هل يضمن الاردن الحقوق الاقتصادية لمن لا يحمل الرقم الوطني
محمد شما لوثائقيات حقوق الإنسان
في العام 2008 تلقى الشاب محمد سعيد 25 عاماً كتابا يفيد باستغناء ادارة المستشفى عن خدماته فيها بعد مضي سنة كاملة على عمله في قسم محاسبتها.
“لم اتوقع يوماً، ان تكون مكافأتي استقالة، وانا الملتزم في عملي، بل وقفزت درجات في السلم الوظيفي لاجتهادي في العمل”، يقول محمد الذي بقي قرابة 8 شهور يبحث عن عمل آخر في مجال تخصصه “المحاسبة” وبعد طول عناء قرر هجر ما درسه والوقوف بائعا في محل لبيع الاجهزة الخلوية.
توجه محمد سابقا الى جمعية مدققي الحسابات الاردنية للانتساب في عضويتها غير انهم اعتذروا له، وحسب ما يتذكره “قالوا لي ان ابواب القطاع الخاص مفتوحة امامك لكن الواقع فان القطاع الخاص فصلني”.
السيدة “ام ضياء” والتي تحمل الرقم الوطني دون زوجها، تنظر باسى لواقع ابناءها الثلاث والذي انهوا دراستهم الجامعية في تخصصات الهندسة والطب والصيدلة، وجميعهم وجدوا مستقبلا في دول الخليج. تقول: “كانوا يبحثون عن عمل هنا بين ابيهم وامهم، لكنهم لم يستطيعوا، بسبب عدم تمتعهم بالرقم الوطني وهذا الواقع فرض واقعا على الاسرة”.
الشاب ليث تخرج من احدى الجامعات الاردنية العام 2007، لم ينل فرصة العمل ولا حتى الانضمام الى نقابة المهندسين، قام بالعمل في غير تخصصه، يقول ان حقه في العمل غير مكفول في الاردن.
نقابات مهنية
يكشف رئيس لجنة الحريات النقابية، فتحي ابو نصار عن دراسة “مجلس النقابات المهنية” في الفترة الحالية “امكانية” انتساب من لا يحملون الارقام الوطنية في عضوية النقابات المهنية المختلفة.
ويوضح ابو نصار ان هذه الدراسة تستثني تلك الفئة من الاستفادة من حقوق التقاعد او الضمان الاجتماعي لانها ضمانة لحقوق لمن يعمل منذ سنوات، لكن “قد توفر له فرصة عمل داخلية في النقابة”.
يحكم النقابات المهنية قانون، وهذا القانون يشترط “ان يكون العضو في النقابات اردني الجنسية او اذا كان غير اردني منتسبا لدولة اخرى يشترط التعامل في المثل؛ من حيث قبول التسجيل.
حقوق دولية
المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تعطي دول الاطراف -الاردن من بينها- الاعتراف “بالحق في العمل”، الذي يشمل لكل شخص ان تتاح له امكانية كسب رزقه بعمل يختاره او يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق.
كما ويتوجب على الدولة الطرف ان توفر برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين، والاخذ في هذا المجال بسياسات وتقنيات من شانها تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطردة وعمالة كاملة ومنتجة في ظل شروط تضمن للفرد الحريات السياسية والاقتصادية الاساسية.
دخل الاردن كطرف في بعض المعاهدات الدولية لحقوق الانسان، من قبيل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي وقع عليه في العام 1976.
اعلان الدار البيضاء
كل الاتفاقيات الدولية، لا تشكل لدى الدكتور فوزي السمهوري مدير مركز جذور لحقوق الانسان بالمرجع لحماية حقوقهم فحسب انما هناك اعلان الدار البيضاء الصادر عن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب سنة 1965 وفيه قرروا بمعاملة الوثائق الفلسطينية كمعاملة مواطني تلك الدولة التي يعيشون فيها.
واعلان الدار البيضاء ينادي بضرورة معاملة حملة الوثائق الفلسطينية كمعاملة مواطني تلك الدولة الصادرة عنها، من حيث التنقل والعمل والصحة والسكن.
والاصل من اعلان الدار البيضاء لتعزيز مجمل القوانين والمعاهدات الدولية التي وقع عليها الاردني والتي تكفل ضمانة للحقوق المدنية والاقتصادية من يعيشون على ارضه، وفق ما يقوله المحامي مصلح فرح الذي يراجعه الكثير من تلك الفئة، “لكن القوانين الاردنية المعمول بها تحد من القدرة لـ للجوء الى القضاء والطعن في القوانين”.
بذلك، يطالب فرح بتفعيل المعاهدات الدولية ليتمتع هؤلاء الناس بالامتيازات الممنوحة لهم من حيث العمل والحقوق المدنية والاقتصادية.
واحدة من اهداف الخطة الوطنية لحقوق الانسان والتي يعدها حاليا المركز الوطني لحقوق الانسان، هي تاكيد مرجعيات حقوق الانسان وخاصة المعايير الدولية لحقوق الانسان التي صادق عليها الاردن، واهمها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
ويطالب رئيس المركز عدنان بدران الحكومة بضرورة “توفير المستلزمات المالية وخاصة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واعطاء المجتمع المدني دوره وبحرية في العمل على تعزيز حقوق الانسان”.
القطاع العام مغلق امامهم، كما يقول المحامي فرح، ذلك امتثالا لقانون الخدمة المدني الاردني الذي يشترط ان يكون الموظف متمتعا بالرقم الاردني ما يغلق الباب امام تلك الفئة، بينما القطاع الخاص، فيراه المحامي فرح “قطاعا اهليا فيه من الصعوبة الكثير في التوظيف حيث تحتاج بعض المؤسسات الى بعض الموافقات الامنية ليوظف الشخص لديها”.
يوضح فوزي السمهوري، ان الاردن طالما انه استقبل تلك الفئة وفقا لترتيبات مع الجامعة العربية والامم المتحدة، بالتالي فعليه كفالة حقوق تلك الفئة بحيث لا تختلف عن حقوق المواطنة، عدا الحقوق السياسية، بالتالي لا يجوز ان يكون هناك تمييزا في حقوقهم، او وضع العراقيل”.
سمو الاتفاقيات على القوانين المحلية
يوضح المحامي الدكتور ابراهيم مشهور حديثة الجازي ان القضاء الاردني “استقر على سمو المعاهدات الدولية القوانين الداخلية وعلى وجوب تطبيقها عند تعارضها مع هذه القوانين، سواء كانت المعادة سابقة ام لاحقة له دون ان يشير الى سند قانوني”.
ولا يستدعي عرض المعاهدات على مجلس الامة، فهي “ليست قوانين تصدر عن السلطة التنفيذية”، ويوضح ان “قرارات محكمة التمييز بصفتها الحقوقية، قررت ان المعاهدات والاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين المحلية ولها اولوية التطبيق”.
بيد ان كافة القرارات التي صدرت عن المحكمة، اقتصرت على الاطار التجاري خلال الاعوام الماضية، مشيرا الى ضرورة ايجاد آليات لتفعيل تطبيق الاتفاقيات الدولية قانونيا وقضائيا.
إستمع الآن