مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، الجزء الرابع: الإسلاميون وجذب التطرف

مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، الجزء الرابع: الإسلاميون وجذب التطرف

الموقع الأصلي للبرقية باللغة الإنجليزية:

 http://wikileaks.org/cable/2005/03/05AMMAN2044.html

تاريخ الإصدار: 2008-06-12 06:43

تاريخ التسريب: 2011-08-30 01:44

التصنيف: سري

المصنف: القائم بأعمال السفير ديفيد هيل

مصدر البرقية: السفارة الأمريكية في عمان

العنوان: مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، الجزء الرابع:  الإسلاميون وجذب التطرف.

1. ملاحظة:  هذه البرقية هي الرابعة من سلسلة تتألف من أربعة أجزاء تتفحص عالم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن.  ويركز الجزء الأول على فئات مختلفة من اللاجئين والهيكل الأساسي لنظام المخيمات كما هو قائم في الأردن. ويركز الجزء الثاني على عزلة المخيمات "كيف أنهم إلى حد كبير منقطعين عن المجتمع الأردني وعن السياسة والاقتصاد.  أما الجزء الثالث فقد ألقى الضوء على حالة المخيمات الاقتصادية وعلى وضع سكانها لا سيما في ضوء التوترات الأخيرة على الاقتصاد الأردني.    ويتناول الجزء الرابع السياسة الإسلامية والتطرف في المخيمات. وتأتي هذه البرقيات نتيجة لاجتماعات مجموعات نقاشية مع مختلف سكان المخيمات التسعة في الأردن.  نهاية الملاحظة.

2. ملخص:  إن الموقف السياسي والاجتماعي للإسلاميين في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين دقيق ومعقد.  فعلى الرغم من النكسات الانتخابية الأخيرة، فإن الإسلاميين يسيطرون على الحياة السياسية في المخيمات.  تعود جاذبية الإسلاميين، إلى حد كبير، إلى اندماجهم في الشبكة الاجتماعية في المخيمات بدلاً من تأثير الجمعيات الخيرية التي تديرها جماعة الإخوان المسلمين.  ومع ذلك، فإن الاقتصاد هو أحد العوامل الذي لا يمكن تجاهله عند تقييم جذور الدعم السياسي والاجتماعي للجماعات الإسلامية.

 كما ملأ الإسلاميون أيضاً الفراغ السياسي في المخيمات عن طريق الدفاع عن القضية الفلسطينية ودعمها.  إن النظريات حول تراجع الاسلام السياسي في المخيمات غير مدعمة بالأدلة وهي أكثر من وهم بقليل مع أن هناك بعض الاتجاهات طويلة الأمد التي قد تسمح بتحول سياسي.  ويرى الناس في المخيمات أن دعم الإرهاب هو مشكلة اجتماعية ذات أسباب متعددة.  نهاية الموجز.

قاعدة جبهة العمل الإسلامي

3. على الرغم من النكسات الانتخابية الأخيرة والظهور العلني للانقسام (المرجع أ)، فإن جماعة الإخوان المسلمين لا تزال القوة السياسية الأساسية في المخيمات.  إن حزب جبهة العمل الإسلامي (IAF) وهو الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، هو الحزب الذي يتوجه إليه أكثرية سكان المخيمات لكي يمثل مصالحهم. 

ملاحظة:  ليس بإمكان كل سكان المخيمات أن يصوتوا.  حيث يتم وصف تدرجات الجنسية الأردنية. في المرجع (باء).  نهاية الملاحظة.  إن النخبة من الأردينيين لديهم سلسلة من النظريات حول لماذا الحال على ما هو عليه.  فهم يفترضون أن سكان المخيمات يدعمون حزب جبهة العمل الإسلامي إما جهلاً أو بسبب عدم وجود خيارات سياسية أخرى أو لأنهم متأثرون كثيرا بالسماسرة.  ومع ذلك، فإن الأشخاص الذين اتصلنا بهم في المخيمات يرسمون صورة أكثر دقة وتعقيداً.

4. يؤكد أحمد عوض، وهو مسؤول خدمات الأنروا في مخيم البقعة، أن حزب جبهة العمل الإسلامي يمثل في الواقع سياسة أولويات سكان المخيم، والحوار مع سكان المخيمات يؤكد ذلك- فهم يتحدثون بحرية عن تضامنهم مع نظرة الحزب العالمية في مسجالاتهم المعلنة أو في محادثاتهم الخاصة وهي الأكثر صراحة على السواء.  

إن الأشخاص الذين نتصل بهم يؤكدون بشكل خاص أن الإسلام هو دعامة هامة في الحياة اليومية، ليس فقط في المسجد ولكن في المجتمع وفي العلاقة مع الدولة أيضا. 

 ومن الواضح أن الدين هو عنصر أساسي لوجهة نظرهم العالمية- هو الذي يعرف معتقداتهم السياسية مثلما يعرف حياتهم الاجتماعية.  سعيد حجاوي وهو من سكان مخيم إربد يبسط الموضوع قائلاً":  "لا بلد ولا أرض ولا شعب ...  فإن الله هو كل ما تبقى لنا."

5. يعود جزء من جاذبية حزب جبهة العمل الإسلامي الطبيعية في المخيمات إلى أن بعضاً من مؤيديهم الرئيسيين والأئمة والشيوخ يتولون مواقع اجتماعية وثقافية ذات سلطة ويُعتبرون أركاناً في المجتمع.  

يقول أبو رائد درش، وهو من سكان مخيم الزرقاء، "إنهم ذوو ثقة".  "أولئك الذين يؤمنون بالإسلام يجب أن يكونوا من أهل الخير."  

تذكر الجهات الحكومية في أحيان كثيرة أنه من الصعب عليهم أن يتنافسوا مع الإسلاميين الذين يصلون إلى جمهورهم المستهدف خمس مرات في كل يوم. 

 ملاحظة:  مثال على ذلك، باسم عوض الله، رئيس الديوان الملكي، دخل في مناقشة في هذا الشأن أمام وفد يقوم بزيارته مشيرا إلى أن "المسجد هو أكثر أهمية من وسائل الإعلام." نهاية الملاحظة.    

تؤكد جهات في المخيمات ذلك تماماً – على الرغم من أن الاتصال مع السلطات الدينية هو إلى حد كبير تفاعل له علاقة تذكر مع السياسة أو الاقتصاد.  بالإضافة إلى ذلك، هناك فرصة كبيرة للتواصل مع وجهة النظر الإسلامية لأولئك المهتمين في تلك المواضيع.

رابط عاطفي

6. إن موقف أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي الاجتماعي هو بنفس القدر من الأهمية إن لم يكن جزء لا يتجزأ عن شبكة المخيم الاجتماعية والاقتصادية.  يضيف عوض  "يتابع حزب جبهة العمل الإسلامي تفاصيل مجتمعنا اليومية الدقيقة.  فهم يعرفون متى يتزوج الناس ومتى ينجبون أولادهم.  إنهم منخرطون في كل هذه التفاصيل وهم خبراء في هذا العمل."  

يتحدث سكان مخيم جبل الحسين عن ارتباط الإخوان المسلمين بالجمعيات الخيرية التي تساعد في نفقات الجنازات وتضع برنامجاً بعنوان "تبنى يتيماً" الذي يساعد أكثر أطفال المخيم حاجة للدخول إلى المدارس.

7. غالباً ما تذكر وسائل الإعلام الأردنية والعالمية استخدام حزب جبهة العمل الإسلامي ارتباط الإخوان المسلمين بالجمعيات الخيرية لخلق نفوذ انتخابي مع سكان المخيمات.  

ومن خلال الحديث مع سكان المخيمات، تبين أنه من المؤكد أن العمل الخيري ينشئ روابط عاطفية بالإضافة إلى أية روابط اقتصادية أخرى.  إن المخيمات هي مجتمعات متماسكة بإحكام وهي منعزلة إلى حد كبير عن بقية المجتمع الأردني.  

وفي هذا السياق، فإن الاتصال المباشر الفردي بين الأشخاص هو ما يقود خيارات الناس الاجتماعية (وبالتالي السياسية) في المخيمات.  وتقول سوزان من مخيم جبل الحسين "من المهم أن ننظر إلى العلاقة الوطيدة التي يشعر بها الناس مع مرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي."  

وعلى الجانب الآخر، فإن سكان المخيمات يتحدثون عن شعورهم بأنهم غرباء عن الحكومة الأردنية.  يؤكد عوض قائلا:  "ليست الحكومة جزء من الشبكة الاجتماعية للمخيمات.  فهم يتعاملون معهم من خلال إجراءات صارمة فقط، وليس على المستوى الإنساني."

تصنيع الموافقة

8.  هذا لا يعني أن الاعتبارات الاقتصادية ليست جزءً من المعادلة.  يقول عوض إن المساعدات النقدية وغيرها التي تتدفق من خلال الجمعيات الخيرية الموجهة من قبل الإخوان المسلمين هي أكثر من تلك التي تقدمها ما تسمى "بالشبكات الآمنة"  من منظمة الأنروا والحكومة الأردنية مجتمعتين.  

يتحدث أناس من مخيم جبل الحسين عن حجم الأوراق والتقييد في عملية الحصول على مساعدات من الحكومة الأردنية ومن الأنروا مقارنة بالمساعدات الفورية غير المرغوب بها الهادفة والخالية نسبيا من البيروقراطية التي يحصلون عليها من الجمعيات  الخيرية الإسلامية.

9. مثال رئيسي على عدم المرونة الملموسة في المساعدات الدولية لسكان المخيمات هو قانون (تم مؤخرا إلغاؤه من قبل الحكومة الأردنية بالنسبة لتقديم مساعدتها الخاصة، ولكنه ما زال ساري المفعول بالنسبة للأنروا) ينص على أن العائلات لا تستطيع الحصول على مساعدات اقتصادية إذا كان أحد أبنائها من الذكور قد تعدى التاسعة عشرة من عمره وهو لا يدرس ويخدم في الجيش أو في السجن.  

كان من المفترض أًصلاً، أن وضع "المعيل" هذا قد يسمح للأولاد الأكبر سناً أن يبدأوا بالعمل وبالتالي يتقاسمون عائدات عملهم مع أسرهم مما يدفع بعائلاتهم نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.  ومع ذلك، فبالنسبة للأسر التي لديها أولاد كثر، فإن وصول الابن أو الابنة إلى سن الرشد يمكن أن يكون له وقع كارثي على الوضع المالي للعائلة.   

أضافت سلمى حمدان "إذا كان لدى الأسرة المكونة من سبعة أولاد ابن واحد في التاسعة عشرة من العمر فإنها سوف تغرق."  تشير اتصالاتنا إلى أن الجمعيات الخيرية الإسلامية تندفع عندئذ لملء هذه الفجوة داعمين العائلات التي بدونها ستنهار. 

10.   يدرك سكان المخيمات أن هناك روابط أيدولوجية متعلقة بالمساعدات التي تتدفق من الجمعيات الخيرية الإسلامية.  تقول عفاف مجدلاوي من مخيم الزرقاء "إن المساعدات الإنسانية هي الهدف من حيث المبدأ، ولكن التوجه الفكري يأتي معها".  

ولا يزال اليأس الاقتصادي يقود الناس في المخيمات لاتخاذ كل ما يمكن الحصول عليه بغض النظر عما يقال بأسمائهم نتيجة لذلك.  "ببساطة لا توجد طريقة أخرى" يقول أبو رائد درش، وهو أيضاً من مخيم الزرقاء.  

بالإضافة إلى ذلك، فإن المستفيدين من المساعدات الاقتصادية للجمعيات الخيرية الإسلامية يعرفون القليل عن مصدر التمويل.  بما أن الجمعيات الخيرية للإخوان المسلمين يحصلون على التمويل في المقام الأول من الزكاة مجهولة المصدر (وهي صدقات للفقراء واجب مطلوب من كل المسلمين)، فإن من نادر أن توجد علاقة بين المتبرع والمتلقي.  

وأضاف ابراهيم الناطور من مخيم البقعة "إننا لا نعرف تماماً من أين يأتي المال (للجمعيات الخيرية الإسلامية).  نحن نفترض أنه يأتي من خارج المخيم لأن الناس هنا فقراء جداً ليتبرعوا بمثل هذا المال.

11. إن سكان المخيمات هم شاكرون لأي نوع من المساعدة الاقتصادية ويدركون جيداً مصدر المال الذي يتدفق منه.   بينما يهاجمون بشدة السياسة الأميركية بحرية وصراحة فإن نقاط الاتصال في المخيمات يذكرون دائماً أن أميركا "تساعدهم دائماً" اقتصادياً من خلال مساهماتها في الأنروا.

  ويدركون جيداً أن المراكز الصحية والمدارس تبنى من الأموال الأميركية ولا يشعرون بالخجل من طلب تمويل مشاريع مستقبلية.  ("أخبروا الكونغرس..." هو قرار مستمر). 

ملاحظة:  قال أحد سكان مخيم سوف متسائلاً لماذا يتدفق التمويل الأميركي بشكل غير مباشر عن طريق الأنروا للاجئين ولكن من خلال مشاريع مباشرة معلن عنها لبقية سكان الأردن؟  وشكا قائلاً "الأنروا ليست هي الوكالة الأميركية للمساعدات الخارجية USAID.)  نهاية الملاحظة.

بطل فلسطيني

12. إن الاجتماعات مع أي شخص سياسي في الأردن بغض النظر عن أصله أو انتمائه السياسي من المرجح أن ينزلق في مرحلة ما إلى انتقاد بشدة السياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين.  

ومع ذلك، فإنه خلال لقاءات مع سكان المخيم، هذه النقاشات تستند على الخبرة الشخصية.  في كثير من الأحيان، يستخدم سكان المخيمات ألفاظ حزب جبهة العمل الإسلامي الشديدة اللهجة عندما يتحدثون عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وعن عملية السلام وإيجاد حل للصراع.  

في حين أنه من غير الواضح ما إذا كان حزب جبهة العمل الإسلامي يعكس أراء اللاجئين أو العكس بالعكس، من الواضح أن هناك تأييداً واسعاً في المخيمات لما يقوله الحزب بشأن وضع الفلسطينيين السياسي في الأردن وفي المنطقة.

13. تدرك نقاط الاتصال في مختلف المخيمات أن دعم حزب جبهة العمل الإسلامي لحماس لا يحظى بشعبية في المجتمع الأردني ككل، لكنهم يدّعون أن هذا الدعم قد كلفهم قليلاً بين الفلسطينيين في المخيمات.  

وفي نقاش مع لاجئين في مخيم سوف، كان من الواضح أن دعم المتطرفين لعب دوراً في خياراتهم السياسية- اعترف أحد نقاط الاتصال أنه يعتبر الانتحاريين الذين هاجموا فندقين في عمان في عام 2005 بأنهم "شهداء"، إلا أنه وصف تصريحه (على الأرجح لصالحنا) بالقول أن "هناك درجات من الاستشهاد".

14.  يعتقد عريب الرنتاوي، وهو معلق بارز من أصل فلسطيني، أن الحكومة الأردنية قد تخلت أساساً عن المخيمات للإسلاميين، بينما وفي نفس الوقت ترفض أن تمنحهم الفرص في أماكن أخرى في الأردن.  ويقول معلقاً "إنه من السهل أن تتظاهر من أجل القضية الفلسطينية في مخيم الوحدات، ولكنه من المستحيل تنظيم مثل هذه التظاهرة في السلط (وهو مقر قوي للشرق-أردنيين).  

يعتقد الرنتاوي أن الإسلاميين قد استفادوا من هذه الاستراتيجية وخلقوا انقساماً عميقاً ثقافياً وسياسياً بين المخيمات وبقية المجتمع الأردني.  في النهاية، يتساءل الرنتاوي لماذا "تتاح الفرصة لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين أن يتصلوا بكل سكان المخيمات خمس مرات كل يوم"، ولكن الحكومة ليس لديها اتصال مباشر يمكن أن ينافسهم.

15. يعتقد محمد المصري، وهو باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية والذي يدير كثيراً من الأحيان مجموعات نقاشية في المخيمات أنه نتيجة الحد من المساحة السياسية للفلسطينيين فإن حزب جبهة العمل الإسلامي قد أصبح بشكل أساسي الخيار الوحيد لسكان المخيمات (المرجع C).  

يمثل حزب جبهة العمل الإسلامي الفلسطينيين أكثر من أية منظمة أخرى في الأردن، وهناك عدد قليل جداً من الفلسطينيين في المجلس النيابي.  

ولا يوجد هناك "منظمة الصداقة الأردنية الفلسطينية" التي يمكن أن تدافع عن حقوقهم في المجتمع.  ويؤكد المصري أن المنظمة الوحيدة التي تقوم بدفع جدول أعمال المجتمع الفلسطيني بنشاط هي حزب جبهة العمل الإسلامي.   

هل الدعم هو في انخفاض؟

16. كان أداء حزب جبهة العمل الإسلامي ضعيفاً في الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2007، لا سيما في صفوف مؤيديه التقليديين في المخيمات.  

وظهرت نظريات عدة حول السبب لماذا أصبح الحال هكذا- منها انشقاقات في الحزب وعدم شعبية الخطاب المؤيد لحماس أو تراجع الأحزاب المرتبطة بالإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، وهي أسباب وضعت جميعها كنظريات لخسارة حزب جبهة العمل الإسلامي (المرجع A).  

ومع هذا فإن نقاط اتصالنا في المخيمات توعز انخفاض الدعم لعامل واحد فقط وهو عدم قدرته على تقديم الخدمات.

17. أخبرنا سعيد حجاوي، وهو من سكان مخيم إربد، أن سكان المخيمات يبحثون عن أعضاء في البرلمان يستطيعون تقديم الخدمات الحكومية الأساسية وأن يملأوا الهوة بين منظمة الأنروا والحكومة الأردنية.  يريد الناس أن ينتخبوا شخصاً يكون قادراً أن يعمل شيئاً.   

وكان سكان المخيمات يرون أن أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي هم أناس جيدون يمكنهم أن يحققوا شيئاً.  ولكنهم عندما يصلون إلى البرلمان لا يفعلون شيئاً."  يوافق محمد عقل وهو من سكان مخيم سوف، قائلاً "هل هم يمثلونني؟  كلا، لا يمثلونني.  برنامجهم الاقتصادي كان بمثابة كارثة."

18.  كان واضحاً من خلال التحدث إلى الناس في المخيمات أنه بينما أعربوا عن تقديرهم وحاجتهم لمساعدات الجمعيات الخيرية المرتبطة بالإخوان المسلمين إلا أنها ليست بديلاً عن إجراءات  الحكومة الأردنية الملموسة.

أشار أبو رائد درش، وهو شيخ من مخيم الزرقاء، إلى أن الإسلاميين لديهم القدرة على تقديم مساعدات قصيرة المدى لكنهم غير قادرين أساساً على تقديم دعم طويل الأجل على شكل وظائف وتدريبات والبنية التحتية.  ويقول "نحن نتطلع إلى إجراءات الحكومة."

19.  ذكرت نقاط الاتصال أيضاً في بعض المخيمات المذكورة أن مساعدة الجمعيات الخيرية المرتبطة بالإخوان المسلمين بدأت تستخدم الصفات غير اللائقة التي كان يستخدمها سابقاً الإسلاميون لوصف الحكومة الأردنية – مثل المحسوبية وعدم الكفاءة والفساد.   

وتقول عفاف مجدلاوي "إن هذه المساعدات ليست باباً مفتوحاً.  فهم يفضلون دعم أقاربهم وأولئك الذين لديهم "واسطة" داخل المنظمة." 

وأكد سليمان أبو طخاينة، وهو من سكان مخيم السخنة، قائلاً "إذا أتوا إلى هنا فسوف نقطع لحاهم." و يدّعي أن المساعدات الخيرية المرتبطة بالإخوان المسلمين توزع الزكاة لأقاربهم أو لحلفائهم الأيدولوجيين.  

ملاحظة:  علق أبو طخاينة، بضع دقائق لاحقاً، "سوف أصوت لصالح من يعطيني مزيداً المال."  نهاية الملاحظة.  

20. بغض  النظر عن قدرة  أو عدم قدرة حزب جبهة العمل الإسلامي على تقديم الخدمات، تحدثت نقاط الاتصال في المخيمات عن أن الحزب يلعب دوراً رقابياً على عمل الدولة.  

وقال لنا باجس حويطة، وهو زعيم محلي في مخيم البقعة، صوّت  الناس لصالح محمد عقل وهو عضو الحزب "بهدف التصويت ضد الحكومة فقط - فهم يعرفون أنه لن يفعل شيئاً."  

يصر ابراهيم الناطور وهو شخص آخر مقيم في البقعة، على أن الناس في المخيمات "لا يحبون أن تفرض عليهم القرارات من فوق" وأن يروا الحزب كصوت ذي شعبية يمكن أن يعتمد عليه سكان المخيمات للتعبير عن مصالحهم.

21.  لاحظت نقاط اتصالاتنا في جميع أنحاء الأردن زيادة حادة في كمية الأموال التي أنفقت خلال الدورة الانتخابية خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2007 (المرجع D).  إن ظهور رجل الأعمال الذي أصبح سياسياً يعني تصاعداً في كمية الأموال التي أنفقها جميع المرشحين.  

تحدث سكان مخيم سوف عن حرب مناقصة من نوع ما بين هؤلاء المرشحين وحزب جبهة العمل الإسلامي.  

وبينما يدرك المرشحون المستقلون (والذين كانوا إلى حد كبير من الشرق-أردنيين) أن مرشحي الحزب ضعفاء سياسياً في مجال الخدمة، فقد توجهوا قدماً لسد الفراغ ولتأكيد قدرتهم على الخدمة حيث لم يفلح الحزب.   نتيجة لذلك، فإن عدداً كبيراً من سكان مخيم سوف أوضحوا بأن مرشح الحزب فاز بمنافسة متقاربة جداً بغالبية الداعمين القادمين من خارج المخيم.

22.  على الرغم من تناقص عدد ممثلي حزب جبهة العمل الإسلامي في البرلمان، إلا أنه من الواضح أن الحزب لا يزال يلقي بظلاله في المخيمات وذلك كنتيجة لآلية شعبيته وأولوياته السياسية على السواء.  

أشار كثيرون في المخيمات إلى تلك النظريات الشعبية حول تدهور  الحزب أنها ما هي إلا تمنيات.  ويقول سعيد حجاوي إنه خلافاً للرأي الشعبي فإن الحزب "ليس إسلامياً كما يود معظم الناس أن يكون" وإن سكان المخيمات " أصبحوا أكثر تحفظاً" مع مرور الوقت.

جذور التطرف      

23.  هناك فجوة واضحة بين دعم الإسلام السياسي ودعم الإرهاب في أذهان سكان المخيم الذين تحدثنا معهم. غالباً ما كان ينتج عن هذه المناقشات حول هذا الموضوع إدانة صريحة للإرهابيين وأعمالهم.  

ومع ذلك، فإن الخط الفاصل بين الدعم من أجل "المقاومة الفلسطينية المشروعة" والدعم من أجل الإرهاب هو أقل وضوحاً، خصوصاً عندما يكون الحديث عن فلسطين التاريخية بدلاً من الأردن. 

وبغض النظر عن الأيدولوجية وراء ذلك، أدركت نقاط الاتصال في المخيمات أن بعضاً من اصدقائهم وجيرانهم هم من بين "المضلين".  وعندما سئلوا عما يقوم به المجتمع حول وجود المتطرفين في وسطهم فإن الناس في المخيمات الذين تحدثنا معهم كانوا منقسمين في هذا الشأن.

24.         إن شبكة المخيمات الاجتماعية المغلقة نسبياً يمكنها أن تساعد على وصم التطرف بين الأصدقاء والأقارب، لكن سكان المخيمات يحرصون على أن يشيروا بأن الضبط الذاتي يذهب إلى هذا الحد فقط.  

يعترف ابراهيم الناطور، وهو من سكان البقعة، بأنه بينما توجد هناك مزايا واضحة "للعلاقات الوطيدة" بين أعضاء مجتمع المخيم، فإن هذا المجتمع هو مقصر في كثير من الأحيان في إعادة هؤلاء الذين لديهم ميول من التطرف إليه.  يعتقد أن الخوف من الانتقام هو وراء عدم وجود ضبط ذاتي داخل المخيمات- إن الناس يعرفون من هم المتطرفون ولكن المتطرفين هم جزء من الشبكات الاجتماعية نفسها ومن المرجح أنها تعرف متهميها أيضاً.

25.  يعرف سكان المخيم العوامل الداخلية التي تسمح للمتطرفين أن يجدوا ملاذاً لهم في مجتمعاتهم، ولكنهم أيضاً يدركون أن المشكلة هي أكبر من ذلك بكثير. 

وغالباً ما يشار إلى أن قلة فرص العمل واليأس الاجتماعي أسباب تجعل التطرف يستمر في المخيمات، ولكن تحليل المشكلة يذهب إلى أبعد من هذه العوامل. 

وأشارت نقاط الاتصال في مخيم جبل الحسين إلى وجود صلة مباشرة بين التطرف و"هروب الأدمغة" من المخيمات.  

تحدث سلام حمدان حول الانتشار الجغرافي للأمهات المنفردات في المخيمات.  هؤلاء النساء لديهم أزواج يعملون في الخليج أو في مكان آخر، ويعتمدن على التحويلات المالية لإطعام أنفسهن وأولادهن.  

ويقول حمدان إنه في ظل غياب الأب (وهو الحاضر أيضاً) ذي الشخصية القوية، يكون من السهل للعديد من الشباب في المخيمات أن يتيهوا وينضموا إلى شبكة اجتماعية.  

ملاحظة:  إن هذه التحويلات المالية قد لا تكون كافية أيضاً.  أظهرت الدراسة عام 2006 لبرنامج الأنروا لحالات العسر الشديد أنه من بين العائلات التي تتلقى مساعدات مالية إضافية هناك 45% ممن لديهم امرأة فعالة على رأس الأسرة- وهو أربعة أضعاف عدد اللاجئين ككل.  يعتمد 84% من حالات العسر الشديد أساساً على دخل التحويلات المالية.  نهاية الملاحظة.

التعليق

26.  إن تحويل الدعم بعيداً عن الإسلام السياسي في المخيمات لن يكون سهلاً. سوف يحتاج الأمر إلى جهد مكثف يتعامل مع المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في المخيمات بينما يتم وضع تسوية عملية بين المثل الليبرالية والمحافظة والأيدولوجية الدينية،  وربما الأهم من ذلك،  سوف يحتاج الأمر إلى حكومة أردنية يكون بإمكانها الاتصال مع سكان المخيمات على الصعيد العاطفي. 

ومنذ أن تم طرد حركة فتح من الأردن عام 1971، فإن الحكومات المتعاقبة والتي كانت تعاني من نقص في الموارد  قد تركت توفير الخدمات للأرنوا، في حين أنه تم استخدام دائرة المخابرات العامة لخنق أية يقظة مهددة لأحزاب سياسية فلسطينية.  هذا ترك الأرض خصبة ومفتوحة لاستغلال الإخوان المسلمين الأردنيين.  

ومع وجود قضية الهوية التي لا تزال تقسم الأردن ولا يزال مصير اللاجئين يخضع للمفاوضات بين اسرائيل والفلسطينين وميزانية مربوطة فإنه من غير المحتمل أن يتم تحفيز الحكومة الأردنية لمواجهة الجدل عن طريق تحسين تلبية احتياجات سكانها اللاجئين.  ومع ذلك، ففي سياق قرار الدولتين، فإنه سوف يكون على الأردن أن يواجه مباشرة مسألة الجنسية وولاء الفلسطينيين الذين سيبقون في الأردن وواجبات الدولة تجاههم.  

إن الدعم والمساعدة الدوليين ضروريان للأردن لمواجهة ما سماه عدنان ابو عودة "بلحظة الحقيقة" بنجاح.  وفي الوقت نفسه، فإن العديد من اللاجئين سيبقون على الهامش منجرفين إلى مزيد من اليأس وربما سيسعون إلى حلول أكثر تطرفاً. 

أضف تعليقك