تضامن: الجنسية لأبناء العربيات المتزوجات "حق أصيل لا يتعارض مع حق العودة

وثائقيات حقوق الإنسان منحت العديد من الدول العربية الجنسية لأبناء النساء العربيات المتزوجات من أجانب كتونس والمغرب والجزائر وليبيا واليمن والإمارات والعراق ، ولا تزال كل من سوريا ولبنان والأردن لا يمنحون الجنسية بشكل مطلق في حين منحته مصر لأولاد المصريات المتزوجات من أجانب منذ عام (2004) وتم إستثناء أولاد المصريات المتزوجات من فلسطينيين في ذلك الوقت الى أن تم الموافقة على منحهم الجنسية بعد الثورة المصرية وصدور قرار للمحكمة الإدارية العليا. وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن قرار الحكومة المصرية بعدم منح الجنسية لأولاد المصريات المتزوجات من فلسطينيين جاء إلتزاماً بقرارات جامعة الدول العربية ومن بينها القرار رقم (426/ د 16) الصادر بتاريخ 23/9/1952 ، والقاضي بعدم تقديم إقامة دائمة للاجئين الفلسطينيين والإشارة الى حقهم الكامل في العودة الى ديارهم. وفي لبنان وتحديداً بداية عام (2013) أوصت اللجنة الوزارية التي كلفتها الحكومة بدراسة القضية عقب طرح مشروع مرسوم بحق المرأة اللبنانية في منح جنسيتها لأولادها بأنه "لا حق للمرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لا لأولادها ولا لزوجها". وأرجعت اللجنة في توصيتها الصادرة في (16) من يناير/ كانون الثاني لعام (2013) إلى أنه "من شأن ذلك الإضرار بالتوازن الطائفي الديموغرافي في البلاد، وبالمصلحة العليا للوطن". أما في الأردن فقد ذكرت السيدة ناديا العالول، وزيرة شؤون المرأة في الحكومة السابقة بتصريحات صحفية سابقة على أنه : "عندما كنت وزيرة دولة لشؤون المرأة ، كانت هذه القضية الأكثر طرحاً، فتابعتها وحاولت جاهدة إيجاد حل لأبناء هؤلاء النسوة، ليتبين لي أنه لا يوجد أي توجه أو إجراء حالي لتجنيس الأبناء أو إتخاذ قرارات بشأنهم، ولهذا توجهت مبدئيا إلى تعزيز مبدأ الحقوق المدنية". وأضافت العالول : "بالنسبة للمادة (9) من قانون الجنسية الأردني، التي تحرم المرأة الأردنية المتزوجة من رجل أجنبي من حصول أطفالها أو زوجها على الجنسية الأردنية، تعديلها صعب في الوقت الحاضر، وهذا يعود إلى أسباب سياسية بحتة غير تمييزية، كما يؤكد المسؤولون الأردنيون وصناع القرار، وهي مرتبطة بإتفاقيات السلام ، لتأثير هذه المسألة على القضية الفلسطينية، وتحديداً على حق العودة". وتشير "تضامن" الى الوضع في سوريا حيث قام العديد من الإعلاميين والحقوقيين وأعضاء مجلس الشعب السوري بحملة جديدة تحت اسم "من أجل منح أبناء الأمهات السورية الجنسية العربية السورية" ، بعد أن قوبلت محاولتهم في عام (2009) بالرفض من الجهات الرسمية والأمنية بحجة وجود مشكلة تتعلق بمنح الجنسية السورية للأكراد المقيمين في سورية وتبين بأن هذا الموضوع قوبل بالرفض من الجهات نفسها عندما تم طرحه منذ خمسة عشر عاماً في مجلس الشعب من بعض أعضائه. ولا تزال الدراسة التي أعدتها اللجنة المكلفة من رئاسة مجلس الوزراء بتوجيه من رئيس الجمهورية حبيسة مكاتب أحدى الجهات الرسمية التي فقدت بموجب الدستور الجديد حقها في التدخل أو إيقاف أي مشروع قرار أو دراسة صادرة عن أحدى السلطات التشريعية أو التنفيذية في سورية خصوصاً بعد إلغاء المادة الثامنة من الدستور. هذا وقد تقدمت رابطة النساء السوريات بمذكرة إلى أعضاء مجلس الشعب لتعديل الفقرة (أ) من المادة الثالثة من قانون الجنسية السوري وذلك في إطار حملتها لتعديل القانون نحو منح الأم السورية المتزوجة بغير السوري الحق في إعطاء جنسيتها لأولادها، والآن وبعد عامين من تقديم المذكرة ورفع مشروع تعديل للقانون من خمسة وثلاثين عضواً في المجلس لم تتحقق النتيجة المرجوة ، والحجة أن هناك عائقين أمام تعديل هذا القانون الأول هو ما يخص النساء المتزوجات بسوريين مجردين من الجنسية (أكراد) ، والثاني ما يخص السوريات المتزوجات بفلسطينيين وإنعكاسات هذا الأمر على حق العودة للفلسطينيين. وتنوه "تضامن" الى أن التشدد في منح جنسية أولاد النساء العربيات لأبنائهن كان من قبل الدول العربية التي يتواجد فيها العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين ، وما ترتب على ذلك من حصول حالات كثيرة للزواج المختلط بين نساء تلك الدول واللاجئون الفلسطينيون. وربط عدم منح الجنسية بحماية حق العودة والحفاظ على الهوية الفلسطينية ، إلا أنه من الناحية الفعلية لا يوجد أي تعارض ما بين قرارات الجامعة العربية المتعلقة بحق العودة وبين منح الجنسية. لقد أكد القرار الدولي رقم (194) لعام (1948) على حق العودة حيث جاء فيه :"تقرر (الجمعية العامة) وجوب السماح بالعودة، في أقرب تاريخ عملي، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم....ووجوب دفع التعويض ...." كما عرفت الأونروا اللاجئ الفلسطيني بإرشاداتها عام (1993) والمتعلقة بالتسجيل والأهلية بأنه: "أي شخص كانت فلسطين مكان إقامته المعتاد خلال الفترة من (1) حزيران (1946) إلى (15) أيار (1948) وفقد منزله وسبل معيشته معاً نتيجة الصراع سنة (1948)". وحق العودة مكفول قانوناً بغض النظر عن جنسية اللاجئ ، فقد أشارت وثائق الأونروا بأن هناك لاجئين غير فلسطينيين ينتمون لإحدى عشرة جنسية أخرى (عربية وغير عربية) ينطوون تحت مسمى "لاجئي فلسطين" وهم والمتحدرون منهم والمولودون بعد (14) أيار (1948) يحتفظون بحقهم في خدمات الأونروا بمن فيهم المرأة المسجلة المتزوجة من رجل غير مسجَّل. ويشير قرار جامعة الدول العربية رقم (426/ د 16) لعام (1952) الى أن مجلس الجامعة قرر تبني قرارات اللجنة السياسية والتي تنصح الحكومات العربية بأن عليهم مواصلة أشكال التمثيل المختلفة لحماية حقوق عرب فلسطين، ومواصلة المطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وبالتحديد تلك التي لها علاقة بعودة اللاجئين إلى ديارهم وتأمين استعادتهم لممتلكاتهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بها. كما تنصح اللجنة السياسية الدولة المضيفة للاجئين الفلسطينيين بأن عليهم ، كلٍ بحسب مسؤولياته ، الموافقة على تنفيذ مشاريع تؤدّي إلى تحسين ظروف سكنهم و(مشاريع توفّر) فرص عمل لهم، وكذلك أية مشاريع قد تحسّن ظروفهم بشكل عام. ويجب تمويل مثل هذه المشاريع التي ستتولى الأونروا مهمة تنفيذها. ويكون الاتفاق مع الأونروا مشروطاً بأن لا يقدم أي من هذه المشاريع إقامة دائمة، وكذلك الإشارة إلى الحق الكامل للاجئين في العودة إلى ديارهم . أما قرار جامعة الدول العربية رقم (914/ د 23) لعام (1955) المتعلق بمنح جنسية بعض الدول العربية للاجئين الفلسطينيين ، فأشار الى أن لجنة الشؤون السياسية نظرت بمذكرتي الأمانة العامة ووزارة الخارجية للجمهورية العربية المتحدة بشأن منح بعض الدول العربية جنسيتها للاجئين الفلسطينيين العرب المقيمين في أراضيها ، وأن اللجنة إذا تؤكد قرارات مجلس الجامعة السابقة في هذا الشأن توصى حكومات الدول الأعضاء أن تنظر بعين العطف إلى تهيئة فرص العمل للاجئين الفلسطينيين المقيمين في أراضيها مع الاحتفاظ بجنسيتهم الفلسطينية كمبدأ عام". وأكد مؤتمر للمشرفين على الشؤون الفلسطينية على أن مستوى تطبيق معايير جامعة الدول العربية حول معاملة الفلسطينيين في بعض الدول الأعضاء متدنّ في أعقاب حرب الخليج الثانية ، خاصة بعدما تبّنت الدول الأعضاء في الجامعة العربية قرارها رقم (5093) لعام (1991) ، الذي يخول الدول بمعاملة اللاجئين الفلسطينيين بموجب المعايير والتشريعات الوطنية التي ترتئيها الدولة المضيفة مناسبة، بدلا من الالتزام ببنود بروتوكول كازابلانكا. وتؤكد "تضامن" على عدم التعارض ما بين منح الجنسية وحق العودة بالإستناد الى قرار المحكمة الإدارية العليا المصرية الذي صدر حديثاً والقاضي بمنح الجنسية المصرية لأبناء المصرية المتزوجة من فلسطيني، وبأن إمتناع وزارة الداخلية المصرية عن منح الجنسية لأبناء المتزوجة من فلسطيني لإعتبارات الحفاظ على الهوية الفلسطينية والإتفاقات المبرمة في جامعة الدول العربية ، لم يعد وارداً. وبناءاً علية فقد كشف مصدر أمني مسئول في وزارة الداخلية عن منح نحو (50) ألف فلسطيني غالبيتهم من قطاع غزة الجنسية المصرية خلال الشهور القليلة الماضية. علماً بأن قطاع الجوازات والهجرة ينظر الآن ما يقرب من (35) ألف طلب لفلسطينيين آخرين يريدون الحصول على الجنسية المصرية الأمر الذي يرفع عدد الحاصلين على الجنسية المصرية لنحو (100) ألف فلسطينى بحلول عام (2013). وتشير "تضامن" الى أن هنالك (76) ألف إمرأة لبنانية متزوجة من أجنبي وفقاً لتقرير اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة ملف منح جنسية النساء اللبنانيات لأولادهن ، وأن (60) ألف إمرأة أردنية متزوجة من أجنبي وفقاً للمحامي أيمن هلسا عضو إئتلاف "جنسيتي حق لي ولعائلتي" ، وفي سوريا أكد عضو مجلس الشعب محمد حبش أنه تم تسجيل (100) ألف أسرة بدون الحالات غير المسجلة.

أضف تعليقك