حق المرأة المسيحية في قانون الأحوال الشخصية جدل آن أوانه
محمد شما لوثائقيات حقوق الإنسان
طالبت رئيسة وحدة حقوق المرأة في المركز الوطني لحقوق الإنسان، المحامية كريستين فضول الحكومة بضرورة التدخل في قانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسيحيين لأجل إنصاف المرأة التي تدخل في نزاع مع القانون فضلا عن إشراف حكومي على المحاكم الكنسية.
وأضافت في سياق ورشة عمل نظمتها مجموعة القانون لحقوق الإنسان "ميزان" الأسبوع الماضي حول وضع المرأة الأجنبية في الأردن، أن المطلوب الإشراف الحكومي على المحاكم الكنسية بشكل مباشر من قبلها.
"من المهم تدخل الدولة غير ذلك فثمة مزاجية ومصلحة شخصية قد تدخل في موضوع حق المرأة المسيحية في حضانة طفلها"، تقول فضول والتي ترى أن كلمة "مصلحة الطفل الفضلى" ما هي إلا كلمة مطاطة وعامة وفيها قد لا تستطيع المرأة المسيحية احتضان طفلها.
وتعتبر المحامية فضول أنه لا يوجد فرق بين المواطنين على اختلاف دياناتهم في الأردن ومن هنا لا ترى غضاضة في تدخل الدولة في قانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسحيين، وتقول: "أنا كمحامية في المحاكم الكنسية، أعمل على قانون عمره ١٩٣٠ فيما حضانة الأطفال تصل إلى ٧ أعوام".
وتقر فضول أن هناك حالة من عدم الاكتراث بحقوق المسيحيين في الأردن، ما أضحت مشكلاتهم مغيبة عن الجهات كافة. وتروي قصة طفل مسيحي شاهد صديق له اختار الحضانة عند أمه بينما هو لم يستطع، قائلا في المحكمة الكنسية لماذا صديقي اختار أمه بينما أنا لا استطيع، معتبرة أن هناك "تمييز" بحق تلك الفئة.
وتتفق المحامية آمال حدادين مع المحامية فضول، وترى أن هناك "غياب في تحديث قانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسيحين".
فضول ومن خلال تعاملها مع قانون الأحوال الشخصية في المحاكم الكنسية تصل لقناعة في أن قانون أحوال الشخصية "قديم جدا" ويحتوي على بند في حال لم تتوائم قضية ما مع نصوص القانون حيث تتم العودة إلى القانون الوضعي في الدول، وترى فضول أنه "غير مطبق”.
في ذات السياق، تسجل المحامية إيفا أبو حلاوة حالة سيدة سورية مسيحية، وبعد خلافات مع زوجها ومراوحة حق احتضان أطفالها بينها وبين زوجها، تم منعها من السفر لبلدها سورية مدة ١٦ عاما، "وهذه مثال واضح على عدم انصاف المرأة".
وتوضح أبو حلاوة، أنه ووفق التعليمات، فعلى القاضي الشرعي إخبار مديرية الأمن العام في حال طلاق المرأة الأجنبية لتتمكن الأخيرة من تسفيرها رغم أن لها حق الإقامة إذا كانت الأم حاضنة، لكن وحتى أثناء النظر في الدعوى.
وتضرب أبو حلاوة مثلا على ذلك ويتلخص بحالة سيدة أجنبية لا تزال المحكمة الشرعية تنظر في دعوى الحاضنة منذ ما يزيد عن ٣ سنوات؛ ولم تتمكن من مشاهدتهم منذ صدور قرار إبعادها، فضلا عن دخولها في معاناة البحث عن كفيل، ما أضحت بالنهاية ضحية التعليمات والجور من زوجها.
جدل حول قانون الأحوال الشخصية
وكانت قد أثارت مسودة قانون الأحوال الشخصية أواسط العام ٢٠١٠ جدلا واسعا حول بنوده، تحديدا في قضايا سن زواج المرأة وغياب الخلع وتعدد الزوجات والأموال المشتركة.
المشاكل الاجتماعية والدعاوى القانونية، تبدأ عندما يطالب الزوج بابنائه (تحت سن 18) ليلتحقوا به خاصة اذا رفض الاولاد الالتحاق بدين ابيهم الجديد, حيث لا يستطيع اي منهم استخراج وثيقة من دائرة الاحوال المدنية الا بأذن ابيهم, وهو ما يثير الكثير من المشاكل، وفق الكاتب الصحفي نبيل غيشان في مقالة له نشرها في جريدة العرب اليوم بتاريخ الواحد والثلاثين من أيار العام ٢٠١٠.
وهنا تدخل الملاحظة الثانية وهي ان اعتناق المسيحي الاردني ( زوجا او زوجة ) الاسلام يبطل عقد زواجه وقرار المحكمة الكنسية وهي محكمة مختصة بالطوائف المسيحية وتصدر قراراتها باسم جلالة الملك, فالاصل ان عقد الزواج الكنسي لا تبطله الا الجهة التي عقدته ومن دون اعتماد هذا المبدأ يكون هناك تعد من محكمة على اخرى.
وأضاف غيشان أنه تبطل المادة 30 من مسودة القانون الزواج في "حالة تزوج الرجل بزوجة الغير.." اي تزوج بامرأة على ذمة رجل اخر فيكون الزواج باطلا, لكن هذه المادة لا تطبق على الزوج المسيحي الذي يفقد زوجته فور اعلان اسلامها ويقع في مشكلة قانونية وملامة اجتماعية لا تنتهي.
وفي مقالة ثانية لغيشان، نشرها في الثلاثين من أيار العام ٢٠١٠، أفرد فيها مساحة من ملاحظات اعتبر أنها تعبر عن المحاكم الكنسية وشخصيات اجتماعية أردنية مسيحية؛ منها ما ورد في المادة 28 من تحريم (زواج المسلم بامرأة غير مسلمة او غير كتابية) وهو ما اكدته المادة 30 (يكون الزواج باطلا اذا تزوج المسلم بغير المسلمة او غير الكتابية ) وذلك خلافا للقانون الحالي الذي يجيز زواج المسلم من المسيحية مع احتفاظها بدينها. والمطلوب توضيح المقصود في المادة اعلاه لان هناك فرقا شاسعا بين غير المسلمة وغير الكتابية, والجمع بينهما هنا لغو, لان الاولى تنفي الثانية.
والملاحظة الثانية، وفق غيشان، على ما ورد في المادة 282 (لا يرث المسلم غير المسلم) ومع احترامنا للنص الشرعي الا اننا نطالب بايجاد معادلة تنصف زوجة المسلم اذا كانت مسيحية كجزء من شراكتها المادية والروحية مع زوجها ولضمان حياة كريمة لها بعد وفاته. لان من غير العدل ان تخسر زوجها وحاميها والمكلف بالانفاق عليها وبعد ذلك تجد نفسها في الشارع بلا سند او معيل لتكتمل مآساتها بعد ان تكون قد خسرت اهلها الذين نبذوها لزواجها خلافا لإرادتهم.
ويتابع غيشان..هنا يقع الاجحاف على مواطنة كفل الدستور حقوقها ويمتد الاذى الى حد حرمانها من حق الحضانة الكاملة لاولادها حيث تنص المادة 170 (يسقط حق الحضانة اذا تجاوز المحضون سن السابعة وكانت الحاضنة غير مسلمة ) وهو ما اكدته المادة 212 ( لا ولاية لغير المسلم على المسلم), فالنص القانوني هنا لم يفرق بين زوجة المسلم الكتابية من غيرها, فالزوجة الكتابية اولى بالرعاية والمواطنة اولى بالمساواة.
ولم يعالج القانون طلاق زوجة المسلم إن بقيت على دينها المسيحي ولم يبين حقوقها المادية, حيث يحرمها القانون من الميراث ومن النفقة, فتجد نفسها في موقف لا تحسد عليه ولا تستطيع معه تأمين قوتها، وفق مقالة غيشان.