجتماعي وأخلاقياته،وجعل الشباب عرضة للإغواء والانضمام الى ركب الإجرام، أو النزوع الى العنف، أو حتى وهو الأخطر، التعاطف مع تلك الفئات المجرمة.
الكاتب ماهر أبو طير، يتناول الحدث من منظور اجتماعي، مشيرا إلى وقوف الأردنيين من شتى منابتهم "على قلب رجل واحد" عند الأزمات، وهي "الحقيقة" التي حمت البلد خلال "الربيع العربي".
ويوضح أبو طير أن "البنية الاجتماعية على مآخذها الكثيرة جراء تفشي الفساد وغياب العدالة، وعدم وجود أمل بالمستقبل، أبت أن تفتح بابا لليأس فتهدم كل المبنى بذريعة إصلاح بعض زواياه أو سقوفه".
ويؤكد الكاتب أن سلامة الجبهة الداخلية، تعد أهم عنصر في سلام الداخل الأردني، "ولانكتفي هنا بالطلب من المسؤولين أن يقوموا بجولات بروتوكولية على كل مكان، لكننا نريد استرضاء كل البنية الاجتماعية بشكل مختلف".
"نريد مصالحة مع كثرة تشعر بعتب، وصول إلى كل محافظة، حل مشاكل كثيرة، إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والناس، عدم ترك تظلمات الأردنيين باعتبارها مجرد استدعاءات في الهواء الطلق".
كما يشدد الكاتب نضال منصور، على أن ما حدث في الأردن بعد العملية، لن يتكرر ولن نشاهده في بلد آخر، فـ"الأردن يد واحدة، وقلب واحد، وصوت واحد".
ويلفت منصور إلى الدروس التي يمكن تعلمها من عملية اربد، وأهمها أن الأردن موحد وليس هشاً تتقاسمه الصراعات والنعرات، وثانيها، أن المناخ والبيئة مهيآن لاجتثاث "الفكر الظلامي والإرهابي"، إذا أحسنت الدولة وأجهزتها التعامل مع هذه القضية.
وبعد الإشادة بإدارة الأجهزة الأمنية للأزمة، يشير الكاتب إلى أهمية تقديم المعلومات بسرعة للإعلام والجمهور، معربا عن أمله باستمرارها في هذا النهج.
"ولا نريد أن تكون العملية الأمنية والمواجهة مع الخلايا النائمة مبرراً للاندفاع في المعالجات الأمنية على حساب سيادة القانون والالتزامات الحقوقية، فالخارجون على القانون يعاقبون ويحاسبون وفق القانون، ولا يجوز أن يمتد أثر أفعالهم المدانة إلى أسرهم وعائلاتهم، فهم ليسوا مسؤولين عنها إلا إذا ثبت عكس ذلك"، يقول منصور.