دراسة حقوقية: المواطنة غائبة عن المناهج الأردنية

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان-

خلصت دراسة اجراها فريق بحث أردني إلى ضآلة عدد قيم المواطنة التي تضمنتها المقررات المدنية والوطنية في الأردن ودول عربية شملتها الدراسة، وضعف تناسبها مع الدور الذي يمكن أن تقوم به كمناهج في عملية اكساب القيم للطلبة.

 

وأوصت الدراسة إلى ضرورة التأكيد على أهمية البدء في تدريس مقررات التربية المدنية والوطنية في الدول العربية ومنها دول مجتمع الدراسة منذ الصف الأول الابتدائي تحقيقا لأهدافها الاساسية في بناء المواطنة والمجتمع الديمقراطي الذي يحترم حقوق الانسان.

 

كما حثت الحكومات على مراجعة الكتب الدراسية بصورة دورية بهدف تحقيق التوازن في ايراد ومعالجة قيم المواطنة من منظور حقوق الإنسان في متون هذه الكتب، فضلا عن زيادة حجم المادة الخاصة بالمواطنة ضمن المقررات الدراسية.

 

كما اظهرت الدراسة العلمية إلى أن مضمون القيم وأسلوب عرضها لا يساعد الطلبة على ادراك المواطنة ودورها في بناء المجتمع والدولة.

 

هدفت  الدراسة التي حملت عنوان “المواطنة من منظور حقوق الإنسان في مناهج التربية الوطنية في الأقطار العربية”، إلى قياس مدى تضمنها لقيم المواطنة من منظور حقوق الانسان.

 

اجرى الدراسة الباحث محمد يعقوب رئيس الفريق، إلى جانب الباحثين صدام ابو عزام، منار زعيتر، نجوى الشيخ، ومساعدي البحث سمر الطراونة ومريم نزال.

 

وتسلط الدراسة الضوء على واقع مقررات التربية المدنية والوطنية في عدد من الأقطار العربية موضع الدراسة هي: الأردن ومصر ولبنان. وتأتي الدراسة ضمن مشروع منح ابحاث حقوق الانسان لعام 2012 بدعم من معهد راؤول ولينبرغ لدراسات حقوق الانسان والقانون الانساني.

 

وتستطلع الدراسة فيما إذا كانت قادرة المناهج على تعزيز العملية الديمقراطية وبناء أنظمة حكم رشيدة لفترة ما بعد الربيع العربي، حصوصا وان عملية التربية والتعليم تشكل أحد وسائل إعادة إنتاج الثقافة السائدة أو تغييرها عبر ما تقدمه من قيم ومعرفة تستهدف تمكين الطلبة من الخبرات التي تؤهلهم للاضطلاع بمتطلبات الحياة والقيام بالمهام الموكلة إليهم في المجتمع.

 

اعتمدت الدراسة منهج تحليل المضمون الذي يقوم على تحليل المقررات الدراسية من خلال الوصفي الظاهري النوعي للمناهج.

 

كما اعتمدت على اداة المقابلة مع عدد من اصحاب العلاقة والمصلحة في الدول الثلاثة بهدف تفسير النتائج التي خلص إليها فريق البحث في تحليل المضمون وبيان وجهات نظرهم في عوامل قوة وضعف المقررات الدراسية في تنشئة الطلبة على قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان بالاعتماد على خبراتهم وتصوراتهم المرتبطة بالمواطنة.

 

كما لجأت الدراسة الى مدخل نظري ربط المواطنة بنشوء الدولة كإطار اجتماعي لحماية حقوق الانسان وحرياته الاساسية في ظل فلسفة العقد الاجتماعي وتطور فكرة الارداة العامة كمصدر للسلطة وشرعيتها.

 

كما استندت الدراسة الى نظرية "التربية النقدية" في تفسير العلاقة ما بين التعليم والمواطنة والتغير الاجتماعي في المجتمع، وبما يبرز التزام المناهج التعليمية بتوظيف الوعي النقدي في إطار مشروع سياسي للتغيير أو في اطار تكرس رؤية وعلاقات السلطة القائمة في المجتمع.

 

كما وقد خلصت نتائج الدراسة إلى وجود فوارق بين مقررات التربية الوطنية والمدنية في الاقطار العربية الثلاثة من حيث كم ونوع قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان وأسلوب عرضها.

 

كما تبين من التحليل ان الحجم الكلي لقيم المواطنة ضئيل جدا في المناهج المقررة ولا تتناسب مع الدور الذي يمكن أن تقوم به في عملية اكساب قيم الحداثة للطلبة وتغيير الانماط الثقافية والاجتماعية والسياسية القائمة، وان هناك حاجة ملحة إلى زيادة حجم المادة المتعلقة بغرس قيم المواطنة من منظور حقوق الانسان وخصوصا للفئات الأكثر عرضة للانتهاك كالطفل والمرأة والمعاقين والعمالة المهاجرة وغيرها.

 

ومن توصيات الدراسة، أيضا تعميم هذه الدراسة على بقية الكتب المدرسية المقررة في جميع المراحل التعليمية وعلى دول عربية أخرى. وديمومة تحليل الكتب المقررة باشراك المؤسسات المدنية المعنية بحقوق الانسان والمرأة والطفل ومنظمات المجتمع المدني المعنية، بحيث تحذف المفاهيم السلبية، وتعزّز المفاهيم الإيجابية ورفدها بأنشطة متنوّعة.

 

كما خلصت الدراسة إلى ضرورة الاهتمام بحقوق الفئات الأكثر عرضة للانتهاك – كالطفل والمرأة والمعاقين والعمال المهاجرين وغيرهم- في مناهج التربية المدنية والوطنية حتى لا يزداد الغبن الواقع على هذه الفئات وتزداد حجم ونوع الانتهاكات التي يتعرضون لها في المجتمع. وضرورة ادماج حقوق الانسان في مناهج التربية المدنية والوطنية من اجل وقف انتشار الثقافات المناقضة لها والتي توفر البيئة الخصبة لنمو قيم الاستبداد وعلاقات الغلبة واعاقة بناء الدولة المدنية الحديثة.