التمييز الجندري يزيد الأمية والبطالة بين النساء

وثائقيات حقوق الانسان- أٌطلقت قبل أيام النسخة العربية من التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع لعام (2012) بعنوان "الشباب والمهارات : تسخير التعليم لمقتضيات العمل" ، وهو التقرير العاشر الذي تصدره منظمة اليونسكو "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" ويركز على الهدف الثالث من الأهداف الستة للتعليم للجميع الذي ينص على ضمان توفير فرص إكتساب المهارات لكل الشبان والشابات بإعتباره هدفاً طارئاً وملحاً منذ عام (2000). وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن التقرير يرصد أيضاً التقدم المحرز لتحقيق أهداف التعليم للجميع الستة ، في مجال الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة ، وتعميم التعليم الإبتدائي ، وحاجات التعلم لدى الشباب والراشدين ، وتحسين مستويات القراءة لدى الكبار ، وتقييم التكافؤ والمساواة بين الجنسين في ميدان التعليم ، ونوعية التعليم. وتشكل مرحلة الطفولة المبكرة نقطة حاسمة لإرساء أسس التعليم وما بعد التعليم ، ويضعف الجوع وسوء التغذية والمرض من قدرة الأطفال على إكتساب تلك المهارات التي تؤثر على حياتهم مدى العمر ، وتزداد المعاناة بين أطفال الريف والأسر الفقيرة. وتعتبر برامج التعليم الجيدة قبل المدرسة هامة لدخول الأطفال للمدارس ، ومع مراعاة الظروف الإجتماعية والإقتصادية فقد كان آداء الطلاب والطالبات بعمر (15) عاماً والذين / اللواتي إنتفعوا / إنتفعن من التعليم قبل الإبتدائي لسنة واحدة أفضل في (58) دولة من أصل (65) عن أقرانهم الذين لم ينتفعوا من ذلك. ومع أهمية ذلك إلا أن الإستثمار الحكومي في التعليم قبل الإبتدائي لا زال قاصراً على الرغم من أهميته في مجال التنمية ، ففي معظم الدول لا تحظى هذه المرحلة إلا بنسبة تقل عن (10%) من ميزانية التعليم ، وخلال الـ(14) عاماً الماضية لا زال طفل واحد أو أكثر من بين كل طفلين لا يتنفع من هذ التعليم ، وتزداد النسبة في الدول الأشد فقراً لتصل الى خمسة من بين كل ستة أطفال ، كما أن الفئات المستهدفة هي الأقل إلتحاقاً حيث يلتحق طفلان من كل ثلاثة أطفال بهذا التعليم من بين الأغنياء وتنخفض النسبة لتصل الى طفل واحد من بين عشرة أطفال بين الأشد فقراً. وتشير "تضامن" الى تأثير إنخفاض الإستثمار الحكومي على معدل الإلتحاق بهذه المرحلة ، ففي سوريا مثلاً هنالك (10%) من الأطفال يلتحقون بالتعليم قبل الإبتدائي ونصيب المؤسسات الخاصة في توفير هذا التعليم وصل الى (72%) ، مما يؤكد على تقصير الحكومة في الإستثمار وتخصيص الميزانيات المناسبة له. وفي مجال تعميم التعليم الإبتدائي ، فقد تم إحراز تقدم ملحوظ خلال الفترة بين عامي ( 1999 – 2004) حيث إنخفض عدد الأطفال غير الملتحقين بالتعليم الإبتدائي من (108) ملايين الى (61) مليون طفل وطفلة على المستوى العالمي ، في حين توقف التقدم تماماً بين عامي (2008 – 2010). وإن إحتمال عدم إلتحاق الطفلات في هذه المرحلة أعلى من إحتمال عدم إلتحاق الأطفال. ويمثل إحتمال تسرب الأطفال المتأخرين في الالتحاق بالتعليم أربعة اضعاف إحتمال تسرب الملتحقين في سن مناسبة ، كما ويشكل الفقر سبباً هاماً في ترك الأطفال للتعليم في سن مبكرة ، لذا فإن إزالة الحواجز التي تعيق الفئات المحرومة من التقدم في التعليم وإجراء إصلاحات في النظام التعليمي وإلغاء الرسوم المدرسية الرمزية في المدارس الحكومية لعدد من الدول ، جميعها هامة لتحقيق تقدم في مجال التعليم الإبتدائي. وتضيف "تضامن" الى أن (71) مليون شاب وشابة بعام (2010) غير ملتحقين في المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي ، وأن ثلاثة أرباعهم في مناطق جنوب وغرب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، وهذا ما يؤكد الحاجة الى التركيز على هذه الفئة خاصة وأن هدف "تعزيز التعلم وإكتساب المهارات الحياتية لدى النشء والكبار" لم يحظ بالإهتمام المطلوب. كما أن المجتمع الدولي لا زال بعيداً عن الإتفاق على المقصود بتحقيق تقدم في مجال "الإنتفاع المتكافئ ببرامج ملائمة للتعلم وإكتساب المهارات". فلا بد من إعتماد برامج لتنمية المهارات الحياتية خاصة ما تعلق منها بالصحة والصحة الإنجابية ومشاركة الطلاب والطالبات بها إستكمالاً لموضوعات المناهج الدراسية كالتربية الصحية مثلاً. ويشير التقرير الى أن تقدماً محدوداً سجل في مجال محو الأمية لدى الكبار من أجل رفاههم ورفاه أطفالهم ، ولا تزال الحكومات والجهات المانحة تبديان لامبالاة بدت واضحة من إحصاءات عام (2010) والتي تؤكد وجود (775) مليون أمي وأمية حول العالم نصفهم في جنوب وغرب آسيا وأكثر من الخمس في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتزداد نسبة الأميات على نسبة الأميين في (81) دولة من بين (146). ويعيش حوالى ثلاثة أرباع الأميين الكبار في عشرة دول فقط وتضم الهند (37%) من مجموع الأميين في العالم. وتشير "تضامن" الى أن أحد جوانب النجاح في تحقيق التعليم للجميع منذ عام (2000) تمثل في تقليص الفرق بين الجنسين في الإلتحاق بالتعليم الإبتدائي ، ومع ذلك فإن (68) دولة لم تحقق هذا التكافؤ ، وتعاني الفتيات من الحرمان في (60) دولة منها. وعلى الرغم من ذلك فقد إنخفض عدد الدول التي تعاني فيها الفتيات من حرمان شديد على مر السنوات الماضية فحين كان العدد (60) دولة عام (1990) إنخفض الى (11) دولة عام (2000) حتى وصل الى دولة واحدة عام (2010) وهي أفغانستان ومع ذلك فقد حققت تقدماً ملحوظاً خلال العامين الآخيرين. يبلغ عدد الأطفال الملتحقين بالتعليم الإبتدائي (650) مليون ، إلا أن (120) مليون منهم لا يصلون الى الصف الرابع و(130) مليون يواصلون إرتياد المدارس إلا أنهم لا يتعلمون الأساسيات ، ويعتبر المعلمون أهم مورد لتحسين نوعية التعليم ، كما أن عدد المعلمين للتلاميذ في المرحلة الإيتدائية يعد مقياس لتقييم مستوى التعليم علماً بأن هذه النسبة لم تسجل تغييراً هاماً حيث كان هنالك (26) تلميذ لكل معلم عام (1999) و (24) تلميذ لكل معلم عام (2010). ويشكل تدريب المعلمين وتحسين آدائهم ومعارفهم اللازمة الخاصة بالمواد الدراسية هامة لضمان تحولها الى ممارسات فضلى في قاعات التدريس. وتشير "تضامن" الى أن التقرير يركز على الحاجة الملحة لتنمية مهارات الشباب للحصول على وظائف لائقة تمكنهم من المشاركة الفاعلة في مجتمعاتهم ، ففي الدول النامية تجاوز عدد الشباب بسن (15 – 24) مستوى المليار عام (2010) ويعاني واحد من كل ثمانية من البطالة، ولا زالت إحتياجاتهم للمهارات الأساسية من القراءة والكتابة والحساب عرضة للتجاهل ، كما أن إكتساب المهارات في كثير من الأحيان لا تتم بصورة متكافئة وتزيد بالتالي من حدة مشاعر الحرمان المرتبطة بأوضاع الفقراء والنساء والفئات المهمشة من الناحية الإجتماعية. وقد حدد التقرير ثلاثة أنواع من المهارات ، أولها المهارات الأساسية التي تشمل في أبسط صورها مهارات القراءة والكتابة والحساب اللازمة للحصول على عمل ذي أجر كاف لتلبية الإحتياجات اليومية للإنسان ، وثانيها المهارات القابلة للنقل التي تشمل القدرة على حل المشاكل والتعبير عن الأفكار وإيصال المعلومات بطريقة فعالة وملكة الإبداع وإظهار إمكانية القدرة على القيادة والحرص على حسن الآداء وإبداء القدرة على مزاولة الأعمال الحرة ، وثالثها المهارات التقنية والمهنية فوظائف عديدة تتطلب دراية تقنية محددة كإستخدام الكمبيوتر أو ماكنات الخياطة أو في مجال الزراعة مثلاً. لقد أظهرت فئة الشباب صعوبة كبيرة في الإنتقال من عالم الدراسة الى عالم العمل ، وإرتبطت هذه الصعوبة بمستويات التعليم ونوعيتها ، وحاجات سوق العمل وقلتها وتردي نوعيتها. كما ترتبط أوجه الحرمان في التعليم مع تلك في الموجودة في العمل خاصة ما تعلق منها بالفقر والإعاقة والتمييز بين الجنسين. يبلغ عدد الشبان والشابات العاطلين / العاطلات عن العمل وفقاً لإحصاءات عام (2011) الى (13%) من مجموعهم / مجموعهن في العالموتشكل هذه النسبة (75) مليون شاب وشابة. وتمثل نسبتهم ستة أضعاف نسبة العاطلين عن العمل من البالغين في مصر مثلاً. وتؤكد "تضامن" على حقيقة أوردها التقرير بأن أرقام البطالة لا تعبر عن معاناة فئة الشباب ، فالأرقام لا تضم الشباب العازفون عن البحثعن فرص وظائف لإعتقادهم بعدم جدوى مسعاهم ، كما يتم تصنيف الأشخاص غير الملتحقين بالمدارس والعاطلون عن العمل والذين لا يبحثون عن وظيفة بنشاط في فئة "غير العاملين" ، ولو تم حساب أعداد هؤلاء جميعاً لتضاعفت أرقام البطالة المعلنة. وتشكل النساء والفتيات النسبة الأكبر من فئة "غير العاملين" ، وتزداد الفجوة بين الجنسين بشكل كبير في حال التسرب من التعليم بعد المرحلة الإبتدائية ، حيث تشير الإحصاءات في الأردن الى أن (80%) من الشابات الحاصلات على تعليم إبتدائي فقط لا يبحثن عن عمل بنشاط مقارنة مع (20%) من الشبان بنفس الظروف. وتغيب عن أعين راسمي السياسات حقيقة أخرى متمثلة في أن الشابات يعملن في المنازل وفي القطاعات غير الرسمية ، ويزيد في العديد من الدول عدد الشابات غير العاملات عدد الشبان غير العاملين وبنسب عالية ، كما ويزيد عدد الشابات الباحثات عن عمل عدد الشبان الباحثين عن عمل لأسباب تتعلق بالتمييز في مجال التوظيف وإنعدام المساواة وتوزيع الأدوار داخل المنزل ، كما وتتقاضى الحاصلات على عمل أجوراً أقل من الشبان. وتعاني فئة الشباب ذوي الإعاقة من تحديات كبيرة في الإنتفاع من التعليم ومن قلة فرص العمل المتاحة ، وذلك بسبب تدني مستواهم التعليمي ومن قلة التدابير المتخذة بأماكن العمل لتتوافق مع إحتياجاتهم الخاصة ، وضعف الإهتمام سواء من أسرهم أو أصحاب العمل. ويضطر العديد من الشبان والشابات الى قبول وظائف لا تتناسب ومستوياتهم التعليمية وبأجور متدنية جداً ، فتشير الإحصاءات الى أن (152) مليون شاب وشابة أي ما نسبته (28%) من مجموع العاملين الشباب في العالم يتقاضون أجراً يقل عن (1.25) دولار في اليوم ، وتزداد إحتمالات حصول الشباب على أجور متدنية عن إحتمالات حصول البالغين على نفس الأجر. كما يعمل ثلثي الشباب غير المتعلمين في الأرياف بأجر يقل عن (1.25) دولار في اليوم وتشكل النساء الريفيات النسبة الأكبر منهم. ويشير التقرير الى أن الحصول على مستوى تعليمي جيد لا يعني بالضرورة تأمين وظيفة ، فمثلاً في مصر لا يلتحق واحد من كل ثلاثة فقراء بالمدرسة الإبتدائية ، وتكون المرحلة العليا من التعليم الثانوي حكراً على الطبقة الغنية بشكل كلي ، ومع ذلك حتى بالنسبة للأغنياء لا يضمن التعليم العالي وظيفة جيدة. كما يشعر الشباب الذين خضعوا لدراسة إستقصائية عام (2009) بأن مستقبلهم يعتمد على معارفهم الشخصية داخل الحكومة. وتنوه "تضامن" الى أهمية تسخير التعليم لمقتضيات العمل خاصة مع تفشي الفقر في المدن والهجرة المتسارعة للشباب الى المناطق الحضرية بحثاً عن حياة أفضل ، ومعاناة العديد من الفقراء في المدن خاصة الفقيرات من غياب تام للمهارات الأساسية وبالتالي يعملون في القطاعات غير الرسمية حيث تقدر منظمة العمل الدولية وجود (1.53) مليار شخص من فئة العمالة الهشة ، وتعتبر الوظائف النظامية بالنسبة للشباب حلماً بعيد المنال ، لذا فإن تعزيز برامج الفرصة الثانية لتعلم المهارات الأساسية تشكل طوق النجاة للعديد من الشبان والشابات. إن برامج الفرصة الثانية المنسجمة مع متطلبات سوق العمل تشهد نجاحاً كبيراً ، ففي الأردن أطلقت منظمة دولية تدعى (Questscope)برنامج فرصة ثانية للتعلم عام (2000) إستهدفت فئة الشباب الذين لم يلتحقوا بالتعليم أو تسربوا منه ، وكان الهدف منه تأمين (24) شهراً من التعلم المسرع لتلبية مستلزمات الصف العاشر مع تأمين دروس خاصة للسماح لخريجي البرنامج من الإلتحاق مجدداً بالتعليم النظامي أو الحصول على قروض لإطلاق مشاريع صغيرة ، وشارك في هذا البرنامج (7000) شخص حتى عام (2012) ، وفي نهاية البرنامج نجح حوالي (98%) من الذين قدموا إمتحان الكفاءة للصف العاشر وإستطاعوا مواصلة التعليم النظامي. وتضيف "تضامن" الى أن معظم فقراء العالم يعيشون في المناطق الريفية وفقاً للتقرير ، وتحد حالة الفقر من فرص التعلم وتحسين المستوى المعيشي والإجتماعي حيث يعيش (70%) من الأشخاص في حالة فقر مدقع في تلك المناطق ، وفي تركيا مثلاً فإن (65%) من شابات الأرياف لم يكملن المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي ، وإذا ما نفذت برامج تدريبية على المهارات لن تنجح في حال تجاهلت التحديات التي تواجه الشابات الريفيات بحيث تكون تلك البرامج من المرونة بمكان بحيث تسمح للريفيات تحقيق التوازن بين التدريب وإلتزاماتهن الأخرى ، وتزداد فرص الحصول على وظائف غير زراعية لدى الفئات الشبابية المتعلمة في المناطق الريفية. كما ويؤكد التقرير على أهمية وجود مخرج للشباب لكي يكتسبوا المهارات التي يحتاجون اليها لتلبية طموحاتهم وليشاركوا بفعالية في التنمية ، وهي توفير فرصة ثانية للتعليم لأصحاب المهارات الأساسية الضعيفة أو المعدومة ، ومواجهة المعيقات التي تحد من الإنتفاع من المرحلة الأولى من التعليم الثانوي ، وتعزيز إنتفاع الفئات الأقل حظاً من التعليم الثانوي وتوثيق صلة هذه المرحلة بسوق العمل ، وتمكين الشباب الفقراء في المدن من الإنتفاع من تدريب على المهارات لتأمين وظائف أفضل ، وجعل السياسات والبرامج تستهدف الشباب في المناطق الريفية المحرومة ، وربط التدريب على المهارات بالحماية الإجتماعية لأكثر الشباب فقراً ، ووضع حاجات التدريب لدى الشابات الأقل حظاًفي أعلى سلم الأولويات ، وحشد طاقات التكنولوجيا لتعزيز فرص الشباب ، وتحسين التخطيط عبر تعزيز جمع البيانات وتنسيق برامج المهارات ، وتعبئة موارد مالية إضافية متأتية عن مصادر متنوعة لتلبية حاجات التدريب لدى الشباب الأقل حظاً.

أضف تعليقك