وتبقى الاحتجاجات العمالية الغائب عن القوائم الانتخابية

المرصد العمالي – شيرين مازن - منذ الثاني والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الماضي وحملات المرشحين للانتخابات البرلمانية الأردنية التي ستجري في الثالث والعشرين من كانون الثاني متواصلة وسط شعارات وصفها عدد من المراقبين بأنها "فضفاضة مستنسخة عن دورات سابقة".

فيما شملت خارطة المرشحين في الأردن 1425 مرشحا ومرشحة، بينهم 191 سيدة، يتوزعون كالتالي: 606 مرشح من بينهم 105 سيدات على مستوى الدائرة المحلية، و 819 مرشحا بينهم 86 سيدة في الدائرة العامة، حيث يعتبر هذا العدد الأكبر للمرشحين في تاريخ الأردن.

وما يلفت النظر في مشهد القوائم إضافة للطابع السياسي لبعضها، فإن بعضها الآخر طغى عليه الجانب القطاعي فقد ضمت قوائم ممثلين لنقابات عمالية، في حين خصصت قائمة لذوي الاحتياجات الخاصة.

وفي ظل الاستعدادات القائمة لانتخاب مجلس النواب السابع عشر شكّلت قضايا العمل والحريات النقابية والحقوق في العمل على اختلافها سبباً لتصاعد مطالب المحتجّين في الأردن، فقد شهد الأردن عددًا غير مسبوق من الاحتجاجات في العام 2012، وعليه يشكل الحق في العمل الركن الأساسي لاستقرار المجتمعات وبنائها في ظل توفر شروط العمل اللائق لكافة العاملين في القطاعين العام والخاص داخل الدولة.

وانطلاقا من أهميه هذا الحق أرتأى برنامج "المرصد العمالي الأردني" التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في "ورقة تقدير الموقف" هذه استكشاف تصورات القوائم الانتخابية لحق العمل والمشاكل التي تواجه هذا الحق و التي يعاني منها الأردن والحلول التي تقدمها لتجاوز هذه المشكلات.

وقد قام فريق اعداد هذه الورقة بتحليل البرامج الانتخابية لـ (41) قائمة انتخابية من أصل (61) قائمة، إذ لم يتمكن فريق البحث من الحصول على البرامج الانتخابية لجميع القوائم الانتخابية لعدة أسباب، منها أن العديد من القوائم الانتخابية لم تصدر برامج انتخابية واكتفت بإعلان اسماء أعضائها، أو إعلان بعض الشعارات العامة، وبعض القوائم الانتخابية وبالرغم من التواصل مع أعضائها هاتفياً إلا أننا لم نستطع الحصول على برامجهم الانتخابية.

وتعتبر الشعارات وما تحتويه من مضامين أحد أكثر وسائل الاتصال المستخدمة تأثيرا على الناخب في اختيار هذا المرشح أو ذاك، اضافة الى البيان الانتخابي للمرشح، ومن خلال الاطلاع على شعارات وبيانات القوائم وجدنا أن غالبيتها تتصف بالعمومية دون التطرق للمضامين وآليات التنفيذ واكتفوا بشعارات مثل محاربة البطالة، وتعديل قانون الضمان الاجتماعي، الحد من العمالة الوافدة.

وفيما يأتي أهم النتائج التي تم التوصل اليها:

حرية التنظيم النقابي
غاب الحق في حرية التنظيم النقابي في الأردن، عن بيانات وبرامج غالبية القوائم الانتخابية ، إذ تناولته فقط خمس قوائم انتخابية من أصل 41 قائمة تم رصدها، ويجب الاخذ بعين الاعتبار هنا أن القوائم التي لم يتسنى لفريق اعداد الورقة الاطلاع عليها لم تصدر برامج انتخابية، وقد ركزت برامج هذه القوائم على تنظيم ودعم حرية التنظيم النقابي، وتشجيع اتحادات العمال على المشاركة والتغيير، فيما طالبت برامج برفع يد الجهات الرسمية عن القيادات المتنفذة في اتحاد العمال، وبعضها الآخر أعلن دعمهم للنقابات القائمة والنقابات قيد التأسيس كنقابة المعلمين القائمة فعليا، ونقابتا المحاسبين والعاملين في الجامعات الأردنية تحت التأسيس.

البطالة والشباب
امتازت برامج وبيانات القوائم الانتخابية التي تم رصدها بعدم الوضوح فيما يتعلق بموضوع البطالة وتوفير فرص عمل للشباب، من حيث آليات التنفيذ؛ فمن جانب طالبت بعض القوائم بضرورة الاهتمام بقطاع الشباب وتوظيفهم بشكل عام، وأشارت بعضها الى " ضرورة محاربة البطالة وتوفير فرص عمل"، فيما لفتت أخرى الى "تدريب الشباب وتمكينهم بالحرف اليدوية والمهن وتشجيعهم على العمل في هذه القطاعات"، وذكرت قوائم أهمية التركيز على تشجيع الاستثمار من أجل خلق فرص عمل للمتعطلين عنه، بينما حددت بعضها رقما معينا لتوفير فرص العمل دون الكشف عن آلياتها لكيفية توفير هذه الفرص، ودعت اخرى لزيادة فرص العمل في القطاعين العام والخاص.

الحد الأدنى للأجور
اما في موضوع الحد الأدنى للأجور وبالرغم من أهميته المنبثقة من الاحتجاجات العمالية التي ركزت على الأجور وتحسينها، إلا أن هذا الحق لم يرد ذكره سوى في 6 من البرامج والبيانات التي تم رصدها للقوائم الانتخابية، حيث طالبت بعض هذه القوائم برفع الحد الأدنى للأجور دون الاشارة إلى الكيفية او الطريقة لذلك، في حين اكدت أخرى على أهمية ربط الاجور بمعدلات الفقر والبطالة المعلن عنها في الأردن، فيما دعت أخرى إلى إعادة دراسة الحد الأدنى للأجور بما يتماشى مع وضع العاملين وأصحاب العمل، و العمل على مراجعة الحد الأدنى للأجور واستبداله بقانون الأجر العادل.
التأمين الصحي
حظي الحق في التأمين الصحي باهتمام واسع في بيانات وبرامج القوائم الانتخابية المرصودة، حيث دعت غالبية تلك القوائم بالعمل على توفير نظام صحي شامل للجميع، فيما أوضحت اخرى ضرورة العمل على تطوير منظومة التأمين الصحي بحيث تشمل الوفاة والمرض والاصابة بالعجز والاعاقة، وطالبت أخرى بزيادة نسبة تغطية التأمين الصحي لأهميته.

قانون العمل
لم تنعكس مطالبات الحراكات العمالية بتعديل قانون العمل الأردني على بيانات وبرامج القوائم الانتخابية، حيث خلت تلك البرامج من هذه المطالبات باستثناء خمس قوائم من أصل 41 قائمة تم رصدها، حيث طالبت 4 قوائم انتخابية بتعديل القانون بشكل عام دون الخوض بتفاصيلها، فيما نادت قائمة واحدة فقط بتعديل قانون العمل وخاصة نص المادة 31 المتعلق بإعادة الهيكلة وربطه بالفصل التعسفي.

الاحتجاجات العمالية
بالرغم من زيادة عدد الاحتجاجات العمالية باختلاف اسبابها ومطالبها في السنوات الثلاثة الماضية بشكل غير مسبوق، إلا أن الحلول الجذرية لتلك الاحتجاجات غابت عن البيانات والبرامج الانتخابية الـ41 التي تم رصدها من قبل فريق العمل.

عمالة الأطفال
من اصل 41 قائمة انتخابية لم يرد ذكر الحد من عمالة الأطفال ومكافحتها باستثناء قائمة واحدة فقط لا غير، حيث دعت إلى حظر عمالة الأطفال في الأردن، مما يعكس ان "عمالة الأطفال" لا تندرج ضمن أوليات القوائم الانتخابية.

العمالة الوافدة
على الرغم من الجدل الذي آثاره ويثيره وجود العمالة الوافدة في الأردن من حيث أعدادها والمهن التي تشغلها والحقوق العمالية المترتبة على ذلك، إلا انها غابت عن بيانات وبرامج القوائم الانتخابية ووجدت لها مكانا في قائمتان انتخابيتان طالبتا بالحد من العمالة الوافدة والتقليل منها واحلال العمالة الاردنية مكانها.

الضمان الاجتماعي
لاقى موضوع قانون الضمان الاجتماعي اهمية واسعة في العديد من البيانات والبرامج للقوائم الانتخابية التي تم رصدها، حيث دعت غالبية تلك القوائم إلى تعديل قانون الضمان الاجتماعي مع الحفاظ على حقوق منتسبيه، فيما دعت أخرى بالعمل على تطوير منظومة الضمان الاجتماعي وآلياته لتشمل جميع الأردنيين، وطالبت قوائم بالعمل على زيادة رواتب المتقاعدين وتخفيض سن التقاعد المبكر وتقاعد الشيخوخة، ونادت اخرى بمساواة المرأة مع نظيرها الرجل في الحقوق الخاضعة للضمان الاجتماعي.
حقوق اخرى
تضمنت بيانات وبرامج بعض القوائم الانتخابية عددا من الحقوق والمطالبات العمالية، كالمطالبة بإيجاد مظلة حماية لجميع العاملين، ومساواة المرأة مع نظيرها الرجل في أماكن العمل، والاهتمام بالمتقاعدين المدنيين والعسكريين، إلى جانب ذلك تعديل قانون التقاعد المدني والعسكري، والمطالبة بتثبيت عمال المياومة، والعمل على إعادة تأهيل العاملين وربط الحوافز بالإنتاجية، ويتضح مما تم استعراضه أن هنالك تفاوتا في طريقة تناول القوائم الانتخابية لحق العمل في الاردن، والتي ترجع الى العديد من الأسباب اهمها: الخبرات التي يحملها أعضاء هذه القوائم ورؤيتهم للشأن العمالي الذي يغيب عن مجمل مطالبات الإصلاح في الأردن، الى جانب الفارق الملموس بين برامج وبيانات القوائم الانتخابية والتي تشكلت لغايات خوض الانتخابات فقط، وقوائم الأحزاب السياسية الموجودة والعاملة منذ سنوات.

ويشار إلى أن عدد الذين يحق لهم الانتخاب يبلغ 2.2 مليون ناخب وناخبة.

ويجدر بالذكر أن الانتخابات البرلمانية الحالية تأتي في ظل مقاطعة حزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسي لحركة "الاخوان المسلمين"، و"حزب الوحدة الشعبية" اليساري، الى جانب مقاطعة العديد من الحركات السياسية احتجاجا على القانون الذي تجري بموجبه الانتخابات، مطالبين بزيادة المقاعد المخصصة للقوائم الانتخابية بحد أدنى 50 بالمائة، ويطالب الإخوان والحركات والقوى المقاطعة للانتخابات كذلك بتعديل المواد ٣٤ و٣٥ و٣٦ من الدستور، والتي تطال صلاحيات الملك عبد الله الثاني فيما بتعلق بتشكيل الحكومات وحل البرلمان.

وكان مجلس النواب السادس عشر قد أقر في تموز 2012 تعديلا على قانون الانتخاب خصص 27 مقعدا لقائمة وطنية مفتوحة، وبحسب التعديل سيضم مجلس النواب المقبل 150 مقعدا بدلا من 120، منها 27 للقائمة الوطنية و15 للكوتا النسائية و108 مقاعد فردية.

أضف تعليقك