العمال المهاجرون في الأردن بين التهميش وضرورة الاندماج

الرابط المختصر

 

 

من يقرع الجرس ؟؟ العمال المهاجرون غير النظاميين في الأردن بين التهميش و ضرورة الاندماج

 

اصدر مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، دراسة هي الأولى من نوعها من حيث تناولها لواقع العمال المهاجرة غير النظامية، من حيث تهميشها وضرورة اندماجها كما حمل اسم الدراسة.

 

وتأتي تلك الدراسة في ١٦ محورا، من إعداد كل من الخبير بالقانون الدولي د. محمد الموسى، والباحث محمد يعقوب.

ينشر لكم موقع وثائقيات حقوق الإنسان، كامل التقرير،

 

الملخص

المقدمة

الفصل الأول: الإطار القانوني الناظم لأوضاع العمال المهاجرين في الأردن

1-الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق العمالة المهاجرة

2-التشريعات الأردنية

3-استنتاجات

الفصل الثاني:العمال المهاجرون غير النظاميين في الأردن

1-كيف يصبح العامل المهاجر "غير نظامي" في الأردن؟

2-أسباب مجيئهم إلى الأردن

3-هل تتعامل السلطات العامة معهم كمجرمين؟

4-ظروف استخدام العمال المهاجرين غير النظاميين

5-أعدادهم وتوزيعهم

الفصل الثالث: المشكلات الأساسية للعمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن

1-المشكلات التي كشفت عنها نتيجة تحليل العينة والحالات الأخرى المشمولة بالدراسة

2-أهم المشكلات التي يتعرض لها العمال المهاجرون غير النظاميين وفقا للحق الذي تتعلق به

3-أبرز خلافاتهم مع أرباب العمل

4-علاقتهم مع مكاتب الاستقدام

5-كيف يواجه العمال المهاجرون غير النظاميين المشكلات التي يتعرضون إليها ؟

الفصل الرابع: هل بإمكان السلطات العامة في الأردن منع وجود عمال مهاجرين غير نظاميين

1-عدم جدوى زيادة القيود على دخول العمال المهاجرين إلى الأردن

2-عدم إمكانية إبعادهم جماعياً

3-هل سيؤثر التشدد في تطبيق القانون على ممارسات أرباب العمل؟

4-تصويب الأوضاع هو الحل الأفضل لمشكلات العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن

التوصيات

 

 

 

 

 

المقدمة:

من الموضوعات التي باتت تؤرق المشتغلين بحقوق الإنسان موضوع أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين، فهذه الفئة من العمال الأجانب تتعرض في العادة؛ وفي عموم الدول، إلى جملة من المشكلات والانتهاكات التي تستوجب دراستها والتعرف عليها بغية إيجاد حلول لمشكلاتها تستند إلى حقوقها المعترف بها في قانون حقوق الإنسان الدولي والاتفاقيات الدولية التي تتعلق بالعمالة المهاجرة النظامية وغير النظامية.

وفي البداية لابد من التطرق إلى مفهوم العامل المهاجر وهو أي شخص يعيش ويعمل بصورة دائمة أو مؤقتة خارج الوطن الأصلي، ولم يتطرق التعريف إن كان هذا العامل نظاميا أم غير نظامي، وقد ورد تعريف لمفهوم العمال المهاجرين غير النظامين في الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (1990) وهم غير المتمتعين بإذن للدخول أو للإقامة أو للعمل مقابل أجر، وتجدر الإشارة إلى أن الإحصاءات المتعلقة بالعمال المهاجرين غالبا ما تفتقر للدقة بحيث تغفل بعض أو جميع أولئك المهاجرين من غير النظاميين والعاملين في الاقتصاد غير الرسمي، والذين دخلوا إما عن طريق التهريب، أو تخلفوا لسبب أو آخر عن تجديد وثائقهم الرسمية ، و يضاف إليهم العاملون بمهن غير المصرح لهم بالعمل بها .

 

لا جَرَم َ أن فئة العمال المهاجرين غير النظاميين باتت تزداد عددا في الأردن، وأضحت أوضاعها محل اهتمام المنظمات الحقوقية والمنظمات التي تعنى بتقديم المساعدة لها والدفاع عن حقوقها وحمايتها خاصة وأن هذه الأوضاع يعتريها في أحيان كثيرة مشكلات جوهرية وتنطوي على انتهاكات واضحة لحقوق هذه الفئة من العمال المهاجرين.

تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن الأوضاع المعيشية الفعلية للعمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن والانتهاكات التي تمس حقوقهم وحرياتهم الأساسية المعترف بها دوليا ، فضلا عن أنها تستشرف أهم الأسباب التي تجعل من هؤلاء العمال غير نظاميين في الأردن. وهي لا تهدف إلى الوصول إلى مؤشرات فعلية حول حجم واتساع المشكلات التي يعاني منها العمال المهاجرون غير النظاميين في الأردن بقدر ما تسعى إلى الحصول على مؤشرات كاشفة عن أهم هذه المشاكل والانتهاكات؛ فالغاية الأساسية منها أن تكون أداة لكسب التأييد لمعالجة مشكلات هذه الفئة، والعمل على حمايتها والدفاع عن حقوقها ومحاولة لفت الانتباه لواقعها وما تعانيه من صعوبات وانتهاكات تمس أحوالها المعيشية وحقوقها الإنسانية. وسعيا لبلوغ هذه الغاية العامة ، تهدف هذه الدراسة إلى :

التعرف على حجم الظاهرة وتطورها.

التعرف على خصائص العمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن من حيث الجانب الديمغرافي، والحالة التعليمية والمهن التي تتركز فيها ومعدلات الأجور التي تتقاضاها هذه الفئة وغيرها من الموضوعات ذات الصلة.

التعرف على أوضاع العمالة المهاجرة وظروف عملهم ومعيشتهم.

الوقوف على المشكلات التي يعاني منها العمال المهاجرون ومدى رضاهم عن أوضاعهم المهنية والمعيشية.

التعرف على دور الجهات الرسمية والأهلية للحفاظ على حقوق العمال المهاجرين ورعاية مصالحهم.

التعرف على المقترحات التي تتبناها العمالة المهاجرة لتحسين ظروف عملها .

تحديد نواحي القصور في التشريعات الأردنية ذات العلاقة بالعمالة المهاجرة، وحدود دورها في نشوء هذه الظاهرة في الأردن.

التعرف على مدى اتساق ظروف العمل وشروطه مع القانون ونصوص اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقيات العمل الدولية .

تقديم التوصيات والمقترحات التي تسهم في حماية حقوق العمالة المهاجرة غير النظامية .

وحتى يكون بالإمكان بلوغ الغايات والأهداف المذكورة ، ستحاول الدراسة الإجابة عن التساؤلات الآتية:

ما هي خصائص العمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن من حيث الجنسيات، النوع الاجتماعي، والعمر، والحالة الاجتماعية ،والحالة التعليمية والمهنية والأجر الشهري وغيرها؟

ما هي أوضاع العمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن من حيث حصولها على حقوقها التي أقرتها لها الاتفاقيات والأعراف الدولية ؟

ما هي أهم ملامح الأوضاع المعيشية والاجتماعية لهذه الفئة من العمال في الأردن؟

ما هي الرعاية التي يتلقاها العمال المهاجرون غير النظاميين في نطاق العمل؟

ما هي المشاكل التي تتعرض لها العمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن ؟ وما هي أهم أسبابها؟

ما هي الاقتراحات التي تقدمها العمالة المهاجرة غير النظامية لحماية حقوقها؟

أما فيما يتعلق بالمنهجية المستخدمة في هذه الدراسة، فقد استندت على جمع البيانات والمعلومات بصورة علمية دقيقة، ومن ثم تحليلها والتوصل إلى جملة من الحقائق التي تعكس الملامح الأساسية لأوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن وظروف معيشتهم. وقد تم جمع بيانات الدراسة من خلال دراسة العشرات من الحالات المتعلقة بعمال مهاجرين غير نظاميين استقبلها مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان وتحليلها في ضوء غايات وفرضيات الدراسة المذكورة أعلاه. ومن خلال توزيع استمارة تتضمن أسئلة معينة تخص الغايات والفرضيات الأساسية للدراسة، ومن ثم معالجة ما تضمنته من بيانات ومعلومات إحصائياً ،ورياضياً ،وتحليل نتائجها وتقديم التوصيات النابعة من النتائج التي جرى التوصل إليها.

وقد حرصت الدراسة في شقها الميداني ( الاستمارة والمقابلات والحالات المشمولة بها ) على أن تكون العينة المنتقاة ممثلة إلى حد كبير للمجتمع الأصلي حتى تكون النتائج على درجة عالية من الموضوعية والدقة، فكان التصميم الذي استخدم لإجراء هذه الدراسة الميدانية، هو عينة مسح مستهدفة، وليس عينة مسح عشوائية، وهذا الأسلوب في إعداد العينات يتوافق مع منهجية التقييم السريع التي طبّقت في هذه الدراسة. وتعتبر هذه المنهجية ملائمة نظراً لأن هذه الدراسة تهدف إلى التعرّف على ظاهرة العمالة المهاجرة غير النظامية والانتهاكات التي تتعرض لها بصفة مبدئية، ولا تتطرق إلى إعطاء أرقام دقيقة لنسبة العمالة المهاجرة في شتى أنحاء المملكة. ولذا ضمت عينة الاستمارة (87) حالة من العمال المهاجرين غير النظاميين ذات خصائص مقبولة، حيث توزعت على المحافظات واشتملت على الذكور والإناث ومختلف المراحل العمرية والتعليمية والاجتماعية وغيرها من المتغيرات.

واشتملت الاستمارة على (57) سؤالاً غطت البيانات الأولية الأساسية وحقوق العمال المهاجرين غير النظاميين وفقا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بما فيها الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والمشكلات المعيشية والإنسانية التي تواجهها. وقد روعي في تصميم استمارة الدراسة وصياغتها تغطية أهداف البحث وسهولة الأسئلة وتبويب الاستمارة وتقسيمها في مجموعات رئيسية متناسقة، بالإضافة إلى تضمينها بعض الأسئلة المفتوحة التي تركت المجال مفتوحا أمام المستجيب للتعبير بحرية عن رؤيته وواقعه.

وقد وقع الاختيار على عدد كاف من الباحثين الأكفياء وتدريبهم على جمع البيانات لمدة يومين بشكل مكثف، وتم جمع البيانات ميدانياً من العينة موضوع الدراسة بوساطة المقابلة الفردية خلال شهري نيسان وأيار من عام 2011، كما خضعت البيانات للمراجعة، ومن ثم جرى ترميزها وتفريغها ، ثم إعداد البيانات لمرحلة التحليل الإحصائي.

كما استخدمت تقنيات الإحصاء الوصفي والتحليلي من خلال الرزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية (Statistical Package For Social Science (SPSS)) في التحليلات الإحصائية، كما استخدمت الإحصاءات الوصفية (التكرارات، النسب المئوية) لتصنيف العمال المهاجرين حسب المتغيرات المستقلة سواء كانت اجتماعية أو ديموغرافية أو متعلقة بالعمل نفسه، كما استخدمت الإحصاءات الوصفية في وصف ظروف العمل بناء على المعلومات التي قدمها العمال أنفسهم والانتهاكات التي يتعرضون لها، كما رتبت المواضيع الرئيسية التي نجمت عن ذلك في جداول، بالإضافة إلى استخدام تحليل المجموعات واحتساب الوسط الحسابي وبالأخص اختبارات مربع كأي الإحصائي وT-test و F-test لقياس الفروقات الإحصائية وفيما إذا كانت هذه الفروق دالة أم غير دالة. وبالإضافة إلى اختبار كشف وجود ترابط وقوة العلاقة بين المتغيرات . Regression and Correlation

جدير بالذكر أن هناك جملة من الصعوبات اعترضت الدراسة الميدانية، إذ تم التضييق من حجم العينة بسبب نقص الموارد، كما أن جميع الاستمارات عبئت من قبل الباحثين الميدانيين وجها لوجه، ما أدى إلى استنفاذ وقت طويل وخصوصا أنها كانت تترجم إلى لغات أخرى كي يفهمها أفراد العينة من غير الناطقين بالعربية، بالإضافة إلى أن العديد من هؤلاء العمال لم يكن لديهم الثقافة القانونية والحقوقية التي تمكنهم من الإجابة على الاستمارة بسهولة ويسر. ولكن هذه الصعوبات تم تداركها من خلال الحالات التي خضعت للدراسة والتحليل والتي استقبلها مركز تمكين في الأعوام من 2009 – 2011. وشكلت معينا أساسيا لفهم أهم مشكلات هذه الفئة من العمال.

 

الملخص

يتعرض العمال المهاجرون بوجه عام, وغير النظاميين منهم بوجه خاص في العادة إلى عدد من المشكلات والانتهاكات التي يتوجب الكشف عنها من أجل معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها على أساس الحقوق المعترف بها لهذه الفئة من العمال في قانون حقوق الإنسان الدولي.

وتهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن الأوضاع المعيشية الفعلية للعمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن والانتهاكات التي تمس حقوقهم وحرياتهم الأساسية المعترف بها دوليا ، من خلال التعرف على خصائص هذه الفئة من حيث الجانب الديمغرافي والحالة التعليمية والقطاعات والمهن التي تتركز فيها، ومعدلات الأجور التي تتقاضاها وغيرها من العوامل ذات الصلة ، ومقاربة دور الجهات الرسمية والأهلية في الحفاظ على حقوق هذه الفئة المستضعفة ورعاية مصالحها.

تم جمع بيانات الدراسة من خلال توزيع استمارة معدة خصيصا لهذه الغاية على عينة شملت (87) حالة من العمال المهاجرين غير النظاميين ذات خصائص مقبولة، وتوزعت على محافظات المملكة واشتملت على ذكور وإناث من مختلف المراحل حيث بلغت نسبة الذكور (79.3%) والإناث (20.7%). كما تضمنت دراسة العشرات من الحالات المتعلقة بعمال مهاجرين غير نظاميين استقبلها مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان وتحليلها في ضوء غايات وفرضيات الدراسة ، ومن ثم تمت معالجة ما تضمنته من بيانات ومعلومات إحصائياً ورياضياً وتحليل نتائجها وتقديم التوصيات النابعة من النتائج الإحصائية.

وتناولت الدراسة أهم مكونات الإطار القانوني المرجعي لهذه الدراسة بشقيه الدولي والوطني، حيث تبين من مجمل القواعد القانونية والممارسات المعمول بها في الأردن أن المنظومة القانونية الأردنية تشتمل على أحكام قانونية تساهم في نشوء ظاهرة العمال المهاجرين غير النظاميين ولا تحد منها. علاوة على أنه ينطوي على أحكام تسهل عملية استغلالهم اقتصاديا والاتجار بهم. مثل تعميم الهروب وتقييد حرية العامل في الانتقال إلى عمل آخر حتى بعد انتهاء المدة العقدية.

وبينت الدراسة عدم وجود نية حقيقية لتصويب أوضاع هذه الفئة من العمال حيث ما زالت متروكة لقدرها وحظها العاثر، وأوضحت أن التعامل مع العامل المهاجر غير النظامي كمجرم قد يفضي به في حالات معينة إلى ارتكاب أفعال محظورة ومحرمة تفضي إلى ملاحقتهم ومساءلتهم جزائياً، فعلى سبيل المثال قد يتعذر عليهم كونهم عمال غير نظاميين فتح حسابات مصرفية، فيلجأون إلى استخدام أوراق مزورة لخدمة هذه الغاية ، كما تلجأ بعض العاملات المهاجرات غير النظاميات إلى تسجيل مواليدهن بأسماء نساء غيرهن ممن يتمتعن بوضع نظامي في الأردن، وهو سلوك معاقب عليه في القانون الأردني ولكنه ارتكب كمحصلة لوضعهن غير النظامي .

ويمكن إيجاز أهم ملامح الدراسة والنتائج التي توصلت إليها على النحو الآتي:

أولاً: 30% من أفراد العينة أميون، و فقط 21% منهم حصلوا على التعليم الابتدائي" 6 سنوات"، و84% منهم لايعرفون أرقام الطوارئ، أما طرق حصولهم على المعلومات، فقد كان الراديو هو الوسيلة الأكثر شيوعا بنسبة 39% يليه التليفزيون بنسبة 29%، وكانت نسبة الأميين هي الأكثر اهتماما بالحصول على المعلومات .

ثانياً: إن 74.71% من العمال المهاجرين غير النظاميين الذين شملتهم الدراسة يتقاضون دخلاً شهرياً من (150–300) ديناراً, الأمر الذي يدل على أن رغبة العامل المهاجر في الحصول على أجر أعلى من الحد الأدنى للأجور ولو قليلا، تدفعه إلى أن يصبح غير نظامي من خلال تغيير عمله تغييراً فعلياً لا قانونياً.

ثالثاً: يعاني العمال المهاجرون غير النظاميين في الأردن من استغلال اقتصادي واضح, فهم يعملون ساعات طويلة، 78% من العينة تعمل اكثر من 8 ساعات يوميا، و 36.6% لايحصلون على أجرهم بانتظام،74% لايحصلون على بدل العمل الإضافي. وحتى الذين يحصلون عليه, , فإن بدل العمل الإضافي لهم أقل بكثير مما هو منصوص عليه في قانون العمل.

رابعا: يتعرض العمال المهاجرون غير النظاميين إلى معاملة قاسية ولا إنسانية واضحة, فهم عرضة للاستغلال والتحرش الجنسيين, وعرضة للإذلال والضرب من قبل أرباب العمل ومكاتب الإستقدام؛ وبالأخص عمال وعاملات المنازل, كما أنهم بشكل عام عرضة للإتجار بهم لأغراض اقتصادية. وفي أغلب الحالات فإنهم يقعون في ظروف العمل الجبري.

خامساً: 59% من عينة الدراسة تم حجز جوازات سفرهم، وأكثر فئة يتم حجز جوازات سفرهم هي فئة العاملين في المنازل 73%، وأقل فئة العاملين في قطاع الإنشاءات 0% .

سادساً: يتعرض العمال المهاجرون غير النظاميين في العادة إلى حرمان تعسفي أو غير قانوني من الحرية وهو في الأغلب يكون من خلال القبض عليهم واحتجازهم إدارياً الذي قد يمتد لمدد وفترات طويلة.

سابعاً: يعاني جزء لا بأس به منهم من التمييز في مجالات عديدة كالصحة 25%, والنقل 22.5%, والسكن20%, والتعليم.

ثامناً: يفتقر العمال المهاجرون غير النظاميين في الأردن إلى ظروف العمل والعيش اللائقة, فالنسبة الأكبر من الحالات المشمولة بالدراسة أكدت أنهم يعملون ويعيشون في ظروف سيئة.

تاسعا:يعاني العمال المهاجرون غير النظاميين من تراكم غرامات التأخير عليهم نتيجة عدم قيام رب العمل باستصدار إقامة لهم, أو نتيجة هرب العامل بسبب سوء معاملة رب العمل له أو بسبب الأعباء العمالية وعدم قيام رب العمل بدفع أجوره . فتلجأ السلطات المختصة إلى مطالبة العامل بغرامات التأخير الذي لا سبب له فيه. ويتم في حالات كثيرة تسفير العامل لتسهيل مهمته في العودة إلى بلده. وهي ممارسات تنطوي على انتهاكات واضحة لحقوقهم الإنسانية.

وتجدر الإشارة إلى أن أهمية نتائج المسح الميداني تنبع من كونها مؤشرات، وليس إحصائيات واقعية لمدى تفشي ظاهرة العمالة المهاجرة غير النظامية وظروف عملهم والانتهاكات التي يتعرضون لها.

 

أهم التوصيات:

1- إجراء عدد من التعديلات التشريعية التي تكفل حق العامل المهاجر اختيار عمله بحرية، والانتقال من عمل إلى آخر بشكل طوعي وغير مشروط بموافقة رب العمل، ومنح العمال في نزاع مع القانون تصريح عمل وإذن إقامة مؤقتين.

2-التوقف عن الاحتجاز الإداري والاحتجاز التعسفي أو غير القانوني للعمال المهاجرين غير النظاميين؛ والذي قد يمتد في حالات معينة إلى مدد وفترات طويلة، وتعويضهم عن الضرر الذي يلحق بهم من جراء ذلك سواء أكان ضررا معنويا أم ماديا.

3-النظر جديا وفعليا في اعتماد برنامج متكامل وشامل لتصويب أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن.

4- تفعيل التفتيش على أماكن وجود العمال المهاجرين بما في ذلك المنازل ، والتحقيق بشكل مستقل وفعال وسريع في الحالات التي يشتبه فيها بقيام أرباب العمل أو مكاتب الاستقدام بإساءة معاملة العمال المهاجرين سواء أكانوا نظاميين أم غير نظاميين و باستغلالهم.

5-إعطاء الحق لكل من صاحب العمل والعامل المهاجر بفترة تجربة، وعدم مطالبة العمال المهاجرين غير النظاميين بدفع الغرامات المترتبة عليهم بسبب لا يد لهم فيه، خاصة عندما يكون عدم تجديد الإقامة أو تصريح العمل بسبب رب العمل ذاته أو عندما يكون العامل المهاجر قد ترك العمل لديه نتيجة إخلاله بالتزاماته التعاقدية أو قيامه بإساءة معاملته أو استغلاله.

6-وجوب الانضمام إلى الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ومواءمة التشريعات المحلية معها.

7-تقديم المساعدة والحماية لهؤلاء العمال من قبل وزارة العمل ووزارة الداخلية والأمن العام، وتعزيز الثقة بين أفراد الأمن العام والعمال المهاجرين بمن فيهم غير النظاميين لدفعهم وتشجيعهم على الإبلاغ عن ما يتعرضوا له من جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية مشمولة بحماية النصوص الجزائية في الأردن، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز وحماية حقوقهم.

8-إعادة النظر في قائمة المهن المغلقة، والتأكد من أن العامل قد اطلع بشكل كامل على عقد استخدامه. وفي الحالة التي يوقع فيها على عقد العمل في الأردن، يتعين عليها أن تتثبت من أن هذا العقد يتطابق من نسخة العقد التي اطلع عليها قبل مجيئه في بلده.

 

9-إطلاق حملة توعوية تشمل أرباب العمل ، ومكاتب الاستقدام وسائر المشتغلين بالقانون، ، والعمال المهاجرين أنفسهم لتوعيتهم بحقيقة أن العامل المهاجر يتمتع في قانون حقوق الإنسان بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها المواطن باستثناء الحقوق السياسية.

الفصل الأول: الإطار القانوني الناظم لأوضاع العمال المهاجرين في الأردن

ينبغي من حيث المبدأ الإشارة إلى أن العامل المهاجر سواء أكان نظامياً أم غير نظامي يتمتع بالحقوق الإنسانية ذاتها المعترف بها في الصكوك الدولية والقوانين الوطنية، فالعامل المهاجر غير النظامي في الأردن يتوجب أن يتمتع قانونا بسائر الحقوق المعترف بها في اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية بما فيها اتفاقية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم باستثناء الحقوق الواردة في الجزء الرابع من هذه الاتفاقية، والتي لا ينتفع منها سوى العمال المهاجرين النظاميين. كما يتعين كذلك أن يتمتع بسائر الحقوق الإنسانية المماثلة المدرجة في التشريعات الأردنية.

يستطاع القول إذاً أن الإطار القانوني المرجعي لهذه الدراسة يتمثل في الالتزامات الأولية الواقعة على عاتق الأردن في مجالي الحماية الدولية لحقوق الإنسان والمعايير الدولية للعمل، والتي تستمد في المقام الأول من صكوك دولية، وأعراض عالمية ومبادئ عامة للقانون تعترف بها النظم القانونية الأساسية في العالم، وفي التشريعات النافذة في الأردن بمختلف أشكالها، والتي تتناول مسائل تخص العمال بوجه عام، والعمال المهاجرين النظاميين وغير النظاميين على أساس أنهم أجانب داخل الأردن.

وفيما يأتي عرضاً لأهم مكونات الإطار القانوني المرجعي لهذه الدراسة بشقيه الدولي والداخلي.

1-الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق العمالة المهاجرة

يلتزم الأردن بعدد من الاتفاقيات الدولية التي تضمن للعمال المهاجرين سواء أكانوا نظاميين أم غير نظاميين حقوقاً مباشرة، وهي اتفاقيات تتعلق بحقوق الإنسان، وأخرى تندرج ضمن اتفاقيات العمل الدولية، وبالمقابل فإن الأردن لا يلتزم كذلك باتفاقيات دولية ذات صلة مباشرة بحقوق العمال المهاجرين بوصفهم بشراً وعمالاً مهاجرين على السواء.

1- 1 الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان

يلتزم الأردن بعدد من اتفاقيات حقوق الإنسان التي توفر حماية مهمة لسائر العمال المهاجرين سواء أكانوا نظاميين أم غير نظاميين، وذلك بصفتهم بشراً خاضعين لولاية الأردن وموجودين فوق إقليمها. فالأردن يلتزم بسبع من اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية وهي: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

وقد قام الأردن بنشر سائر الاتفاقيات المشار إليها في الجريدة الرسمية، أي أنها أصبحت جزءاً من القانون الأردني النافذ وواجب التطبيق والاحترام من جانب السلطات الأردنية المختلفة، بالإضافة طبعاً إلى الأشخاص العاديين.

إن المبدأ الأساسي الناظم لهذه الاتفاقيات هو أنها تشترط أن يتمتع سائر الأشخاص الخاضعين إلى ولاية دولة طرف في هذه الاتفاقيات بالحقوق المدرجة فيها على أساس المساواة وعدم التمييز لأي سبب كان بما في ذلك الأصل القومي، أو الجنسية، أو اللغة، أو المركز القانوني أو لأي سبب آخر، فالعمال المهاجرون في الأردن سواء أكانوا نظاميين أم غير نظاميين يتمتعون بالحقوق المعترف بها في الاتفاقيات المذكورة كلها باستثناء الحقوق السياسية من حيث المبدأ. فلا يجوز على سبيل المثال أن يكونوا عرضة للتعذيب أو لأي ضرب آخر من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو لمحاكمة غير عادلة، أو للاستغلال الاقتصادي أو الجنسي، أو للحرمان التعسفي أو غير القانوني من الحرية ، أو لظروف احتجاز لا إنسانية. كما لا يجوز حرمانهم من حقهم في ممارسة شعائر ديانتهم، ومن حقهم في الصحة، والتعليم وظروف العمل المنصفة والمرضية، وهي حقوق تثبت لهم ولأفراد أسرهم على حد سواء.

إن الحماية المقررة أو الواردة في اتفاقيات حقوق الإنسان المختلفة المذكورة أعلاه، تشكل حداً أدنى من الحماية لا يجوز للدول الأطراف فيها بما في ذلك الأردن أن تنزل عنه أو تنقص منه سواء في تشريعاتها الوطنية أم ممارساتها التنفيذية والإدارية والقضائية فالدول الأطراف في هذه الاتفاقيات ملزمة باحترام الحقوق المكفولة فيها لسائر الخاضعين لولايتها، أي يتوجب عليها أن تمتنع عن إتيان أي سلوك يحرمهم من الحقوق المعترف بها، كما تلزم الدول الأطراف بحماية وتأمين هذه الحقوق، أي يمنع الأشخاص العاديين من الاعتداء عليها أو حرمان غيرهم من التمتع بها، ويمثل هذا الالتزام عنصراً أساسياً في تحديد طبيعة ونطاق الحماية القانونية التي ينبغي على الدول كفالتها للعمال المهاجرين بصرف النظر عن مراكزهم القانونية، فالدول ملزمة بمقتضاه بضمان عدم اعتداء الغير على الحقوق المعترف بها في الاتفاقيات المشار إليها.

فالأردن ملزم بموجب هذا الالتزام باتخاذ سائر التدابير بما في ذلك التشريعية والقضائية المانعة لانتهاك الغير للحقوق الإنسانية التي يتمتع بها العمال المهاجرون سواء أكانوا نظاميين أم غير نظاميين، وتوفير سبل الإنصاف المناسبة لهم في حالة انتهاك الغير لهذه الحقوق.

كما يلتزم الأردن بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان بأن يوفر سبل إنصاف وتعويض فعالة لكل من انتهكت حقوقه المكفولة في هذه الاتفاقيات، وتشمل عملية الإنصاف تمكين الضحايا من الحصول على تعويض عادل وقابل للتنفيذ وسريع عن الضرر الذي لحق من جراء انتهاك حقوقهم الإنسانية، وقد أشارت لجنة مناهضة التعذيب – على سبيل المثال – في ملاحظاتها الختامية على تقرير الأردن الدوري الثاني الصادرة بتاريخ 25/5/2010، إلى هذه المسألة في سياق ربطها بين أوضاع المهاجرات العاملات في المنازل والمادة (16) من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي تتعهد الدول الأطراف بموجبها بمنع حدوث أي من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، وعلى أي حال، فقد أوصت اللجنة المذكورة الأردن بأن يعزز تدابيره الرامية إلى منع العنف والإيذاء ضد المهاجرات العاملات في المنازل بما في ذلك ضمان تقديم أصحاب العمل وممثلي مكاتب الاستقدام الذين يؤذون هؤلاء العاملات إلى القضاء.

تشكل اتفاقية حقوق الإنسان التي يلتزم بها الأردن إذاً إطاراً مرجعياً مهماً لهذه الدراسة، فهي تنطوي على المعايير الأساسية التي يتعين على الدول بما فيها الأردن ضمانها واحترامها للعمال المهاجرين بمن فيهم غير النظاميين، وهي لهذا السبب تشكل مرجعية أساسية لقياس واقع أوضاع العمال المهاجرين وفهمها، فليس مقبولاً وفقاً لقانون حقوق الإنسان الدولي أن يكون واقع هؤلاء العمال أقل من الحماية المكفولة للبشر في اتفاقيات حقوق الإنسان المختلفة.

1-2 اتفاقيات العمل الدولية

إلى جانب منظومة حقوق الإنسان الدولية وما توفره من إطار مرجعي لتحديد ما يجب أن تكون عليه أوضاع العمال المهاجرين، تشكل اتفاقيات منظمة العمل الدولية إطاراً مكملاً لهذه الاتفاقيات، خاصة وأنها تنظم عدداً من الجوانب المرتبطة بالعمل والاستخدام بما في ذلك الحقوق العمالية.

انضم الأردن إلى عدد من اتفاقيات العمل الدولية أهمها: الاتفاقية رقم (98) بشأن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية لعام 1949، الاتفاقية رقم (100) بشأن المساواة في الأجور لعام 1950، الاتفاقية رقم (111) بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة لعام 1958، الاتفاقية رقم (122) بشأن سياسة العمالة لسنة 1964، الاتفاقية رقم (135) بشأن ممثلي العمال لعام 1975، الاتفاقية رقم (144) بشأن المشاورات الثلاثية (معايير العمل الدولية) لعام 1976، الاتفاقية رقم (147) بشأن الملاحة التجارية (المعايير الدنيا) لعام 1976، الاتفاقية رقم (150) بشأن إدارة العمل لعام 1978 والاتفاقية المتعلقة بالمساواة في المعاملة بين الوطنيين وغير الوطنيين في الضمان الاجتماعي.

مما لا شك فيه أن عدداً من اتفاقيات العمل الدولية وما تتضمنه من معايير تنطبق على العمال المهاجرين النظاميين وغير النظاميين، وتشكل بالنتيجة شطراً من المكونات التي ينبغي أن تستجيب أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين لها، وينبغي الإشارة في هذا السياق إلى أن الأردن لم يصادق على عدد من اتفاقيات العمل الدولية المهمة في مجال حماية العمال المهاجرين غير النظاميين منها: الاتفاقية رقم (87) بشأن الحرية النظامية وحماية الحق في الاجتماع لعام 1948، اتفاقية العمل الدولية رقم (129) بشأن تفتيش العمل في الزراعة لعام 1969، الاتفاقية رقم (181) بشأن مكاتب الاستخدام الخاصة لعام 1997، والاتفاقية رقم (97) المتعلقة بالهجرة من أجل العمل.

1-3 الاتفاقيات الدولية التي لم ينضم إليها الأردن

من الملاحظ أن الأردن لم ينضم إلى الآن على اتفاقية الأمم المتحدة لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لعام 1990، وهي الصك الدولي الأهم والأكثر شمولاً في مجال حماية حقوق العمالة المهاجرة، ومن العسير القول أن دولة ما توفر الحماية والضمانات المناسبة لحقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم دون أن تكون طرفاً في هذه الاتفاقية، أي أن المنظومة القانونية الأردنية ليست مكتملة ولا كافية في مجال حماية حقوق العمال المهاجرين النظاميين وغير النظاميين ما لم يقم الأردن بالانضمام إلى هذه الاتفاقية.

تعد هذه الاتفاقية إحدى اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية، وقد أكدت في ديباجتها على الترابط بينها وبين صكوك الأمم المتحدة الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان، علاوة على أنها أشارت كذلك إلى المبادئ والمعايير الواردة في الصكوك ذات الصلة التي أقرتها منظمة العمل الدولية.

تتضمن الاتفاقية جملة من الأحكام القانونية الأساسية والمهمة في مجال حماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ورغم أن عدد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية لا يتجاوز (43) دولة حتى تاريخه، إلا أنه يمكن القول بأن جزءاً من الحقوق المكفولة بمقتضاها باتت جزءاً من القانون الدولي العرفي، وبالأخص تلك الحقوق والأحكام المماثلة لما جاء في اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقيات منظمة العمل الدولية من حقوق وأحكام.

إن الحكم على واقع أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين في أي بلد، يتوجب أن ينطلق من المبادئ والمعايير التي أرستها هذه الاتفاقية، خاصة وان جزءاً كبيراً من هذه المبادئ والمعايير يعد من القانون الدولي العرفي الذي يلزم الدول الأطراف وغير الأطراف في الاتفاقية، ولهذا السبب بالذات شكلت المبادئ والمعايير الواردة في هذه الاتفاقية أساساً ومرجعاً مهماً لهذه الدراسة، أي أن هذه الدراسة اتخذت من مبادئ هذه الاتفاقية حدا أدنى لدراسة، وفهم وتقييم أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن.

1-4 سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الأردني

لقد استندت هذه الدراسة في الأساس على المبادئ والمعايير المدرجة في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وبمعايير العمل الدولية والعمال المهاجرين، واتخذت منها إطاراً مرجعياً أساسياً لتقييم أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن، ويمكن القول بأن هذه الفكرة منطقية وأساسية، وذلك لأن هذه الاتفاقيات – كما ذكر في موضع سابق – تشكل حداً أدنى من الحماية لا يجوز للدول أن تنتقص منه أو تنزل عنه، وبمعنى آخر فإن أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين المقبولة ومحدداتها تستمد من النظام القانوني الدولي.

أما السبب الثاني الذي كان وراء هذه الفكرة؛ وهو سبب مهم كذلك، فيتمثل في أن للمعاهدات والاتفاقيات الدولية في النظام القانوني الأردني مكانة أعلى من القوانين الأردنية سابقة أو لاحقة النفاذ عليها، فعلى الرغم من أن الدستور الأردني لم يتضمن نصاً يعالج مكانة الاتفاقيات الدولية في القانون الأردني، إلا أن اجتهاد محكمة التمييز الأردنية استقر منذ عقود من الزمن على سمو الاتفاقيات الدولية بعد نشرها في الجريدة الرسمية على التشريعات الأردنية، الأمر الذي يعني من الناحيتين القانونية والعملية أن ما جاء في الاتفاقيات الدولية من مبادئ ومعايير له أولوية في التطبيق عندما يتعارض مع المبادئ والمعايير الواردة في القانون الأردني، ولهذا السبب فإن سمو الاتفاقيات الدولية في الأردن يجعل منها حجر الزاوية لأية دراسة تتناول أوضاع العمال المهاجرين في الأردن بما في ذلك العمال غير النظاميين.

2-التشريعات الأردنية

إلى جانب المصادر الدولية ذات الصلة بحقوق العمال المهاجرين بما في ذلك العمال غير النظاميين، فإن النظام القانوني الأردني يتضمن عدداً من القوانين والأنظمة والتعليمات التي يتعين أخذها بالحسبان عند دراسة أوضاع العمالة المهاجرة غير النظامية، وتنبع أهمية هذه التشريعات سواء أكانت عادية أم فرعية في أنها قد تكون هي بذاتها سبباً في مشكلة أو أكثر من المشكلات التي تعاني منها هذه الفئة من العمالة الأجنبية، وقد لا تكون كذلك في عدد من الأحيان ولكنها تتضمن العناصر الأساسية لمعالجة هذه المشكلات وإيجاد حلول لها.

تتنوع هذه التشريعات إلى أحكام تشريعية دستورية، وعادية وفرعية، فالدستور الأردني يقر بعدد من الحقوق والحريات التي ينتفع منها العمال المهاجرون غير النظاميين من قبيل المساواة وتحريم التمييز، والحرية الشخصية وحق التقاضي والوصول إلى المحاكم.

أما فيما يتعلق بالتشريعات العادية، فيمكن إيجاز أهم هذه التشريعات بكل من: القانون المدني، قانون العمل، قانون الضمان الاجتماعي، قانون العقوبات، قانون منع الاتجار بالبشر، قانون الإقامة وشؤون الأجانب وقانون إبطال الرق، بالإضافة إلى تشريعات وقوانين أخرى توفر حماية قطاعية أو جزئية للعمال المهاجرين في بعض المجالات.

إن السواد الأعظم من القوانين المذكورة تتضمن عدداً من الأحكام القانونية المنطبقة على العمال المهاجرين النظاميين وغير النظاميين على حد سواء، فقانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996، يعرف العامل بأنه :"كل شخص ذكراً كان أو أنثى يؤدي عملاً لقاء أجر ويكون تابعاً لصاحب العمل وتحت إمرته..." ، وفي مادته الثالثة، يؤكد القانون على أن أحكامه تنطبق على سائر العمال، دون أن يربط ذلك بكون العامل أردنياً أم لا، أو بالوضع القانوني للعامل، فأحكام قانون العمل الأردني وما يتضمنه من حقوق عمالية تسري على جميع العمال الأردنيين والمهاجرين بما في ذلك العمال غير النظاميين.

والملاحظ كذلك أن المادة (12) من قانون العمل الأردني حظرت استخدام أي عامل غير أردني إلا بموافقة الوزير أو من يفوضه، وبشروط منها أن يتطلب العمل خبرة وكفاءة غير متوفرة لدى العمال الأردنيين، وأن يحصل العامل غير الأردني على تصريح للعمل من الوزير أو من يفوضه لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد قبل استقدامه أو استخدامه، ويتم استيفاء رسم التصريح من صاحب العمل، وقد اعتبرت هذه المادة استخدام العامل الأردني دون تصريح عمل أو في مهنة غير المهنة المصرح له بها مخالفة لأحكام قانون العمل.

واضح تماماً أن قانون العمل الأردني رغم أنه يعتبر استخدام موظف مهاجر غير نظامي مخالفة لأحكام قانون العمل، لكنه لا يجعل من وضعه غير النظامي سبباً لحرمانه من حقوقه المنصوص عليها في القانون.

أما بالنسبة لقانون الضمان الاجتماعي، فلا يشترط القانون مطلقاً أن يكون المستفيد من الضمان الاجتماعي عاملاً نظامياً، فيكفي أن يعمل العامل في مؤسسة من المؤسسات الخاضعة وجوباً للقانون وأن يكون حاصلا على تصريح عمل حتى يستفيد من القانون ويشترك في الضمان الاجتماعي. فالعمال المهاجرون غير النظاميين يخضعون للضمان الاجتماعي الإجباري ما داموا يعملون في إحدى المؤسسات المشمولة جبراً بقانون الضمان الاجتماعي، ويحوزون تصريح عمل بصرف النظر عن وضعهم بالنسبة للإقامة، وبالفعل فإن ممارسة مؤسسة الضمان الاجتماعي تتطابق تماماً مع نصوص القانون، فالمؤسسة لا تعنى مطلقاً بالوضع القانوني للعامل المهاجر لأغراض إشراكه في الضمان. ولكن من الناحية العملية نادرا ما تمتع العامل بتصريح عمل دون أن يكون معه إذن إقامة.

ومن القوانين المهمة الأخرى ذات الصلة بأوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين قانون الإقامة وشؤون الأجانب لسنة 1973، وقد اشترط هذا القانون أن يدخل الأجنبي إلى المملكة بشكل مشروع عن طريق البر، أو البحر أو الجو، وأن يكون حائزاً على تأشيرة دخول، وقد منعت المادة (16) من القانون استخدام أي أجنبي إلا إذا كان حاصلاً على إذن إقامة في المملكة، وقد حدد القانون مدة الإقامة بسنة قابلة للتجديد، وأجاز لوزير الداخلية أن يمنح إقامة لمدة خمس سنوات لكل أجنبي أقام في المملكة مدة عشرة سنوات بصورة مشروعة.

وقد فرضت المادة (35) على كل صاحب عمل يستخدم أجنبياً لا يحمل إذن إقامة أو غير مسموح له بالعمل غرامة من (50-70) ديناراً عن كل عامل مخالف، ولكنه في المادة (34) رتب على كل أجنبي دخل بشكل غير مشروع (من قبيل الدخول متسللا أو عن طريق التهريب) ولم يحصل على إقامة، أو تجاوز مدة إقامته أو لم يتقدم بطلب تجديد لها خلال شهر من انتهائها غرامة قيمتها (45) ديناراً عن كل شهر أو الجزء من الشهر بواقع دينار ونصف عن كل يوم من ذلك الجزء.

إلى جانب القوانين المذكورة أعلاه، ثمة أنظمة وتعليمات ترتبط بصورة وثيقة بأوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين ومن أهمها: نظام العاملين في المنازل، نظام تنظيم المكاتب الخاصة العاملة في استقدام واستخدام غير الأردنيين العاملين في المنازل، نظام رسوم تصاريح عمل العمال غير الأردنيين، نظام مفتشي العمل، تعليمات شروط وإجراءات استخدام العمال غير الأردنيين، تعليمات شروط وإجراءات استقدام واستخدام غير الأردنيين في المناطق الصناعية المؤهلة والقرارات المتعلقة بالحد الأردني للأجور، بالإضافة طبعاً إلى القرارات المتعلقة بالمهن المغلقة على الأردنيين دون سواهم من العمال.

لا جَرَم أن الأنظمة والتعليمات المذكورة تتعلق بشكل واضح بأوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين. فالقرارات المتعلقة بالمهن المغلقة – على سبيل المثال – من شأنها أن تفضي إلى عمالة غير نظامية، فهي تحظر استخدام غير الأردنيين في المهن المشمولة

 

بها(1)، الأمر الذي يعني من الناحية العملية أن العمال المهاجرين سيباشرون العمل في المهن المغلقة بشكل غير نظامي بسبب استحالة حصولهم على تصريح بذلك من حيث المبدأ، علاوة على أن استخدامهم في هذه المهن والأعمال سيكون بتكلفة وأجر أقل من استخدامهم في المهن غير المغلقة.

أما فيما يتعلق بالقرار الخاص بالحد الأدنى للأجر(2)، فقد حدد هذا الحد بـ (150) ديناراً باستثناء العاملين في قطاع صناعة الملابس، وعمال المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم، وقد جرى تحديد الحد الأدنى للفئات المستثناة بـ (110) ديناراً أردنياً، ولا يعنينا في هذا الموضوع من الدراسة أن نتناول أثر الحد الأدنى للأجور على أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين، ولكن من البداهة التأكيد على أن استخدام هذه الفئة من العمال غير الأردنيين تكون في العادة بأجر أقل من الحد الأدنى المقرر.

ومن التعليمات المؤثرة في أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين، تعليمات شروط وإجراءات استخدام واستقدام العاملين من غير الأردنيين وتعديلاتها لسنة 2009 ، والتي استثنت من مجال تطبيقها العاملين في المنازل والعاملين في صناعة الملابس. وبصرف النظر عن الشروط التي تضمنتها هذه التعليمات، فإن ما يلفت الانتباه في سياق هذه الدراسة؛ أن المادة (10) من هذه التعليمات اشترطت أن يتم استقدام أو استخدام أو تجديد العمل للعمال غير الأردنيين وفق احتياجات سوق العمل مع مراعاة قائمة المهن المغلقة(3).

مما يعني أن عاملاً قد يتم استخدامه أو استقدامه بعقد عمل مدته عامان، ولكن تصريح العمل الخاص به قد لا يجدد بعد عام من تنفيذ العقد.

وألزمت المادة (11/ب) من التعليمات المذكورة رب العمل بإبلاغ مديرية العمل المعنية (المديرية التي أصدرت التصريح) فوراً بترك العامل غير الأردني للعمل أو فراره خلال مدة سريان تصريح العمل والملفت للانتباه أن الفقرة (جـ) من المادة ذاتها أوجبت على العامل الأجنبي إبلاغ المديرية التي أصدرت تصريح عمله فور تركه العمل خلال مدة سريان التصريح، وإذا لم يقم بذلك لا يمنح تصريح عمل لدي أي صاحب عمل آخر. فضلا عن أنه في الحالات التي يتم الإبلاغ فيها لا يكون بمقدور العامل الأجنبي أن يحصل على تصريح عمل لدى رب عمل آخر ما لم يقم الأول بالموافقة على ذلك كما تضمنت المادة (12) من التعليمات عدداً من النصوص التي تقيد انتقال العمال الأجانب من رب عمل إلى آخر، والنصوص المذكورة كلها لها تأثير مهم، وأحياناً سلبي، على أوضاع العمال المهاجرين ومراكزهم القانونية في الأردن، خاصة وأن من شأنها إعاقة حق العامل في اختيار عمله، الأمر الذي يدفعه للهرب بغية تغيير عمله أو رب العمل؛ فيصبح بالنتيجة عاملاً مهاجراً غير نظامي.

ومن الأنظمة الأخرى التي أخذتها هذه الدراسة بالحسبان نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانيها ومن في حكمهم رتب هذا النظام على رب العمل تكاليف إذن الإقامة، وتصريح العمل وتذكرة سفر العامل أو العاملة بعد سنتين من العمل لديه. ومن الملاحظ في هذا السياق أن إحجام رب العمل عن تجديد إذن الإقامة لصالح العامل المهاجر المستخدم من جانبه يعاقب عليه في قانون الإقامة العامل الأجنبي ذاته وليس رب العمل؛ فقانون الإقامة والأجانب يرتب الغرامات على العامل في هذه الحالة ولا يعير فكرة أن مخالفة العامل لم تكن بسببه وإنما بسبب رب العمل أي اعتبار يذكر. وقد أقر لعمال المنازل يوم إجازة أسبوعي، وإجازة مرضية وسنوية مدفوعتي الأجر بواقع 14 يوماً في السنة لكل واحدة منهما، وأجاز لمفتشي العمل القيام بالتفتيش على مكان سكن العامل عند ورود شكوى إليه بعد موافقة صاحب المنزل، كما أنه حدد عدد ساعات العمل اليومية بعشر ساعات، وهو تحديد ينطوي على مخالفة واضحة وصريحة لقانون العمل ذاته الذي يشمل عاملات المنازل ويحدد ساعات العمل بثماني ساعات. والملاحظ أن الحماية المقررة في هذا النظام لعمال وعاملات المنازل ليست كافية، خاصة وأنه لا يتضمن ضمانات فعلية وجدية تكفل قيام رب العمل بتجديد تصريح العمل للعامل أو للعاملة، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن قانون الحماية من العنف الأسري النافذ في الأردن، لم يشمل عاملات وعاملين المنازل وهو قصور كبير قد يساهم في تفاقم أوضاع العمال المهاجرين سوءً، وقد يفضي إلى صيرورة بعضهم إلى عمال غير نظاميين.

وعلى أي حال، يتوجب على السلطات الأردنية استبعاد أي نص تشريعي يتعارض مع أحكام الاتفاقيات ذات الصلة بالعمال المهاجرين غير النظاميين، هذا إن لم تقم السلطات المختصة بتعديلها لتتوافق مع هذه الاتفاقيات كما ينبغي تفسير وتطبيق هذه التشريعات في ضوئها وعلى هدى ما جاء فيها من أحكام.

3-استنتاجات

يتبين من مجمل القواعد القانونية والممارسات المعمول بها في الأردن أن المنظومة القانونية الأردنية ما زالت تفتقر إلى الإطار القانوني المستند إلى المساواة الكاملة بين العمال المهاجرين والأردنيين في مجال الحقوق الإنسانية، كما أنه لا يكرس المساواة فعلا كأساس للتعامل مع العمال المهاجرين غير النظاميين في المجال المذكور علاوة على أنها تتضمن بذاتها نصوصاً وأحكاماً تساهم في خلق وإنتاج العمالة المهاجرة غير النظامية. وحتى لو بدا في بعض الأحيان ، أن هناك من حيث الشكل العام وظاهر النصوص مساواة شكلية بين العمال المهاجرين والأردنيين، خاصة وأن الاستثناءات ترد على قطاعات العمل وليس الجنسية، ولكن الأنظمة والتعليمات التي تصدر هي التي تفضي إلى عدم المساواة، فميزة انضواء فئة العاملين في المنازل تحت مظلة قانون العمل، يقابلها النظام والتعليمات التي تنتقص من حقوقهم وتنطوي على مخالفات واضحة وصريحة لأحكام قانون العمل.

ومن جهة أخرى، يلاحظ كذلك أنها لا تتناول عدداً من الحقوق التي يتعين ضمانها واحترامها للعمال المهاجرين، ولا توفر فعلياً آليات حمايتهم، والأكثر أهمية في هذا السياق أن المنظومة القانونية الأردنية تفتقر لقواعد قانونية ولممارسات فضلى في مجال تصويب أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين أو التعامل معهم، فالمنظومة القانونية في الأردن والممارسة الفعلية تنظر إلى هذه الفئة من العمال كمجرمين ارتكبوا جرائم من خلال دخولهم غير المشروع للبلد أو عدم التزامهم بالعمل الذي صرح لهم به، كما أنها لا تقر لهم ألبته بحرية اختيار العمل أو كسب العيش في ظل ظروف عمل مرضية أو منصفة.

ولعل أكثر ما يؤخذ على الإطار القانوني المرجعي المتعلق بالعمال المهاجرين أنه يفتقر للصك الدولي الأكثر شمولاً ونضجاً في مجال حماية هذه الفئة من العمال، وهو اتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ولهذا السبب فإن النظام القانوني الأردني لن يكون بمقدوره الاستجابة لحاجيات العمال المهاجرين غير النظاميين ولأوضاعهم دون انضمام الأردن للاتفاقية المذكورة ونشرها في الجريدة الرسمية، والى حين اتخاذ الأردن لهذا الإجراء، فإنه ينبغي على السلطات الثلاث في الأردن أن تلتفت إلى حقيقة أن هذه الاتفاقية تتضمن أعرافاً دولية، وبالذات الأحكام المنطبقة على العمال المهاجرين النظاميين وغير النظاميين على حد سواء، فالسواد الأعظم من الأحكام الواردة في الاتفاقية تتماثل مع تلك المنصوص عليها في اتفاقيات حقوق الإنسان المختلفة؛ والتي أضحت جزءاً من القانون الدولي العرفي الملزمة للدول الأطراف وغير الأطراف، وهذه الحقيقة تأخذها هذه الدراسة بالحسبان، فالإطار القانوني المرجعي له يتضمن بالطبع الأحكام الواردة في اتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم المنطبقة على العمال المهاجرين غير النظاميين والتي باتت جزءاً من القانون الدولي العرفي.

 

الفصل الثاني:العمال المهاجرون غير النظاميين في الأردن

مما لا شك فيه أن العمالة المهاجرة غير النظامية لها أسبابها وملامحها المشتركة سواء أكانت في الأردن أم في غيره من البلدان، فإذا كان للظاهرة أسباب، ومظاهر وأبعاد مشتركة في سائر الدول، إلا أنها كذلك تتميز بخصوصية وبملامح متنوعة تحددها اختلاف السياقات الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية والقانونية من بلد إلى آخر، ولهذا السبب فإن فهم وتحليل ظاهرة العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن لم تتم في ضوء العوامل المشتركة بين مختلف الدول وعلى مستوى العالم، ولكن يتعين لبلوغ هذه الغاية دراسة الأسباب والسياقات المذكورة لفهم طبيعة وأهم ملامح العمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن.

ستتناول الدراسة في هذا السياق جملة من الموضوعات الأساسية والمحورية وهي:

ما هي الأسباب التي تفسر وجود العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن؟

لماذا يأتي هؤلاء العمال إلى الأردن؟ وما هي دوافعهم الأساسية؟

كيف تتعامل السلطات العامة معهم؟ وهل ينظر لهم كمجرمين؟

ما هي مجالات استخدامهم؟

حجمهم وأماكن توزيعهم في الأردن.

1-كيف يصبح العامل المهاجر "غير نظامي" في الأردن؟

من حيث المبدأ، يمكن القول بأن العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن هم في غالبيتهم من العمال المهاجرين القادمين من بلدان عربية (مصر وسوريا)، فأعداد العمال المهاجرين غير النظاميين من غير العرب؛ تكون أقل بكثير من أعداد العرب منهم بسبب الشروط الصارمة والشديدة في منح تأشيرة الدخول( الفيزا) ونظام الكفيل المعمول به في الأردن (رغم أن هذا اللفظ ليس مستخدما في القانون ولكن الصلاحيات المعطاة لرب العمل على العامل المهاجر تجعله كذلك)، فيشكل العمال المهاجرون من الجنسية المصرية على سبيل المثال حوالي (70%) من إجمالي العمال المهاجرين في الأردن.

وعلى أي حال، فإن الأسباب التي تدفع إلى وجود العمال المهاجرين غير النظاميين، أو تحول النظاميين منهم إلى غير نظاميين هي أسباب متنوعة وأغلبها أسباب قانونية مرتبطة بالقوانين، والأنظمة والتعليمات المنظمة للعمال المهاجرين في الأردن، ولشروط استخدامهم واستقدامهم وتجديد إقامتهم، ويمكن إيجاز هذه الأسباب على النحو الآتي:

1-1 النظرة القومية للعمال المهاجرين العرب

من الأسباب المهمة والأساسية وراء وجود عمال مهاجرين غير نظاميين في الأردن البعد الأيديولوجي للتعامل مع العمالة القادمة من بلدان عربية وفي مقدمتها سوريا ومصر، فلا يحتاج أغلب مواطني الدول العربية إلى تأشيرة دخول للأردن، الأمر الذي يعني أن هجرة العمال من مواطني الغالبية العظمى للدول العربية ليست مقيدة من حيث المبدأ. فالسوريون والمصريون لم يكونوا يحتاجون لدخول الأردن إلى تأشيرة،. ولأنهم حتى عام 1984 كان بمقدورهم الإقامة دون الحصول على إذن بالإقامة، إلا أنهم أضحوا بعد اشتراط ذلك غير نظاميين.

1.2استمرار الإقامة في الأردن بعد انتهاء مدة الإقامة

إن الإقامة في الأردن مشروطة من حيث المبدأ بعام، مع وجود استثناءات قد لا تنطبق على العمال المهاجرين، واللافت للانتباه أن كلاً من قانون الإقامة وشؤون الأجانب وقانون العمل يجعلان تباعاً مدة الإقامة ومدة تصريح العمل لسنة واحدة بالنسبة للعمال المهاجرين، واللافت للانتباه في هذا السياق أن أغلب عقود استخدام العمال المهاجرين، وبالذات عاملات المنازل تكون لمدة عامين، والعاملين في المناطق الصناعية المؤهلة تكون لمدة ثلاث سنوات، الأمر الذي يعني من الناحية العملية أن استقدام العامل يكون لعامين بينما إقامته لعام؛ مما يفتح المجال بشكل واسع إلى تحوله إلى عامل مهاجر غير قانوني، خاصة إذا امتنع رب العمل عن تجديد إقامته لأن القوانين والتعليمات النافذة في الأردن تشترط أن يقوم رب العمل بتجديد كل من تصريح العمل والإقامة.

وليس بالضرورة أن يكون بقاء العامل في الأردن بعد انتهاء مدة إقامته و/ أو تصريح عمله مرده إلى أسباب خارجة عن إرادته فعلى الرغم من أن أغلب الحالات التي تمت دراستها في سياق هذا البحث كان سبب البقاء فيها بعد انتهاء مدة الإقامة راجعاً لتقصير رب العمل في تجديد الإقامة أو تصريح العمل، إلا أن بعضها دلَّ على أن هناك عمالاً مهاجرين يرغبون بالبقاء في الأردن، وتصويب أوضاعهم بعد انتهاء مدة إقامتهم وتصريح العمل الخاص بهم.

 

1-3 عدم تجديد رب العمل للإقامة و/أو لتصريح العمل

من الأسباب الشائعة لتحول العمال المهاجرين النظاميين إلى عمال مهاجرين غير نظاميين في الأردن عدم قيام أرباب العمل بتجديد إقامة العامل و/ أو تصريح العمل، إذ يشترط كل من قانون الإقامة وشؤون الأجانب، وقانون العمل وتعليمات شروط وإجراءات استخدام واستقدام العمال غير الأردنيين وتعديلاتها لسنة 2009، على التوالي قيام رب العمل بتجديد إقامة العامل المهاجر و/ أو تصريح عمله، وقد دلت غالبية الحالات التي خضعت للدراسة على أن أرباب العمل لا يقومون بتجديد إقامة عمالهم المهاجرين، وبالأخص العمال المهاجرين العاملين في المنازل وقطاع الإنشاءات.

ويمكن القول استناداً إلى الحالات التي خضعت للدراسة أن هناك ظاهرة بالنسبة لعاملات المنازل والعاملين في قطاع الإنشاءات قوامها عدم قيام أرباب العمل بتجديد إقامتهم، وهو سبب من الأسباب الأساسية التي تؤدي إلى تحول العامل المهاجر إلى عامل غير نظامي.

1-4 السلطة التقديرية في تجديد الإقامة و/ أو تصريح العمل

تنص المادة (10) من تعليمات شروط وإجراءات استخدام واستقدام العمال غير الأردنيين وتعليماتها لسنة 2009، في فقرتها الأولى على "يتم استقدام أو استخدام أو تجديد تصاريح العمل للعمال غير الأردنيين وفق احتياجات قطاعات سوق العمل مع مراعاة المهن المغلقة...". كما أن قانون الإقامة وشؤون الأجانب يجعل تجديد الإقامة مسألة تقديرية دون أن يأخذ بالحسبان أية اعتبارات تخص طبيعة عقود استخدام أو استقدام العمال المهاجرين ومدتها.

ويترتب على هذه السلطة التقديرية أن السلطات العامة أو الجهات المختصة قد ترفض تجديد الإقامة أو تصريح العمل بعد انتهاء مدة العام، فيستمر العامل بعمله ولكنه يصبح عاملاً غير نظامي، ورغم ندرة أو قلة عدد الحالات التي تندرج ضمن هذا السبب، إلا أنها متصورة نظرياً وعملياً، وقد حصلت بعض الحالات المماثلة فعلاً.

1-5 الهروب بسبب سوء معاملة رب العمل للعامل المهاجر

من المسائل الملفتة للانتباه فعلاً أن السواد الأعظم من الحالات التي خضعت للفحص والدراسة، كشفت عن حقيقة أن عدداً لا بأس به من العمال المهاجرين النظاميين أصبح غير نظامي بسبب هربه من رب العمل نتيجة العنف الذي أوقعه رب العمل به أو الظروف السيئة وغير المنصفة التي كان يعمل في ظلها.

تنطبق هذه الحالة على وجه الخصوص بالنسبة لعاملات المنازل فقد دلت الحالات التي خضعت للدراسة على أن هذه الفئة من العمال المهاجرين تتعرض إلى معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة من قبيل الضرب، وأحياناً الحرمان من الطعام أو النوم، والعمل لساعات طويلة ومرهقة الأمر الذي يدفعهن إلى الهرب من رب العمل بحثاً عن مكان أكثر إنسانية وإنصافاً لهن، علاوة على أن عددا كبيراً منهن (العاملات التي خضعن للدراسة) لم تحصلن على أجورهن، وكان هذا عاملاً مهماً لهربهن.

فأحد أهم أسباب تحول العامل المهاجر النظامي إلى عامل مهاجر غير نظامي هو إساءة معاملة العامل، وبالأخص عاملات المنازل، مما يفضي إلى هروبهن والانتقال الفعلي لمكان عمل جديد سواء بشكل جزئي أم كلي.

1-6 الإنتقال الفعلي لا القانوني لرب عمل و لعمل جديدين

تجعل الأنظمة والتعليمات من رب العمل مسؤولاً عن العامل، وتجعل العامل مرتبطاً ارتباطاً فعلياً وقانونياً برب عمله، فهو الذي يجدد له تصريح العمل وإذن الإقامه، وهو الذي بيده أن يسمح له بالانتقال إلى عمل أو رب عمل جديد ، علاوة على أن بقاء العامل المهاجر في العمل مشروط بعقد عمل محدد المدة يمنع انتقاله قانوناً من عمل إلى آخر أو من رب عمل إلى آخر إلا بشروط صارمة أهمها موافقة رب العمل، ويمنع هذا النظام والعقد على السواء الاندماج الاجتماعي طويل المدى للعمال المهاجرين في المجتمع الأردني.

فلو أخذنا المادة (12) من تعليمات شروط وإجراءات استخدام واستقدام العمال غير الأردنيين وتعديلاتها لسنة 2009، نجد أنها وإن أنصفت نوعا ما العمال المهاجرين حيث خففت من قيود انتقال العمال المهاجرين من صاحب عمل إلى آخر، إلا أنها باستثنائها العاملين في المنازل والمناطق الصناعية المؤهلة من هذه التعليمات، قد قيدت حرية هاتين الفئتين في الانتقال من صاحب عمل إلى آخر تقييدا تاما، بحيث لا يسمح للعاملين في هذين القطاعين الانتقال من صاحب عمل إلى آخر إلا بموافقة صاحب العمل الأول، وهي قيود تحرم العامل من حرية اختيار العمل ، وتترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لإخضاع العامل المهاجر إلى ظروف عمل متعسفة وشبيهة بالرق.

إن المنظومة القانونية التي تتناول انتقال العامل من رب عمل إلى آخر تفضي إلى انتقال العمال، وخاصة العاملين في المنازل والعاملين في المناطق الصناعية المؤهلة، من رب عمل إلى آخر انتقالاً فعلياً لا قانونياً سواء من خلال الهرب أم غيره، وبالنتيجة تساهم في أن يصبح هؤلاء عمالاً مهاجرين غير نظاميين.

1-7 الإنتقال للعمل من المهن غير المغلقة إلى المهن المغلقة

من الأسباب الأخرى التي تساهم في وجود عمال مهاجرين غير نظاميين في الأردن، فكرة المهن المغلقة وتطبيقاتها، فقد يكون صاحب عمل بحاجة إلى عامل مهاجر لاستخدامه في مهنة من المهن المغلقة، فيقوم باستقدام العامل على أساس استخدامه في مهنة ليست من المهن المغلقة ولكنه يستخدمه في مهنة من المهن المدرجة في قائمة المهن المغلقة . كما قد يقوم العامل ذاته بهذا السلوك، فيسعى إلى دخول البلد ، وهو يعلم أنه سيعمل في عمل غير الوارد في عقده أو الذي تم استقدامه رسميا للعمل به. وبمعنى آخر، فإن قائمة المهن المغلقة قد تكون سببا لوجود العمالة غير النظامية.. ومن أوضح الأمثلة على ذلك، أن عددا لا بأس به من العمال المهاجرين يدخلون المملكة على أساس العمل في قطاع الزراعة لأنها من المهن المفتوحة أمامهم ولكن عقب دخولهم المملكة يعملون في مهن أخرى، وذلك بعلم صاحب العمل الذي قام بالاستقدام. ومن بين الممارسات المنتشرة في هذا السياق ما يسمى ب" التحرير" ؛ حيث يدفع العامل المهاجر لرب العمل الذي استقدمه أو استخدمه مقابلا ماليا من 600 – 1000 دينار أردني مقابل تحريره وتركه يعمل أي عمل آخر والانتقال إلى رب عمل آخر بشكل فعلي لا قانوني.

1.8الرسوم التفضيلية لتصاريح العمل في بعض المهن

تتضمن التعليمات المعمول بها بشأن رسوم تصاريح العمل والاستخدام في بعض المهن كأعمال الزراعة معاملة تفضيلية في الرسوم التي تستوفى لمنح تصريح العمل في هذه المهن والأعمال، الأمر الذي يدفع أرباب العمل والعمال إلى استصدار تصاريح عمل في مهنة من المهن التي تكون رسوم التصريح الخاص بها أقل من غيرها رغبة في التوفير من قيمة الرسوم التي يتم دفعها مقابل الحصول على التصريح. ولكن العامل لا يقوم بالعمل في العمل الذي حصل على تصريح بممارسته، بل يقوم بالعمل في عمل أو مهنة أخرى مما يجعل منه عاملا مهاجرا غير نظامي بسبب انتقاله إلى عمل غير العمل المصرح له به. فالرغبة بدفع رسوم أقل تدفع أرباب العمل والعمال إلى استصدار تصاريح بمهن ذات رسوم أقل من المهن التي يمارسونها فعلا.

 

1-9 الدخول غير القانوني من خلال وثائق مزورة

ليس من السهل أن يصبح العامل المهاجر غير قانوني في الأردن عن طريق الدخول بشكل غير قانوني، وذلك بسبب صرامة وشدة الشروط المفروضة على دخول الإقليم الأردني، ونظم المراقبة والإجراءات المتبعة، ورغم عدم توافر أية حالة لفريق الدراسة تم فيها الدخول إلى الأردن بشكل غير قانوني أو من خلال وثائق مزورة، فإن هذا الفرض يبقى قائماً، ولو بصورة نادرة، فمن المتصور أن يدخل بعض العمال المهاجرين إلى الأردن من خلال الخداع والغش عن طريق إبراز واستخدام وثائق مزورة، فقد يتعذر على السلطات الأردنية المختصة في بعض الحالات التحقق من صحة الوثائق المقدمة، خاصة في الحالات التي تنطوي على أتجار بالبشر.

1-10الولادة لأب مهاجر غير نظامي:

من الأسباب المتصورة لأن يصبح الشخص عاملاً مهاجراً غير نظامي الولادة لأب مهاجر غير نظامي، وإذا كان هذا السبب يندرج ضمن الأسباب الافتراضية وليس الواقعية أو الفعلية، إلا أنه يشكل سبباً مهماً لوجود العمالة المهاجرة غير النظامية في بلدان غربية، ولكن في الأردن قد لا يكون كذلك بسبب صعوبة بقاء العامل المهاجر كعامل غير نظامي لمدة طويلة يغدو بعدها ابنه عاملاً مهاجراً غير نظامي، فالظروف الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية لهذه الفئة من العمال تجعل بقاءهم مدداً طويلة هم وأفراد أسرهم في الأردن ضرباً من المستحيل.

1-11 سحب الجنسية أو فقدانها

من الأسباب الأخرى المهمة في الأردن والتي قد تجعل الشخص مهاجراً غير نظامي سحب الجنسية عن الأب؛ مما يؤثر بالنتيجة على جنسية زوجته وأبنائه وبناته، ولأن سحب الجنسية أضحى فعلاً يومياً مألوفاً في الأردن، فإنه أفضى بالفعل إلى وقوع أسر عديدة في حالة المهاجر غير النظامي. بما في ذلك العامل المهاجر غير النظامي.

وقد دلت بعض الحالات التي شملتها هذه الدراسة على أن سحب الجنسية الأردنية من الأب يؤثر قانونياً وفعلياً على وضع الأب وأفراد أسرته، وأن جزءاً منهم أضحى بسبب هذا الإجراء من العمال المهاجرين غير النظاميين؛ فتأثرت حقوقهم الأساسية بالنتيجة وباتوا في أوضاع معيشية سيئة جداً.

قصارى القول في هذا المجال أن الحالات التي خضعت للدراسة كشفت عن حقيقة أن الغالبية العظمى من العمال غير النظاميين دخلوا الأردن بصورة قانونية ونظامية؛ أي من خلال تأشيرة للزيارة أو عقد عمل، ولكنهم أصبحوا غير نظاميين لاحقاً، ونادراً ما يدخل الأردن عمال غير نظاميين.

2-أسباب مجيئهم إلى الأردن

لقد دلت الحالات التي خضعت للدراسة والعينة التي شملتها الاستمارة على أن أهم الأسباب التي تحدو بالعمال المهاجرين سواء أكانوا نظاميين أم غير نظاميين إلى المجئ إلى الأردن هي:

1-الحصول على عمل يكفل لهم سبل الرزق والعيش الملائم.

2-الرغبة في الحصول على المال وإرسال حوالات مالية لعائلاتهم في بلدانهم بهدف تحسين أوضاعهم المعيشية هناك.

3-بحثاً عن ملاذ آمن، خاصة العراقيون الذين يعانون من فقدان الأمان في بلادهم

4-للالتحاق بأفراد عائلاتهم الموجودين في الأردن.

5- أسباب سياسية تتمثل في تجنب اضطهاد معين بسبب آراء ومواقف سياسية.

تمثل الأسباب السابقة أهم الأسباب، ولكن السبب الأهم من بينها جميعها هو أن السواد الأعظم منهم يأتي طلباً للرزق والمال، ولعل الشروط القانونية التي يتضمنها القانون لتصويب أوضاع العمال المهاجرين غير القانونية، خاصة ما تعلق منها بترتيب غرامات عليه مردها في أغلب الأحيان تقصير رب العمل وليس هو ذاته، تحول فعلاً دون بلوغ هؤلاء العمال لغاياتهم وأهدافهم التي حدت بهم إلى ترك بلادهم قاصدين الإقامة والعمل في الأردن.

3-هل تتعامل السلطات العامة معهم كمجرمين؟

في ظل القانون الأردني، ينظر إلى العمال المهاجرين غير النظاميين على أنهم مرتكبو جرائم، وبالأخص في إطار قانون الإقامة وشؤون الأجانب. فالمادة (31) من هذا القانون تتعامل مع العامل المهاجر غير النظامي إذا دخل الأردن دون تأشيرة دخول من غير المراكز الحدودية والموانئ والمطارات المخصصة لذلك كمجرم، فهي تجيز إلقاء القبض عليه دون مذكرة قبض وإيداعه للحاكم الإداري ليقرر أبعاده أو يوصي بمنحة إذناً للإقامة أو أن يحيله إلى محكمة الصلح، فإذا إدانته هذه الأخيرة يعاقب بالحبس من شهر إلى (6) أشهر أو بالغرامة (10-50) ديناراً أو بالعقوبتين معاً، فالمادة المذكورة تبيح منح العامل المهاجر غير النظامي بسبب مخالفته قانون الإقامة وشئون الأجانب إذناً بالإقامة وفقاً للسلطة التقديرية للحاكم الإداري، وله كذلك أن يحيله إلى المحكمة الجزائية بوصفه مجرماً. علاوة على أن قانون العقوبات الأردني يتضمن نصا يجرم الدخول غير المشروع إلى أراضي المملكة. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن هناك ممارسة شائعة في الأردن وهي قيام أرباب العمل عند فرار العامل المهاجر من عندهم بالتعميم عليه بالهروب لدى المراكز الأمينة. وإذا رفض رب العمل استلامه بعد القبض عليه، فيتم توقيفه إداريا لمدة قد تمتد لأجل غير محدود دون محاكمة. وقد يتم تمديد احتجازه لدى المراكز الأمينة لمدة تزيد على أل( 24) ساعة التي يشترطها القانون سواء على أساس توقيفه إداريا أم من خلال نقله إلى مركز أمني آخر ليقضي مدة جديدة وهكذا دواليك ( كعب داير). وقد يلجأ العامل المهاجر الموقوف في بعض الأحيان تخلصا من احتجازه إلى شخص أردني الجنسية ليكفله بغية الإفراج عنه، فيستأجره العامل الموقوف لقاء مبلغ من المال ليقوم باستلامه . وفي أغلب الحالات، يبقى العامل بعد الإفراج عنه عرضة لاستغلال من كفله واستلمه وتحت رحمته.

علاوة على ما سبق فإن المادتين (34) و (36) من القانون ذاته واضحتان في هذا المجال، فالمادة (34) ترتب على من لم يحصل على إقامة أو تجاوز مدة الإقامة دون التقدم بطلب تجديدها خلال شهر من انتهائها غرامات مالية. كما أن المادة (36) تتضمن حكماً عاماً يعزز القول بأن العامل المهاجر غير النظامي ينظر إليه بوصفه مجرماً، خاصة وأنها تنص على عقوبة الحبس (من أسبوع إلى شهر) أو بغرامة أو بكلتا العقوبتين بحق كل من خالف أحكام قانون الإقامة وشؤون الأجانب.

من حيث المبدأ، يتعامل النظام القانوني الأردني مع العمال المهاجرين غير النظاميين على أنهم مجرمون واقترفوا انتهاكات لأحكام ونصوص جزائية، وتؤكد الممارسة العملية هذه النظرة، إذ أن معظم الحالات التي شملتها الدراسة ترتب عليها على أقل تقدير غرامات مالية وجزء كبير منها عرضت للأبعاد.

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن عدداً من الدول لا تنظر إلى هذه الفئة من العمال كمجرمين، ومن قبيل ذلك النمسا التي تعدُّ قوانينها وتشريعاتها العمال المهاجرين غير النظاميين مرتكبين لمخالفات إدارية لا جزائية(4).

ومن المسائل التي ينبغي التأكيد عليها أن العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن عرضة للإبعاد دون تحري الضوابط والمعايير المنصوص عليها في المادة (3) من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، فهذه المادة تحظر على الدول الأطراف أن تقوم بترحيل أي شخص موجود في إقليم يخضع لسيطرتها إلى أي بلد آخر قد يتعرض فيه هذا الشخص إلى خطر التعذيب أو المعاملة السيئة، وهو التزام يوجب على السلطات التنفيذية والقضائية تحري عدم وجود أسس معقولة تدعو إلى هذا الاعتقاد قبل ترحيل أي شخص، ويبدو من الممارسة العملية أن هذا الالتزام لا يتم أخذه بالحسبان في سائر حالات الإبعاد أو الترحيل، ويكفي أن نشير في هذا السياق إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ذهبت في العديد من أحكامها إلى أن الشخص الذي سيتم ترحليه إذا كان مريضاً بمرض لا يتوافر في البلد الذي سيستقبله الرعاية الصحية المشابهة لتلك المتوافرة في البلد الذي يوجد فيه، فإن ذلك قد يعد بالنسبة للحالات المرضية المنطوية على آلام شديدة من قبيل المعاملة القاسية أو اللاإنسانية المانعة من الترحيل(5).

ولأن العمال المهاجرين غير النظاميين قد يتعذر عليهم القيام بفتح حسابات مصرفية، فإنهم قد يلجأون في بعض الحالات إلى استخدام أوراق مزورة لفتح هذه الحسابات؛ الأمر الذي سيعرضهم لا محالة إلى الملاحقة الجزائية. وقد يلجأ العمال إلى تحويل أموالهم من خلال شخص آخرمقابل نسبة من المبلغ المحول.

ومن الموضوعات الملفتة للانتباه أن بعض العاملات المهاجرات غير النظاميات تقمن في بعض الحالات بتسجيل مواليدهن بأسماء نساء غيرهن ممن يتمتعن بوضع نظامي في الأردن، وهو سلوك معاقب عليه في القانون الأردني ولكنه ارتكب كثمرة أو محصلة للوضع غير النظامي لهن، وفي بعض الحالات، قد تغادر العاملة المهاجرة التي جرى تسجيل المولود باسمها المملكة ويتعذر بالنتيجة على أمه الحقيقية أن تصحبه معها عندما ترغب بالعودة إلى بلدها لأنه غير مسجل باسمها. وقد انطوت بعض الحالات (وهي حالات نادرة) على ممارسات من هذا القبيل. والمقصود من هذه الإشارة التأكيد على أن التعامل مع العامل المهاجر غير النظامي كمجرم قد يفضي به في حالات معنية إلى ارتكاب أفعالة محظورة ومحرمة تفضي إلى ملاحقتهم ومساءلتهم جزائياً. وتدل بعض الحالات التي شملتها الدراسة على أن العمال المهاجرين غير النظاميين يكونون في الغالب في وضع يسهل استغلالهم والاتجار بهم سواء في الدعارة أم باستخدامهم في ظروف عمل جبري، فإذا ما استخدم هؤلاء بالدعارة، وبالأخص العاملات المهاجرات غير النظاميات، فربما تجري محاكمتهن رغم أنهن ضحايا فقد يتم التعامل معهن كمجرمات وليس كضحايا اتجار بالبشر

 

 

4-ظروف استخدام العمال المهاجرين غير النظاميين

تشير الدراسات والحالات المختلفة التي شملتها هذه الدراسة، إلى أن العمال المهاجرين غير النظاميين يستخدمون في الأردن في أعمال ومجالات متنوعة ومختلفة تشمل: الزراعة، حراسة العمارات، قطاع الإنشاءات، عمالة المنازل والمقاهي، ويتم استخدام هذه الفئة من العمل في الأردن بأجر منخفض الأجر والظروف المحيطة به غير منصفة ولا مرضية على الأغلب.

ومن الثابت أن استخدام العمال المهاجرين غير النظاميين مصحوب عادة بمستويات عالية من الاستغلال، فاستخدام العمال المهاجرين غير النظاميين يمتد لساعات طويلة، ولا يتمتع فيه العامل بإجازات ولا ببدل عمل إضافي، وهو يفضي في حالات لا بأس بها إلى ظروف عمل جبري. ففي الحالات التي يستخدم فيها رب العمل عمالاً مهاجرين غير نظاميين، فإنه يمارس عليهم سلطات أكثر من غيرهم من العمال، فرب العمل إن كان يمارس سلطات واسعة أحياناً على العمال المهاجرين النظاميين على أساس أن بقائهم وإقامتهم مشروطين به وبإرادته، فإن سلطاته قد تتوسع وتتجاوز حدها بالنسبة للعمال المهاجرين غير النظاميين؛ الأمر الذي يفضي فعلاً إلى عمل جبري.

والملاحظ أن الأحكام القانونية الواردة في كل من قانوني العمل والإقامة وشؤون الأجانب قد تساهم بجعل العامل المهاجر النظامي عاملاً غير نظامي، فلأن هذين القانونيين يمنحان رب العمل سلطات واسعة في هذا المجال، فإنه قد يسعى إلى عدم تجديد إقامة عماله النظاميين أو عدم استصدار تصريح عمل لهم ليصبحوا غير نظاميين؛ ويغدون بالنتيجة عرضة لمزيد من الاستغلال.

لقد كشفت حالات كثيرة من الحالات التي اعتمدت عليها هذه الدراسة أن عدداً كبيراً جداً من العمال المهاجرين، وبالذات عاملات المنازل، أصبح غير نظامي بسبب رب العمل ذاته ولأنه لم يبادر إلى تجديد إقامة العامل و/ أو تصريح العمل الخاص به وقد اقترنت هذه الحالات بامتناع رب العمل عن دفع الأجور المترتبة عليه شهرياً، ومحاولات اعتداء وتحرش في بعض منها، مما أفضى إلى هرب العاملة من منزل رب العمل وباتت تعمل عملاً جزئياً وتعرضت للمعاملة السيئة ولشتى ضروب الاستغلال.

أما فيما يتعلق بالعمال المهاجرين العاملين في المناطق الصناعية المؤهلة، فيبدو أن بعض المصانع لا تلتزم باستصدار إقامة وتصريح عمل لكل عامل مهاجر لديها، فيصبح في وضع ضعيف، ومستضعف وعرضه للحرمان من العمل بسبب احتمالية أبعاده(6)، فضلاً على أن عدم استصدار تصاريح عمل من شأنه أن يحرم العامل المهاجر من حقه في الضمان الاجتماعي.

5-أعدادهم وتوزيعهم

من غير اليسير تحديد أعداد العمال غير النظاميين في الأردن، وعلى الرغم من أن وزير العمل صرح في شهر أيار من العام 2011 بأن العمال المهاجرين في الأردن يبلغ عددهم حوالي (600) ألف عامل وأن عدد المسجلين منهم يقارب نصف هذا العدد، فإن عددهم يبقى غير معروف ومن غير المتوقع تحديده بدقة.

وفي دراسة قدمت في عام 2008 إلى مركز (CARIM) حول المهاجرين غير النظاميين في الأردن(7)، أشار الباحث إلى أنه يوجد في الأردن ثلاثة أنماط من المهاجرين غير النظاميين وهم: العمال المهاجرون، اللاجئون المهاجرون ومهاجرو الترانزيت، وقد أكدت هذه الدراسة أنه ليست هناك أية معلومات أو بيانات حول أعداد العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن، ورغم ذلك فإن هناك عشرات الآلاف من الذين يعملون بدون تصريح عمل(8)، وأفادت أن عدد العمال المهاجرين الذين يحوزون تصريح عمل يقدر بحوالي (256) ألف عامل من الذكور و (48) ألف من الإناث بمجموع (314) ألف عامل وعاملة، وهي أرقام تتطابق إلى حد بعيد مع تقديرات وزارة العمل، حيث قدرت الوزارة في تقريرها لعام 2009 أعداد العمال الوافدين المسجلين لدى الوزارة بـ (335.707) عامل وعاملة، وأن نسبة العمالة المرخصة إلى إجمالي العمالة الوافدة تقدر من 76-81%.

يستنتج من أرقام وتقديرات وزارة العمل في تقريرها المذكور أن عدد العمال المهاجرين غير المسجلين لدى الوزارة تتراوح من (19 – 24%) من إجمالي العمالة الوافدة؛ أي من (77) – (90) ألف عامل.

أما فيما يتعلق بتوزيع العمالة المهاجرة في المدن الأردنية، فقد أشار التقرير المذكور إلى أن (50.97%) منها موجود في عمان، والباقي يتوزع على النحو الآتي: (10.25%) في الزرقاء، (11.54%) في البلقاء و (9.99%) في اربد، ويبدو من بيانات وزارة العمل أن أكثر القطاعات استخداماً للعمالة المهاجرة هي: قطاع الزراعة والصيد بنسبة (26.74%) وقطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية بنسبة (25.56%).

أما فيما يتعلق بتوزيع العمالة المهاجرة في الأردن بحسب الجنسية، فإن أعلى نسبة من العمال المهاجرين هي نسبة العمال المصريين وتبلغ – بحسب تقرير وزارة العمل المذكور – (71.49%)، تليها نسبة العمال الإندونيسيين (8.03%)، فالعمال السيريلانكيون (6.15%) فالفلبين (4.31%).

لم يتضمن تقرير وزارة العمل بخلاف ما جاء فيه من نسبة عامة تقديرية لحجم العمالة المهاجرة، أية بيانات أو معلومات تحدد عدد العمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن، وهو موقف طبيعي بسبب صعوبة الوقوف على حجم هذه الفئة من العمال المهاجرين على النحو الموضح سابقاً، فأغلب دول العالم ليس بمقدورها إعطاء أعداد أو نسب محددة للعمال المهاجرين غير النظاميين لأسباب مختلفة أهمها صعوبة حصر العدد، بالإضافة طبعاً إلى اختلاف الدول أحياناً في تعريف العمال المهاجرين غير النظاميين، فبعضها يدخل في المفهوم طالبي اللجوء و"العمال المهاجرين شبه غير النظاميين" (الذين يقيمون بشكل قانوني داخل الدولة ولكنهم يمارسون عملاً مخالفاً للعمل المأذون لهم القيام بهم) (9).

 

الفصل الثالث: المشكلات الأساسية للعمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن

كشفت الحالات التي شملتها هذه الدراسة والاستمارة المتعلقة بالتعرف على أهم مشكلات العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن عن عدد من المشكلات والصعوبات التي تعاني منها هذه الفئة من العمال أثناء وجودها في الأردن.

وتجدر الإشارة إلى أن أهمية نتائج المسح الميداني تنبع من كونها مؤشرات، وليس إحصائيات واقعية لمدى تفشي ظاهرة العمالة المهاجرة غير النظامية وظروف عملهم والانتهاكات التي يتعرضون لها، إن استعمال العينة المستهدفة والحالات المنتقاة التي شملتها لم يسمح بإجراء تقدير استقرائي للنتائج وتطبيقه على جميع العمال المهاجرين. وعلى أي حال، تتمحور هذه المشكلات أساسا حول: أوضاعهم المعيشية والاجتماعية والاقتصادية، وحقوقهم الإنسانية الأساسية وزيادة إمكانية تعرضهم للاستغلال بما في ذلك الاتجار بهم أو بهن والعمل الجبري، بالإضافة طبعا إلى عدم اندماجهم في المجتمع الأردني. وسيتم تناول أهم هذه المشكلات معا على مستويين: المشكلات التي كشفت عنها الاستمارة، والمشكلات الأخرى التي دلت عليها الحالات التي تمت دراستها ولم تعالجها الاستمارة.

1 - 3 المشكلات التي كشفت عنها الاستمارة والحالات الأخرى المشمولة بالدراسة:

لقد أماطت الاستمارة التي جرى توزيعها على عينة من العمال المهاجرين غير النظاميين على النحو المذكور في مقدمة هذه الدراسة عن جملة من المشكلات التي تعاني منها هذه الفئة من العمال في الأردن، وفيما يأتي عرض لخصائص العينة المشمولة بالاستمارة وللمشكلات التي كشفت عنها وهي مشكلات مشتركة بين الاستمارة والحالات التي تمت دراستها في إطار إجراء الدراسة.

1-1-3 خصائص العينة ووصفها:

من عينة الدراسة (87 حالة) بلغت نسبة الذكور (79.3%) والإناث (20.7%)، ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير الجنس:

 

من بين عينة الدراسة (87 حالة) بلغت نسبة العمالة التي تنتمي إلى الجنسية المصرية (67.8%) من العينة والسيرلانكية (19.5%)، ثم تبعتها الهندية (4.6%) والبنغالية (3.4%)، وأخيرا تساوت العمالة الفلبينية والاندونيسية بالنسبة وكانت (2.3%). ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير الجنسية:

ومن حيث توزيع العينة حسب العمر تمثل المرحلة الشابة أقل من (35) عاماً الفئة الأكبر، حيث تمثل المرحلة العمرية من (25-34) عاما ما نسبته (47.1%) والفئة العمرية من (18-24) ما نسبته (26.4%)، أما العمالة من فئة المرحلة العمرية (35-44) عاما فتمثل (20%) ثم تبعتها المرحلة العمرية من (45-54) عاما بنسبة (3.4%)، وبالمقابل كان نسبة العمالة ذات العمر (55) فأكثر صفر، وربما كان ذلك بسبب اشتراط وزارة العمل سنا معينا لاستقدام أو استخدام العمال المهاجرين.

ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير العمر:

أما توزيع عينة الدراسة حسب متغير الديانة، فقد كانت النسبة الأكبر من العمالة هم من المنتمين للديانة الإسلامية (78.2%)، ثم تبعتها الديانة المسيحية (12.6%)، والديانة البوذية (9%). ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير الديانة:

وفيما يتعلق بالحالة الاجتماعية فتبلغ نسبة المتزوجين (59.3%) ثم نسبة غير المتزوجين (34.9%) من أفراد عينة الدراسة، وبالمقابل كانت نسبة الأرامل والمطلقين (2.3%) و(1.2%) لكل منهما على التوالي، كما سجلت (2.3%) من أفراد العينة بأنها أم عزباء. ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير الحالة الاجتماعية:

تصل نسبة الأمية بين العينة حوالي (30%) من العينة، كما بلغت نسبة التعليم الجامعي (7%)، ولم يحصل أي من أفراد العينة على تعليم ما بعد الجامعي البته، بينما توزعت باقي النسب على التعليم المهني والابتدائي والثانوي على التوالي، ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير التعليم:

 

ويلاحظ في هذا السياق ارتفاع نسبة الأميين بين أفراد العينة وقلة عدد الحاصلين على شهادات جامعية ، الأمر الذي يعكس حقيقة أن سوق العمالة المهاجرة في الأردن تنحصر بشكل واضح بالعمال المهاجرين ذوي التعليم المتدني، وغير المؤهلين وأن الأردنيين هم الذين يشغلون المهن والأعمال التي تحتاج إلى المؤهلات العالية والمهارة. وربما كان هذا من بين أهم الأسباب الذي تجعل من العمال المهاجرين غير النظاميين عرضة لاستغلال كبير؛ فلا أمل لهم في الأردن بالحصول على عمل أفضل ولا أمل لهم في بلدانهم كذلك بتحسين أوضاعهم بسبب انخفاض مستواهم العلمي والتأهيلي.

 

وأما متغير فترة الإقامة في الأردن، فقد سجل (53.2%) من أفراد العينة أنهم امضوا اقل من سنة في الأردن، بينما سجل (26.6%) من العينة أن إقامتهم تمتد ما بين سنة وثلاث سنوات، وفي حين ذكر (20.3%) أن إقامتهم تتجاوز الثلاث السنوات. ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير فترة الإقامة:

 

ومن الملفت للانتباه في هذا السياق أن ما يزيد على نصف أفراد العينة قد أمضى أقل من سنة في الأردن، الأمر الذي يعكس أن العمال المهاجرين في الأردن يصبحون غير نظاميين في السنة الأولى من إقامتهم ؛ أي أنهم يتمتعون بتصريح إقامة ولكنهم يصبحون كذلك على أساس تغيير العمل تغييرا فعليا، فجزء منهم يدخل البلد على أساس العمل بالزراعة لأنها ليست المهن المغلقة و/أو لأن رسومها أقل من غيرها من المهن وبعد ذلك ينتقل إلى مهنة أخرى، وربما يتم انتقاله الفعلي إلى العمل الآخر بتنسيق ومعرفة رب العمل.

 

أما توزيع أفراد العينة حسب متغير إتقان اللغة العربية، فقد كان نسبة من يتقنون التكلم بالعربية بشكل جيد أو جيد جدا أو ممتاز (73,6%) من أفراد العينة، وهؤلاء من العمالة العربية (المصرية)، والعمالة الاسيوية التي قضت في الأردن سنوات طويلة، بينما كانت نسبة من لا يتكلمون العربية بشكل مرض فاقل (23%) وهؤلاء ينتمون إلى الجنسيات غير العربية كالهندية والبنغالية وغيرها، ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير مستوى إتقان اللغة العربية:

 

ومن حيث متغير مجال العمل في البلد الأم كانت نسبة العاملين في الزراعة (29.73%) من أفراد العينة يتبعهم الذين لا يعملون بنسبة (24.32%)، بينما كانت نسبة الذين مارسوا مهن ذات مستوى تعليمي عال كمهنة المحاماة والمحاسبة والتعليم (5.41%)، في حين وزعت باقي النسب على المهن اليدوية والفنية والصناعية البسيطه. ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير مجال العمل في البلد الأم:

 

أما من حيث مجال العمل الحالي في الأردن، فقد توزع أفراد العينة على ميادين مختلفة، ولكن القطاع الزراعي جاء في المرتبة الأولى بنسبة (25.64%) ثم قطاع الخدمات المنزلية بنسبة (21.79%) ثم قطاع الصناعة ومنها فئة عمال الغزل والنسيج بنسبة (11.45%)، في حين توزعت باقي النسب على القطاعات المختلفة. ويلاحظ تناغم العمل في البلد الأصلي مع العمل الحالي في الأردن باستثناء الخدمات المنزلية وعمالة النظافة التي يغلب على المنتمين إليها أنهم لم يكونوا يعملون في البلد الأصلي، كون هذه المهن لا تحتاج إلى مهارات علمية وتقنية خاصة. ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير مجال العمل الحالي في الأردن:

وفيما يتعلق بمتوسط عدد ساعات العمل اليومية لأفراد العينة، فقد ذكر (78%) من أفراد العينة أنهم يعملون لساعات تزيد عن الثماني ساعات في اليوم، حيث يعمل نحو (71%) منهم من (9 إلى 13) ساعة في اليوم، كما يعمل (7%) منهم من (14 إلى 18) ساعة في اليوم، أما من ذكر بأنه يعمل بين (6 إلى 8) ساعات في اليوم فكانت نسبتهم (22%). ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير ساعات العمل في اليوم:

 

1-2 نتائج تحليل العينة

أفاد 92.86% من أفراد العينة من غير الناطقين باللغة العربية أنهم لم يحصلوا على دورات في اللغة العربية قبل مجيئهم إلى الأردن، كما أن أي منهم لم يحصل على دورة باللغة عربية فور وصوله أراضي المملكة .

 

أفاد 12.79% من أفراد العينة بأنهم لا يوجد لديهم عقد عمل في الأردن، كما أن 19.05% لا يوجد لديهم إقامة ، مما يعني أن ثلث أفراد العينة تقريبا غدا غير نظامي بسبب عدم تجديد إقامته أو عدم وجود عقد عمل معه، بينما باقي أفراد العينة أصبحوا كذلك بسبب تغيير العمل أو رب العمل بشكل فعلي لا قانوني وهي نتيجة تتطابق تماما مع النتائج التي تم الحصول عليها بنتيجة دراسة عدد من الحالات الخاصة بعمال مهاجرين غير نظاميين ، وهناك أسباب عديدة تقف وراء هذا التغيير جرى التطرق إليها في الفصل الثاني من هذه الدراسة. والملاحظ أن هذا الأمر ينطبق بشدة على العمال المصريين.

 

أفاد 57.1% من أفراد العينة بان لديهم أطفال، ولكن نسبة كبيرة منهم تقدر بنحو 89.3% لم تصطحب أطفالها معها إلى الأردن لأسباب عديدة وهي: صعوبة ظروف المعيشة في الأردن بنسبة 34.48%، وعدم موافقة صاحب العمل بنسبة 24.14%، وارتباط الأطفال بمدارس بلدهم بنسبة 20.69%، وممانعة وزارة العمل بنسبة 6.90%، ثم توزعت باقي النسب الضئيلة على أمور عائلية خاصة كوجود أطفال رضع، وعمل الزوجة في البلد الأم وعدم رغبة الزوجة بترك العائلة في البلد الأم وغيرها. وبالمقابل بلغ عدد الأطفال المرافقين لذويهم من أفراد العينة خمسة أطفال، وجميعهم يذهبون إلى رياض الأطفال أو المدارس في المملكة.

أفاد 78.3% من أفراد العينة بأنهم دفعوا أموالا بشكل مسبق ليجدوا عملا في الأردن، وقد تراوحت قيمة الأموال المدفوعة بين 100 دولارا كحد أدنى و2000 دولارا كحد أقصى، ولكن المتوسط الحسابي للمبلغ المدفوع كان 904 دولارا أمريكيا من قبل كل شخص. أما أسباب دفع هذه الأموال فقد عزاها أفراد العينة إلى الأسباب التالية: الحصول على عقد عمل بنسبة 52.27%، وعمولة مكتب الاستقدام 15.91%، وإجراء الفحص الطبي وشراء تذكرة السفر 10.23% لكل منهما، واستخراج جواز السفر بنسبة 6.82%، ورسوم الفيزا بنسبة 4.55%.

 

أفاد 87.2% من أفراد العينة انه كان لديهم عقد عمل في الأردن، وكانت مدة العقد تستمر لعام واحد بنسبة 77.5%، ولعامين بنسبة 15.5%، ولثلاث أعوام بنسبة 5.6%، كما أشار 1.4% من أفراد العينة آن مدة العقد غير معروفة. بالمقابل ذكر 75.9% من أفراد العينة أنهم لم يطلعوا على عقد العمل قبل مجيئهم إلى الأردن، وقد تم اختبار وجود فروق بين اطلاع العمال على عقد العمل قبل قدومهم إلى الأردن تعزى لجنسيتهم، لكن تبين انه لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين المتغيرين.

 

أفاد 81% من أفراد العينة أن لديهم أذون إقامة في المملكة، وان مدة الإقامة هي سنة واحدة، وقد عزا الأفراد الذين لا يوجد لديهم أذون إقامة ذلك إلى امتناع صاحب العمل عن توفيرها لهم بنسبة 92.3%، بالإضافة إلى سبب أخر مفاده: إغلاق المصنع بنسبة 7.7%. كما ذكر 18.9% من أفراد العينة أنهم تكبدوا غرامات مالية دفعت من قبلهم من اجل تجديد الإقامة. وحري بالإشارة انه تبين وجود علاقة ذات دلالة إحصائية تعزى لمتغير الجنسية في هذا المجال، إذ تبين أن العمال من حملة الجنسية المصرية هم الأكثر تأكيدا على وجود أذون الإقامة لديهم،حيث بلغت نسبة من لديهم إذن إقامة (81%) يليهم حملة الجنسية السريلانكية 0,09% ثم الهندية 0,06% فالبنغالية 0,03% فالفلبينية 0,01% في حين أن حملة الجنسية الاندونيسية كانوا هم الأقل حملا لهذه التصاريح.

 

واضح من البيانات السابقة أن السبب الأهم وراء صيرورة أفراد العينة عمالا مهاجرين غير نظاميين هو التغيير الفعلي للعمل أو لرب العمل وأن عدم تجديد الإقامة يشكل أحد الأسباب ولكنه ليس أهمها. أما بالنسبة لمن يصبح كذلك بسبب عدم تجديد الإقامة ، فيبدو أن معظمهم من جنسيات الدول الشرق آسيوية من العاملين في المنازل والعاملين في المناطق الصناعية المؤهلة..

 

أشار 55.1% من أفراد العينة إلى أنهم لا يعملون في مجال العمل نفسه الذي قدموا على أساسه إلى الأردن، وحري بالإشارة انه تبين وجود علاقة ذات دلالة إحصائية تعزى لمتغير الجنسية في هذا المجال، إذ تبين أن العمال من حملة الجنسية المصرية هم الأكثر تأكيدا على أنهم لا يعملون في نفس مجال العمل الذي استقدموا للقيام به، حيث كانت نسبتهم 83% في حين أن حملة الجنسية الاندونيسية كانت نسبتهم 0%.

 

أشار 37.18% من أفراد العينة أنهم يخططون للبقاء في الأردن مقابل 62.82% لا يخططون لذلك، كما أفاد 61.90% من المخططين للبقاء أنهم يرغبون أن تستمر مدة بقائهم خمس سنوات فما دون مقابل 38.10% تركوا المدة مفتوحة، وقد عبر 17.5% من الذين يخططون للبقاء في الأردن لمدة مفتوحة تتجاوز الخمس سنوات أنهم يرغبون بجلب عائلاتهم للعيش معهم في الأردن، وذلك مقابل 82.5% لا يرغبون بجلب أسرهم إلى الأردن. مع ضرورة الإشارة إلى أن الاختبار الإحصائي لوجود اختلاف بين العمال في تخطيطهم للبقاء في الأردن بأثر متغير الجنسية، اثبت انه لا يوجد علاقة بين الجنسية والرغبة في البقاء في الأردن. ويلاحظ ارتفاع نسبة من لا يرغب من أفراد العينة بالبقاء في الأردن ، الأمر الذي يعكس سوء أوضاعهم المعيشية والحياتية وتدهورها فلو كانت أوضاعهم جيدة أو مقبولة لما كانت نسبة من لا يخطط للبقاء في الأردن قليلة مقارنة مع من يخطط بعدم البقاء. وهي نسبة تتفق تماما مع نتائج الدراسة المتعلقة بأوضاعهم المعيشية والحياتية الفعلية.

1-أهم المشكلات التي يتعرض لها العمال المهاجرون غير النظاميين وفقا للحق الذي تتعلق به

 

2-1الحريات الدينية وممارسة الشعائر

 

أفاد 90.63% من أفراد العينة بأنهم قادرين على ممارسة شعائرهم الدينية، وعند استثناء العمالة المصرية كون جلها ينتمون إلى الديانة الإسلامية، نجد أن 54.54% من أفراد العينة غير المسلمين يشعرون بأنهم غير قادرين على ممارسة شعائرهم الدينية، وكان هؤلاء ينتمون إلى الديانة البوذية بنسبة 71.42%. وجدير بالذكر أن عدم وجود أماكن لممارسة العبادة كان السبب الرئيس بنسبة 71.34% تبعه المنع من رب العمل والخوف من الآخرين بنسبة 14.29% لكل منهما. ويلاحظ ارتفاع نسبة غير المسلمين منهم الذين ليس بمقدورهم ممارسة شعائرهم الدينية.

2-2 الحصول على الأجر وكفايته

 

وأما متغير متوسط الدخل أو الأجر الشهري لكافة أفراد العينة، فقد كانت نسبة من يتقاضون بين 150و300 دينار في الشهر هي الأكثر بنسبة 74.71%، وتبعتها من يتقاضون دون 150 دينار في الشهر بنسبة 19.54%، في حين كانت نسبة من يتقاضون ما بين 301 و450 دينارا 5.75%. وبالمقابل لم يسجل أي من أفراد العينة انه يحصل على دخل يتجاوز 450 دينار. وتلفت هذه النتائج الانتباه إلى أن نسبة كبيرة من أفراد العينة يتقاضون أجرا يبدأ من الحد الأدنى للأجور، وقد يصل إلى الضعف ، الأمر الذي يعني أن رغبة العمل المهاجر في الحصول على أجر أعلى تدفعه إلى أن يصبح غير نظامي من خلال تغيير عمله تغييرا فعليا لا قانونيا للحصول على أجر أعلى . ويمثل الرسم البياني الآتي توزيع نسب العمالة حسب متغير الدخل الشهري بالدينار:

جدير بالذكر أن الاختبار الإحصائي كشف وجود علاقة ترابطية ايجابية بين متغير متوسط الدخل الشهري للعاملين ومتغير فترة الإقامه في الأردن، فغالبية العمال الذين ذكروا أنهم يتقاضون راتبا يزيد عن ثلاثمائة دينار كانوا ممن أقاموا أكثر سنوات في الأردن، وكان العدد الأكثر ممن يتقاضون أقل من ( 150) دينارا ممن كانت إقامتهم أقل من ثلاث سنوات.

والملاحظ كذلك أن اهتمام العمال بالدخل الشهري اكبر من اهتمامهم بعدد الساعات التي يقضونها في العمل، فقد أبدى العمال المشمولون بالعينة وبالدراسة أن همهم الأول ينصرف إلى الدخل الشهري الذي يتوقعون الحصول عليه حتى لو كانت ساعات العمل طويلة إلى حد ما .

وأفاد 36.36% من أفراد العينة أنهم لا يحصلون على أجورهم بانتظام، وأنهم في هذه الحالة يلجأون إلى الوسائل التالية: تقديم شكوى للمسؤول المباشر بنسبة 79.10%، واللجوء إلى سفارة دولته في الأردن بنسبة 8.96%، وتقديم شكوى لوزارة العمل بنسبة 4.48%، و التوقف عن العمل لدى رب العمل بنسبة 2.99%، أما اللجوء إلى منظمات حقوق الإنسان وبث الشكوى للناس وعدم معرفة ماذا يفعل فكانت نسبة كل منها 1.49%. وجدير بالإشارة أن أفراد العينة أشاروا إلى أنهم يلجأون إلى عدة طرق لتوفير المال وسد حاجاتهم عندما يتأخر الأجر، ومنها الاقتراض من الآخرين بنسبة 44.95%، والصرف من المدخرات بنسبة 42.20%، والقيام بأعمال أخرى بنسبة 11.01%، وأخيرا الطلب من الكفيل بنسبة 1.83%، علما بان أي من أفراد العينة لم يشر إلى لجوئه إلى التسول كوسيلة لسد حاجاته خلال فترة تأخير الراتب. كما لا توجد علاقة بين الحصول على الأجر بانتظام و جنسيه العامل المهاجر في الأردن. ولا توجد علاقة بين الحصول على الأجر بانتظام ومتغير قطاع العمل الذي يعمل به العمال في الأردن.

 

أشار 52.33% من أفراد العينة إلى أنهم لا يعرفون قيمة الحد الأدنى للأجر في الأردن، كما أشار 40.51% من الذين يعرفون قيمة الحد الأدنى أنهم لا يحصلون على هذا الحد وفقا لأحكام القانون. وحري بالإشارة إلى انه تم اختبار وجود علاقه ذات دلالة إحصائية بين معرفه الحد الأدنى من الأجور وجنسية العامل، وتبين أن الجنسية المصرية هي الأكثر معرفة بالحد الأدنى للأجور. كما تبين أن العاملين في مجال الزراعة هم الأكثر في الحصول على الحد الأدنى من الأجر بنسبه 20%، بينما كان العاملين في قطاع الإنشاءات وعمال اليومية هم الأقل في الحصول على الحد الأدنى من الأجر.

وأشار 92.62% من أفراد العينة كذلك إلى أن أجرهم لا يخضع لخصومات الضرائب والرسوم، وأشار 38.78% من العينة إلى انه يتم خصم خدمات النقل أو الإقامة أو الغذاء من أجورهم. كما ذكر 14.10% من أفراد العينة أن لديهم حساب مصرفي

2-3العمل الإضافي مدفوع الأجر

أشار 74.03% من أفراد العينة بأنهم لا يحصلون على بدل ساعات العمل الإضافي التي يقومون بها، وان 93.8% ممن حصلوا على بدل ساعات العمل الإضافي لم تكن قيمتها تتفق مع أحكام القانون العمل. وهي نسبة تكشف بجلاء حجم الاستغلال الاقتصادي التي تتعرض له فئة المعال المهاجرين غير النظاميين في الأردن.

 

2.4البيئة الصحية للعمل

 

أفاد 30.77% من أفراد العينة أن صاحب العمل لا يوفر لهم البيئة الصحية للعمل، وتتمثل بالتهوية والنظافة والإضاءة بنسبة 55.95%، وصندوق الإسعافات الأولية بنسبة 23.8%، ووسائل الوقاية والحماية بنسبة 20.23%. أما أوجه الرعاية التي يوفرها رب العمل فتتمثل في العلاوة السنوية بنسبة 14.78%، وملابس العمل الخاصة والضمان الاجتماعي بنسبة 13.9% لكل منهما، والتامين الصحي بنسبة 13.02%، والغذاء بنسبة 12.14%، ورسوم الإقامة بنسبة 12.5%، ووسائل النقل بنسبة 11.61%، والسكن المناسب بنسبة 8.08%. وحري بالإشارة أن الاختبار الإحصائي كشف عدم وجود علاقة بين توفير بيئة العمل الصحية ومجال العمل في الأردن.

وبالمقابل كشف الاختبار الإحصائي عدم وجود علاقه ذات دلالة إحصائية بين توفير الضمان الاجتماعي للعاملين من قبل رب العمل ومجال العمل الحالي في الأردن.

أفاد 38.46% من أفراد العينة أنهم لم يحصلوا على إجازاتهم الأسبوعية، وان 26.32% منهم لم يحصلوا على أي إجازة سنوية. أما أسباب عدم الحصول على إجازة فتعود إلى الاتفاق المسبق مع رب العمل على ذلك بنسبة 34.72% وعدم موافقة رب العمل بنسبة 32.21%، أي أن السبب الذي يخص رب العمل يمثل 66.93%، بالإضافة إلى عدم توفر المال:عمل مياومة بنسبة 33.5%.

 

2-5 الاحتفاظ بالوثائق الشخصية وجوز السفر

 

أفاد 40.84% من أفراد العينة بأنهم لا يحوزون جواز السفر الخاص بهم، وكانت نسبة الذكور منهم 55.88% والإناث 44.11%، كما أن 81.25% ممن لا يحوزون جواز سفرهم ينتمون إلى الشريحة الأمية والابتدائية من حيث متغير التعليم. وحري بالإشارة انه تم اختبار وجود دلالة إحصائية بين حيازة جواز السفر من قبل العاملين ومجال العمل، وقد تبين أن أكثر من يحوزون جوازات السفر الخاصة بهم هم العمال الزراعيين، وأكثر عمال لا يحوزون جوازاتهم هم العاملين في المنازل.

ويبين الرسم البياني التالي نسبة العمال الذين تم حجز جوازات سفرهم.

 

يتضح من البيانات التي توفرت من خلال الاستمارة والحالات التي جرت دراسة أوضاعها أن هناك نسبة عالية من العمال المهاجرين غير النظاميين ممن لا يحوزون جوازات سفرهم، وربما كان هناك علاقة وثيقة بين جملة من المشكلات التي يعانون منها وبين عدم حيازتهم لجوازات سفرهم . ولعل ممارسة حجز جوازات السفر تشمل في المقام الأول عاملات المنازل والجدول السابق يدلل على هذه المسألة بوضوح. بالإضافة طبعا إلى الحالات التي شملتها الدراسة والتي كشفت عن أن نسبة كبيرة جداً من عاملات المنازل لا يحزن جوازات سفرهن.ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى ممارسة متكررة في حالات عديدة شملتها الدراسة وهي أن عددا من أرباب العمل ومكاتب الاستقدام يطلب من العامل أو العاملة مبلغا ماليا لقاء إعادة جواز سفرها إليها.

2-6 حق الانضمام إلى النقابات العمالية

أفاد 97.47% من أفراد العينة بأنهم غير منتمين لأي تنظيم نقابي في الأردن، كما أن 89.5% منهم لم يطلبوا مساعدة أي تنظيم نقابي أو جمعية عمل تعمل داخل المملكة. كما تجدر الإشارة إلى انه يوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين متغير جنس العامل (ذكر أم أنثى) وطلب أي مساعدة من أي تنظيم نقابي أو جمعية عمل داخل الأردن، وقد كانت الإناث أكثر مبادرة لطلب المساعدة من الذكور .

 

2-7 الحق في المساواة وعدم التمييز

أفاد 22.9% من أفراد العينة بأنهم واجهوا تمييزا في أوقات سابقة كونهم من العمال المهاجرين، أن أوجه التمييز كانت في مجال الصحة 25% والنقل 22.5% والسكن 20%، والتعليم والراتب 12.5% 12.5% لكل منهما، بالإضافة إلى الضرب وسوء المعاملة ومضايقات الأطفال في الشارع بنسبة 7.5% لها جميعا. وحري بالإشارة انه تم اختبار وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين تعرض العاملين لإشكال التمييز ومتغير الجنسية، إذ تبين أن الجنسية المصرية هي الأكثر عرضة للتمييز، وان الجنسيتين الهنديه والاندونيسية هي الأقل مواجهة للتمييز.

 

2-8 الحق في السكن المناسب والعيش اللائق

 

أفاد أفراد العينية بأنهم يسكنون في غرفة مشتركة مع أناس ليسوا من عائلاتهم بنسبة 54.12%، ثم السكن بغرفة لوحده بنسبة 18.82%، وفي بيت أو شقة لوحده بنسبة 17.65% ، وفي غرفة مشتركة مع عائلته بنسبة 9.41% .

أفاد 61.73% من أفراد العينة بأنهم استأجروا بأنفسهم العقار الذي يسكنون فيه مقابل 34.57% منهم أفادوا بان رب العمل هو من استأجر لهم مكان السكن، في حين أشار 3.7% منهم بان صديق هو من استأجر لهم مكان السكن.كما أفاد 32.75% من العينة بأنهم يسكنون مع أربعة أشخاص فاقل، في حين أن 67.24% منهم أفادوا بان عدد الذين يقيمون معهم يتراوح بين الخمس أشخاص والخمسة عشر شخصا.

 

2-9 الحق في الرعاية الصحية

 

أفاد 82.5% من أفراد العينة بان رب العمل لا يوفر لهم طبيبا عاما، كما أفاد 86.07% منهم بان رب العمل لا يوفر طبيب أسنان، وبالمقابل أشار 66.66% منهم إلى قيامهم باستخدام مراكز الصحة والمستشفيات العامة عند تعرضهم للمرض.

 

2-10 الحصول على المعلومات

 

أفاد 83.52% من أفراد العينة بأنهم لا يعرفون أية أرقام للشرطة والإسعاف للاتصال بهم عند حالات الطوارئ، كما ذكر 74.93% من العينة أنهم لا يعرفون كيفية التبليغ عن الجرائم التي قد ترتكب بحقهم أو أمامهم.

 

 

ذكر 44.16% من أفراد العينة أنهم يريدون معلومات عن حقوقهم القانونية، كما ذكر 38.33% منهم انه بحاجة إلى معلومات عن الرعاية الصحية، و17.5% عن حاجتهم إلى معلومات عن التعليم. وحري بالإشارة انه تم اختبار وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين مجال العمل الحالي في الأردن وطلب العامل بمعرفة حقوقه القانونية، وتبين أن لا يوجد علاقة بين المتغيرين

 

أشار 4.55% من أفراد العينة إلى وجود دليل إرشادي خاص بشروط الصحة والسلامة العامة في مكان العمل الخاص بهم، وقد ذكرت حالة واحدة فقط أن الدليل بلغته التي يفهمها، كما ذكرت حالتان إضافيتان بأنه كان بإمكانهما فهم مضمون الدليل رغم انه بلغة أخرى

 

 

أما أفضل الطرق للحصول على المعلومات فكانت: الراديو 39.10%، والتلفزيون 29.32%، والصحف المحلية 8.27%، والانترنت ونشرة مقر العمل نفسه 7.52% لكل منهما، والزملاء 6.02%، والمطويات 2.26%. وحري الإشارة أن الاختبار الإحصائي كشف عدم وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين وسائل الحصول على المعلومات في الأردن ومتغير اللغة العربية. وكشف الاختباري الإحصائي وجود علاقة بين طرق الحصول على المعلومات ومتغير مستوى التعليم، وقد تبين أن العاملين من الأميين هم الأكثر اهتماما بطرق الحصول على المعلومات بينما كان العمال من حملة الثانوية هم الأقل اهتماما، كما كشف الاختبار الإحصائي وجود علاقة ذات دلالة إحصائية لنوعية المعلومات التي يريدها العمال ومجال العمل الحالي في الأردن، وقد تبين أن العمال العاملين في قطاع الصناعة هم الأكثر رغبة غي الحصول على المعلومات يتبعهم العمال المراسلين والزراعيين وفقا للوسط الحسابي، بينما كان العمال العاملين في مجال الخياطة والحدادة والدهان هم الأقل رغبة في الحصول على المعلومات.

 

 

2-11 الاستغلال الاقتصادي والعمل الجبري

دلت الاستمارة على أن المشكلة الأبرز التي تواجه أفراد العينة تتمثل في الاستغلال الاقتصادي الذي تتعرض له من قبل أرباب العمل أفرادا أو مؤسسات، حيث جاء في المرتبة الأولى كثرة العمل وشدة أعبائه بنسبة 13.3% يليها الإجبار عن العمل دون إرداة بنسبة 12.7% وعدم إعطاء بدل العمل الإضافي بنسبة 11.1%. كما اشتكى العمال من التمييز الذي يتعرضون له في الأجر مقارنة مع العامل الأردني للعمل نفسه بنسبة 6.2% بالإضافة إلى الإقامة الجبرية في مكان العمل بنسبة 5.8%. وهذه النتائج من شأنها أن تؤكد ما جرى التوصل إليه من خلال دراسة عدد من حالات العمال المهاجرين ؛ وفي أغلبها تخص عاملات منازل، فالعمال المهاجرون غير النظاميين في الأردن يتعرضون للاستغلال الاقتصادي بشتى صوره من قبل أرباب العمل وعدد من مكاتب الاستقدام. وقد يصل هذا الاستغلال إلى درجة العمل الجبري بمفهومه القانوني المستقر في القانون الدولي والنظم القانونية الأساسية في العالم ، وبالنتيجة الاتجار بالبشر.

 

 

وقد تبين أن هناك علاقه بين المشاكل التي يتعرض لها أفراد العينة ومتغير الجنس، حيث تبين أن الإناث يتعرضن للأذى أكثر من الذكور.

 

كما يتبين وجود علاقه بين مايتعرض له أفراد العينة ومتغير الجنسية، فالجنسيه السيرلانكية هي الأكثر عرضة للمشاكل، تليها الجنسية الفليبينية فالإندونيسية فالمصرية .

 

ويتبين عدم وجود علاقة بين هذه المشاكل التي يتعرض لها أفراد العينة ومتغير الفئة العمرية .

 

وتبين وجود علاقة ما بين هذه المشاكل التي يتعرض لها أفراد العينة ومتغير الديانة، فالمنتمون للديانة البوذية هم الأكثر عرضة للمشاكل سابقة الذكر بالمقارنة مع أتباع الديانات الأخرى، يليهم المسيحيون فالمسلمون.

وتبين وجود علاقة ما بين هذه المشاكل التي يتعرض لها أفراد العينة ومتغير الحالة الاجتماعية ، فالعمال الأرامل هم الأكثر عرضة للمشاكل سابقة الذكر.

كما تبين وجود علاقة ما بين هذه المشاكل التي يتعرض لها أفراد العينة ومتغير فترة الإقامة في الأردن، حيث تبين أن العمال الذين أمضوا فتره تمتد ما بين سنة وثلاث سنوات هم الأكثر عرضة للمشاكل ، بينما كان العمال الأقل عرضة للمشاكل هم أولئك الذين امضوا فترة تقل عن السنة في الأردن بوسط حسابي .

 

وتبين وجود علاقة ما بين المشاكل التي يتعرض لها أفراد العينة ومتغير مستوى إتقان اللغة العربية، فمن يتقن منهم اللغة العربية بمستوى جيد جدا هم الأقل عرضة للمشاكل..

كما تبين وجود علاقة ما بين هذه المشاكل التي يتعرض لها أفراد العينة ومتغير متوسط الدخل الشهري، فالعمال الذين يقل دخلهم عن 150 دينارا هم الأكثر عرضة للمشاكل السابقة الذكر، بينما كان العمال الأقل تعرضا لهذه المشاكل هم الذين يتقاضون دخلا يتراوح بين 301 - 450 دينارا .

 

2.12المعاملة السيئة والتحرش الجنسي

 

كشفت الاستمارة والحالات التي شملتها الدراسة عن أن إساءة المعاملة للعمال المهاجرين غير النظاميين تشمل : المعاملة المهينة و الحاطة بالكرامة بما في ذلك السباب والشتم، الضرب، التحرش الجنسي، الحرمان غير القانوني والتعسفي من الحرية بما في ذلك الاحتجاز الإداري، كثرة العمل وشدة أعبائه، الإجبار على العمل دون إرادة، الإقامة القسرية في مكان العمل ، قلة النوم بسبب طول ساعات العمل والاستغلال الاقتصادي بشتى صوره والاتجار بالبشر.

 

ومن الأسباب الأساسية لبعض المظاهر المشار إليها والتي تندرج تحت المعاملة، السيئة القوانين والتشريعات النافذة والمعمول بها في مجال تنظيم العمالة المهاجرة في الأردن، وبالذات تلك التي تقرن انتقال العمل المهاجر من حيث المبدأ بموافقة رب العمل الذي يعمل عنده، والتي تجعل تجديد إقامة العامل وتصريح عمله رهنا بإرادة رب العمل؛ الأمر الذي يساهم بشكل كبير في استضعاف هذه الفئة من العمال واستغلالها وإساءة معاملتها. علاوة على أن هناك ممارسة شائعة في الأردن وهي العمل على إبعاد ( تسفير) العامل المخالف الذي يترتب عليه غرامات تأخير لسبب لا يد له فيه كحل لمشكلته ؛ وهو إجراء ينطوي على حرمانه من البقاء في البلد أو العودة إليه، كما أنه يحرمه من إيجاد عمل واختياره بحرية لكسب رزقه.

 

ومن المظاهر الأخرى لإساءة المعاملة قيام أرباب العمل في حالات كثيرة، وبالذات بالنسبة عاملات المنازل، بالتعميم عليهن بالهرب عندما تترك العاملة المنزل بسبب سوء المعاملة أو الاستغلال الاقتصادي لها كأن لا يدفع لها رب العمل أجرها لقاء عملها، وذلك اعتقادا منه أنه بهذا الإجراء يتحلل من الغرامات التي قد تترتب عليها. ومن ذلك أيضا قيام أرباب العمل في الحالات المذكورة بتقديم شكوى سرقة على العاملة ليقايضها على أجورها ومستحقاتها لديه أو على معاملة سيئة أو استغلال أو تحرش مارسه بحقها. وفي هذه الحالة، تبادر الأجهزة المختصة إلى احتجازها في ظروف سيئة وقاسية، وأحيانا لمدة طويلة، وعادة ما تعلن المحكمة براءتها أو عدم مسؤوليتها.

 

2-13 غرامات مخالفة قانون الإقامة والترحيل

 

من المشكلات المهمة الأخرى التي يعاني منها العمال المهاجرون غير النظاميين في الأردن تراكم غرامات التأخير نتيجة عدم استصدار أذون إقامة لهم بسبب رب العمل في أغلب الحالات. وقد يكون السبب وراء تراكم هذه الغرامات كذلك هروب العامل من مكان العمل إلى رب عمل أو عمل آخر، وفي الأعم من الحالات يرجع سبب ترك العامل لرب عمله إلى سوء معاملة الأخير له، أو بسبب شدة الأعباء العمالية وطول ساعات العمل أو بسبب عدم قيام رب العمل بدفع الأجور العمالية المستحقة للعامل ؛ فيؤثر العامل المهاجر ترك عمله والانتقال إلى عمل آخر لعله يجد ضالته فيه وضالته محدودة جدا لا تتجاوز ظروف العمل الحسنة أو المعقولة والحصول على الأجر بانتظام وبما يكفل له الحد اللائق من العيش.

 

وتلجأ السلطات المختصة في العادة – كما ذكر أعلاه - إلى إبعاد أو تسفير العامل المهاجر المخالف ( غير النظامي طبعا) كإجراء يستهدف تسهيل مهمته بالعودة إلى بلده. وهو إجراء ينطوي على انتهاك واضح للحقوق الإنسانية المعترف بها في اتفاقيات حقوق الإنسان المختلفة وهي حقوق يتوجب بموجب الاتفاقيات المذكورة أن يتمتع بها كل عامل مهاجر يخضع لولاية دولة طرف بمن فيهم غير النظاميين ، ومن بينها : الحق في اختيار العمل بحرية، والحق في الحصول على حقوقه المالية قبل مغادرة دول الإقامة، الحق في محاكمة عادلة ، الحق في معاملة إنسانية والحق في التنقل ، خاصة وأن السبب وراء ما استحق عليه من غرامات لا يرجع إليه ذاته في الأغلب من الحالات. ويلاحظ في هذا السياق أن طول أمد التقاضي في المحاكم قد يساهم في زيادة حجم هذه المشكلات وآثارها على العمال المهاجرين غير النظاميين.

 

2-14 العمل الجزئي وحرية اختيار العمل

تتصف أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين ممن شملتهم الدراسة بأنهم يفتقرون لعمل دائم وثابت، وبالذات عاملات المنازل. وهي ظاهرة تتسبب بها من جهة التشريعات المعمول بها في الأردن، ومن جهة اخرى الرغبة باستغلال عاملات المنازل من خلال تشغيلهن باليومية وبأجور مرتفعة لا يقبضن منها في العادة إلا النزر اليسير ؛ وربما لن يقبضن منها شيئا في بعض الحالات. فالقوانين المعمول بها تجعل عاملة المنزل رهنا بإرادة ومشيئة رب العمل فليس بمقدورها أن تنتقل إلى عمل جديد دون موافقته، وليس بإمكانها تجديد تصريح عملها وبالتالي إذن إقامتها إلا من خلاله، وليس متاحا لها البتة فترة تجربة أسوة بغيرها من العمال. وبمعنى آخر ، يمارس رب العمل الذي تعمل لديه عاملة المنزل بموجب القانون صلاحيات واسعة وغير معقولة ترقى إلى الصلاحيات المرتبطة بالرق أو بالممارسات الشبيهة به في كثير من الحالات. الأمر الذي يدفع بعاملات المنازل أن يتركن منزل رب العمل ويغادرنه طلبا للحرية والرزق، فتغدو عرضة للاستغلال الاقتصادي أو أنه يستحيل عليها أن تنتقل قانونا إلى رب عمل جديد فتصبح عاملة باليومية وبشكل جزئي بصورة تخالف حقوقها المستقرة وفي مقدمتها حقها في اختيار العمل ومكانه بحرية وطواعية وبحقها في أن تكسب رزقها وعيشها.

 

2-أبرز خلافاتهم مع أرباب العمل

 

أما بخصوص ابرز خلافات العمل في الأردن من وجهة نظر أفراد العينة فكانت على النحو الآتي: التأخر في دفع الأجور 28.05%، طول ساعات العمل 26.70%، وعدم دفع بدل ساعات العمل الإضافية 24.43%، عدم دفع بدلات العطل الرسمية 12.22%، الشجار مع العمال 3.62%، وحجز جوازات السفر 2.71%، سوء المعاملة 1.81%، والإجبار على العمل 0.45%.

 

 

 

3-علاقتهم مع مكاتب الاستقدام

 

كما أن المشاكل التي يواجهها أفراد العينة من قبل مكاتب الاستقدام تمثلت بما يلي: الضرب 57.14%، وحجز جوازات السفر 28.57%، وعدم تقديم المساعدة 14.29%. وأما المشاكل التي يواجهها أفراد العينة مع سفاراتهم فتتمثل بما يلي: عدم تقديم المساعدة 56.25%، وعدم متابعة القضايا الخاصة بهم والتعامل السيئ 12.5% لكل منهما، الإجبار على العمل وإعادتهم لمكتب الاستقدام وعدم السماح لهم بمكالمة الأهل 6.25% لكل منها.

 

 

 

4-كيف يواجه العمال المهاجرون غير النظاميين المشكلات التي يتعرضون إليها ؟

 

 

أفاد أفراد العينة أنهم يواجهون المشاكل التي يتعرضون لها من خلال اللجوء إلى الأساليب التالية: طلب حماية الشرطة 19.12%، ثم مكاتب العمل 18.68%، سفارة بلاده 17.58%، الأصدقاء 17.36%، الهرب 15.38%، ترك العمل 10,99%، الاتصال بالمسؤول 0.44%، الرغبة بالحصول على المساعدة الإنسانية والاتصال بمكاتب حقوق الإنسان 0.22% لكل منهما.

 

يؤكد أفراد العينة على جملة من الإجراءات التي يتطلب اتخاذها لمواجهة المشاكل التي تتعرض العمالة المهاجرة غير النظامية، وهي: دفع الغرامات واستعادة جوازات سفرهم 46.15%، وان يترك لهم حرية العمل 15.38% وإرجاعهم إلى ديارهم ومتابعة أوضاعهم 7.69%، أما من كان لا يعلم فكانت نسبتهم 23.08%. فنصف أفراد العينة تقريبا يسعون إلى التخلص من مشكلة غرامات التأخير التي تساهم جديا في انحدار أوضاعهم وبقائهم غير نظاميين. علاوة على أنهم يرغبون في اختيار عملهم بحرية وطوعية.

 

أما فيما يتعلق بعلاقتهم مع المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وإيمانهم بقدرتها على إيجاد حلول لمشكلاتهم، فقد أفاد 80% من أفراد العينة بان المجتمع المحلي لا يقدم لهم أي خدمات مساعدة لهم بأي شكل ، كما ذكر 72.97% أنهم لم يستخدموا أي خدمات لمنظمات غير حكومية في المملكة.

 

الفصل الرابع: هل بإمكان السلطات العامة في الأردن منع وجود عمال مهاجرين غير نظاميين

من الأسئلة المهمة المتعلقة بالعمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن السؤال الخاص بإمكانية استخدام السلطات والصلاحيات المرتبطة بإنفاذ القانون لمنع وجود عمال مهاجرين غير نظاميين في الأردن، فثمة دعوات تظهر بين الفنية والأخرى تعتقد أنه بإمكان السلطات الأردنية وضع حد لهذه الظاهرة من خلال الآليات التي تمنحها صلاحيات إنفاذ القانون، وذلك من خلال تسفير أو أبعاد أي عامل مهاجر غير نظامي، وضبط الحدود وزيادة الرقابة والسيطرة عليها وتشديد الجزاءات والعقوبات على مستخدمي العمال غير النظاميين.

وبمعنى آخر، هناك اتجاه لدى البعض في الأردن يؤمن بأن الحلول الواجب اتباعها في مجال حل مشكلة العمالة المهاجرة غير النظامية هي حلول أمنية وقمعية في المقام الأول، ولكن هذا الاعتقاد لا يتفق بتاتاً مع الواقع ولا مع القانون، فليس يسيراً البته القول بان مشكلة العمال المهاجرين غير النظاميين ستحل من خلال ممارسة صلاحيات إنفاذ القانون والحلول الأمنية، وذلك للأسباب الآتية:

1-عدم جدوى زيادة القيود على دخول العمال المهاجرين إلى الأردن

هل بإمكان الدولة أن تمنع وجود عمال مهاجرين غير نظاميين على أراضيها من خلال زيادة القيود على دخول العمال المهاجرين إلى أراضيها؟

مما لا شك فيه أن الجهات الحكومية المختصة في الأردن تمارس سيطرة كبيرة على الحدود والمنافذ الحدودية، وهي تفرض رقابة شديدة من شأنها أن تقيد فعلياً فرص الدخول إلى إقليم المملكة، علاوة على أنه ليس يسيراً على المرء أن يحصل على وضع لاجئ في الأردن، فالأمر محاط بصعوبات وشروط شديدة وغاية في الصرامة، يضاف إلى ذلك أن دخول العمال المهاجرين محدداً ببعض المهن (المهن غير المغلقة)، فليس سهلاً مطلقاً أن يدخل عمال مهاجرون إلى الأردن للعمل في المهن المصنفة كمهن مغلقة في الأردن.

يستطاع القول إذاً أن الأردن يفرض سيطرة قوية وشديدة على دخول العمال المهاجرين إلى أراضيه، ورغم ذلك فإن أعداد العمال المهاجرين غير النظاميين ما زالت تتزايد، ولم تفضِ هذه الشروط الشديدة إلى تقليل أعداد العمال المهاجرين غير النظاميين أو الحد من وجودهم، فأعداد هذه الفئة من العمال في تزايد، فقد قدر وزير العمل الأردني في تصريح له في شهر أيار من عام 2011 على أن عدد العمال المهاجرين غير المسجلين لدى الوزارة يقدر تقريباً بنصف عدد العمال المهاجرين في الأردن.

إن عدم جدوى التشديد في دخول العمال المهاجرين إلى الأردن وفشل سائر محاولات زيادة السيطرة على الدخول إلى الأردن لم تفاجئ الباحثون والمعنيون بأوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين، فزيادة الرقابة على الدخول والرسوم العالية على تأشيرة الدخول، وتصريح العمل والإقامة ستجعل من العسير على العمال أن يمتثلوا لها، فكلما رفعت الدولة سقف الرسوم على تصاريح الإقامة والعمل كلما أصبح صعباً على العمال المهاجرين؛ وربما أرباب العمل، أن يدفعوا هذه الرسوم، مما سيؤدي بالنتيجة إلى ازدياد أعداد العمال المهاجرين غير النظاميين.

ومن جهة أخرى، تفضي زيادة الرقابة على شروط استقدام واستخدام العمال المهاجرين إلى أن العامل المهاجر فور صيرورته غير نظامي سيغدو مقتنعاً أن فرص عودته إلى الأردن ستقل؛ مما يجعله أقل رغبة في ترك الأردن طواعية والعودة إلى بلده، وقد بدا هذا الأمر واضحاً في العديد من دول العالم، فبعد أن قامت السلطات الأمريكية بتشديد الرقابة على الحدود منذ إدارة الرئيس كلينتون، ازدادت أعداد المهاجرين غير النظاميين من (5) مليون في عام 1996 إلى (12) مليون في عام 2008.

تدل التجربة إذاً على أن تعزيز الرقابة والتشدد في شروط دخول العمال المهاجرين ليس له أية جدوى عملية أو فعلية، ويشكل أداة محدودة الأثر لمنع وجود عمالة مهاجرة غير نظامية، وربما أدى في بعض الأحيان إلى أثر عكسي، ولهذا السبب توصل باحثون عديدون إلى أن السبب المباشر والأساسي في وجود العمال المهاجرين غير النظاميين هو إخفاق الحكومة في الاستجابة لاحتياجات المهاجرين مثل إتاحة فرص حصولهم على عمل مناسب من خلال القانون، واحترام حريتهم في اختيار العمل والبقاء على أساس قانوني فور وجودهم في إقليم الدولة أو خلال إقامتهم فيه، فقد أشار باحثون عديدون وأكدت تقارير مختلفة على وجوب التعامل مع العمال المهاجرين غير النظاميين من خلال فتح إمكانات وفرص الهجرة والدخول، وبخاصة الهجرة للعمل وليس إغلاقها(10).

2- عدم إمكانية إبعادهم جماعياً

من الحلول الأخرى التي يعتقد البعض بوجوب الأخذ بها لإنهاء مشكلة العمال المهاجرين غير النظاميين العمل على إبعادهم أو إجبارهم على مغادرة المملكة، وهناك أسلوبان يمكن اتباعهما لإبعاد هذه الفئة من العمال أو إخراجهم وهما: الترحيل على أساس قرار بالأبعاد، أو فرض ظروف غير مريحة تجعل من حياتهم في الأردن وبقائهم أمراً متعذراً فيضطرون إلى الخروج وترك البلد.

إن هذا الحل ليس مقبولاً قانوناً ولا عملاً، فعملية الترحيل أو الإبعاد تستغرق وقتاً طويلاً قد يمتد لسنوات عديدة، خاصة وأنها تستهدف إخراجهم كلهم من الإقليم، والأهم أنها محظورة بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي يلتزم بها الأردن، فهذه الاتفاقيات تحرم الطرد الجماعي، والتمييز، والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية وترحيل الأشخاص إلى بلد قد يتعرضون فيه إلى تعذيب أو معاملة قاسية أولاإنسانية أو مهنية.

وقد دلت التجربة كذلك على صعوبة ترحيل العمال المهاجرين غير النظاميين أو التخلص منهم سواء بالإبعاد أم بفرض شروط تدفعهم إلى الخروج، رغم عدم جوازها قانوناً، فتشير إحصائيات الحكومية البريطانية – على سبيل المثال- إلى إخفاق وزارة الداخلية بترحيل المهاجرين غير النظاميين ففي عام 2007، جرى ترحيل (28) ألف شخص من أصل (725) ألف مهاجر غير نظامي بنسبة 4% منهم سواء عن طريق الإبعاد القسري أم بإرادتهم وطوعهم وفي الوقت ذاته أصبح عدد المهاجرين غير النظاميين في ذلك العام أعلى، مما يدل على فشل هذا الخيار(11).

والأمر ذاته يمكن ملاحظته في الأردن، فثمة فجوة سنوية بين أعداد العمال المهاجرين غير النظاميين الذين يغادرون الأردن بإرادتهم أو الذين يسفرون بناء على قرارات إبعاد وبين الداخلين إلى فئة العمال المهاجرين غير النظاميين، وذلك بدلالة الإحصاءات والتصريحات الصادرة عن وزارة العمل التي تشير إلى ازدياد أعداد هذه الفئة من العمال سنوياً.

كما أن هناك أسباباً معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن زيادة الرقابة واللجوء إلى الصلاحيات المتعلقة بإنفاذ القانون لن تجدي نفعاً للتعامل مع العمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن، لا بل إنها قد تفضي فعلاً إلى التسبب في ازدياد أعداد العمال المهاجرين غير النظاميين ولن تساهم بخروجهم الطوعي من المملكة، فهي ستدفع بهؤلاء العمال إلى تجنب التواصل مع الهيئات والمؤسسات المعنية بمسائلهم وشؤونهم وسيصبحون بالنتيجة أكثر عرضة للاستغلال، وللعمل الجبري وسائر أشكال الاتجار بالبشر والممارسات الأخرى الشبيهة بالرق، وبمعنى أكثر وضوحاً، ربما تؤدي السياسات القائمة إلى التخلص من العمال المهاجرين غير النظاميين سواء عن طريق الإبعاد القسري أو فرض شروط مقيدة إلى ازدياد الأنشطة الجرمية داخل الدولة، وقد أكدت دراسات علمية مرموقة أجراها أحد مراكز البحث العلمي المعنية بشؤون الهجرة والعمالة في لاهاي، على ازدياد الجرائم بين المهاجرين غير النظاميين بسبب التشديد في نظم الرقابة والمتابعة وإنفاذ القانون(12).

3 -هل سيؤثر التشدد في تطبيق القانون على ممارسات أرباب العمل؟

تدل الحالات التي شملتها هذه الدراسة، بالإضافة إلى تجارب الدول المختلفة، على أن التشدد في التعامل مع العمال المهاجرة غير النظامية واللجوء إلى صلاحيات إنفاذ القانون كحل وحيد لها من شأنه أن يجعل العمال المهاجرون غير النظاميين عرضة لاستغلال أرباب العمل وغيرهم من الأشخاص، ولهذا السبب ينبغي تفعيل قانون منع الاتجار بالبشر ونصوص الاتفاقيات ذات الصلة بهذا الموضوع، كما يتعين العمل على تعديل التشريعات لتحريم استغلال العمال المهاجرين وإخضاعهم للعمل الجبري أو لأي شكل آخر من الممارسات الشبيهة بالرق.

ومن المسائل المهمة كذلك في هذا السياق أن يتم العمل على تفعيل دور أرباب العمل باستصدار تصاريح العمل وإذون الإقامة للعمال المهاجرين، ولعل إحدى أهم الطرق لتفعيل هذه المسألة إعادة النظر في الأحكام القانونية التي تعالج هذه المسألة، وبالذات موضوع استخدام رب العمل لعمال غير نظاميين، وربما كان من المستحسن أن يعاد النظر في العقوبات التي تفرض عليه في هذه الحالة فالممارسة تدل على أن تغريم رب العمل عن استخدامه لعامل مهاجر غير نظامي ليس كافياً كإجراء مانع أو رادع، فربما كانت المنفعة المالية التي يحصل عليها رب العمل من وراء استخدامه عمالاً غير نظاميين أكبر بكثير من مبالغ الغرامات التي يدفعها، خاصة وأنه يستطيع أن يمارس سلطات استغلالية أوسع على العامل غير النظامي. ومن المشكلات المرتبطة بهذه المسألة صعوبة إثبات إستغلال أرباب العمل لعاملات المنازل بسبب عدم تفعيل التفتيش على المنازل المنصوص عليه في نظام العاملين في المنازل، ومما يثبت عدم جدوى أسلوب الغرامات المطبق حالياً هو تزايد أعداد العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن رغم تغريم أرباب العمل لقاء استخدامهم عمالاً غير نظاميين، وحتى لو دفع العامل غير النظامي فعلياً الغرامة فإن فشل هذا الأسلوب واضح للسبب ذاته، فأسلوب الغرامات لم يؤد مطلقاً إلى اختفاء العمالة المهاجرة غير النظامية أو عدم قيام أرباب العمل باستخدام هذه العمالة.

يستنتج مما سبق أن الحلول القمعية المستندة على صلاحيات إنفاذ القانون لوحدها ليست كافية ولا فاعلة في التعامل مع ظاهرة العمال المهاجرين غير النظاميين، وأنه يجب أن لا يعول عليها كثيراً من جانب السلطات العامة لوضع حد لهذه الظاهرة في الأردن، فالحلول المستندة إلى الملاحقة، والتسفير والتغريم لن تكون شمولية وقدرتها محدودة على إيجاد حل لهذه المشكلة، كما أنها قد تتسبب فعلياً في زيادة حجم العمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن وفي انحدار أوضاعهم المعيشية والحياتية، ولهذا ينبغي على السلطات المعنية أن تستوعب أسباب ومحفزات هذا النوع من العمالة، وأن تقف على ما تعانيه من صعوبات بهدف إيجاد حلول عملية وإنسانية لأوضاعها وأن توفر أمامها سبل العمل والإقامة بحرية. .

4-تصويب الأوضاع هو الحل الأفضل لمشكلات العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن

يقصد بتصويب الأوضاع السياسة الحكومية التي تستهدف منح سائر العمال المهاجرين غير النظاميين أو جزء منهم فرصة البقاء والعيش في البلد الذي يوجدون فيه ، وليصبح لهم بالنتيجة وضع قانوني . ويعد التصويب من الأدوات الأقل تكلفة والأكثر فاعلية لتسوية السواد الأعظم من مشكلات العمال المهاجرين غير النظاميين. ولهذا السبب تلجأ الدول إليه عادة بغية التعامل مع مشكلة العمالة المهاجرة غير النظامية.

ويمكن القول بان الحل الأمثل لمشكلة العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن يتمثل في اعتماد الدولة برنامجا جديا وجادا لتصويب أوضاعهم ومنحهم وضعا قانونيا ونظاميا في الأردن كي يتمكنوا من كسب عيشهم والتمتع بحقوقهم الإنسانية والعمالية المكفولة لهم بموجب القانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان. ولن تجدي محاولات التخلص من العمالة المهاجرة غير النظامية عن طريق التشدد في شروط الاستخدام أو في إنفاذ القانون نفعا، فكما ذكر سابقا فإن التدابير المتشددة والمغالية في التعامل مع هذه الفئة من العمال ستزيد من حجم المشكلة ومن فرص خضوعهم للاستغلال، والعمل الجبري وسوء المعاملة والاتجار بهم. وقد تلقي هذه الممارسات كلها بظلال كئيبة على مجمل المجتمع الأردني وقيمه وليس على العمال المهجرين غير النظاميين فحسب.

وربما قال قائل إن اللجوء إلى تصويب أوضاع هذه الفئة من العمال بغية تسوية مشكلاتها من شأنه أن يشجع وجود العمال المهاجرين غير النظاميين ويزيد من أعدادهم.لقد أكدت دراسات عديدة من أهمها دراسة أجراها المركز الدولي المستقل لتنمية سياسة الهجرة في عام 2008 بشأن برامج التصويب التي اتبعتها البلدان الأوروبية منذ عام 1996، أنه ليس هناك أي دليل أو مؤشر على أن هذه البرامج شجعت العمالة المهاجرة غير النظامية وزادت من حجمها .

لا مفر من مواجهة هذه المشكلة في الأردن انطلاقا من المعايير الإنسانية والحقوق الأساسية المعترف بها لجميع البشر بمن فيهم العمال المهاجرون غير النظاميين ، وينبغي النظر لهذه المشكلة على أساس أنها تمس صميم البنيان الاجتماعي الأردني وأن آثارها لا تقتصر على العمال غير النظاميين لوحدهم، الأمر الذي يحتم استيعابهم والاعتراف لهم بالحق في الإقامة واختيار العمل بحرية حتى لا يكونوا عرضة لشتى أنواع الإفساد والاستغلال والظلم.

 

5 - توصيات الدراسة

لقد كشفت هذه الدراسة الاستقرائية لأوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين عن وجود انتهاكات متنوعة ومتعددة لحقوق العمال المهجرين غير النظاميين في الأردن من قبيل الاستغلال الاقتصادي، والعمل الجبري ، والاتجار بهم، وإساءة معاملتهم وحرمانهم من حقهم في اختيار العمل بحرية، ومن حقهم في الإقامة وتغيير العمل كسبا لرزقهم وعيشهم. علاوة على الظروف المعيشية غير الملائمة التي يعيشون فيها، وطول ساعات العمل، وتحديد الإقامة قسراً في مكان العمل، وعدم وجود فترة راحة، وحجز جوازات السفر، والاعتداءات اللفظية والجسدية. وتستتبع هذه المشكلات أن تتبنى الدولة سياسة إنسانية وواضحة المعالم تجاه هذه الفئة من العمال لتمكينها من الحصول على حقوقها المعترف بها دوليا ولحمايتها من سائر أشكال الاستغلال والممارسات الشبيهة بالرق والسخرة. وحتى تحقق هذه السياسة غاياتها يتعين أن تأخذ بالحسبان جملة من المسائل يمكن إيجازها بالتوصيات الآتية :

أولا : من الضروري إجراء عدد من التعديلات التشريعية التي تكفل حق العامل المهاجر اختيار عمله بحرية، والانتقال من عمل إلى آخر بشكل طوعي وغير مشروط بموافقة رب العمل، وبالأخص بالنسبة لعاملات المنازل. كما ينبغي كذلك أن تتضمن هذه التعديلات إمكانية قيام العامل المهاجر ذاتيا بتجديد تصريح عمله وبالتالي إذن إقامته وأن لا يكون هذا الإجراء رهنا بإرادة ومشيئة رب العمل. ويجب أن يتم النص صراحة على حق العامل بالحصول على إقامة لحين الحصول على حقوقه من رب عمله عندما يترك العمل عنده بسبب إساءة معاملته له أو بسبب عدم دفعه لأجوره المستحقة له بذمته.

ثانيا: يتعين التحقيق بشكل مستقل وفعال وسريع في سائر الحالات التي يشتبه فيها بقيام أرباب العمل أو مكاتب الاستقدام بإساءة معاملة العمال المهاجرين سواء أكانوا نظاميين أم غير نظاميين أو باستغلالهم مهما كانت صورة الاستغلال حتى تتم محاكمة ومعاقبة كل من يثبت بحقه أنه أخضع العامل إلى عمل جبري، أو استغلال جنسي أو اقتصادي أو اتخذه محلا للاتجار به. وأن يتم إنصاف وتعويض الضحية عما لحقه من ضرر مادي ومعنوي، ومن خسارة لاحقة وسابقة.

ثالثا : ينبغي على وزارة العمل أن تفعل التفتيش على أماكن وجود العمال المهاجرين بما في ذلك المنازل ، وأن تتحرى أنهم يعملون في ظروف منصفة ومرضية، وأنهم يتلقون أجورهم بانتظام بما لا يخالف الحد الأدنى المقرر للأجر، وأنهم يتمتعون بإجازات مدفوعة وببدل عن ساعات العمل الإضافي. ومن الضروري كذلك أن يشمل التفتيش الأوضاع التي يشتبه فيها أن هناك استغلالا مهما كان شكله من قبل أرباب العمل للعمال المهاجرين بما في ذلك العمل الجبري، والتسخير والاستضعاف.

رابعا : يتعين عدم مطالبة العمال المهاجرين غير النظاميين بدفع الغرامات المترتبة عليهم بسبب لا يد لهم فيه، خاصة عندما يكون عدم تجديد الإقامة أو تصريح العمل بسبب رب العمل ذاته أو عندما يكون العامل المهاجر قد ترك العمل لديه نتيجة إخلاله بالتزاماته التعاقدية أو قيامه بإساءة معاملته أو استغلاله. ولهذا السبب من المستصوب أن تأخذ وزارة الداخلية هذه المسألة بالحسبان. كما يتوجب عليها كذلك أن تقوم بوقف استحقاق الغرامات في الحالة التي يكون العامل المهاجر قد أقام دعوى على رب العمل لاستيفاء حقوقه أو بسبب دعوى جزائية أقيمت عليه.

خامسا : توعية الرأي العام بحقوق هذه الفئة من العمال ، فالمجتمع بمنظماته ومؤسساته المختلفة يقع عليه دور كبير في توفير البرامج التعريفية والخدمية للعمال المهاجرين وتسهيل الوصول إليها، وأهمها اللغة العربية لغير الناطقين بها وخدمات رعاية الأطفال، وخصوصا أن غالبية العمال المهاجرين غير النظاميين ينوون البقاء في المملكة لفترة أطول. كما أن المجتمع ككل مطلوب منه حماية العمال من كافة أشكال سوء المعاملة والظروف المعيشية الاستغلالية وتوعيتهم بحقوقهم والتزاماتهم.

 

سادسا : وجوب الانضمام إلى الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ومواءمة التشريعات المحلية معها. وعلى أقل تقدير، وجوب احترام ما تضمنته هذه الاتفاقية من حقوق جرى الاعتراف به لهؤلاء العمال بوصفهم بشرا في اتفاقيات حقوق الإنسان الأخرى المنشورة في الجريدة الرسمية.

سابعا : تقديم المساعدة والحماية لهؤلاء العمال من قبل وزارة العمل ووزارة الداخلية والأمن العام، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز وحماية حقوقهم . بالإضافة إلى إشراك أرباب العمل في توفير برامج الخدمات للعمال المهاجرين، وخصوصا تلك التي تتعامل مع الشكاوى المتعلقة بسوء المعاملة والتمييز الذي يعانون منه. كما يجب إشراك النقابات العمالية في توفير برامج المساعدة والخدمات والحماية للعمال المهاجرين .

 

ثامنا : العمل على زيادة الثقة بين أفراد الأمن العام والعمال المهاجرين بمن فيهم غير النظاميين لدفعهم وتشجيعهم للإبلاغ عن ما يتعرضوا له من جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية مشمولة بحماية النصوص الجزائية في الأردن. فمن بين أهم الأسباب التي تجعل العامل المهاجر غير النظامي عرضة للاستغلال، والتحرش الجنسي، والمعاملة السيئة بسائر صورها والعمل الجبري والتسخير هو أنه في وضع مستضعف ويخشى من اللجوء إلى السلطات والهيئات العامة بما فيها الأمن العام خشية من تسفيره أو احتجازه ومعاملته كمجرم، ولذلك ينبغي العمل من سائر الهيئات المعنية وفي مقدمتها الأمن العام لزيادة ثقة هذه الفئة من العمال بهم.

 

تاسعا : ينبغي على الوزارات والهيئات العامة المعنية من قبيل وزارة العمل والأمن العام العمل على تعزيز سائر التدابير الرامية إلى منع العنف والإيذاء ضد العاملات المهاجرات في المنازل من خلال ضمان حقهن في التقدم بشكاوى ضد الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب هذه الأفعال، وضمان النظر في تلك الحالات وفحصها والبت بها بشكل سريع ونزيه عن طريق آلية إشراف مختصة ومستقلة، وعلى الجهات المختصة بالملاحقة الجزائية في الأردن أن تضمن فعلا تقديم أرباب العمل وممثلي مكاتب الاستخدام والاستقدام جميعهم الذين يشتبه بارتكابهم تلك الأفعال إلى العدالة.

 

عاشرا : من الإجراءات الضرورية الواجب اتخاذها من قبل السلطات المختصة التحقق الدوري والمنتظم من حيازة العمال المهاجرين بمن فيهم عاملات المنازل لجوازات سفرهم، وإحالة كل من يشتبه تورطه في هذا الجرم إلى المحاكم المختصة لمعاقبته حتى لو قام بتسليم الجواز لصاحبه بعد تحريك دعوى الحق العام بحقه.

حادي عشر : من الضروري أن تتحرى وزارة العمل قبل التصريح بالعامل المهاجر بالعمل أن قد اطلع بشكل كامل على عقد استخدامه. وفي الحالة التي يوقع فيها على عقد العمل في الأردن، يتعين عليها أن تتثبت من أن هذا العقد يتطابق من نسخة العقد التي اطلع عليها قبل مجيئه في بلده.

 

ثاني عشر : يجب أن تعطى عاملات المنازل الحق في فترة التجربة أسوة بباقي العمال الآخرين، خاصة وانه لن يكون بمقدورهن الاطلاع على ظروف العمل وواقعه فعلا إلا بعد قدومهن ومباشرتهن العمل وينبغي كذلك أن يمنح رب العمل هذا الحق. وفي الأحوال جميعها، يجن أن يعترف لهن في حالة ترك العمل لدى رب العمل في أول ثلاثة أشهر من بدء الاستخدام بحق اختيار عمل أو رب عمل أخر ويسمح لهن بالبقاء ريثما يتمكن من ذلك.

 

ثالث عشر : من المسائل الأساسية التي يتوجب على وزارة العمل النظر بها مسألة المهن المغلقة وأن سوق العمل لا يحتاج فيها البته عمالا مهاجرين، فالواضح أن هناك أرباب عمل ما زالوا يفضلون استخدام العمال المهاجرين في بعض هذه المهن ، مما يدفعهم إلى استقدام العامل للعمل اسميا أو دفتريا أي مهنة من المهن المفتوحة ولكنه يستخدمه فعليا في مهنة مغلقة. وقد يلجأ العامل المهاجر ذاته إلى هذا الأسلوب بغية الحصول على إقامة وتصريح عمل. وفي الأحوال كلها ، يتعين فعلا التحقق بشكل دوري من مدى استجابة قائمة المهن المغلقة لواقع سوق العمل في الأردن ومدى استجابتها كذلك لتطلعات ورغبات أرباب العمل.

 

رابع عشر : من المستصوب أن تتعاون وزارة العمل ووزارة العدل والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والعمال المهاجرين بإطلاق حملة تشمل عموم الناس، وسائر المشتغلين بالقانون، وأرباب العمل، ومكاتب الاستقدام والعمال المهاجرين أنفسهم لتوعيتهم بحقيقة أن العامل المهاجر يتمتع في قانون حقوق الإنسان بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها المواطن باستثناء الحقوق السياسية. فالمبدأ الأساسي الناظم للمركز القانوني للعمال المهاجرين هو مبدأ المساواة في الحقوق الإنسانية وعالمية هذه الحقوق. فحقوق الإنسان تثبت للفرد بصفته إنسانا وأيا كانت جنسيته أو مكان إقامته ، ولا يمكن أن يكون بسبب جنسيته أو وضعه الاقتصادي نهبا للظلم، وسوء المعاملة والاستغلال الاقتصادي والجنسي أو للسخرة أو لأية ممارسة أخرى شبيهة بالرق.

 

خامس عشر : التوقف عن الاحتجاز الإداري والاحتجاز التعسفي أو غير القانوني للعمال المهاجرين غير النظاميين؛ والذي قد يمتد في حالات معينة إلى مدد وفترات طويلة، وعدم اللجوء إليه إلا عندما تكون هناك أسس واضحة ومعقولة تدفع إلى ذلك وكملاذ أخير. وتعويضهم عن الضرر الذي يلحق بهم من جراء ذلك سواء أكان ضررا معنويا أم ماديا.

 

سادس عشر : النظر جديا وفعليا في اعتماد برنامج متكامل وشامل لتصويب أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن، والسماح لهم بالبقاء وفرصة الحصول على عمل بحرية وطوعية وضمان حقوقهم الأساسية والعمالية أسوة بباقي العمال العاملين في الأردن. وتسهيل فرص اندماجهم الاقتصادي والاجتماعي كحل وحيد لتسوية المشكلات والصعوبات التي يعانون من فرطها وشدتها.