تضامن : البرلمانات الفعالة يمكنها الحد من العنف ضد النساء والفتيات

-وثائقيات حقوق الانسان -إعتمدت الجمعية (114) للإتحاد البرلماني الدولي بشهر أيار من عام 2006 في نيروبي قراراً تحت عنوان "كيف تستطيع البرلمانات وكيف ينبغي لها أن تطور الوسائل الفعالة لمكافحة العنف ضد النساء في كافة الميادين" ، وقد دعى القرار الحكومات والبرلمانات والمنظمات غير الحكومية الى تنظيم أنشطة رفع وعي بموضوع العنف ضد النساء خاصة في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي يصادف الخامس والعشرون من شهر نوفمبر / تشرين ثاني من كل عام.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى دعوة الإتحاد البرلماني الدولي البرلمانات حول العالم للإحتفال بيوم 25/11/2012 تحت شعار "إستخدام التشريعات للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات" ، وذلك من خلال تنظيم نشاطات وإبراز المبادرات البرلمانية التي ساهمت في الحد و/أو القضاء على هذه الظاهرة.
وقد أصدر الإتحاد البرلماني الدولي بهذه المناسبة كتيباً بعنوان "البرلمانات تواجه العنف ضد النساء – أولويات عمل" ، وحدد فيه ست أولويات يمكن العمل من خلالها بإعتبارها إستراتيجيات رئيسة رأي المشاركون في المؤتمر الدولي الذي عقد برعاية الإتحاد البرلماني الدولي في جنيف في كانون أول / ديسمبر 2008 تحت عنوان "مواجهة برلمانية للعنف ضد النساء" أن من شأنها التصدي بفعالية للعنف ضد النساء والفتيات.
وتضيف "تضامن" أن الحراك الإنتخابي الذي يشهده الأردن قبيل إنتخابات مجلس النواب السابع عشر والمنوي إجرائها في 23/1/2013 قد جاء في معظمه خالياً من أية إشارة الى موضوع العنف ضد النساء والفتيات خاصة في البرامج الإنتخابية ، إلا أن ذلك لا يمنع من أن يتحمل البرلمان مسؤولياته تجاه أكثر إنتهاكات حقوق الإنسان إنتشاراً ، وتوضيح الأولويات التي إعتمدها الإتحاد البرلماني الدولي لعلها تجد من يدعمها ويستخدمها من بين المرشحين والمرشحات الذين / اللواتي سيتشكل منهم / منهن البرلمان القادم.
فما زالت الإحصائيات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات تثير القلق على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية ، وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحد منه محلياً ودولياً إلا أن إمرأة من كل إثنتين في العالم تعنف من قبل شريكها وواحدة من كل خمس نساء تتعرض لإعتداء جنسي أو التهديد به ، والنساء والفتيات يعانين من واحد أو أكثر من أشكال العنف داخل المنزل وفي الحي والشارع وفي المرافق التعليمية وفي مكان العمل ، كما أنهن يعانين من العنف أثناء النزاعات المسلحة خاصة النازحات واللاجئات ويستخدمن كسلاح فيها كالإغتصاب ، ويتعرضن في أوقات السلم لإنتهاكات جسيمة لا تقل خطورة عما يتعرضن له إثناء النزاعات المسلحة.
وإذا كان العنف الأسري والإعتداء الجنسي والإيذاء الجسدي أكثر أنواع العنف إنتشاراً إلا أن النساء والفتيات يواجهن أيضاً أشكالاً أخرى منه كوأد البنات وجرائم القتل بذريعة "الشرف" والزواج المبكر والختان ، إضافة الى العنف الإقتصادي كالحرمان من العمل أو الراتب ، والحرمان النفسي الذي يصل فيه العنف مداه.
وتشير "تضامن" الى أن العنف ضد النساء والفتيات يمنعهن من التمتع بحقوقهن الإساسية والعيش بكرامة ، ويحد من طموحاتهن ويقضي على مستقبلهن ، وهو بآثاره ينسحب على الأسرة والمجتمع ولا يقتصر على النساء والفتيات ، ويعتبر أكبر تحديات ومعيقات نهوض وتقدم النساء حول العالم ويشكل حاجزاً أمام تحقيق التنمية الشاملة المستدامة للدول وفي كافة المجالات سياسياً ، إجتماعياً ، إقتصادياً وثقافياً.
تتمتع البرلمانات بمكانة إستراتيجية لقيادة التغييرات على المستوى المحلي والتي من شأنها أن تساهم في الحد من العنف ضد النساء والفتيات وذلك من خلال إعتماد إجراءات متعددة ومتنوعة والإستفادة من تجارب البرلمانات الأخرى التي قطعت أشواطاً هامة في هذا المجال ، وبإتباع أولويات العمل الست المعتمدة من الإتحاد البرلماني الدولي.
إن إعتماد قوانين فعالة كأولوية أولى من قبل البرلمانيين والبرلمانيات وإقامة إطار قانوني شامل يتحملون / يتحملن مسؤولية تأسيسه سيساهم في التصدي لمشكلة العنف ضد النساء والفتيات. وفي البداية لا بد من تقييم وحصر التشريعات المحلية التي تعالج موضوع العنف ضد النساء والفتيات وبيان أوجه القصور والفجوات ، ففي الوقت الذي نجد فيه بعض الدول تسن قوانين خاصة بالعنف ضد النساء فإن دول أخرى تعتمد على نصوص مبعثرة ضمن مجموعة من القوانين والتشريعات ، وفي الأردن مثلاً هنالك قانون الحماية من العنف الأسري رقم (6) لعام 2008 الذي ما زال غير مطبق وغير مفعل فلا تطبقه المحاكم سواء من المحامين أو القضاة. كما لا بد للقوانين أن تتوافق مع المعايير الدولية والأسس المرجعية التي إلتزمت بها الدول خاصة المتعلقة بحقوق النساء كإتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وقراري مجلس الأمن (1325) و (1820).
ويشترط في القوانين التي تتعلق بموضوع العنف ضد النساء والفتيات لكي تكون ذات فعالية ، الإعتراف بالعنف ضد النساء والفتيات على أساس أنه شكلاً من أشكال التمييز القائم على الجنس ، وأن تعترف بأنه قد يكون للعنف آثاراً مختلفة على مختلف مجموعات النساء والفتيات وتأخذ بعين الإعتبار النساء الريفيات والمهمشات والنساء في حالات النزاعات المسلحة أو المهاجرات أو ضحايا الإتجار بالبشر أو ضحايا تجارة الجنس ، وأن تتضمن القوانين أحكاماً تمنع العنف وتحول دون ممارسته وتسهل إجراءات تقديم الشكوى للناجيات ومساندتهن وملاحقة مرتكبي العنف ومعاقبتهم ، إضافة الى النص على الجانب الوقائي ، ويجب أن تتضمن القوانين آليات التنفيذ والمراقبة وجمع البيانات والإحصائيات ، وأن تخضع للمراقبة والمراجعة والتعديل لسد الثغرات والفجوات التي تظهر إثناء التطبيق.
وتشير "تضامن" الى أن السهر على تطبيق القوانين تشكل الأولوية الثانية بالنسبة للبرلمانيين والبرلمانيات ، فعلى الرغم من أهمية القوانين في الحد من العنف ضد النساء والفتيات إلا أنها غير كافية بحد ذاتها ، فهنالك فجوات بين المساواة في القوانين والمساواة على أرض الواقع ، وفجوات بين التشريع وبين التطبيق الفعلي ، وتعود مسؤولية سد هذه الفجوات على البرلمانيين / البرلمانيات من خلال الإشراف على تنفيذ السياسات والبرامج لضمان إستجابتها للمعايير والأهداف التي وضعت من أجلها.
إن إعتماد ميزانية تراعي المساواة بين الجنسين ، والحصول على بيانات مفصلة وإستخدام المؤشرات التي تتيح تقييم آثار القوانين على النساء والفتيات ، وإنشاء لجان أو هيئات برلمانية تكلف بالإشراف على تنفيذ القوانين ذات العلاقة ، وإستخدام السلطات الرقابية لرصد العنف ضد النساء ، ودعم وتشجيع المجتمع المدني خاصة المنظمات النسائية ، كلها أدوات تضمن التطبيق الفعال للقوانين لتحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها.
وقد إعتمد الإتحاد البرلماني الدولي موضوع التثقيف والتوعية كأولوية ثالثة لمواجهة العنف ضد النساء والفتيات ، فلن يكون هنالك أي تقدم دون تغيير في المواقف والسلوك الإجتماعي ودون زيادة الوعي بحقوق النساء والعنف ضدهن ، ويقع على البرلمانيين / البرلمانيات الدور الريادي بإعتبارهم / إعتبارهن من قادة الرأي والمسؤولين السياسيين.
إن تثقيف الأطفال والفتيان والفتيات بقضايا حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين ، وإعادة النظر بالمناهج الدراسية والتدريبية لمواجهة الصورة النمطية السائدة ، ورفع وعي الأسر وتثقيف الوالدين بحقوق النساء ، والتعريف بالقوانين وفهمها ، وتنظيم حملات توعية للنساء والفتيات وتعليمهن حقوقهن ، وتدريب العاملين في سلك القضاء من قضاة وموظفين والقائمين على إنفاذ القانون من أفراد شرطة ، وإطلاق حملات توعية عامة لإبراز موضوع العنف ضد النساء والفتيات ، تشكل جميعها وسائل يمكن للبرلمانيين / البرلمانيات إستخدامها في إطار دورهم / دورهن الحيوي في التثقيف والتوعية.
وتتمثل الأولوية الرابعة في إقامة الشراكات ، فمن أجل تحقيق المساواة ووضع حد للعنف ضد النساء والفتيات لا بد من تضافر كافة الجهود لجميع الجهات المعنية ، ومن الإهمية بمكان أن يقيم البرلمانيون / البرلمانيات علاقات متميزة وقنوات مفتوحة وبناء تحالفات مع مختلف الجهات محلياً وإقليمياً ودولياً.
فالشراكة بين الرجال والنساء ، وبناء إجماع وطني بشأن ضرورة إعطاء أولوية للتصدي للعنف ضد النساء والفتيات ، وبناء تحالفات مع المجتمع المدني خاصة المنظمات النسائية ومع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة ، جميعها تشكل مفتاح التقدم نحو القضاء على العنف.
وتضيف "تضامن" أن الأولوية الخامسة تتمثل في إبداء الإرادة السياسية القوية كون العنف ضد النساء والفتيات هو قضية سياسية ، فيقع على البرلمانيين / البرلمانيات مهمة لفت الأنظار لهذا الموضوع من خلال الحصول على البيانات والمعلومات الدقيقة حول العنف لإطلاع الجهات المعنية عليها وإشراكها في الجهود المبذولة للتصدي له ، علماً بأن إبراز المعلومات المتعلقة بتكاليف العنف ضد النساء والفتيات يمكن أن يشكل أداة فعالة وقوية لحشد الإهتمام.
إن الضغط على الحكومات لكي تفي بإلتزاماتها الدولية المتعلقة بالقضاء على العنف ضد النساء ، وتوجيه الأسئلة لها ومساءلة الوزراء ، وتنظيم ندوات إعلامية وجلسات إستماع لإقناع القادة السياسيين وحثهم على العمل ، كلها أدوات للإعراب عن إرادة سياسية قوية تهدف للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات.
أما الأولوية السادسة فهي وضع إطار مؤسسي قوي من خلال تعزيز قدرات البرلمان للعمل على وضع حد للعنف ضد النساء والفتيات ، والتدقيق في الآليات البرلمانية التي يمكن إستخدمها في هذا المجال كتشكيل لجنة برلمانية خاصة معنية بالعنف.
إن تبادل الخبرات مع البرلمانات الإقليمية والدولية ، وطلب دعم المنظمات والمؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية القادرة على تنظيم التدريب أو تقديم الخبرات اللازمة ، ووضع إستراتيجيات لتعزيز وصول النساء الى مواقع صنع القرار كالبرلمان والحكومة والقضاء ، ووضع إستراتيجيات وطنية تهدف الى تعميم تكافؤ الفرص ، وتعزيز قدرات الهيئات والمؤسسات الريفية ، جميعها تشكل إجراءات فعالة لجعل جهود البرلمانيين / البرلمانيات ضمن إطار مؤسسي قوي.
وتؤكد "تضامن" على أن إستخدام مجلس النواب الأردني السابع عشر والذي سيشكل قريباً لهذه الإستراتيجيات وأولويات العمل سيساهم بشكل كبير في الحد من العنف ضد النساء والفتيات في الأردن ويعزز من المساواة بين الجنسين ، وإن البرلمانيات القادمات لهن الدور الأكبر في جعل هذا الموضوع ذات أولوية داخل المجلس.

أضف تعليقك