دراسة توصي بمساكن مؤقتة للنزلاء المفرج عنهم
محمد شما لوثائقيات حقوق الإنسان
*توصية بزيادة رواتبِ السجناء لدينار يوميا بدلاً من (15) ديناراً شهرياً * ثلث العينة تتخوف من مواجهة أسرتهم بعد الإفراج * ٣٧٪ قلقون من الإفراج *مطالبة بإنشاء وحدة الرعاية اللاحقة للنزلاء
أظهرت نسبة (65.2%) مستطلعة آراؤهم في دراسة "صدمة الإفراج لنزلاء مراكز الإصلاح والتأجيل واندماجهم في المجتمع"أنهم لم يتعرضوا لبرامج تهيئة خاصة بهم في مراكز الإصلاح والتأهيل.
"ما يشير إلى وجود مشكلة وقصور واضح في تلبية احتياجات هذه الفئة للتهيئة لمرحلة العودة للإندماج ثانية في المجتمع"، وفق تلك الدراسة التي يعلنها المعهد الدولي لتضامن النساء صباح اليوم الأربعاء.
وبالنسبة لأصنافِ البرامجِ التي قدمت للسجين لتهيئته لمرحلة ما بعد خروجه من السجن، تبيّن أن البرامج الدينيّة والتعليميّة شكلت أعلى نسبة (25.1%؛ 21.4%)، على التوالي، تلتها البرامج الرياضية والحرفية (18.3%؛12.1%)، على التوالي، في حين شكّلت البرامج النفسية أدنى المستويات (8.7%).
هذه الدراسة التي أعدها الباحثان عبدالله الناصر وحسين الرواشدة، أشارت نتائج أفراد العينة فيما يتعلق بشعور السجين بالقلق من عدم تقبل زوجته له بعد خروجه من السجن، إلى أن نسبة تشكّل ثلثي أفراد العينة (36.7%؛ 20.8%؛ 3.4%)، عبرّت عن كونها تشعر بالقلق من عدم تقبّل الزوجة لها بدرجة متوسطة، وكبيرة جداً، وكبيرة على التوالي.
وبصورة مماثلة، بالنسبة لقلق السجين من عدمِ تقبّل الأبناء له بعد خروجه من السجن، أشارت النتائج إلى أن نسبة تشكّل ثلثي أفراد العينة (39.7%؛ 17%؛ 4.7%)، صرحّت بأنها تشعر بالقلق من عدم تقبّل الأبناء لها بدرجة متوسطة، وكبيرة جداً، وكبيرة على التوالي.
يجد السجين صعوبة في لم شمل وإعادة بناء الروابط والعلاقات مع أفراد أسرته بعد خروجه من السجن، وأظهرت النتائج أن نسبة تتجاوز نصف أفراد العينة (24.2%؛ 23.4%؛ 8.9%)، تشعر بأنها ستجد صعوبة بدرجة كبيرة جداً، متوسطة، وكبيرة على التوالي. وبالنسبة لشعور الشخص بالقلق وتخوفّه من كونه فقد دوره ولم يعد نفس الشخص الذي كان في أسرته من حيث القوة والإحترام، تبيّن أن نسبة تتجاوز نصف أفراد العينة (28.7%؛ 18.7%؛ 8.5%)، صرحّت بأنها تشعر بالقلق من كونها فقدت الدور الذي كانت تحتله داخل الأسرة، بدرجة كبيرة جداً، متوسطة، وكبيرة على التوالي، وبصورة مماثلة، أشارت نسبة تتجاوز نصف أفراد العينة (26.3%؛ 23.4%؛ 4.7%)، إلى كونها تشعر بالقلق من فقدانِ القدرة والإمكانية لممارسة دورها في الحياة في كافة المجالات، بدرجة كبيرة جداً، متوسطة، وكبيرة على التوالي.
وفي محور "صعوباتِ الصحة النفسيّة”: تبيّن أنه فيما يتعلق بدرجة شعور السجين بالقلق والاكتئاب الشديدين كلما اقترب موعد خروجه من السجنِ، فأن نسبة كبيرة من أفراد العينة (37.8%؛ 6.2%)، تشعر بذلك بدرجة كبيرة جداً، فيما يتعلق بدرجة شعور السجين بالضيق والكرب الشديدين كلما اقترب موعد خروجه من السجن، وأن نسبة مرتفعة من أفراد العينة (31%؛ 9.1%)، تشعر بذلك بدرجة كبيرة جداً وبدرجة كبيرة على التوالي، كما تبيّن أنه فيما يتعلق بدرجة مراودة السجين الكثير من الكوابيس الليليّة كلما اقترب موعد خروجه من السجن، أن نسبة كبيرة من أفراد العينة (36.7%؛ 8.3%)، تقارب نصف العينة صرحّت بأنها تتعرّض لذلك بدرجة قليلة جداً، وقليلة على التوالي، وبالمقابل فإن نسبة من أفراد العينة تماثلها تقريباً، أشارت إلى أنها تشعر بذلك بدرجة كبيرة جداً (27.8%)، بدرجة متوسطة (9.6%)، وبدرجة كبيرة (9.6%).
عدد مرات دخول الشخصِ إلى السجن، تبيّن بالدراسة، أن نصف أفراد عينة الدراسة يدخلون السجن لأول مرة، و(18.9%) للمرة الثانية، و(16.3%) لعدة مرات، و(12.5%) لثالث مرة، في حين امتنعت نسبة (0.6%) عن الإجابة، وتشير هذه النتيجة إلى أن ما يقارب نصف العينة (47.7%) قد كررت الفعل الإجرامي. وفيما يتعلق بسبب عودة الشخص إلى السجن، أشارت نسبة تقارب ثلث العينة إلى الأسباب الثلاثة التالية (عدم وجود فرصة عمل، وجود مشكلات عائلية، ووصف السجن بأنه أفضل مأوى) تبعاً للنسب التالية (19.7%؛ 12.3%؛ 1.9%) على التوالي، في حين أشارت نسبة مماثلة (32.1%) إلى وجود عدة أسباب أخرى، وامتنعت نسبة متقاربة (34%) عن الإجابة.
كما أظهرت أن نسبة مرتفعة (61.8%) من العينة، لم يقم أي موظف من وزارة التنمية الإجتماعية بزيارتها، مما يشير لوجود قصور واضح في متابعة شؤون هذه الفئة من قبل الجهات الرسمية المسؤولة عن أوضاع السجناء.
وقد بلغ عدد أفراد عينة الدراسة (507) سجيناً من الجنسين، وبلغ عدد الأشخاص الذين استجابوا بشكل كامل لتعبئة كافة البيانات الخاصة بإستبانة الدراسة (471) شخصاً من السجناء الذكور والإناث، من المرشحيّن لمغادرة السجن بسبب انتهاء محكوميتهم، الذين توزعوا على السجونِ الأربعة كالتالي: (سجن الجويدة/ نساء [ن=80] سجينة؛ سجن سواقة[ن=179] سجين، (سجن قفقفا [ن=137] سجين) وسجن أم اللؤلؤ[ن=75] سجين).
واستندت الدراسة على عينة من نزلاءِ السجونِ الأربعة (السواقة، قفقفا، جويدة/نساءِ، وأم اللؤلؤ)..
وأشارت النتائج بشأن الهمومِ والمخاوف المتعلقة بتقبل الآخرين للسجين بعد عودته للمجتمع ثانية، بأن نسبة لا بأس بها (35.2%؛ 11.3%)، كانت مخاوفها كبيرة جداً، وكبيرة على التوالي، وحول درجة الشعور بالقلق بشأن نظرة المجتمع للسجين بعد خروجه من السجن، أشارت نسبة تجاوزت نصف (38.9%؛ 15.1%) أفراد عينة الدراسة، بأن درجة شعورها بالقلق كبيرة جداً، وكبيرة على التوالي، كما تبيّن أنه فيما يتعلق بدرجة شعور السجين بالخزي والعار من المجتمع بعد خروجه من السجن، أن نسبة تشكّل نصف أفراد العينة (40.1%؛ 9.1%)، تشعر بذلك بدرجة قليلة جداً، وقليلة على التوالي، وبالمقابل فإن نسبة مماثلة أشارت إلى أنها تشعر بذلك بدرجة كبيرة جداً (22.9%)، متوسطة (20.6%)، وكبيرة (7.2%).
وتأتي تلك الدراسة الميدانيّة ضمن مشروعٍ لمناصرة حقوقِِِ المُدانين السابقينِ وإصلاحِ السجونِ في الأردن، لفحصِ واقع حياة السجناءِ الحاليينِ والسابقينِ في الأردنِ، ولاستكشافِ مدى فعالية وكفاءة برامجِ الإرشاد النفسي وبرامج التدريب وإعادةَ التأهيل، وذلك على عيّنةَ ممثّلةَ مختارة مِنْ السجناءِ الأردنيينِ قَبْلَ إطلاقِ سراحهم مقابل ما بعد إطلاقِ سراحهم.
وعالجت الدراسة محاور: "الأوضاع داخلَ الشخصيةَ” للنزلاء ونوع الجنس والسن، مستوى التعليمِ والمهاراتِ، الحالة الزواجية والأسرية، خبراتِ وتجارب الحياةِ، الصحةِ الجسميةِ والنفسيةِ، إستعمالِ المواد المخدرّة. ومحور "الأوضاعِ المعيشِية ” الأمور الماليةِ، السكنُ ، التوظيف. ومحور "أوضاعِ الدعمِ": الدعمِ الإجتماعيِ، خدمات المساندة، الدعم الصادر من نظام العدالةِ الإجراميِ وعادة إندماجِ السجناءِ السابقينِ في المجتمع.
توصيات الدراسة
وأوصت الدراسة، بضرورة تشكيلِ فريق إرشادي متكامل لإجراءِ برامج إرشادية شاملة تهدف لتعديلِ سلوكِ السجينِ وتغيير معتقداته الخاطئة، وتأمين العلاج الطبي اليومي للمرضى المزمنين ومراعاة أن الحالة الصحية المتداعية تسهم في العودة للإدمان أو للجريمة.
كما أوصت بضرورة توفير قروضِ بسيطة للنزيلِ ضمن برامجِ الرعاية اللاحقة لمساعدته على البدءِ بالدخولِ إلى المجتمع واستعادة دوره بكرامة داخلِ أسرته وأقربائه. وتوفير مكان إقامة (Shelter) للسكنِ المؤقت للنزلاءِ الذين يتبيّن عدم وجودِ مكان لإقامتهم (خاصة النساء السجينات ) تحت إشرافِ برنامج الرعاية اللاحقة.
كما أوصت على الصعيد النفسي، بتوفيرِ برامجِ الإرشاد النفسي إلى كُلّ سجين من خلال مرشد أساسي، وتفعيل دور القطاع الخاص في تأهيلهم، وتدريبهم أثناء وجودهم في المراكز.
وتوصي بإشاء وحدة خاصة بمتابعة أمورِ السجناءِ ما بعد الإفراجِ يطلق عليها "وحدة السجناء المفرج عنهم" أو وحدة " الرعاية اللاحقة"، بحيث تشرف عليها اللجنة العليا لمراكز الاصلاح والتاهيل ، وتتولى توثيق أسماء المفرج عنهم وأماكن سكنهم من أجل متابعة أحوالهم وتكوين قاعدة معلومات شاملة لمساعدتهم.
وتدعو الدراسة إلى تنظيم مؤتمر وطني حول الرعاية اللاحقة "للسجناء وأسرهم" تشارك فيه كافة منظمات المجتمع المحلي بحضور دولي، لتوضيح جهود إدارة مراكز الإصلاح في التعامل مع ملف السجون، ودراسة الجوانب القانونية والاقتصادية والأبعاد الاجتماعية والنفسية للسجناء خلال قضائهم فترة العقوبة أو بعد الإفراج عنهم.
فضلا عن ذلك تدعو الدراسة إلى تفعيل دور وسائل الإعلام لإعطاء الصورة الإيجابية عنهم ودور أكبر للبلديات، وزيادة رواتبِ السجناء الذين يعملون داخل السجن (دينار لكل يوم مثلاُ) بدلاً من (15) ديناراً شهرياً .
هذا وتبنّى المعهد الدولي لتضامن النساء إجراء تلك الدراسة الميدانية، حيث أطلع نتائجها على عدد من أعضاء مجلس النواب الأردني والجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة من أجل المناقشة والمراجعة وإضافة المقترحات وإبداء الرأي.
إستمع الآن