تضامن: تمكين النساء حل لأهم خمس تحديات عالمية

-وثائقيات حقوق الإنسان- أشار تقرير صدر حديثاً عن المنتدى الإقتصادي العالمي تحت عنوان "خمس تحديات ، حل واحد : النساء" ، الى أن تحديات وقضايا عالمية يمكن للنساء أن تكون جزء هام من حلها ، فالإختلالات الديمغرافية للسكان ، وإرتفاع معدلات البطالة ، وإتساع الفجوة الجندرية بالمراكز القيادية ، والنزاعات والحروب المستمرة ، وندرة الموارد والتقلبات في إمدادات الغذاء ، تشكل جميعها وبشكل مترابط تحديات عالمية لا يمكن للعالم مواجهتها دون إشراك النساء. وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن مجلس الأجندة العالمية لتمكين النساء ، يوضح من خلال هذا التقرير كيف أن تمكين النساء هو جزء هام من الحلول لهذه التحديات ، وذلك بربط كل تحد من التحديات المطروحة بتمكين النساء والمساواة بين الجنسين ، وتقديم الحلول المقترحة وخطة العمل التنفيذية والتوصيات. ففي مجال السكان ، يمكن للنساء تحديد الإتجاهات السكانية عندما يقررن عدد الأطفال الذين يرغبن بإنجابهم ووقت الإنجاب ، والوضع الحالي يشير الى أن (55%) من النساء المتزوجات واللاتي هن في مرحلة الخصوبة لديهن القدرة على تنظيم الأسرة بإستخدام وسائل منع الحمل الحديثة ، ومع ذلك فلا تزال (210) ملايين إمرأة يرغبن في تأجيل حملهن القادم أو التوقف عن الإنجاب تماماً ولكنهن لا يستخدمن وسائل منع الحمل الحديثة ، وأغلبهن في الدول منخفضة الدخل أو من الفقيرات في الدول متوسطة وعالية الدخل أو يعشن في مناطق ريفية حيث تكون قدرتهن على الوصول للخدمات الصحية ضعيفة. وتضيف "تضامن" الى أن نتائج سلبية عديدة تترك آثارها على النساء والأطفال بسبب الحمل خاصة قبل وصولهن لسن (18) عاماً ، وأن ذلك لا يقتصر على النواحي الصحية فقط ولكنه يمتد ليشمل حرمان النساء من فرص التعليم والعمل وهما أساسيان في مجال تمكين النساء. كما أن تفضيل المواليد الذكور في العديد من المجتمعات خاصة في الدول ذات الكثافة السكانية العالية كالصين والهند وفي الدول التي تنخفض فيها معدلات الخصوبة ، ومع التقدم التكنولوجي الذي أتاح تحديد جنس الجنين ، أدى الى إرتفاع ملحوظ في معدل ولادات الذكور الى الإناث عن المعدل الطبيعي مما نتج عنه إختلالات ديمغرافية وسكانية عميقة. ولمواجهة هذا التحدي وبشكل عاجل لا بد من توفير خدمات تنظيم الأسرة خاصة وسائل منع الحمل الحديثة لحوالي (222) مليون إمرأة متزوجة في الدول النامية وتتراوح أعمارهن ما بين (19-45) عاماً ، وتخفيض عدد الولادات للنساء الصغيرات ، ومعالجة الإختلالات السكانية الناجمة عن تحديد جنس المولود وتفضيل الذكور وإرتفاع وفيات الإناث. وفي مجال قطاع الأعمال ، تعاني العديد من الدول خاصة ذات الخصوبة المنخفضة من تقلص القوى العاملة ، ومع إزدياد نسب التعليم بين النساء والتي فاقت نسب تعليم الرجال في بعض الدول ، وإزدياد الحاجة الى المواهب من الجنسين التي أسفرت عن تنافسية عالية لتجديد وتطوير الأعمال ، فبالتالي لم يعد بالإمكان إستبعاد النساء المتعلمات والموهوبات من المشاركة الإقتصادية. وتشير "تضامن" الى أنه وعلى الرغم من تقارب مستويات التمثيل النسائي للتمثيل الذكوري في المواقع المهنية والإدارية في العديد من الشركات منذ أكثر من (25) عاماً ، إلا أن الفجوة بين الجنسين في المواقع القيادية لهذه الشركات لا زالت كبيرة جداً. فوفقاً لمجلة فورتن لأفضل ألف شركة أمريكية (يناير / كانون ثاني 2013) فإن (4.2%) نسبة النساء اللاتي يقدن هذه الشركات أي (42) إمرأة مقابل (958) رجل. وأن حوالي (15%) من مقاعد مجالس الإدارة هي للنساء في أفضل (500) شركة أمريكية. في حين نجد أن (40%) من مقاعد مجالس إدارة الشركات العامة في النرويج يجب أن تشغلها نساء. إن الصورة النمطية المتمثلة في التمييز بين الجنسين عند التعيين والترقية والتقييم تساهم في عدم وصول النساء الى المراكز القيادية العليا ، الأمر الذي خيب آمال القائمين على المبادرات العالمية لردم الفجوة بين الجنسين في القطاع الخاص. ولضمان وصول النساء الى المركز العليا ومواقع صنع القرار في قطاع الأعمال ، فلا بد من تغيير الصورة النمطية تجاه النساء العاملات ، وتحسين إجراءات التعيين والترقية ، وإلغاء التحيزات الخفية بين الجنسين والمتعلقة بالقيادة والإدارة ، وتعيين النساء في الوظائف التي تقود مباشرة الى الترقية لوظائف أعلى لتصل الى المركز العليا والإبتعاد عن الوظائف النمطية التي رسمها لهن الرجال ، وإعادة النظر في برامج وسياسات الشركات لإدماج النساء وبشكل إستراتيجي ضمن أعمالها. وفي مجال الأمن الغذائي والزراعة ، تشير الأرقام الى حاجة العالم الى ضعف الإنتاج الغذائي الحالي عام (2050) لإطعام حوالي (9) مليار شخص ، ومع إدراك أهمية هذا التحدي إلا أن تجاهل الأدوار الأساسية التي يمكن أن تقوم بها النساء لإيجاد حلول مستدامة لا زالت سائدة. ففي الدول النامية (60%-80%) من الغذاء تنتجه النساء ، إضافة الى إنتاجهن (50%) من حاجة العالم من الغذاء. وللخروج من هذا التحدي بحلول جذرية فلا بد من تمكين النساء العاملات في مجال الزراعة ، من خلال العمل على خطط وإستراتيجيات تغير من الأرقام المتدنية والتي تعكس التمييز بين الجنسين وتهميش النساء. ففي الدول النامية تملك النساء فقط (2%) من الأراضي ، ويحصلن على مجرد (5%) من خدمات الإرشاد الزراعي ، وعلى (10%) من وسائل الإئتمان للمزارع الصغيرة ، ووصولهن محدود لوسائل الإبتكار والبحوث المتعلقة بالغذاء ، وأن أقل من (10%) من مجموع المساعدة الإنمائية الرسمية للزراعة تراعي النواع الإجتماعي ، وتعزيز الإفتراضات الخاطئة بأن ملكية الرجال للأراضي تعود لكونهم الأكثر عملاً بالزراعة وإنتاج الغذاء والميل الى إهمال دور النساء وإنكار لأعمالهن وعدم تقدير لقيمة عملهن غير مدفوع الأجر ، جميعها تمنع النساء خاصة اللاتي يرأسن أسرهن من الوصول والسيطرة على الموارد. وفي مجال ندرة الموارد والإستدامة ، فإن النساء في الدول النامية يقضين ساعات طويلة في العمل على نشاطات تتعلق بالبقاء على قيد الحياة كجمع المياة والحطب والطعام والطهي. ومع النمو السكاني والتغيرات المناخية ، أصبح من الأهمية بمكان العمل على توفير الحاجات الأساسية للحياة من أجل توفير الجهد والوقت للنساء والحفاظ على صحتهن ، للمساهمة بشكل أكبر في نشاطات أكثر أهمية لتحقيق الإستدامة. فالنساء يملكن المعرفة والقدرة والكفاءة ، ولديهن ما يلزم للعب أدوار هامة في مجتمعاتهن إذا ما إتيح لهن الإستفادة من الوسائل الحديثة لتأمين الحاجات الأساسية من طعام وغذاء. وفي مجال الحروب والنزاعات ، فإن الغالبية العظمى من النازحين واللاجئين هم من النساء والأطفال ، ويتعرضن الى أشكال متعددة من الإنتهاكات خاصة الجنسية منها ، ويستخدمن كأداة حرب ، ويعانين من ظروف معيشية صعبة ، وصدمات نفسية بسبب فقدان أحد أو أكثر من أفراد عائلاتهن ، وخسارة مصادر دخلهن أو عدم تمتعهن بمهارات لازمة لوظائف آمنه ، ومع ذلك فهن الأكثر قدرة وشجاعة على إعادة بناء حياتهن وإعالة أسرهن وبناء مجتمعاتهن. وتضيف "تضامن" الى أن التمكين السياسي للنساء في مرحلة ما بعد الحروب والنزاعات يشكل مفتاحاً اساسياً في تحسين أوضاعهن المعيشية ، كما أنهن يلعبن أدوار إقتصادية هامة كونهن أصبحن المعيلات الأساسيات لأسرهن ، وبالتالي فإن تعليمهن منذ الصغر وإتاحة الفرص المتساوية بمختلف المجالات ومنع التمييز ومكافحة العنف ضدهن ، تساهم جميعها في تحصين النساء لمواجهة ظروف الحروب والنزاعات وما بعدها.

أضف تعليقك