سياسات الهوية الأردنية تتغلب على محاولات المساواة بين الجنسين

سياسات الهوية الأردنية تتغلب على محاولات المساواة بين الجنسين
الرابط المختصر

الموضوع: سياسات الهوية الأردنية تتغلب على محاولات المساواة بين الجنسين في مجال تغييرات قانون الجنسية الأردني

رقم مرجعي: 08AMMAN705

تاريخ صدور البرقية: 5/3/2008 الساعة 9:09

تاريخ نشرها عبر ويكيليكس: 28/12/2010 الساعة 21:09

التصنيف: أقل من سري

المصدر: السفارة الأمريكية في عمان

المصنف: دانيال روبنشتين –القائم بأعمال سفير الولايات المتحدة للأردن

1. الملخص: من يحق له ومن يمنع من نقل الجنسية يعتبر أمرا مقلقا للنساء في الأردن، حيث تم إعادة إحيائه في الرأي العام خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة. فالنساء الأردنيات المتزوجات من رجال غير أردنيين لا يستطعن نقل الجنسية الأردنية لأولادهن. وهذا يخلق مشكلة عويصة خاصة بالنسبة للأطفال من آباء فلسطينيين وكذلك لأطفال العاملين الأجانب المقيمين في الأردن.

نشطاء المنظمات النسائية يعملون على تعديل الوضع منذ سنين بدون جدوى، وحتى البيانات الرسمية من الملكة والمطالبة بعمل تشريعي فشلت بتحقيق أي نتيجة، وفي نفس الوقت فإن عدد العائلات التي تواجه هذه المشكلة القانونية في تزايد مستمر خاصة مع استمرار التصاهر بين الأردنيين من أصل فلسطيني مع شرق الأردنيين. المشرعون الأردنيون يرفضون أي تغيير للقانون معتبرين ذلك مستحيلا سياسيا رغم استعداد مؤسسات المجتمع المدني بالتفاوض على حلول وسط. وفي النهاية يبدو واضحا أن سياسات الهوية الأردنية وليست الاهتمامات بالمساواة للجنسين هي محور النقاش.

المعركة على قانون الجنسية الأردني

 2. خلال فترة الانتخابات البرلمانية بدأ المصوتون الأردنيون (وخاصة النساء) بإعادة إحياء موضوع ذي أهمية لهم وهو تعديل قانون الجنسية الأردني.

إن موضوع نقل الجنسية يعتبر ذا أهمية، إذ يعد الأردن أكبر تجمع للاجئين (وأحفادهم) إضافة إلى العدد الكبير من العاملين الأجانب والذين اندمجوا بصورة طبيعية في المجتمع الأردني المضيف لهم.

وخلال السنوات الماضية بدأ نشطاء المجتمع المدني وحتى بعض النواب بالمطالبة تعديل القانون الجاري بحيث يتم السماح لنساء أردنيات بنقل الجنسية لأولادهن.

3. حسب قانون الجنسية النافذ حاليا (والذي صدر عام 1954 وقد شهد بعض التعديلات) فإن النساء غير الأردنيات اللواتي يتزوجن من رجال أردنيين يحق لهم نقل الجنسية الأردنية لأولادهم بعد مكوثهم في الأردن لمدة محددة. فمن الممكن أن تصبح الزوجات من أصول عربية أردنيات بعد مرور ثلاث سنوات إقامة في الأردن أما الزوجات غير العربيات فيحتجن أن ينتظرن خمسة سنوات. ولا يوجد قوانين مماثلة للأطفال. فالقانون الحالي يوفر جنسية أردنية بشكل تلقائي لأطفال الرجال الأردنيين مهما كان مكان الولادة.

فيما لا توجد بنود قانونية مماثلة للنساء الأردنيات تجاه أزواجهن وأطفالهن.

ملاحظة: هناك استثناء للأطفال غير الشرعيين المولودين لنساء أردنيات في حال عدم معرفة جنسية الوالد. فهؤلاء اللقطاء يحصلن على الجنسية فورا .

4. يؤثر هذا الموضوع على الأردنيين من أصل فلسطيني وعلى العمالة من الدول العربية. ففي العديد من الحالات يكون الرجل الفلسطيني أقل من مواطن كامل الصلاحيات (لاجئين من غزة، أو حاملي البطاقة الخضراء) إضافة إلى العاملين المصريين الذين يتزوجون أردنيات كاملات الجنسية وينجبون أطفالا فلا حقوق لهم بالجنسية الأردنية، ومع مرور الوقت نتج عن ذلك عائلات ممزقة من الناحية القانونية في الأردن رغم أنها ولدت في الأردن أو عاشت في الدولة لقرون.

5. الملكة رانيا (وهي نفسها من أصل فلسطيني) جلبت الانتباه عندما أعلنت تأييدها في 2002 لقانون مؤقت يسمح للمرأة الأردنية نقل الجنسية لأولادها. وتبع إصدار بيان الملكة البيان مقالات رأي ونشاطات للمجتمع المدني دعما لفكرة القانون المؤقت.

القانون تم سنه ولكن الحق بقي نظريا من الناحية العملية لأنه يتطلب من مجلس الوزراء أن يقرر كل حالة على حدة وليس نقل الجنسية بصورة تلقائية.

ومنذ إصدار القانون لم يتم تحويل أي قضية لمجلس الوزراء للموافقة عليها، وتقول المصادر بسخرية إنه حتى تدخل الملكة لم يكف لوقف رد الفعل من الجهات الأردنية السياسية.

إيفا أبو حلاوة وهي محامية في مجال حقوق الإنسان تقول إن وبسبب كون القرار لم يأتي من "قلب الحكومة" نجحت الجهات الأمنية بإلغاء فعالية القانون.

ملاحظة: القوانين المؤقتة يتم إصدارها من الحكومات في غياب البرلمان وتبقى كقوانين لغاية انعقاد البرلمان القادم، وبعد ست سنوات من سن القانون المؤقت حول الجنسية لم يتم إعادة النظر فيه.

الضغط للتغيير

6. هناك زيادة في القناعة لدى نشطاء الحقوق النسائية والنائبات في البرلمان بأنه من الضروري عمل شيء ما. روا صرار رئيسة مركز في مخيم البقعة الفلسطيني تقول إن التغييرات في قانون الأحوال الشخصية تعتبر بالأساس شؤون سياسية. ومن خلال المركز فإن المصوتين في مخيم البقعة رفعوا عدة مطالب مكررة في كل موسم انتخابي وسيتم الاستمرار في ذلك مع النساء المنتخبات بناء على قانون الكوتا النسائية.

وتأمل صرار بأن الضغوط السياسية من المنظمات غير الحكومية والمصوتات ستقود المحاولات المطلوبة لتغيير القانون ولكنها تدرك أن النضال سيكون صعبا. "نأمل أن تحدث خلال هذا الموسم." تقول صرار.

7. تقول العين هيفا أبو غزالة والتي تعمل كسكرتيرة عامة للمجلس الوطني لشؤون العائلة، "إن العائلات في الأردن متضررة من بنود في القانون"

وتضيف أن العديد من العاملين المصريين ومن دول عربية أخرى يعيشون في الأردن لمدة طويلة وخلالها تزوجوا من نساء أردنيات ولكن أولادهم لا يحق لهم الحصول على الجنسية الأردنية.

وكالعديد من مصادرنا فإن أبو غزالة تقول إنه لغاية حل القضية الفلسطينية في الأردن فإنه من المستحيل توقع أي تغيير في قانون الجنسية الأردني، "نحن ننتظر حل القضية الفلسطينية، ولن تحل. ولا يوجد أحد هنا يريدها أن تحل" تشكي أبو غزالة.

8. أسمى خضر, أمين عام اللجنة الوطنية للمرأة ( الناطقة باسم الحكومة سابقا) ليست مهتمة بالموضوع الفلسطيني ولكنها أكثر اهتمام بالرسالة التي يتم إرسالها للمرأة الأردنية حول دورهم في المجتمع.

 فالموضوع ليس موضوعا سياسيا، بحسب خضر، ولكنه موضوع القيادة البطركية".

 وتعتبر أن غياب المساواة في قانون الجنسية يظهر المرأة أنها مواطن من الدرجة الثانية بغض النظر عن طبقتها السياسية أو مواطنتها الأصلية.

ايفا أبو حلاوة تعترض وتقول "الموضوع ليس سياسة النوع (جندر) والادعاء بأنه سيتم انتقال عدد كبير من الرجال من الضفة الغربية للزواج من أردنيات".

9. "هذا الموضوع يهم كل الفئات النسائية في الأردن" تقول خضر، "وكنا نعتقد أن العنف المنزلي سيكون القضية الأولى في الأردن للنساء ولكنها ليس كذلك. إن موضوع الجنسية هو الأمر الأول لنساء الأردن."ولكن المجلس الوطني للمرأة لا يزال متحيرا عند النقاش حول تعديلات قانون الجنسية.

وتقول خضر إنه يصل للجنة عدد كبير من العرائض والشكاوي مطالبين بتدخل الجهات الحكومية لصالحهم. ولكن اللجنة موثقة الأيدي حسب خضر والتي تقول إن هناك القليل الممكن عملة سوى الاحتجاج والشكوى ضد وزارة الداخلية ومحاولة التأثير على الملك لكي يغير القانون. وهذه المحاولات لها نتائج غير واضحة. "فجلالته مهتم (بتغيير القانون)، ولكن وزارة الداخلية معمية أعينها، ويرفضون الاعتراف بالمشكلة".

 تضيف خضر إن مجرد دراسة الموضوع يعتبر مستحيلا سياسيا لأن الحكومة غير مستعدة لتعداد عدد النساء المتضررات من القانون.

العمل من خلال المؤسسات

10. عند سؤاله عن إمكانية سن قانون جنسية جديد والذي يمكن أن يوضح المشكلة فإن رد فعل  البرلمانين تختلف من المشككين بقوة بالنسبة للذين يرفضون الفكرة بصورة مباشرة.

النائبة ريم قاسم التي انتخبت من خلال قانون الكوتا النسائية تقول إن قدرة المرأة الأردنية على نقل الجنسية لأولادها "حق" ولكنها تعتبر أن الموضوع تم تسييسه.

ولا تعتقد بوجد أي أمل بأن يتم عمل شي خلال موسم البرلمان الحالي.

النائب نصار القيسي يقول "لا نستطيع الآن"، ويضيف هو ومصادر أخرى بأنه في السيناريو الأسوأ سيتم نقل مئات الآلاف إلى الجنسية الأردنية. هؤلاء الأردنيون الجدد سيحتاجون إلى خدمات وتمثيل من حكومة يتم الضغط علي ميزانيتها حاليا.

النائب القيسي يعترف بوجود المشكلة ولكنه يعتبر إمكانية حلها تقع على أولويات الحكومة ولكنها إمكانية مستحيلة أو قليلة جدا.

النائب فايز الشوابكة وضع فكرة جديرة للتعامل مع ازدياد مستوى دعم الحكومة للعائلات الأردنية للتخفيف عن الأسعار بقوله إن الأردن لا يستطيع تحمل مواطنين جدد.

11. قامت مجموعة نساء نشيطات وعدد من النائيات في 23 شباط بلقاء رئيس الوزراء الذهبي للتعبير عن تأييدهم لتغيير قانون الجنسية الأردني ومواضيع أخرى.

ورغم الاستقبال المحترم لهن فقد كانت النتيجة خالية من أي عمل حقيقي في المستقبل. وفي تعليق حول اللقاء في صحيفة الجوردان تايمز قالت الناشطة آمنة الزعبي " كل مرة نلتقي رئيس وزراء ونستمع إلى رد إيجابي لمطالبنا لكننا لا نرى أي تغيير ملموس للواقع.

وتقول الناشطة في نفس المقال إن اقتراحات التغيير مخبأة في أدراج الحكومات ولا يتم إظهارها.

12. الناشطات في مجال حقوق المرأة في الأردن يعتبرن أن قانون جنسية جديد قد لا يكون ضروريا. بل يقلن إن القانون الحالي له ما يسمح به إذا تم تطبيقه والأمر الذي لا يحدث، ولذلك كانت الدعوة من الملكة وآخرين لتطبيق واسع النطاق "للحاجات الإنسانية" في القانون الحالي والذي يسمح لرئاسة الوزراء بتطبيقه في حالات فردية. ويقول الناشط فوزي سمهوري "عليهم تطبيق القانون والدستور"، ويضيف إن كون الأردن ملتزما بالمعاهدة الدولية للحقوق المدنية والحقوق السياسية فعلى الأردن مسؤولية بتوفير مساواة بين الجنسين عندما يأتي النقاش حول موضوع الحقوق في الجنسية.

ورغم ذلك يعترف سمهوري بأن القانون في الأردن يوفر الموافقة لرئاسة الوزراء وليس بشكل تلقائي.

13. ترى أسمى خضر أن "الأردنيين هم أردنيون أينما ولدوا،"وأن جنسية الأولاد يجب عدم تسييسها . ولكنها براغماتية ومستعدة أن تتقبل حل وسط إذا كان ممكنا أن يوصلنا إلى حل.

وتقول خضر إن الإقامة لمدة ثلاث سنوات لزوجات الأردنيين يمكن نقلها للأطفال الأردنيات وبذلك يتم تثبيت الهوية الأردنية.

الكثيرون من المجتمع المدني مما اتصلنا بهم يشاركون بالاقتراح الوسطي ما دام الهدف النهائي هو وضع حد ومعالجة مشكلة تقسيم العائلات.

14. مصادرنا في المجتمع المدني الذين يعملون خلف الكواليس لتطبيق أو توضيح القوانين ولكنهم لا يمتلكون أملا كبيرا لحدوث تغيير في القريب العاجل.

فوزي السمهوري يلاحظ أنه حتى النائبات في مجلس النواب لهم نشاط ضعيف في معالجة هذا الموضوع ويجب عدم الاعتماد عليهم بالمبادرة بعمل: "النائبات لوحدهن لن يدافعوا عن مثل هذا التغيير. المجتمع المدني يجب أن يتحمل مسؤوليته".

 ايفا أبو حلاوة وأسمى خضر ترفعان الموضوع في كل نقاش مع وزارة الداخلية وتضغطان على الحكومة للتغيير في مجالات معينة ولكن لا يمكن أن يجلب ذلك نتائج تذكر.

ولكن أبو حلاوة تعترف بأن"الموضوع ليس قانونيا. إنها موضوع واسطة، وهؤلاء النساء لا واسطة لهن.

تعليق

15. وإذا تم التغيير من الناحية القانونية في توضيح كيفية التطبيق أم لا يبدو واضحا أن القضية تواجه مشاكل حتى عند محاولة التدخل من قبل العائلة المالكة. فهي مثل سفينة كبيرة من الصعب تغيير توجهها في الاتجاه الصحيح.

ورغم أنه على السطح تبدو هذه القضية قضية مساواة جنسية (جندر) إلا أنها موضوع سياسة الهوية الأردنية. التصور أن غالبية المستفيدين هم فلسطينيون يؤثر على التغيير. والحاجات الأمنية للدولة (لمنع الاستيلاء عليها من قبل شرق الأردنيين والقوى الأمنية) هي البطاقة الرابحة التي تمنع أي تغيير رغم أنه ضروري في المجالات القانونية والإدارية.

ولا يؤثر كثيرا إذا كان الخطر حقيقيا أم لا. فخلق سياسات لمواجهة النقاش الديمغرافي شبه مستحيل في الأردن – حتى للملك.

ورغم بيان الملكة والتدخل المباشر للمنظمات المجتمع المدني مع الملك نفسه ومن ثم الحديث عن ضرورة العمل, رغم ذلك يبقى التغيير بعيد المنال. فالعمل الشعبي بهدف إجبار وزارة الداخلية على تطبيق القانون أيضا لن يكون مثمرا.

إن الحاجة لتغيرات قانونية لأمور تؤثر على القضية الفلسطينية في الأردن تنتظر أمرا واحد : حل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

روبينشتين