حق العودة: ماذا يعني للأردن

حق العودة: ماذا يعني للأردن

أثارت البرقية المسربة عبر موقع ويكيليكس مؤخرا والتي حملت عنوان "حق العودة: ماذا يعني للأردن" جدلا واسعا، خاصة وأن بعض وسائل الإعلام قامت بنشر مقتطفات من البرقية، مما دفع بعض الشخصيات التي وردت أسماؤهم فيها إلى رفض ما نقل على ألسنتهم فيها.

وأشار بعضهم إلى اجتزاء كلامهم من نص البرقية الكاملة، كما أن الترجمة لم تعبر عن أفكارهم بدقة.

ولذا، نقوم كما تعودنا، بنشر النص الكامل للبرقية مع وجود رابط للنص الأصلي باللغة الإنجليزية، ضمن مشروع "عمان نت" و"حبر دوت كوم"، لترجمة برقيات موقع ويكيليكس بما يخص الأردن والمنطقة، مؤكدين على التزامنا بأكبر قدر ممكن بالدقة بالترجمة، وعدم اصطفافنا إلى جانب ما يرد فيها، وإنما نعمد لتقديم المعلومة للجمهور، الذي يملك في نهاية الأمر القرار والحكم والتقييم لما تتضمنه البرقية.

موقع البرقية الأصلي بالإنجليزيية:

http://wikileaks.org/cable/2008/02/08AMMAN391.html

تاريخ الإصدار: 2008-02-06 14:43

رقم: 08AMMAN391

تاريخ التسريب: 2011-08-30 01:44

التصنيف: خصوصي

المصنف: القائم بأعمال السفير ديفيد هيل

مصدر البرقية: السفارة الأمريكية في عمان

العنوان: حق العودة: ماذا يعني للأردن

 

التلخيص: يعد حق العودة للفلسطينيين من المواضيع التي تعتبر في لب النقاش الدائر حول ماذا تعني أن تكون أردنيا. ورغم أن محاورينا من الحكومة الأردنية يصرون نظريا على أن خيار العودة لا يزال ساري المفعول إلا أنهم متفاعلون الآن أكثر في موضوع التعويض للأفراد الفلسطينيين وللأردن نفسه.

فبالنسبة للأردنيين من أصل فلسطيني فإن حق العودة يعتبر إما شعارا فارغا (ولو مرغوب به) أو حقا شرعيا. وبالنسبة لشرق الأردنيين فإن حق العودة يتم عرضة وكأنه علاج سحري يمكن أن يعيد تشكيل الهوية الأردنية البدوية أو الهاشمية.

إن الموضوع مرتبط بصورة قوية مع التمييز الحكومي والمجتمعي ضد المجتمع من الأصول الفلسطينية ويضع تحديا أمام المهتمين بالأصلاح السياسي في الأردن. فالأردنيون من أصول فلسطينية  ومعظم (ولكن ليس كل الذين نتكلم معهم) من شرق الأردنيين يتوقعون أنه بمجرد نهاية مشكلة حق العودة فإن ذلك سيؤدي إلى معاملة متساوية ومشاركة سياسية كاملة داخل الأردن. ولكن لا شرق الأردنيين ولا ذوو الأصول الفلسطينية مستعدون أن يأخذوا الخطوة الأولى باتجاه القبول علنا بهذة "الصفقة الكبرى."

وفي غياب نقاش علني – والذي سيكون حساسا جدا وكاسرا للتابوهات – وفي غياب أي تحرك حكومي فإن الأمور المتعلقة بحق العودة ستستمر في التقييح. وفي غياب دولة فلسطينية فعالة وقادرة على الحياة فإن هؤلاء المسؤولين عن حماية الهوية الأردنية الحالية سيكونون متنافرين مع التفكير بأية خطوة والتي قد تنتهي في كابوس سينارو "الأردن – فلسطين"

استراتجية الحكومة: تفوق التعويض على العودة

2. موفف مسؤولي الحكومة الأردنية حول حق العودة لم يتغير كتيرا خلال السنوات السابقة. وتؤكد أوراق الخارجية الأردنية الحالية حول الموضوع أن "اللاجئين الحاصلين على جنسية أردنية يتوقعون من الدولة أن تحمي حقهم الأساسي في العودة والتعويض تماشيا مع القانون الدولي. والملك كرر الموقف المعروف في مقابلة مع صحيفة الدستور في 23/1/2008 :"فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينين في الأردن بقوله "فإننا نؤكد مرة أخرى أن جنسيتهم الأردنية يجب أن لا تحرمهم من حق العودة والتعويض."

3. و لكن وراء الكواليس فإن المسؤولون يعزفون بنبرة مختلفة نوعا ما، يقول بشر خصاونة مديرمركز الإعلام الاردني سابقا ومسؤول ملف أوروبا والأمريكية في الخارجية وعمل سابقا مستشارا قانونيا ومديرا لدائرة التنسيق التفاوضي، يقول "نعتبر نفسنا واقعيين، وشروط وطبيعة المفاضات لن تسمح لحق العودة."  

المدير الحالي لـ NCB نواف تل يقر بأنه رغم  أن الأردن "لا بيتطيع أن يكون صادقا حول حق العودة" إلا انه ومن الناحية العملية أسقط "حق" العودة من موقفها التفاوضي.

والمسؤولون يركزون الآن على حق الفلسطينيين في اختيار العودة أم لا والتوقع بأن الكثيرين سيختارون عدم ممارسة هذا الحق.

ملاحظة: بغض النظر عن غياب إعلان تغيير الموقف الأردني في هذا الموضوع إلا أن مصادرنا من ذوي الأصول الفلسطينية الذين نتحدث معهم يقررون بأن ذلك الموقف الأردني يتناغم مع موقف السلطة الوطنية نفسها.

4. نائب رئيس دائرة شؤون الفلسطينين محمود عقرباوي والذي تتعامل دائرته مع الانروا في المخيمات يقول إن أهم شيء هو أن يعطى الفلسطينيون الخيار بالعودة أم لا. ورفض أن يحدد عدد الذين قد يختارون أن يمارسوا هذا الحق، ولكنه أوضح أن هناك صراعات داخلية ما بين الللاجئين في الأردن.

إنالذين سيرغبون بالمغادرة هم الأقل حظا ووضعهم الأكثر سوءا في مخيمات الأردن ممن هاجروا مما أصبح الآن اسرائيل أو أحفادهم.

(ملاحظة: حوالي 330 ألف من الـ 1.9 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن يعيش في مخيمات. ونصف هؤلاء جاءوا إلى الأردن من غزة والضفة الغربية وبذلك لم يحصلوا على جنسية أردنية).  هؤلاء لن يقبلوا بالعودة للضفة والقطاع لأنهم لن يستطيعوا المطالبة بأملاكهم وبيوتهم داخل إسرائيل وفي هذا الأمر سيصبحون (ولو ليس من الناحية القانونية) لاجئين في دولة جديدة، كما يقول العقرباوي.

5. الحكومة الأردنية تقسم موضوع التعويضات إلى قسمين: الأول (وهو الأساس) موضوع التعويضات لللاجئين الفلسطينيين نفسهم وبصورة فردية. وعند السؤال عن كيفية تحديد وتقديم هذه التعويضات قال التل إن الحكومة الأردنية لا موقف لها. هو وآخرون ممن اتصلنا بهم مهتمون بالجانب الرمزي حول أهمية التعويضات الشخصية من طريقة إيصالها لهم.

6. إضافة لموضوع التعويضات الشخصية للاجئين يتوقع الأردن أن يتم تعويضها لتحمل عبء تحمل الاعداد الكبيرة من الناس في عامي 1948 و 1967 بالإضافة إلى ما أسماه التل "الأضرار" التي تعرضت لها منشئات الأردن وبنيتها التختية من قبل الإجراءات الإسرائيلية عبر السنوات. وتقوم الحكومة الأردنية بين الحين والآخر بدراسات حول الموضوع.

داخليا اتفقت الحكومة الأردنية فيما بينها لتحديد هذا المبلغ. (التل قال لنا إن آخر دراسة عمرها سنتان ولكن المبلغ المتوقع سيتم إعادة النظر فيه قريبا). وحسب التل فإن هذا المبلغ لم يتم الإفصاح به للحكومة الإسرائيلية و(لن يتم الإفصاح به لنا).

التوقعات الفلسطينية: الحلم والحقيقة

7. عند الحديث عن حق العودة للفلسطينين في الأردن فإن الوضع ينقسم إلى مجموعتين تقريبا. أولا من هم مقربون من موقف الحكومة. الذين يستمرون في الحديث الرسمي ظاهريا, ولكن خلف الأبواب المغلقة يتنازلون وبسرعة عن حق العودة معترفين بأنه سياسيا ولوجستيا أمر مستحيل. هذه المجموعة مهتمة بالتعويض الشخصي (وتشك أن الحكومة سيكون لها الجرأة بأن تطالب بتعويضات "البنية التحتية.")

أما المجموعة الثانية فهناك من هم متشبتون بالمبدأ، وفي الغالب هذه المجموعة موجودة ما بين القاطنين في المخيمات والذين يأملون بأن يتم من الفقر بدون أملاك من قبل اتفاق سلام والتعويضات التي تأتي معه. ومن الصعب إن لم يكون مستحيلا التحديد الدقيق لعدد هؤلاء وتقسيمهم بين المجموعتين.

ملاحظة: كما جاء في  الملحق ب فإن استفتاء الرغبات السياسية لمن هم من أصول فلسطينية مقابل شرق الأردنيين يعتبر تابو في الأردن لأنه يقر الحقائق غير المريحة للتقسيم ما بين الأردنين وهويتهم الوطنية. نهاية الملاحظة.

8. في النقاشات معنا, أقر العديد من الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية بأن حق العودة هو مجرد خيال. "إنه غير عملي," يقول الناشط السياسي جمال الرفاعي. ويضيف"أنا لن أطلب من إسرائيل أن تقوم بعملية انتحار."  

عادل ارشيد الذي عمل في التسعينيات من القرن الماضي كمدير لشؤون دائرة الأراضي المحتلة في وزارة الخارجية يقول إن الأردنيين من أصول فلسطينية لا يزالون يحملون مشاعر مرتبطة بحق العودة ولكنهم لن يسعوا وراءها من الناحية العملية. وفي محاولة للتفكير العملي قال لنا (بشرط عدم الإفصاح) غازي السعدي وهو عضو مستقل في المجلس الوطني الفلسطيني إنه قد يكون هناك تبادل ما بين حق العودة وانتزاع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية – معتبرا ذلك العنوان النهائي للفلسطينين الراغبين بـ"العودة".

9. كما أسلفنا, فإن مبدأ حق العودة لا يزال يحمل الكثير من الأهمية للبعض. "لايوجد أي سؤال حول حق العودة. فهذا حق مقدس. " كما يقول النائب من أصل فلسطيني محمد الكوز.

وخلال لقاء مع عضو مجلس وطني يقطن في عمان قال لنا : "حق العودة هو حقي الشخصي وهو حق إنساني." وفعلا هذا رد العديد ممن اتصلنا بهم من ذوى الأصول الفلسطينية. فهم يعتيرون أن حق العودة هو حق لهم وجزء من عقد اجتماعي تم تأييدة من قبل السياسيين العرب وتم تأكيده في العديد من القرارات للهيئة العامة للأمم المتحدة منذ 60 عام.

 

10. جزء مثير في هذا الحوار هو طريقة تغيير الانطباعات حول حق العودة (والتي يتم التعبير عنها من خلال نظريات مؤامرات) تصبح طريقة تفكير. يعتقد الرفاعي أن ضعوط حكومية وليس مشاعر أصيلة هي التي تفرز المواقف العقائدية بالنسبة لحق العودة فيما بين الأردنين الفلسطينين. ويصر أن دائرة المخابرات العامة والحكومة ترعى جوا يرفض أي حل  أو نقاش سوى الدعم غير المحدود لحق العودة. ويعتقد أن النقاش سيتغير لو تم التراجع عن ذلك.

شخصيات فلسطينية أخرى مثل عضو المجلس الوطني عيسى الشعيبي وكاتب عمود يدير مكتب المفاوض الفلسطيني أحمد قريع في عمان يعتبرون أن الشعور المسيطر هو أن جبهه العمل الإسلامي المدعومة من الإخوان المسلمين (و التي تحرك قاعدتها من خلال التحدث عن حقوق الفلسطينين) هي المحرك الرئيس في رفع الوتيرة الوطنية الفلسطينية في الأردن حول حق العودة. وفي خطاب لعضو الجبهة حمزة منصور انتقد بشدة "قيام الرئيس بوش بمصادرة حق الفلسطينين بالعودة."

شرق أردنيون: في انتظار استرجاع دولتهم

11. للشرق أردنيين نظرة مختلفة للنقاش حول حق العودة. وفي أبسط تحليل يعتقد الذين نتواصل معهم من شرق الأردنيين أن حق العودة قد تكون مدخلا لحل مشاكلهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ولكن ما يتبين من العديد من النقاشات مع شرق أردنيين أن ما يهمهم أنه بعد أن يغادر الفلسطينيون فإن الأردنيون "الحقيقون" سيرتجعون بلدهم. ويأملون بحل يسمح لهم بشرعنة سيطرتهم الحالية على أجهزة الحكومة والجيش وتسمح لهم بالتوسع في مجال الأعمال الحرة والتي يسيطر عليها الفلسطينيون الآن.

12. الأردنيون من أصل فلسطيني لهم معرفة بنواي شرق الأردنيين طبعا. "إذا تحقق حق العودة بمغادرة الفلسطينيين فإن شرق الأردنيين يعتقدون أن كل الفلسطينيين سيغادرون" يقول النائب محمد الكوز.

مصادر أخرى من أصول فلسطينية بما فيها عادل ارشيد ورجائي دجاني (وهو من مؤسسي المخابرات وعمل أيضا كوزير للداخلية في وقت فك الارتباط الإداري  للضفة الغربية عام 1988 قدم تعليقات إضافية. وعلق الدجاني على زيادة ما أسماهم بـ"الليكودين" شرق الأردنيين والذين يتأملون أن يشكل حق العودة "خروجا".

13. في الحقيقة بدا العديد من مصادرنا شرق الأردنين متحمسين حول العودة (أي المغادرة) للاجئن الفلسطينيين أكثر من مغادرة الفلسطينيين. مجحم الخريش نائب شرق أردني من منطقة بدوية في وسط الأردن يقول بوضوح إن السبب الرئيس لدعمه القوي لحق العودة هو أن يترك الفلسطينيون الأردن. سكرتير عام وزارة العدل  محمد العزو يقول إن الفلسطينيين لم يستثمروا في النظام السياسي. "ليسوا مهتمين بوظائف في الحكومة أو الجيش- وبذلك أشاروا إلى رغبتهم بالعودة للدولة الفلسطينية.

14. عندما يتحدث شرق الأردنيين عن إمكانية بقاء الفلسطينين في الأردن بصورة دائمة, غالبا ما يستعملون لغة التهديد السياسي وعدم الاستقرار الاقتصادي.

طلال الضامن, سياسي من منطقة أم قيس قرب التقاطع بين الأردن وهضبة الجولان وإسرائيل , يتخوف من التحدي السياسي الذي سيواجهه الأردن بدون حق العودة لأن الدولة ليست متوحدة ديمغرافيا.

ويتأمل الضامن من خروج جماعي للفلسطينيين كي يتم ملء الفراغ من قبل شرق أردنيين في عالم العمل وأيضا لكي يتم تغيير الخريطة السياسية.  

نفس الفكر يتكرر خلال لقاء مع طلاب جامعيين يعرفون عن نفسهم "كأردنين أنقياء" والذين يقولون أن "الفرص" متوفرة بصورة أقل لهم من الفرص المتوفرة للفلسطينيين.

15. حق العودة بالتأكيد منخفض الأولوية مقارنة مع أولويات الأردنيين من أصل فلسطيني ولكن هناك من أعطى الموضوع فكرا معمقا.

الناشطة في مجال المجتمع المدني سائدة الكيلاني تتوقع أنه حتى في حالة الوصول إلى حل (وخاصة إذا تم الحل) فإن الفلسطينيين سيتنازلون عن الدولة الفلسطينية مقابل حياة مستقرة في الأردن في حال تمت معالجة موضوع المساوة السياسية. وبكلمات أخرى بدلا من رؤية عدد كبير من الفلسطينيين يعودون لبلادهم سينتهي الأردن إلى الحاجة لزيادة عدد الفلسطينيين من بين سكانها.

16. نظريات المؤامرة تعتبر جزءا من تفكير شرق الأردنيين كما هي ما بين ذوي الأصول الفلسطينية فيما يتعلق بحق العودة.

فارس بريزات نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتجية في الجامعة الأردنية قال لنا مثالين يتم تداولهما وهو يحلف بهما. الأول أن الأردنيين من أصل فلسطيني يختارون عدم التصويت لأنه لو صوتوا بأعداد كبيرة ستعتقد إسرائيل (وأمريكا) أنه تم اندماجهم في المجتمع الأردني وبذلك سيعتبر موضوع حق العودة لاغيا.

النظرية الثانية ولها صفات مماثلة، أنه بعد توقيع اتفاق السلام الأردني الإسرائيلي فإن القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية أرسلت تعليمات لكل "الفلسطينيين" المقيمين في الأردن بعدم المشاركة في الأمور السياسية في الأردن كي لا يتم التعامل معهم وكأنهم أصبحوا "محليين".

الأمر المهم بالنظريتين هو أن الفلسطينيين ينون العودة للدولة الفلسطينية ولذلك لا يوجد لهم ما يقدمونه للنقاش السياسي الأردني ولذلك من السهل عدم إشراكهم في هذا النقاش أصلا.

الرابط بين حق العودة والتمييز

17. حق العودة مرتبط ارتباطا عضويا بمشكلة التمييز شبه الرسمي تجاه المواطنين من أصل فلسطينيني. بريزات يدعي أن هذا "هو السبب لوجود النظام السياسي في الأردن كما هو الآن. " ما دام يتم التلويح بحق العودة كحل ممكن فسيبقى شرق الأردنيين ينظرون للفلسطينيين كمقيمين مؤقتين في "دولتهم". هذا يوفر تبريرا لتقليل دور الأردنيين من أصل فلسطيني  في الحياة العامة الأردنية لأنهم بمثابة "أجانب" ذات ولاء مشكوك فيه والذين من الممكن في لحظة معينة أن يحملوا بضائعهم ويتركوا البلد.

ملاحظة: الشك في الولاء عميق وأساسه أحداث أيلول الأسود عندما حاول مسلحون فلسطينيون السيطرة السياسية على النظام الهاشمي. ومنذ ذلك الوقت تم وبصورة تدريجية إقصاؤهم من القوات الأمنية الأردنية ومن مناصب في العمل العام. انتهى التعليق)

الاقتراح بأن يتم توفير الحقوق الكاملة للفلسطينيين يتم الرد عليه باتهامات أن ذلك "سيلغي" أو "يضر" بحق العودة. من ناحيتهم فإن الأردنيين من أصل فلسطيني  مهتمون بصورة أقل من مشكلة الضرر بحق العودة ومهتمون أكثر بالقيام بدورهم كمواطنين أردنيين لهم الحق في الاستمتاع بكافة حقوقهم المكفولة من القانون.

18. مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي والذي تنظم مؤسسته لقاءات حوارية في مخيمات اللاجئين يوضح وجود تمييز واسع مدعوم بصورة شبه رسمية من الحكومة. حسب تقديراته فإن موضوع "العودة" للفلسطيين مرتبط بفكرة أن الأردنيين من أصل فلسطيني "ليسوا أردنيين فيما يكفي".

ويؤكد عريب أن هذا الشعور من قبل النخبة في ازدياد على حساب حق العودة كأساس سياسي في اهتمامات الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية.

فحسب الرنتاوي (ومصادر أخرى لنا) الشعور بالتغريب أوسع في طبقات الفقراء وسكان المخيمات ولكنه يشعر أن هذا الشعور في ازدياد لدي كتيرين من المندمجين في الأردن ومن ذوي الوضع الجيد.

"الفلسطينيون يشعرون أن أمرا ما خطأ فيما كانوا يقطنون في مخيم لاجئين أو في حي عبدون (حي مزدهر في عمان). يجب أن نخرج الفلسطينين من هذا الجو," يقول الوزير ارشيد.

يتماشى الحديث هذا مع التفكير العام بأن اندماج ذوي الأصول الفلسطينية سيزيد من  اهتمامهم بما يجري في الأردن وبذلك يقل التخوف من النظرة لهم كأنهم مصدر خطر.

19. وحسب وجهه نظر ارشيد، سيتم حل مشكلة اللاجئين عندما يشعر الفلسطينيون في الأردن بأنه تم التعامل مع حقوقهم بعدل وتم توفير حقوقهم السياسية لهم واستفادتهم من التطور الاقتصادي.

ملاحظة: يسيطر ذوو أصول فلسطينية على العديد من المرافق الاقتصادية خاصة في مجال البيع بالمفرق.)

وفي استعراضه لشكاوي عديدة ومعروفة حول التمييز يقول ارشيد إن معاملة الفلسطينيين في الأردن تتجاهل مساهمتهم التي هي أكبر من حجمهم في المجتمع الأردني. وقال إنه عندما سمح للفلسطينيين بوظائف حكومية هامة كانوا "أكثر تأهيلا أو ولاء" من الآخرين.

20. وحيث أن الأردنيين من أصول فلسطينية غير خجولين من أصولهم, إلا أن الكثيرين يأكدون أكثر من غيرهم ولاءهم القوي للأردن.

جمال الرفاعي يقول: "إني أعتبر نفسي أردنيا. ولا يستطيع أحد أن يقول لي عكس ذلك."

محمد أبو بكر وهو ممثل لمنظمة التحرير في عمان يقول: "لو قلت لي اذهب إلى جنين فلن أقبل.

هذه حقيقة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن لهم وضع حياتي أفضل.

"عضو المجلس المركزي عيسى الشعيبي يقول ببساطة "الفلسطينيون في الأردن ليسوا لاجئين. هم مواطنون."

21. رغم أن حق العودة مفخم على أعلى المستويات, إلا أن المواطنين من أصول فلسطينية يرون تراجعا فيما يتعلق بأمور عملية متعلقة بجنسيتهم. والكثير من مصادرنا يمقتون عبارة "من أصول فلسطينية" والتي يتم تسجيلها على جوازاتهم وهوياتهم.

وزير الداخلية الأسبق رجائي الدجاني يتذكر لقاء جرى مع الملك السنة الماضية وشاركت فيه شخصيات أردنية من أصول فلسطينية حيث تم استعراض مضايقات يواجهها ذوو الأصول الفلسطينية العائدين بعد بقاء مدة طويلة في الضفة الغربية حيث تم القول لهم إنه سيتم إصدار جوازات مؤقتة لهم عند التجديد وهي طريقة غير مباشرة لسحب الجنسية الأردنية منهم.

وحسب الدجاني فقد "أمر" الملك أن يتم تشكيل لجنه من الدجاني ورئيس الوزراء السابق طاهر المصري ومدير المخابرات محمد الذهبي لمناقشة الموضوع إلا أن كافة المحاولات لمتابعة الموضوع مع الذهبي تم تجاهلها.

الصفقة العظمى؟

22. هناك فكرة تتكرر في العديد من اللقاءات مع ذوي أصول فلسطينية وبعض المسؤولين الحكوميين الأردنين( رغم أن ذلك لا ينطبق على كل شرق الأردنيين كمجموعة) وهي فكرة "الصفقة العظمى" والتي تتركز على قيام الفلسطينيين بالتنازل عن حقوقهم بالعودة واستبدالها بالاندماج الكامل في النظام السياسي.

فبالنسبة للسياسين شرق الأردنيين ولمؤيدي النظام فإن هذه الصفقة يمكن أن تحل مشكلة تعدد الولاءات لفلسطينيني الاردن. فالبالنسبة لهؤلاء الأردنيين من أصل فلسطيني فهذة الصفقة ستغلق باب العداء مع الدولة ويفتح فرصا للعمل في الوظائف الحكومية والتداخل في المسيرة السياسية.

23. "لو تنازلناعن حق العودة , فعليهم إعطائنا حقوقنا السياسية," يقول  الرفاعي. "وحتى تصبح الأردن دولة حقيقية يجب أن نصبح كلنا شعبا واحد."

ويطالب الرنتاوي بمسيرة سلام شاملة لحل مواضيع الهوية والحقوق لفلسطينيي الأردن كجزء من هذه "الرزمة" , ويقول "تحتاح إلى إصلاح كبير في الأردن وتحويلها إلى دستورية ملكية بحيث يتم تقليص السلطات التنفيذية، ويتم الضغط الخارجي على حكومة الأردن لضمان تحقيق حقوق متساوية للفلسطينين".

24.  إذا فشلت اتفاقية سلام لضمان الحقوق السياسية للمواطنين من ذوي أصول فلسطينيين، يعتقد العديد من مصادرنا أن حق العودة هو عبارة عن بوليصة تأمين يستطيع من خلالها الفلسطينيون التصويت بأرجلهم. يتساءل الرفاعي: "إذا لم نحصل على حقوقنا السياسية فكيف يمكن إقناعنا بالتنازل عن حقنا في العودة؟"  

يقول فؤاد معمر محرر اسبوعية السياسة العربية وهو أردني-فلسطيني_ إنه في السنوات الماضية كان هناك تكاثر في "لجان حق العودة" في المخيمات الفلسطينية. وهذه الظاهرة تعكس ازدياد عدم الرضى من الحكومة الأردنية وخطواتها تجاه تحسين أوضاعهم هنا وفي زيادة التركيز على فلسطين.

25. تعليق  

وجود منطقية في تبادل حق العودة بالحقوق السياسية في الأردن لا يعني بالضرورة أن هذه الاستراتجية واقعية ومن المؤكد أنها لن تكون اوتماتكية. هناك أسئلة كبيرة وعلى مستوى الأنظمة يجب الإجابة عليها قبل ان يتم دمج الاردنيين من اصول فلسطينية في المجتمع والحكومة الاردنية. وفي غياب حل فعال لدولة فلسطينية  فان المسؤولين عن الحفاظ على الهوية الاردنية الحالية سيترددون كثيرا في التفكير في خطوات يعتقدون بقوة انها قد تؤدي الى "الاردن هي فلسطين" أو ما يسمي "الوطن البديل." إن تنازل شرق الأردنيين عن كرامة المكان الذي يحتلونه الآن بعيد بكل تأكيد، في خطوة شديدة الكرم لإخوانهم ذوي الأصول الفلسطينية.

القاضي المخضرم الغازو قال لنا: "في رأيي، لن يتغير أي شئ في الأردن بعد حق العودة. فشرق الأردنيين سيحافظون على مناصبهم وبقية الفلسطينيين سيحافظون على مواقعهم."

القول نفسه كرره العديد من مصادرنا والذين رأوا أن البيئة فيما بعد اتفاق سلام كشرط ضروي لدمجهم في الأردن لن تكون كافية لتحسين وضعهم. (نهاية التعليق)

التحضير للعبة النهاية (أو عدمها)

26. في غياب حركة حقيقية لحق العودة سيلوم الأردنيون من أصل فلسطيني وشرق الأردنيين بعضهم البعض وكل طرف سيتهم الآخر بأنه لا يعمل بما يكفي لتحسين التكافل الاجتماعي أو تحضير الرأي العام للتنازل عن حق العودة. فالطرفان معتادان على تكرار نفس الأقوال حول الوحدة لدعم القضية الفلسطينية والتردد في الابتعاد عن الأقاويل المعروفة حتى لا يتهمهم أحد بتقديم "التنازلات" إلى إسرائيل. وفي نفس النمط سينتظر كل طرف الآخر بأن يقوم بالخطوة الأولي في حين التأمل بحل خارجي بين إسرائيل والفلسطينيين كي لا تكون هناك حاجة للتنازل وقبول الوضع "المؤقت" كوضع دائم.

27. "المشكلة ليست العودة, المشكلة هي حق العودة, " يقول الشعيبي.

فكرة العودة كحق مضمون من الأمم المتحدة و التضامن العربي سيشكل مشكلة في  التغيير في حال التوصل إلى اتفاق شامل. ويتوقع في النهاية أن الفلسطينيين  المحافظين على مواقف تقليدية حول حق العودة هم نفسهم الأشخاص الذين لن يقبلوا بأي حل سلمي مهما كان كريما. ولذلك يعتقد أنه لن يكون هناك حاجة لتحضير الأرض لتغيير في التكتيك . فالفلسطينيون يعرفون أنه  سيتم التنازل عن هذا المطلب في آخر المطاف.

28. مسؤولو الحكومة الأردنية مصرون على أن حق العودة يجب حله قبل الضلوع في التفكير في هوية الفلسطينيين ضمن أي إطار سياسي. ففي لقاء لوفد من مجلس النواب الأمريكي مع رئيس الديوان الملكي  أكد باسم عوض الله أنه عند حل القضية الفلسطينية فسيتم إدخال إصلاح واسع (بما في ذلك التمثيل النسبي). "لقد حاولنا البدء بنقاش في التسعينيات من القرن الماضي عندما كان الوضع احسن," يقول نواف التل من الخارجية. "لقد تحدثنا عن إمكانية الإصلاح ضمن حل. وفي النهاية لم يحدث السلام و بدونا ككذابين. لقد تعلمنا درسنا." لقد حرقت أصابعنا مرة ولا يتوقع التل أن المخابرات لن تعود للنقاش العام لغاية وصول المفاوضات إلى "مرحلة متقدمة جدا."

29. يشكو طرفا الحوار حول حق العودة بأن الخطوة الأولي في حل مشكلة "الأردن-فلسطين" ليست بأيديهم بصورة مباشرة. فاللوم في هذا الموضوع يقع اوتوماتكيا على إسرائيل وأحيانا تتم إضافة الولايات المتحدة.

إن الحجة المتكررة تقول إن الولايات المتحدة لو أرادت للضغظ على إسرائيل والفلسطينيين للتوصل إلى اتفاق فإن ذلك سجبر الأردن ليحل مشكلة التمييز.

النائب الكوز كرر ما يسمعه من جمهور المصوتين له المشكل من أردنيين من أصول فلسطينية قولهم: "لو رغبت الولايات المتحدة لحلت القضية الفلسطينية في ظرف نصف ساعة."

ولكن ورغم هذه المواقف والاعتقادات هناك شعور خلف الكواليس بأن تغييرا بدرجة 180 درجة سيكون صعبا. نواف التل قال لنا بصراحة إن "الحوار الوطني حول دور الفلسطييني في المجتمع الأردني مضر," ولكن رغم ذلك سيبقى الموقف مجمدا لغاية وجود حل نهائي لموضوع العودة.

تعليق

30. مع عودة الإسرائيلين والأردنين في إعادة فتح المواضيع المتعلقة بالحل النهائي بعد تجميد لمدة سبع سنوات فإن "حق العودة" سيكون من أهم الأمور ذات شجون ومركزية في المفاوضات. بصورة عملية هذا السؤال له تأثير كبير على الأردن وهي موطن أكثر فلسطينيين من أي بلد آخر وهي البلد الوحيد الذي يعطي بشكل قانوني الجنسية للفلسطينيين.

ولكن لايوجد إجماع حول كيفية التعامل مع أي حل وماهو معناه للأردن. والنقاش مع محاورينا من شرق أردنيين وذوي أصول فلسطينية- يوصلنا إلى الاستنتاج بأن الموضوع متعلق بشكل أقل بالسلام الفلسطيني – الإسرائيلي، فيما يتعلق بشكل أكبر بطبيعة ومستفبل الأردن.

أضف تعليقك