عمال محطات الوقود: غياب الرقابة يفضي إلى انتهاكات في حقوقهم

الرابط المختصر

 

لا يزال تنظيم عمال محطات الوقود نقابيا يراوح مكانه منذ سنوات عديدة، فالنقابة العاملين في البتروكيماويات تعتبر أن وزارة العمل مقصرة في متابعة أوضاع العمال ما يفتح الباب واسعا أمام انتهاكات حقوقية بحقهم.

 

 ظروف عمل صعبة

"برد قارص في الشتاء وحر قائظ في الصيف" يختصر عمر عطية 30 عاما جوابه على سؤالنا له حول ظروفه عمله، وهو العامل في إحدى محطات المحروقات في عمان منذ 7 سنوات.

 

"لا يدرك الزبون معنى أن تعمل تحت الشتاء القارص أو تحت حرارة شمس الصيف بل يعاملك بطريقة فوقية ويريد أن تظهر سيارته بأحسن حلة."

 

ساعات عمل تفوق 12 ساعة يوميا وأجور تقل عن 150 دينارا، بما يشكل خرقا لقانون العمل الأردني الذي يحدد ساعات العمل بـ8 ساعات وأجر لا يقل عن 150 دينارا.

 

اختراقات للقانون لا تشكل عند العامل شعبان 25 عاما حامل شهادة محاسبة بالانتهاك في إشارته إلى مدى قسوة المعاملة من قبل بعض الزبائن، "معاملة لا إنسانية من قبل زبائن في المحطات، تجعلني أكره نفسي وأشعر أن أجري المتدني ودوامي الطويل أصغر مصائبي".

 

ومصائب شعبان مضاعفة لدى العامل حامد مصري الجنسية 23 عاما الذي يقاوم برد الشتاء بالحركة الجنونية كما يقول لعمان نت، محاولا التغلب على حساسية جلد داهمت وجهه ويديه . "أعلم أن سبب حساسية الجلد من المياه التي أعمل بها يوميا في تنظيف السيارات والكاز والشحم أيضا لكن ما بيدي حلا".  

 

في كل محطة وقود تتوفر خدمة الغسيل والتشحيم والمضخات وغيار زيت وبناشر تحتاج كلها رخصة مهن من وزارة الصناعة والتجارة والدفاع المدني، بالتالي يقع عليها مهمة تحقيق ظروف آمنة للعمال. وتتوزع مهن العمال بين تزويد سيارات المواطنين بالمشتقات النفطية، وتشحيم وغسيل السيارات ومتابعتها ميكانيكيا.

 

يفوق حجم العمل لدى العامل الأردني نضال 25 عاماً أضعافا عن زملائه في العمل، "أنظف السيارات وأقف لتعبئة البنزين وكل ذلك لكي لا أطرد من العمل". نضال يعمل في إحدى المحطات المتاخمة لوسط المدينة منذ مدة شهر، يبرر ذلك بالقول: "لأن صاحب المحطة قال لي بداية أنه ليس بحاجة لعامل آخر ولكن أحد أصدقائه أقنعه بتوظيفي شفقة وها أنا أتحمل الجهد المضاعف في سبيل الـ120 دينارا".

 

غياب الرقابة

غياب الرقابة عن العاملين في المحطات، لا يجده بالمبرر الناشطون في القطاع العمالي، ويعتبر أحمد عوض مدير المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أن هؤلاء العمال أسوة بعشرات الآلاف من العاملين "يعانون من جملة مشكلات تتعارض مع نصوص التشريعات العمالية الأردنية بما فيها صرف الحد الأدنى من الأجور والذي لا يقصد به صرف رواتب بهذا الحد ولكنه الحد الأدنى المسموح به".

 

بدورها، تقوم وزارة العمل بالدور الرقابي، "لا نميز بين أصحاب العمل والعمال ولدينا قانون العمل الذي يحكم هذه العلاقة"، يقول مساعد مدير العمال والتفتيش في وزارة العمل أيمن الخوالدة.  

 

في إطار تطوير تشريعاتها للانسجام مع المعايير الدولية فقد عدلت الوزارة قانون العمل مؤخرا ليشمل أيضا عاملين في قطاع الزراعة والعاملين في المنازل، وهي إشارة لإلحاق الأجانب لها، "هما قطاعان تتركز فيهما العمالة الوافدة بشكل مكثف".

 

ثمة انتهاكات يتعرض لها البعض من العمالة الوافدة، وهنا تؤكد الوزارة أنها "مستمرة بمتابعة مثل هذه الانتهاكات وأنها لا تتهاون أبدا بشان أية شكاوى تتلقاها".

 

وصل عدد العمالة المصرية في سوق العمل الأردني إلى ما نسبته 68% من إجمالي العمالة الوافدة في حين شكلت الدول العربية الأخرى ما نسبته 2.2 % للعام 2008، وفق المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية.

 

وينفي فهد الفايز نقيب أصحاب محطات المحروقات وموزعي الغاز وجود استغلال من قبل أصحاب المحطات، ويعتبر أن هذه الممارسات "فردية" قد تمارس من قبل بعض أصحاب المحطات وزبائن.

 

"دورنا في النقابة توفيقي ومظلة"، يقول الفايز "أي انتهاك بحقوق العمال، "الأصل في القوانين هي أن تنظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وتحمي العمل ولا تميز بينهم، ولا تعمل أي محطة على رأسها مع العمال".

 

بيئة عمل غير آمنة

الخوالدة، يؤكد أن وزارة العمل تزور كل المحطات وتقف على وظروف عملهم. "سبق وأن زرنا العديد من المحطات وقمنا بالتفتيش ضمن جولات مبرمجة وتعرضنا لكثير من اللقاءات مع أصحاب عمل وعاملين وقمنا بتحسين بيئات العمل في عدة محطات.

 

محطات الوقود تعد من أماكن العمل الخطرة كونها تتعامل مع مواد سريعة الاشتعال ومحروقات خطرة، ويوضح الخوالدة أن هذه المحطات "لا تحصل على ترخيص سنوي إلا للتأكد من السلامة الصحية إلا بمروره على عدة وزارة العمل والدفاع المدني والنقابات المختلفة".

 

"طبيعة عملنا تستند على شكوى أو برنامج تفتيشي أو ملاحظة"، يقول الخوالدة ويوضح أن آلية التحقق من المعلومة حول شكوى ما تتعلق بالأجور أو الإجازات أو التأمين والضمان، "لا نأخذ بكلام صاحب العمل أو العامل بشكل نهائي هناك طرق تحقق من كافة الجهات إضافة إلى جولة في الموقع".  

 

سيد محمود 33 عاما يعمل في إحدى المحطات منذ 14 عاما، لا يتجاوز أجره عن 160 دينارا، ويقول إن أجره لا يضاهي 14 ساعة يومية من العمل المضني يتخللها حراسة ليلية.

 

يسجل عوض انتهاكا في حقوق العمال، من خلال ساعات العمل الطويلة، "من المفاجئ أن يعملوا لساعات تتجاوز مضامين قانون العمل التي نصت على العمل 48 ساعة أسبوعيا بواقع 8 ساعات يومياً".

 

لا تنظيم نقابي

نقابة العاملين في صناعة البترول والكيماويات هي المظلة النقابية لعمال المحروقات، "لم نستطع تنظيمهم نقابيا" على حد قول رئيس النقابة خالد الزيود، ويرمي ذلك إلى "عدم ثبات العمال في هذا القطاع، وسماح وزارة العمل للمحطات بتوظيف أقل من 3 عمال في المحطات ويتم التحايل على القوانين".

 

ويتفق عوض مع الزيود، ويضيف أن هناك "ضعف دور مفتشي وزارة العمل في الكشف عن مثل هذه الانتهاكات التي يتعرض لها آلاف العاملين في هذا القطاع".

 

سابقاً، طالبت نقابة العاملين في صناعة البترول مع نقابة أصحاب محطات المحروقات بضرورة عقد اتفاق مع وزارة العمل من شأنه إيجاد مظلة حماية لجميع العاملين في المحطات.

 

ويدعو الزيود جميع محطات الوقود إلى تنظيم عملهم بما يضمن الحماية لحقوق عمالها. ويلفت إلى أن نسبة الأردنيين العاملين في قطاع محطات الوقود لا تزيد عن 4% من حجم العمالة الوافدة والتي تبرز فيها الجنسية المصرية ثم السورية والعراقية.

 

ويصل عدد محطات الوقود في مجمل أراضي المملكة إلى 372 محطة وقود مرخصة، نسبة 60% منها في العاصمة عمان، بمتوسط عدد العمال في المحطة الواحدة 5 كحد أدنى، فيما يصل عدد وكالات توزيع الغاز إلى 850 وفيها قد يقدر عدد العاملين إلى 5 عمال، بمجموع تراكمي تقديري يصل إلى 4 آلاف عامل.

 

ويعمل عمال المحطات بمهن صعبة وخطرة، بما يلزم المحطات باتخاذ إجراءات السلامة الصحية، "غالبيتهم غير مشمولين في أي شكل من أشكال التأمين الصحي وعدم كذلك الضمان الاجتماعي مع أن تشريعات العمل المتمثلة في قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي يلزمان أصحاب محطات الوقود بتنفيذ وإشراك العاملين لديها في الضمان الاجتماعي الذي يعد من الحقوق الإنسانية والعمالية الأساسية"، يقول الناشط عوض. 

 

من الجدير بالذكر أن المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية يقوم حاليا بإعداد تقرير شامل عن العاملين في هذا القطاع.

 

*لوثائقيات حقوق الإنسان

أضف تعليقك